الخميس  30 تشرين الأول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"لا قيود" و"رمز سري": تفاصيل صفقة الاحتلال مع جوجل وأمازون

2025-10-30 01:50:42 AM
جوجل وأمازون

الحدث الإسرائيلي 

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن الاحتلال طالب شركتي جوجل وأمازون في عام 2021 باستخدام "رمز سري" ضمن صفقة ضخمة للحوسبة السحابية بقيمة 1.2 مليار دولار، في خطوة تهدف لتجنب الالتزامات القانونية الدولية المحتملة. الصفقة، المعروفة باسم مشروع نيمبوس، كانت تهدف لتخزين بيانات من القطاع العام والعسكري الإسرائيلي على منصات جوجل وأمازون السحابية.

وحسب التحقيق الذي نشرته الغارديان بالتعاون مع مجلة +972 ووسيلة الإعلام العبرية Local Call، فإن حكومة الاحتلال طلبت من الشركتين إرسال إشارات مخفية على شكل مدفوعات للحكومة، تنبهها عندما يتم الإفصاح عن بيانات إسرائيلية للسلطات الأجنبية، دون القدرة على إبلاغها مباشرة بذلك. وقد أطلق على هذه الآلية اسم "آلية الغمزة".

وأوضحت الوثائق أن هذا الترتيب جاء من مخاوف الاحتلال من فقدان السيطرة على بياناته إذا وصلت إلى السلطات الأجنبية، لا سيما في سياق تحقيقات متعلقة باستخدام التكنولوجيا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبموجب الصفقة، لم يُسمح لجوجل وأمازون بوقف أو تقييد وصول الاحتلال إلى تقنياتهما، حتى في حال انتهاكه لشروط الخدمة.

كما نصت الصفقة على أن أي مدفوعات ترمز إلى إفصاح البيانات ستتم وفق رموز الاتصال الدولية للدولة المستلمة، بما يتراوح بين 1,000 و9,999 شيكل، مع حد أقصى يبلغ 100,000 شيكل في حال عدم إمكانية الإشارة إلى الدولة بسبب أوامر كتم السرية.

وحسب الغارديان، شملت الضوابط الأخرى على عدم إمكانية جوجل وأمازون تقييد استخدام أي وكالة حكومية إسرائيلية أو وحدة عسكرية لتقنياتهما، حتى في حال تعرض الشركات لضغوط داخلية أو قانونية خارجية. ويشير التحقيق إلى أن المسؤولين الإسرائيليين أدرجوا هذه الضوابط لتجنب سيناريوهات محتملة مثل سحب الشركات الأمريكية لتقنياتها بسبب انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بالاحتلال العسكري للضفة الغربية وغزة.

ولفت التقرير إلى أن مشروع نيمبوس يمثل مبادرة إسرائيلية رئيسية لتخزين البيانات في مراكز بيانات تجارية داخل البلاد، رغم أن هذه البيانات تُخزن على منصات شركات أمريكية. وكان هناك قلق من أن تغييرات في القوانين الأمريكية والأوروبية قد تتيح للسلطات الوصول المباشر إلى هذه البيانات عبر طلبات قضائية.

وبحسب الوثائق المسربة، أُدخل شرط “الغمزة” ضمن الصفقة، بحيث تقوم الشركات بإرسال مدفوعات رمزية لكل حالة إفصاح عن البيانات للسلطات الأجنبية، وفقا لرمز الاتصال الدولي للدولة المعنية. وأكدت الوثائق أن الشركات كانت ملزمة بإرسال هذه المدفوعات "خلال 24 ساعة من نقل المعلومات".

من جانبها، نفت شركتا جوجل وأمازون أي تجاوز للأوامر القانونية. وقال متحدث باسم جوجل للغارديان: "فكرة أننا سنتجنب التزاماتنا القانونية تجاه الحكومة الأمريكية كشركة أمريكية، أو في أي دولة أخرى، غير صحيحة تماما". فيما قالت أمازون: "لدينا عملية صارمة عالميا للاستجابة للأوامر القانونية والملزمة المتعلقة ببيانات العملاء، ولا توجد لدينا أي إجراءات لتجاوز التزامات السرية الخاصة بنا".

وأكدت وثائق وزارة المالية لدى الاحتلال أن الشركات وافقت على التنازلات المطلوبة، بما في ذلك تعديل العمليات الداخلية وتكييف شروطها التعاقدية لصالح حكومة الاحتلال. وأوضح التحليل المالي الإسرائيلي أن الاتفاق يحظر على الشركات سحب أو تقييد وصول الاحتلال إلى منصاتها السحابية، طالما أن الاحتلال لم ينتهك حقوق الطبع والنشر أو يعيد بيع التكنولوجيا.

وأشار التحقيق إلى أن العقد أتاح للاحتلال استخدام أي نوع من البيانات في السحابة، بما في ذلك البيانات العسكرية والاستخباراتية، دون أي قيود. ووفقا للوثائق، يسمح المشروع لحكومة الاحتلال "بالانتقال إلى السحابة أو إنشاء أي محتوى بيانات ترغب فيه".

ويشير التقرير أيضا إلى أن العقد جاء ضمن إطار اهتمام الشركات الكبرى بالحفاظ على التوافق مع القوانين الأمريكية والدولية، مع الحفاظ على مصلحة الاحتلال في الوصول الكامل إلى تقنياتها. كما أشار التحقيق إلى دور شركات الحوسبة السحابية في دعم جيش الاحتلال خلال العدوان على غزة، بما في ذلك تخزين وتحليل مكالمات فلسطينية تم اعتراضها، قبل نقل بعض هذه البيانات إلى أمازون ويب سيرفيسز (AWS).

وخلص التحقيق إلى أن ما يسمى بآلية الغمزة، على الرغم من كونها "حل مبتكر" وفقا لبعض الخبراء، قد يشكل مخاطر قانونية للشركات الأمريكية في حال تعارضها مع القوانين المحلية، لكنها تعكس قدرة الاحتلال على فرض شروط صارمة في العقود الدولية مع الشركات الكبرى.