ترجمة الحدث
تدور خلف الكواليس، قبيل اللقاء المرتقب بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية الشهر الجاري، اتصالات دبلوماسية تقودها واشنطن بهدف الدفع نحو عقد قمة ثلاثية تضم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. غير أن القاهرة تربط حضور السيسي لهذه القمة بتوقيع اتفاق ضخم لشراء الغاز من حقل “ليفياثان”، وهو ما أثار مخاوف في قطاع الطاقة الإسرائيلي من احتمال موافقة نتنياهو على الصفقة من دون أن يحصل بالمقابل على أي مقابل سياسي أو أمني.
وبحسب مصادر في سوق الطاقة تحدثت لصحيفة يديعوت أحرونوت، فإن الصفقة المطروحة تبلغ قيمتها نحو 35 مليار دولار، وهي واحدة من أكبر صفقات تصدير الغاز الإسرائيلي خلال العقد الأخير. غير أن المشكلة، كما تقول هذه المصادر، تكمن في أن إسرائيل لا تحصل في المقابل على التزام مصري واضح بمكافحة تهريب السلاح عبر الحدود، ولا على تراجع القاهرة عن مطلبها بانسحاب جيش الاحتلال من محور فيلادلفيا وطريق نيتساريم، وهما مطلبان تعترض عليهما تل أبيب منذ بداية الحرب على غزة. وتجدر الإشارة إلى أن نتنياهو والسيسي لم يتبادلا أي اتصال مباشر منذ اندلاع الحرب، كما رفضت القاهرة سابقاً دعوة نتنياهو إلى قمة كانت مقررة في شرم الشيخ.
ورغم ذلك، تؤكد مصادر سياسية رفيعة في إسرائيل أن الفجوات بين الجانبين الإسرائيلي والمصري بدأت تضيق، وأن احتمال التوصل إلى اتفاق غاز يمهّد لعقد اللقاء الثلاثي نهاية الشهر لا يزال قائماً. إلا أن العقبة الأبرز في هذه المرحلة تتمثل في موقف وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي يرفض المصادقة على الصفقة قبل توقيع اتفاق موازٍ مع شركة الكهرباء الإسرائيلية يضمن عدم رفع أسعار الكهرباء على المستهلكين داخل إسرائيل. ويضغط كوهين على مالكي حقل “ليفياثان” لبيع الغاز محلياً بأسعار معقولة، إلا أن العروض التي قدمتها الشركات حتى الآن لا تزال مرتفعة، ما يمنع إبرام الاتفاق.
وانتقد أحد المسؤولين المطلعين على الملف في حديثه مع "يديعوت أحرونوت" استعداد نتنياهو للتقدم نحو الصفقة، متسائلاً: “منذ متى تقدم إسرائيل هدايا مجانية قبل اللقاءات السياسية؟”. وأضاف: “إذا وافق نتنياهو على صفقة الغاز قبل أن يحصل على التزام مصري بمحاربة تهريب السلاح والتراجع عن مطلب الانسحاب من فيلادلفيا، فسيكون ذلك أمراً غير منطقي. الغاز الإسرائيلي أصل استراتيجي مهم، ولا يمكن التفريط به دون ضمان المصالح الأمنية والسياسية الإسرائيلية”.
وأشار المسؤول ذاته إلى أن الاتفاق، في حال توقيعه، سيوفر لمصر نحو 20% من احتياجاتها من الكهرباء، الأمر الذي سيقلّص قدرة إسرائيل على تصدير الغاز إلى أسواق أخرى. وقال: “إسرائيل تمنح مصر كامل الكعكة، وتؤمّن لها استقرارها الطاقي، قبل أن تضمن أمنها الطاقي هي نفسها”.
وفي المقابل، أوضح مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع للصحيفة العبرية أن الوزير كوهين مصرّ على الحصول على أسعار جذابة للسوق الإسرائيلي كشرط أساسي قبل التصديق على الصفقة، مؤكداً أن ربطه بين الاتفاق المصري وبين أسعار الغاز المحلي كان خطوة محسوبة. ومع ذلك، يعتقد المسؤول أن هناك فرصة حقيقية للتوصل إلى تفاهمات تسمح بعقد القمة في منتجع “مار ألاغو”، حيث يرى أن جميع الأطراف المعنية لديها مصلحة مشتركة بدفع الصفقة إلى الأمام.
وبحسب هذا المسؤول، فإن الإدارة الأميركية تسعى إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي، وفي الوقت نفسه تضمن لشركة “شيفرون” – التي تملك الحصص الكبرى في حقول ليفياثان وتمار – أرباحاً كبيرة من الصفقة. أما إسرائيل، فستستفيد من مليارات الشواقل عبر الضرائب والعوائد، فيما تحصل مصر على كميات كبيرة من الغاز لتغطية العجز في توليد الكهرباء.
ويضيف المسؤول الإسرائيلي أن “إسرائيل لا تقدم أي هدية مجانية، فسعر الغاز في الاتفاق هو 7.4 دولارات للوحدة، والشركات هي التي توقع، والدولة فقط تصادق. والربح المالي الرئيسي سيذهب إلى خزينة الدولة عبر الضرائب”. ويتابع قائلاً إن نتنياهو يعمل حالياً على ضمان إنجازات سياسية من القاهرة بالتوازي مع الصفقة، مضيفاً: “هناك فرصة جيدة لعقد اللقاء. السيسي بحاجة إلى الغاز، وترامب يضغط، وإسرائيل تربح مالاً من الصفقة. هناك تقاطع مصالح واضح، واحتمال معقول بأن تنضج التسوية”.
