الخميس  02 تشرين الأول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بعد قرار سموتريتش الأخير بخصوص الكهرباء.. ألم يحن وقت الاستثمار الجدي بالطاقة الشمسية؟

2025-10-02 08:37:32 AM
بعد قرار سموتريتش الأخير بخصوص الكهرباء.. ألم يحن وقت الاستثمار الجدي بالطاقة الشمسية؟
صورة أرشيفية الحدث

خاص الحدث

في منتصف سبتمبر/أيلول، كشفت إذاعة جيش الاحتلال أن وزير المالية في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، يسعى إلى فرض خصومات إضافية بمئات ملايين الشواقل من أموال المقاصة الفلسطينية، تحت ذريعة "احتسابات جديدة" متعلقة بالكهرباء. القرار لم يكن الأول من نوعه، إذ سبق لسموتريتش أن جمّد تحويل أموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، لكن الأخطر أن شركة الكهرباء الإسرائيلية، وبتعليمات مباشرة من الوزير، بدأت باستخدام طرق جديدة لقياس الاستهلاك في بعض المناطق الفلسطينية، ما رفع الفاتورة الشهرية من نحو 35 مليون شيقل إلى ما بين 50 و70 مليونًا.

هذه القفزة تعني أن ديون الكهرباء قد تتجاوز مئات ملايين الشواقل سنويًا، وهو ما يضغط بشكل مزدوج على الخزينة العامة التي تعاني أصلًا من عجز مزمن، وعلى المواطن الفلسطيني الذي يدفع جزءًا من فاتورة الزيادة سواء مباشرة أو عبر ارتفاع أسعار الخدمات والسلع المرتبطة بالطاقة.

تشير البيانات إلى أنه خلال عام 2024، ظلت إسرائيل المصدر الرئيسي للطاقة الكهربائية في الضفة الغربية، إذ توفر أكثر من 85% من حاجة الفلسطينيين من خلال خطوط الربط المباشرة. بالمقابل، لا تزال مساهمة الطاقة الشمسية متواضعة، إذ تشير تقديرات البنك الدولي وسلطة الطاقة إلى أن نسبتها لا تتجاوز 7–8% من إجمالي الاستهلاك، معظمها من محطات شمسية صغيرة موزعة على أسطح المنازل والمصانع.

إضافة إلى ذلك، هناك محاولات محدودة للاستيراد من الأردن عبر محطة أريحا، لكنها لم تتجاوز 2–3% من الاستهلاك الكلي بسبب القيود الإسرائيلية على التوسعة. الغاز الطبيعي ما زال غائبًا فعليًا عن المعادلة في الضفة بسبب سيطرة الاحتلال ومنعه الاستثمار الفلسطيني في هذا القطاع. وبذلك يبقى الفلسطينيون أسرى شبكة تزويد يسيطر عليها الاحتلال، وبديلهم الاستراتيجي الوحيد والأهم للانفكاك عن إسرائيل هو الطاقة الشمسية.

أمام هذا الواقع، يبرز خيار الطاقة الشمسية كأحد أهم البدائل الاستراتيجية. لدى الضفة الغربية إمكانات كبيرة لتوليد الكهرباء من الشمس، نظرًا لعدد ساعات الإشعاع الشمسي المرتفع نسبيًا. التقديرات تفيد بأن بالإمكان إنتاج أكثر من 30% من احتياجات الضفة عبر مشاريع شمسية متوسطة وكبيرة الحجم لو أُتيحت حرية الاستثمار.

ورغم وضوح الحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة، إلا أن الاستثمار في هذا القطاع يواجه عراقيل داخلية معقدة، من بينها:

●       غياب الإرادة السياسية: ما زالت قضية الطاقة تُعامل كملف هامشي جدًا، وليست أولوية وطنية سيادية. هذا التهميش يضعف جدية التعامل مع القطاع الخاص ويمنع صياغة رؤية استراتيجية طويلة الأمد.

 

●       غياب البيئة التشريعية الجاذبة: لا توجد قوانين حديثة واضحة تضمن للقطاع الخاص استرداد استثماراته أو تضع نظامًا شفافًا لشراء الطاقة الشمسية وبيعها للشبكات.

 

●       تعدد المرجعيات: تداخل الصلاحيات بين سلطة الطاقة، شركات التوزيع، والبلديات يخلق بيروقراطية مرهقة ويصعّب على المستثمرين الحصول على التراخيص بسرعة.

 

لكن ما يفرضه قرار سموتريتش الأخير هو أن قضية الطاقة لم تعد ترفًا اقتصاديًا، بل مسألة سيادية ملحّة؛ فالتحكم الإسرائيلي بالكهرباء يُستخدم كأداة ابتزاز سياسي ومالي، ما يجعل أمن الطاقة الفلسطيني مرتبطًا مباشرة بالاستقرار المالي والسياسي. التأجيل في معالجة هذه القضية يعني المزيد من العجز في الموازنة، وتدهور قدرة المواطن على الصمود الاقتصادي، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. لذلك، بات من الضروري وضع ملف الطاقة في صدارة الأولويات الوطنية، وربطه بمشاريع التنمية المستدامة التي تعزز استقلالية القرار الفلسطيني، بعيدًا عن لعبة العقوبات والخصومات التي يفرضها الاحتلال.

الحل يبدأ بخطة وطنية متكاملة للطاقة، تضع نصب أعينها تقليل الاعتماد على الاحتلال بنسبة ملحوظة خلال فترة قياسية جدا. هذه الخطة يجب أن تتركز على مبدأ توسيع الاستثمار في الطاقة الشمسية، وإشراك المجتمع المحلي في هذه الجهود عبر برامج توعية وتشجيع على الاستثمار المنزلي في الطاقة الشمسية. بهذه الخطوات، يمكن تحويل أزمة سموتريتش إلى فرصة لإعادة رسم خريطة الطاقة الفلسطينية على أسس أكثر استقلالًا وعدالة.