الثلاثاء  25 تشرين الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صحيفة عبرية: خطوات الشرع تعد انتصارات دبلوماسية كبرى

2025-11-25 02:40:21 AM
صحيفة عبرية: خطوات الشرع تعد انتصارات دبلوماسية كبرى
أحمد الشرع

الحدث العربي والدولي

نشرت صحيفة هآرتس العبرية تقريرا مطولا تناول ما وصفته بـ"الانتصارات الدبلوماسية الكبرى" التي حققها الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع خلال الفترة الأخيرة، لكنها رأت أن الاختبار الحقيقي أمامه يبدأ داخل سوريا، حيث تنتظر البلاد تحديات هائلة تتعلق بإعادة الإعمار وإصلاح مؤسسات الدولة بعد سنوات الحرب.

وبحسب التقرير، قال محافظ مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، في بيان صدر الخميس: "أرسلنا رسالة تهنئة إلى جميع البنوك الدولية التي نتعامل معها، بدأنا بالاحتياطي الفيدرالي، ونؤكد لهم أننا عدنا إلى النظام المالي الدولي ونتوقع علاقات تجارية طويلة الأمد". ويأمل الشرع في انطلاقة جديدة تجعل سوريا أرضا خصبة للفرص الاقتصادية.

وفي الوقت ذاته، تلقت دمشق إخطارا من برايان ماست، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي وأحد أبرز معارضي رفع العقوبات، بأنه سيؤيد الرفع الدائم للعقوبات بشرط وجود آلية تتيح إعادة فرضها عند أي خرق سوري للالتزامات.

ومن المتوقع أن يصوّت مجلس النواب مطلع كانون الأول على الرفع النهائي للعقوبات، وهو قرار قد يفتح الباب أمام تدفق واسع للأموال، خاصة مع وعود سعودية باستثمارات تتجاوز 6 مليارات دولار، وبدء قطر بنقل النفط والغاز إلى سوريا، وتوقيع الإمارات صفقة بقيمة 800 مليون دولار لإعادة إعمار وإدارة موانئ على البحر المتوسط. كما بدأ الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي إعداد خطط لتقديم مساعدات وإعادة الإعمار.

ورغم هذه التطورات، تشير هآرتس إلى أن سوريا تقف أمام "هاوية بلا قرار"، إذ يقدّر البنك الدولي أضرار الحرب بـ215 مليار دولار، وهو رقم يتطلب إزالة الفساد وإعادة بناء أنظمة كاملة، بدءا من البنية التحتية ووصولا إلى النظام المصرفي.

وتحتاج البلاد إلى تشريعات جديدة لمكافحة غسل الأموال، وآليات رقابة شفافة لتوقيع العقود وتحويل الأموال، تجنبا لتكرار تجارب العراق وأفغانستان التي ضاعت فيها مئات المليارات دون رقابة.

وتقول الصحيفة إن الحكومة السورية الانتقالية مطالبة بإصلاحات واسعة تشمل حقوق الإنسان وحقوق الأقليات وإعادة بناء القضاء، والاستعداد لعودة نحو ستة ملايين لاجئ خارج البلاد وملايين النازحين داخليا.

ويبرز التعليم كتحد مركزي، إذ يقدّر عدد الأطفال خارج المدارس بأكثر من 2.4 مليون طفل وفق الأمم المتحدة عام 2024، بينما تعاني المدارس من نقص الكوادر والكتب والمواد الأساسية، إضافة إلى انقطاع الكهرباء والإنترنت في مناطق واسعة، ما يجعل تحميل الكتب المدرسية عبر التطبيق الحكومي أمرا شبه مستحيل.

وتحتاج المدارس إلى نحو 80 ألف معلم، فيما دُمّر نصفها أو أصبح غير صالح للتدريس. وقد تدخلت قطر الشهر الماضي ووزعت 680 ألف كتاب مدرسي في شمال البلاد، بينما تساعد تركيا في تنظيم الأنظمة التعليمية بما يتماشى مع سوق العمل. وتبرز مشكلة أعمق في وجود ثلاثة مناهج تعليمية مختلفة: حكومي بعثي، وكردي مستقل، وإسلامي كانت تفرضه هيئة تحرير الشام في إدلب.

وفي كانون الثاني الماضي، بدأ النظام إزالة رموز عهد الرئيس السابق بشار الأسد من المناهج، بما يشمل صوره وشعاراته ودروس التاريخ التي تتناول الاحتلال العثماني، وحذف النشيد الوطني ودروس "الوعي الوطني".

وترى الصحيفة أن هذه الخطوة لم تترافق مع صياغة مناهج حديثة، ما يترك فجوة تربوية واسعة لدى جيل كامل تضرر من الحرب.

وتضيف هآرتس أن مشاريع البنية التحتية، رغم تكلفتها الضخمة، تبقى أقل حساسية من ملف التعليم الذي يكشف التوجه الأيديولوجي للنظام الجديد وقد يفاقم الصدام بين التيارات المختلفة. وتعتبر الصحيفة أن الشرع حقق نجاحا دبلوماسيا مهما ببناء شبكة دعم تضم السعودية وقطر وتركيا إلى جانب الولايات المتحدة، ما وفر له شرعية دولية وغطاء ماليا، لكنه سيُختبر الآن داخليا من خلال سياساته التربوية وتشريعاته وقدرته على مكافحة التطرف، وتقديم أدلة عملية تطمئن هذه الدول حول مستقبل سوريا واتجاهها السياسي.

وأشارت الصحيفة إلى أن غضب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من عودة الشرع من واشنطن وهو "منتفخ"، كما وصفته، يعكس بوضوح انعدام الثقة الإسرائيلي بالنظام الجديد، وأن تصريحاته لا تقتصر على انتقاد الترتيبات الأمنية، بل تمثل أيضا "هجوما لاذعا على سذاجة ترامب" في نظره، لاعتباره أن الشرع تخلص بسهولة من إرث الجهادية.

وتؤكد هآرتس أن السعودية والإمارات وتركيا، رغم مواقفها الحادة ضد الإسلام السياسي، لم تكن لتقدّم دعمها لرجل تعتقد أنه يسعى لبناء دولة جهادية، لأن ذلك يهدد المنطقة بأكملها.

وقدمت هذه الدول لترامب ضمانات بـ"حسن سلوك الشرع"، وهي ضمانات موجهة عمليا أيضا إلى الاحتلال. وتختم الصحيفة بأن العالم ينتظر دليلا عمليا على التزام الشرع، مؤكدة أن خطاباته وحدها لن تكفي، وأن سياساته الداخلية ستكون العامل الحاسم في تحديد مقدار الثقة التي يمكن منحه إياها في أي ترتيبات أمنية مقبلة.