الأربعاء  19 تشرين الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أزمة تتفجر في قلب جيش الاحتلال: مئات الضباط يهربون من الخدمة الدائمة

2025-11-19 11:53:15 AM
أزمة تتفجر في قلب جيش الاحتلال: مئات الضباط يهربون من الخدمة الدائمة
أرشيفية

ترجمة الحدث

في ظل أجواء التوتر المتصاعدة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، كشف ممثلو شؤون الأفراد في جيش الاحتلال عن واحدة من أخطر الأزمات التي تواجهها المنظومة العسكرية منذ سنوات. فبحسب ما عرضوه أمام اللجنة الفرعية لشؤون القوى البشرية في لجنة الأمن والخارجية بالكنيست، تقدّم نحو 600 ضابط وجندي من الخدمة الدائمة بطلبات لإنهاء خدمتهم قبل انتهاء مدة التعاقد، بينهم ضباط كبار ونواب ضباط، بعضهم جرى تأجيل تسريحه خلال الحرب بسبب غياب البدائل.

وتشير الأرقام التي عرضها جيش الاحتلال إلى تآكل غير مسبوق في مكانة الخدمة الدائمة، وتراجع الاستعداد لدى الأجيال الشابة للاستمرار فيها. فبحسب معطيات مسح حديث، لم يبدِ سوى 66% من الجنود الدائمين في الفئة العمرية 30–50 رغبة في البقاء، مقارنة بـ85% قبل سنوات قليلة. أما بين صغار السن، من 21 إلى 30 عامًا، فأعلن 62% منهم أنهم لا يرغبون في الاستمرار بالخدمة، بينما عبّر نحو 60% من ضباط رتبة رائد عن الموقف نفسه. وتُظهر هذه الأرقام، وفق الجيش، "تآكلًا عميقًا في مكانة الجندي الدائم وتراجعًا في القدرة على تحمّل المهام، ما يضطرنا إلى ترقية عناصر أقل خبرة يتحملون بدورهم أعباء أكبر".

داخل الكنيست، قال رئيس اللجنة، إليعازر شتيرن من حزب "يش عتيد"، إن المؤسسة العسكرية تعيش "أزمة عميقة لا تحتمل تلاعبات سياسية بين الائتلاف والمعارضة"، مضيفًا أن ضباط الجيش "يتعرضون لهجوم سياسي مباشر داخل لجنة الأمن والخارجية"، في وقت تُمنح فيه مليارات الشواكل لجهات "لا تخدم ولا تساهم"، بينما تُقيَّد ميزانيات الخدمة الدائمة.

وعبّر ضباط جاؤوا من الميدان إلى الكنيست عن غضبهم بشكل غير مسبوق، خصوصًا مع الدفع الحثيث نحو ما يُعرف بـ"قانون الإعفاء من الخدمة" للمتدينين اليهود. أحد أبرز الأصوات كان ضابطًا في رتبة رائد، قُتل جنود من وحدته خلال الحرب وأصيب هو نفسه بجروح خطيرة في غزة. قال الضابط: "بعد أن أصبنا مرتين في الحرب، تأتون الآن لتقويضنا بقانون الإعفاء. ستة أشهر قضيتها داخل غزة بلا وقت للنظر إلى راتبي، ولا خلال الاشتباكات، ولا حين دفنت جنودي. بماذا سيفكر الجندي الذي يقف الآن في خطوط القتال وأنتم تمررون قانونًا يعفي طلاب المعاهد الدينية من الخدمة؟ من يحمي الجنود؟ ومن يدافع عنهم أمام من اختاروا عدم الخدمة؟".

التحذيرات لم تكن جديدة. قبل شهرين فقط، قدّم رئيس شؤون الأفراد في جيش الاحتلال، الجنرال دادي بار كليفا، تحذيرًا أمام لجنة الرقابة في الكنيست، حين قال إن جنود الخدمة الدائمة "يتصلون خلال الحرب للسؤال إن كان بالإمكان الاستقالة فورًا"، مضيفًا: "عليكم أن تقلقوا للغاية". جاء كلامه بعد قرار المحكمة العليا إلغاء الامتيازات التي تُعرف بـ"زيادات رئيس الأركان"، ما فاقم شعور العسكريين بأن مكانتهم تتراجع.

بار كليفا عاد ليشير إلى النقص الحاد في القوى البشرية داخل جيش الاحتلال في ظل استمرار السجال السياسي حول قانون إعفاء المتدينين من التجنيد، وهو قانون تعتبره المؤسسة العسكرية ضربة مباشرة لقدرتها على تجديد قواتها النظامية. وأوضح أن الجيش بحاجة إلى 12 ألف جندي إضافي "بشكل فوري"، لكنه يجد نفسه مضطرًا لتحويل قدر كبير من موارده لمعالجة احتجاجات المتدينين المتزايدة، التي تستنزف الشرطة والجيش على حد سواء. وأورد أن قائد كتيبة احتياط أنهى لتوّه الجولة السادسة من الخدمة، خاطبه قائلًا: "جنّدوا المتدينين. لا توقفوا المهمة".

بهذه الصورة، تبدو الأزمة داخل جيش الاحتلال أعمق من مجرد تراجع معنويات أو خلافات سياسية. فالجيش يجد نفسه أمام انهيار تدريجي في منظومة التجنيد والخدمة الدائمة، ووسط معركة سياسية مفتوحة حول إعفاء المتدينين، ما ينذر بمزيد من التصدّع داخل المؤسسة التي تقدّم نفسها دائمًا باعتبارها "الركيزة الوحيدة" لوجود إسرائيل.

 

zzz