متابعة الحدث
أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب صدمة واسعة مساء الثلاثاء بعدما استقبل في البيت الأبيض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ودافع عنه عندما سئل عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. فعلى خلاف ما خلصت إليه أجهزة الاستخبارات الأميركية — التي أكدت أن خاشقجي قُتل بأمر من بن سلمان — زعم ترامب أن الأخير “لم يكن يعلم” بالنية لاغتياله ولا علاقة له بالجريمة. وأضاف للصحفيين “..أمور كهذه تحدث”، وهو تصريح تصدّر عناوين المواقع العالمية.
خاشقجي، الذي عاش في الولايات المتحدة وكان يكتب في صحيفة “واشنطن بوست” منتقدا حكم الرياض، قُتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر 2018. وتشير التحقيقات التركية إلى أن عناصر سعوديين قتلوا خاشقجي ومثّلوا بجثته وأذابوا أجزاء منها باستخدام الحمض.
وقع اغتيال خاشقجي بعد عام واحد من تولي بن سلمان ولاية العهد، وأثار موجة غضب عالمية ضده. وفي السنوات التي تلت الجريمة، حاول ولي العهد ترميم صورته الدولية. زيارة بن سلمان الحالية إلى واشنطن هي الأولى منذ الاغتيال، ورغم نفيه إصدار الأمر بالقتل فقد أقرّ بمسؤوليته بوصفه الحاكم الفعلي للمملكة.
وخلال ولايته الأولى، تجاهل ترامب خلاصات الاستخبارات بشأن دور بن سلمان في اغتيال خاشقجي، لكنه أشار في حينه إلى أنه “غاضب جدا وغير راضٍ” عن مقتل الصحفي السعودي. أما جو بايدن، الذي هزم ترامب في انتخابات 2020، فتعهد خلال حملته بجعل السعودية “منبوذة” دوليا، قبل أن يجد نفسه مضطرا لاحقا للاعتراف بثقل المملكة وبالمصالح الاقتصادية المرتبطة بالعلاقات معها.
في المكتب البيضاوي، سألت مراسلة شبكة ABC ترامب عن كيفية الوثوق ببن سلمان رغم تقرير الاستخبارات الأميركية الذي يحمّله مسؤولية إصدار أمر الاغتيال. فرد ترامب بمهاجمة الشبكة واصفا إياها بأنها “أخبار كاذبة”، ثم ناقض تقديرات الأجهزة قائلا للصحفية “..لا ينبغي لك إحراج ضيفنا بهذا السؤال”.
وأضاف ترامب “..لقد ذكرتِ شخصا كان مثيرا للجدل بشكل استثنائي. كثيرون لم يحبوا خاشقجي. سواء أحببتموه أم لا، أمور تحدث. لكنه (بن سلمان) لم يكن يعلم بشيء من هذا”. ولم يكتفِ ترامب بالدفاع عن ولي العهد، بل أشاد أيضا بما وصفه بأنه “عمل مذهل” يقوم به بن سلمان في مجال حقوق الإنسان، دون تقديم تفاصيل.
من جهته، قال بن سلمان للصحفيين في المكتب البيضاوي إن سماع نبأ مقتل خاشقجي كان “مؤلما”، مضيفا أن سلطاته “اتخذت كل الخطوات الصحيحة في التحقيق.. لقد حسّننا النظام لضمان عدم تكرار ما حدث. كان الأمر مؤلما، وكانت خطأ فادحا”.
وكان الوضع الأسري لخاشقجي معقدا في السنة التي قُتل فيها، إذ تشير التقارير إلى أنه كان متزوجا بأكثر من امرأة في الوقت نفسه. فقد كان مخطوبا للباحثة التركية خديجة جنكيز، التي انتظرته خارج القنصلية أثناء دخوله لإنجاز أوراق الطلاق، قبل أن يتبين لاحقا أنه تزوج سرا قبل أشهر من امرأة أخرى تُدعى حنان العطار خاشقجي.
ونشرت العطار، أرملة خاشقجي، تعليقا غاضبا على لقاء ترامب وبن سلمان عبر منصة X، قالت فيه “..لا يوجد أي مبرر لقتل زوجي. جمال كان إنسانا طيبا ونزيها وشجاعا. صحيح أن كثيرين لم يتفقوا مع آرائه ودفاعه عن صحافة حرة، لكن إذا كان ولي العهد يقول إنه آسف، فعليه أن يلتقي بي ويعتذر ويعوّضني عن قتله”.
