الخميس  27 تشرين الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ما هي رسالة إسرائيل من اغتيال القائد العسكري لحزب الله؟

2025-11-27 10:51:01 AM
ما هي رسالة إسرائيل من اغتيال القائد العسكري لحزب الله؟
حزب الله

ترجمة الحدث

بعد عامين على هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ما زالت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تتعامل مع تلك اللحظة باعتبارها نقطة تحوّل هي الأخطر في تاريخها الحديث. وفي ظل هذا الإدراك، اتجه جيش الاحتلال إلى استراتيجية هجومية تقوم على المبادرة بدل الانتظار، وهو ما عكسته عملية الاغتيال التي نُفذت مؤخرًا في قلب بيروت، والتي طالت أحد أبرز القادة العسكريين في حزب الله.

وفي تحليل نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رأى الجنرال يتسحاق غيرشون، القائد السابق للمنطقة الوسطى، أن تل أبيب باتت تتوقع من الحكومة اللبنانية فرض سيطرتها الكاملة على الجنوب وفق القرار 1701، معتبرًا أن ذلك ليس مطلبًا إسرائيليًا فقط، بل شرطًا أمريكيًا لإطلاق أي ترتيبات إقليمية جديدة. وبرأيه، انتهت فترة الاكتفاء بالمراقبة أو التعويل على قدرة بيروت على تنفيذ التزاماتها، لأن أحداث أكتوبر أثبتت هشاشة تلك الرهانات.

ويشير غيرشون إلى أن حزب الله وإيران عملا خلال العامين الأخيرين على إعادة بناء القوة وتعويض الخسائر، وأن اغتيال أبو علي الطباطبائي جاء لاستهداف أحد المفاصل القيادية الأكثر حساسية في بنية الحزب العسكرية.

وبحسب قوله، فإن العملية لم تكن "صفعة تكتيكية"، بل خطوة محسوبة تهدف إلى تغيير التوازن داخل لبنان، وإيصال رسالة إلى القوى الإقليمية بأن إسرائيل انتقلت إلى مرحلة العمل في العمق بدل الانشغال بالحدود فقط. ويرى أن التحول الأبرز بعد السابع من أكتوبر هو تخلّي المؤسسة الإسرائيلية عن معادلات كانت تحكم علاقتها بحزب الله وحماس لسنوات، مثل "الردع المتبادل" و"ضبط النفس".

ووفق قراءته، لم يعد الرأي العام الإسرائيلي مستعدًا لتحمّل استمرار تلك المعادلات، ولا القبول بعودة الحزب أو غيره إلى مستويات القوة التي سبقت الحرب على غزة. ويؤكد الكاتب أن الاغتيال ينسجم مع المزاج الأمريكي الجديد الذي يدعو إلى تفكيك القوى المسلحة غير الحكومية تمهيدًا لإعادة ترتيب الإقليم.

وتشارك السعودية ومصر هذه الرؤية، بحسب قوله، باعتبار أن تحجيم النفوذ الإيراني يخدم أمنهما الداخلي، ويمنع عودة الساحات المتوترة إلى الاشتعال. ويضيف غيرشون أن إسرائيل باتت تنظر إلى المرحلة المقبلة بوصفها "هندسة أمنية جديدة"، تُطلب فيها من لبنان خطوات واضحة على الأرض، وفي حال امتناعه فإن تل أبيب "سترفع مستوى العمليات" وربما تتجه إلى حملة أوسع لمنع أي مفاجأة مستقبلية.

ويعتبر أن الرسالة لا تُوجّه إلى حزب الله وحده، بل إلى حركة حماس أيضًا، التي يرى أن عليها تنفيذ ما تبقى من الخطة الأمريكية الخاصة بغزة، وإلا ستكون المواجهة مفتوحة من جديد، مع احتمال فرض "صيغة سيطرة أمنية" شبيهة بتجربة الاحتلال في الضفة. ويحدد المقال سلسلة آثار مباشرة لاغتيال الطباطبائي، من بينها تعطيل منظومات القرار داخل الحزب، وإضعاف التسلسل القيادي الذي تضرر خلال الحرب، وإعادة ترسيم الخطوط الحمراء الإسرائيلية بحيث تصبح أي محاولة من الحزب لإعادة بناء قوته مبررًا لكسر المعادلة من جديد.

ويشير أيضًا إلى أن العملية تمنح الولايات المتحدة والدول العربية الداعمة لها فرصة للضغط على لبنان لتطبيق القرار 1701 بصورة فعلية، وتوسيع دائرة العزل المفروضة على إيران ووكلائها. وبهذا المعنى، لا ينظر الإسرائيليون إلى الاغتيال كخطوة أمنية فقط، بل كجزء من مشروع سياسي–إقليمي يرمي إلى إعادة ترتيب قواعد اللعبة في لبنان وغزة والمنطقة ككل، وإلى تثبيت معادلة تقول إن زمن التسويات الهشة انتهى، وإن تل أبيب لن تسمح لأي قوة مسلحة على حدودها بأن تعود إلى ما قبل السابع من أكتوبر.