في زمنٍ تتنازع فيه الروايات على تعريفنا، تصبح الكلمة أكثر من مجرد وصف، هي مساحة مقاومة، ووسيلة لإعادة امتلاك ذواتنا. فالكلمات تحمل وجعنا وصمودنا معًا، وتكشف تناقضات حياتنا المتأرجحة بين الماضي الذي لم يكتمل والمستقبل الذي لا يأتي.
نبدو أحيانًا معلّقين بين الأرض والسماء، بين القوة والهشاشة، نكابد ثقل الأيام ونمضي كعابرين في زمن لا يعترف بنا. وفي السياسة، يُعرّفنا العالم كصامدين في وجه الطمس والاقتلاع؛ نحن مقاومون بعيشنا اليومي حتى من دون سلاح. ومع ذلك، نحن محاصرون في مكاننا وزماننا، مسلوبون من أبسط حقوقنا، لكننا نظل متجذرين في أرضنا، متمردين على ما يُفرض علينا.
في داخلنا، ثِقل السياسة ينهك أرواحنا، فنغدو مشتّتين، مؤجّلين دومًا إلى إشعار آخر، ومع ذلك، نتمسك بخيط الحياة كناجين، نرتحل قسرًا أو اختيارًا، ونظل منتظرين لفرجٍ نعرف أنه بعيد لكنه ممكن، نتحايل على الواقع حينًا، ونكابر حينًا آخر كي لا ننهزم.
من نحن إذن؟ نحن مجموع هذه التناقضات، صامدون وممزقون، ناجون ومحاصرون، معلّقون ومتمردون. لسنا كلمة واحدة، بل كلمات تتصارع وتتآلف في آن واحد. وربما سرّنا أننا لا نستقر على تعريف واحد، لأن في التناقض تكمن حياتنا نفسها.
نحن الظلّ بين الأرض والسماء، والصوت الذي يعلو رغم ضجيج الهزائم، والنبض الذي ينتظر زمنًا أكثر عدلًا. نحن نزفٌ ومقاومة، رحيل وتجذّر، انكسار ونهوض.
وهكذا نعيد تعريف الحياة، كل يوم، من جديد.