الأحد  16 تشرين الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قدرات واشنطن على إلزام نتنياهو/بقلم : أسامة خليفة

2025-11-16 04:35:13 PM
قدرات واشنطن على إلزام نتنياهو/بقلم : أسامة خليفة
أسامة خليفة

الضغوط الأميركية هي من قاد إلى وقف إطلاق النار، ما هي هذه الضغوط؟. ما يمارس على الفلسطينيين يختلف عما يمارس على الإسرائيليين، والانحياز حقيقة ساطعة لا جدال فيها. الضغط عن بعد «إن صح القول» لا يفيد مع نتنياهو في التزامه بخطوات المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، ولا لتعجيل البدء بمفاوضات المرحلة الثانية، لذلك شاهدنا توالي وصول كبار المسؤولين الأميركيين في حملات دبلوماسية إقناعية، أو في محاولات لضبط السلوك العدواني الإسرائيلي، ورغبات نتنياهو العسكرية الذي يريد في مواصلة الحرب لسنوات، لذلك تعتزم الوساطة الأميركية أن تبقى منخرطة كل يوم للتأكد من ترسيخ السلام، عبر دوام وصول المسؤولين الأميركيين تباعاً للقاء نتنياهو لإقناعه أو للضغط عليه، وقبل وصول جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي، وصل المبعوثان الأميركيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صباح يوم الاثنين 20/10 إلى تل أبيب لتحضير لوصول نائب الرئيس الأميركي، ومناقشة ملفات المرحلة التالية من الخطة الأميركية بالمنطقة. وما أن غادرا الشرق الأوسط عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، حتى عادا. وتروّج الإدارة الأميركية أن إرسالها إلى إسرائيل نائب الرئيس فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو، وجاريد كوشنر صهر ترامب، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، دليل على رغبة ترامب بألا تخرق إسرائيل وقف إطلاق النار.

يوم الثلاثاء 21/10/2025 وصل نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس لمراقبة تنفيذ اتفاق الهدنة، وخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في القطاع. وصرّح فانس بأنه ستكون هناك « مناوشات حتمية، لكن وقف إطلاق النار سيصمد»، ويجب وضع مئة خط تحت مناوشات، حيث استشهد برصاص الاحتلال 242 فلسطينياً وأصيب 622 آخرين، في خروقات إسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، بينما أبدت المقاومة الفلسطينية التزامها وحرصها على وقف إطلاق النار.

وبعد إعلان اتفاق شرم الشيخ في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، وتحديداً في 21 تشرين الأول /أكتوبر 2025 افتتح مركز تنسيق أمريكي جديد لمراقبة وتقييم التطورات في وقتها، يقع مقره الرئيسي في مستعمرة كريات غات في النقب جنوب فلسطين الانتدابية، ويتمركز فيه نحو 200 جندي أميركي لمراقبة تقدم اتفاق وقف إطلاق النار، يثير المركز قلق الإسرائيليين بأنه قد يكون البديل العملي لقيادة جيشهم في الجنوب، أو أنه قد يؤدي إلى تهميش دور القيادة العسكرية الإسرائيلية في إدارة الملف الفلسطيني في غزة، وربما تحول المركز إلى أداة نفوذ أميركي مباشر بإدارة فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن إذا كان الأمر كذلك، لماذا يتواصل وصول المسؤولين في الإدارة الأميركية؟. وحول هذا يدور جدل إسرائيلي أن الولايات المتحدة تضع القرار الأمني الإسرائيلي تحت وصاية واشنطن فهي لا تتوسط في وقف إطلاق النار في غزة فحسب، بل تديره، ويصور البعض أن ترامب ينتزع قرار الحرب من نتنياهو ويخضعه لرقابة أميركية صارمة، بعد فقدان الثقة في نوايا نتنياهو الراغب باستمرار الحرب على غزة، كما يجري الحديث عن تأسيس سلطة إدارية موازية بالقدس، بالقرب من إقامة نتنياهو شُكلت من كبار مسؤولي الإدارة الأميركية، وجنرالات أميركيين كبار، واختلفت الآراء في وظيفتها، ما بين ممارسة رقابة صارمة على سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتأكد من عدم تجاوزه قيود وقف إطلاق النار، وما بين تنسيق العمليات العسكرية في غزة.

يوم الأحد 19/10 أدى قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على غزة إلى استشهاد 44 فلسطينياً، ولتهدئة الوضع الميداني الذي ينذر بانهيار الهدنة، أكد مسؤولون أميركيون أن حركة حماس لم تخرق اتفاق وقف إطلاق النار من 10 أكتوبر/تشرين الأول منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حتى 20/10، في محاولة لسحب ذرائع نتنياهو بانتهاك حماس الاتفاق بمهاجمة قوات إسرائيلية في رفح جنوبي القطاع، وهو ما نفته الحركة، كذلك ردت واشنطن على المزاعم الإسرائيلية التي تتهم الحركة بالمماطلة في تسليم رفات بعض الأسرى، بأن حماس تنفذ المطلوب منها، وأن البحث عن الجثامين واستخراجها من تحت الركام، أمر صعب ويحتاج إلى وقت. وبانتهاز ضبابية الموقف الأميركي، وبزعم انتهاك الهدنة، وتنفيذ المقاومة هجوماً على جنود للاحتلال، أمر نتنياهو مساء الثلاثاء 28/10 توجيه ضربات قوية على قطاع غزة أدت إلى استشهاد 9 فلسطينيين وإصابة 15 آخرين. 

 بعد ذلك هل ترامب يضغط على نتنياهو؟. أم يسحب السلطة من نتنياهو؟. أم يغض الطرف عن تجاوزات نتنياهو؟. قال كبير المحللين العسكريين في صحيفة هآرتس، عاموس هاريل، لشبكة CNN: «قواعد اللعبة تُكتب ونحن نتحدث، لكن من الواضح بالفعل أن الولايات المتحدة هي من تدير الأمور وإسرائيل تلعب وفقاً لقواعدها».

لكن نتنياهو يرفض اتهام المعارضة أنه قد حوّل إسرائيل إلى محمية أميركية تقبل الإملاءات المتعلقة بأمنها، وقال إن «فكرة أن إسرائيل دولة تابعة لأمريكا هراء». وأشار فانس إلى أن قدرته على إلزام نتنياهو محدودة في الجانب التنفيذي، ويعتمد نجاحه على التنسيق المستمر بين واشنطن وتل أبيب والمجتمع الدولي لضمان الالتزام الكامل بالهدنة. وأكد موقفه قائلًا: «لا نريد دولة تابعة، وهذا ليس ما تمثله إسرائيل.. نريد شراكة، نريد حليفاً هنا».

حيث يرى مراقبون أن وجود مقر كريات غات الأميركي في النقب هو شكل من أشكال التنسيق المشترك يجمع الجنرال الأميركي باتريك فرانك واللواء الإسرائيلي يكي دولف، ويعكس مستوى غير مسبوق من التنسيق العسكري والدبلوماسي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وقد يزيد من قدرة واشنطن على مراقبة تنفيذ الاتفاق والحد من أي محاولة استئناف الحرب.

وقد يتحول مقر كريات غات في النقب إلى مركز دولي بانضمام دول أخرى إلى القوة الأميركية ليصبح مركزاً دولياً لقوة دولية تعزز دور الوساطة الدولية بإنشاء قوة متعددة الجنسيات للإشراف على الأمن في المراحل اللاحقة. وغداً الاثنين 14/10 يصوّت مجلس الأمن على مشروع قرار قدمته الإدارة الأميركية إلى مجلس الأمن الدولي بشأن تشكيل القوة الدولية في غزة يتضمن تحديد طبيعة ولايتها بموافقة عدد من الدول العربية، ودعم متوقع من فرنسا وبريطانيا، واعتراض روسي – صيني على مرجعية هذه القوة عبر «مجلس السلام في غزة» الذي يترأسه ترامب شخصياً، وتستمر ولايته حتى نهاية عام 2027 على الأقل، بينما تريد روسيا أن تكون الأمم المتحدة مرجعية القوة المتعددة الجنسيات.

يوم الأحد 19/11/2025 وصل المبعوثان الأميركيان ستيف وتكوف وجاريد كوشنر إلى تل أبيب في ثاني زيارة لهما خلال ثلاثة أسابيع، لبحث أزمة نحو 200 مقاتل من حركة حماس متحصنين في أنفاق رفح، خلف الخط الأصفر، والتي شكلت تهديداً لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ذكرت تقارير أن إسرائيل تشترط استسلام المقاومين، واعتقالهم ونقلهم للتحقيق معهم في السجون الإسرائيلية، لكن إدارة ترامب أكدت أن أي قرار بشأن المقاتلين العالقين في رفح سيُتخذ بالتعاون معها. وتضغط إدارة ترامب على إسرائيل لحل أزمة مقاتلي حماس برفح حيث ترجح واشنطن توفير ممر آمن لخروج المقاتلين إلى مناطق في قطاع غزة تسيطر عليها حركة حماس، أو إلى دولة ثالثة، بعد تسليم أسلحتهم لاختبار جهود نزع سلاح حماس في المرحلة الثانية حسب خطة ترامب. وبعد 5 أسابيع على إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما تزال مسألة هؤلاء المقاتلين بين أخذ ورد، ودون حل، لكسب الوقت، وتشديد الحصار، رهاناً على تجويعهم ونفاذ غذائهم واستسلامهم، ومن جهة أخرى تواصل إسرائيل انتهاك الاتفاق بشكل يومي، ما أدى إلى استشهاد المئات وإصابة الكثيرين ويقول عنها فانس إنها مجرد مناوشات.