السبت  10 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

دراسة: هل تحتاج مصر الغاز الإسرائيلي؟

2015-07-27 06:31:07 AM
دراسة: هل تحتاج مصر الغاز الإسرائيلي؟
صورة ارشيفية
#الحدث- وكالات

نشر الباحث الإسرائيلي "أمنون بورتجالي" ورقة بحثية لتحليل تقرير أصدره مركز" مارشال" الألماني الذي نشر مؤخرا وتوقع إقبال السوق المصرية على أزمة كبيرة تتمثل في تدني معدلات الغاز الطبيعي المتوفرة للـ 10 سنوات المقبلة، رغم الاستثمارات الكبيرة في البحث عن الغاز الطبيعي بمصر، وجهود توفير الطاقة، وتقليص الدعم، وبحسب التقرير فإن حاجة مصر لتصدير الغاز المسال إلى أسواق أوروبية من منشأتيها الراهنتين ربما تعزز جاذبية استيراد الغاز من اسرائيل. بحسب موقع "عفودا شحورا".
 
وفيما يلي نص الدراسة:

تقرير صندوق "مارشال" الذي نشر مؤخرا هو تحليل موسع وحديث، أجري في بداية مايو 2015، حول قطاع الطاقة واقتصاد الغاز في مصر، وحول إمكانية، وفرص والمخاطر الكامنة في تصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل وقبرص إلى مصر.
 
يرى الكاتب، نيكوس تسافروس أن العقد القادم، ورغم الاستثمارات الجديدة الضخمة في التنقيب عن الغاز في مصر، وجهود توفير الطاقة، إضافة إلى تقليص الدعم، فسوف يكون هناك نقص كبير في توفير الغاز للسوق المصري.
 
كذلك يشير الكاتب إلى أن تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر الذي يمر بمرحلة الإسالة في منشأتي LNG (المصرية للغاز الطبيعي المسال) اللتين تعملان اليوم بنصف طاقتهما، لتصدير الغاز للأسواق الأوروبية، يمكن أن يعزز استيراد الغاز من إسرائيل. ويقدم الكاتب تحليلا تفصيلا للشروط التقنية والمالية التي يجب الإجابة عنها لمعرفة ما إن كان هذا التصدير سيكون محديا من الناحية الاقتصادية.
 
حول مستقبل الغاز المصري (الصفحة 17 في التقرير)
 
تعتمد الزيادة على طلب الغاز في مصر على عدة تطورات أساسية قوية undamentals : ديموغرافيا، مستوى معيشة مرتفع، ودخول كميات جديدة من الغاز الطبيعي مقارنة بالنفط. على المدى القصير،زيادة الأسعار نتيجة الإصلاح في الدعم سوف تبطئ نمو الطلب على الغاز، لكن الخبرة الدولية تشير إلى أن الطلب يمكن أن يواصل زيادته رغم الأسعار المرتفعة للغاية.
 
على المدى المتوسط، سيكون هناك تأثير كبير للمصادر البديلة لانتاج الكهرباء، لكن أكبر المنافسين للغاز- الفحم والطاقة النووية- يواجهان الكثير من العوائق قبل أن يمكن استخدامهما. ووفقا للظروف السائدة حاليا، فإن الأزمات السياسية فقط أو النقص المفاجئ في امدادت الغاز يمكن أن يضر بشكل حقيقي بزيادة الطلب على الغاز.
 
تعتبر مصر دولة ذات موارد وفيرة من الغاز تسمح بتنمية محلية. لكن الشروط غير الجاذبة أدت إلى تباطؤ الاستثمارات وتقليص عملية انتاج الغاز. تعرض الحكومة حاليا أسعارا هي الأكثر ارتفاعا على الشركات الأجنبية لاستخراج الغاز، لكن تلك التسهيلات يتم منحها وفقا لكل حالة على حدة، مع استغراق وقت طويل للتفاوض بشأنها، دون أن يعلم المستثمرون الجدد بذلك مسبقا.
 
علاوة على ذلك، تواجه الحقول الموجودة انخفاضا متواصلا في معدل الانتاج. وهو ما يعني أن مصر سوف تكون بحاجة لتنفيذ عدة مشاريع كبيرة سنويا وانفاق نحو 12 مليار دولار كل عامين إلى ثلاثة أعوام، فقط للحفاظ على معدل إنتاج ثابت. من الصعب في الوضع الراهن معرفة كيف سيتم استئناف زيادة الانتاج قبل 2020. هذا المنظور يتفق مع كلام وأفعال النظام المصري نفسه.
 
نظرا لأن مصر سوف تشهد نقصا في الغاز، فسوف تعتمد على استيراد الغاز لتلبية حاجاتها. على المدى القصير، سوف تركز مصر على واردات الغاز الطبيعي المسال، ليس لأنه الأنسب بل الأسهل من حيث التنفيذ، من الناحية التجارية، ولا يرتبط بالمخاطر المصاحبة للاستثمار في خطوط أنابيب جديدة.
 
من المحتمل مستقبلا أن تتطور تجارة الغاز في خطوط الأنابيب بين إسرائيل وقبرص ومصر. المبرر التجاري لتصدير الغاز عبر مصر re-export أقوى من مبرر تزويد السوق المصري نفسه بالغاز. لكن تقف كلا الحالتين أمام تحديات قضائية وسياسية وتجارية.

 
بشكل عام، من الواضح أن مصر ستكون بحاجة لاستيراد الغاز على الأقل حتى منتصف سنوات 2020. وعلى ما يبدو لفترة أطول. صحيح أن مصر تمثل سوقا محتملا هاما لتصدير الغاز من إسرائيل وقبرص، لكن ستكون هناك حاجة للتغلب على مخاطر حقيقية، وعدم يقين من أن الاستثمارات المطلوبة للبنية التحتية سوف يتم إطلاقها فعلا.

يمكن تلخيص مخاطر تصدير (إسرائيل) للغاز إلى مصر عبر الأسئلة التالية:
 
- هل يمكن أن ينافس الغاز الإسرائيلي بالسوق المصري الذي يدفع فيه غالبية المستهلكين أقل من 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية (MMBtu)حتى بعد رفع الأسعار في يوليو 2014؟
 
- هل سيواصل المستهلكون المصريون شراء الغاز من مصر أو قبرص حال أتيح غاز محلي مصري وبأسعار أرخص؟
 
- إذا ما حدث تباطؤ في الطلب المصري، هل سيتم احترام الاتفاقات؟
 
- كيف سيتم إدارة المخاطر الأخرى كالأمن، وأسعار العملات، وتغير النظام؟
 
- هل ستسمح مصر باستيراد الغاز في حال توقفت الصناعة المحلية ومحطات القوى الكهربائية في أعقاب نقص في الغاز؟
 
- هل ستسمح مصر بإعادة التصدير Re-export فقط إذا ما حصل السوق المحلي أيضا على إمدادات الغاز وبأي شروط؟
 
- أية ضمانات يمكن التعهد بها للمستثمرين بأن استثماراتهم لن تعاني من نفس النتائج مثلما حدث لخطوط الأنابيب ومصانع الإسالة المعطلة حاليا في مصر؟
 
- خطة نقل الغاز إلى مصر هل تدور حول تغيير مسار التدفق عبر خط الأنبوب المعطل، بين مصر وإسرائيل؟ هل يمكن للمشاركين في العقد حل التحديات الفنية والقضائية المصاحبة لذلك؟
 
- كيف ستؤثر عقود التصدير الجديدة على العقود القديمة؟هناك تحكيم دولي بين يونيون فينوسا وشركائها المصريين، لكن السلطات المصرية قالت إن مسالة التحكيم يجب أن يتم حلها قبل استئناف التصدير من جديد.
 
- بشكل عام هل يمكن التوصل لاتفاقات؟
 
لكن لن يكون النجاح مرتبطا فقط بتقليل حقيقي لتلك المخاطر، بل أيضا بتقاسم صحيح ومنطقي للمخاطر بين أطراف الاتفاقات. لأن تطوير حقول الغاز سيكون له نصيب الأسد في الاستثمارات، بين 7-10 مليار دولار، مقارنة بـ 1-3 مليار دولار من أجل خط الأنابيب.
 
سيكون على بائعي الغاز في إسرائيل وقبرص الشعور بالأمان في استرداد استثماراتهم. في هذه المرحلة تبدو شركات الغاز معنية ببيع الغاز في أقرب وقت ممكن، وفقا للبئر وبأسعار معروفة أو من الممكن تقييمها.
 
هذا الاتجاه سوف يمنح الثقة للبائعين لكنه سينقل المخاطر التجارية للمشتريين، الذين سينفقون على ما يبدو في إقامة أنبوب الغاز. سوف يحصل المشترون على الغاز من إسرائيل وقبرص، ويقومون ببيعه، أو طرحه في مصر في حال تم التوقيع مع شركة "دولفينوس". أو تصديره كغاز طبيعي مسال، من قبل شركة "بريتش غاز" و"يونيون فينوسا". سيرغب المشترون في ضمان أن يكون فارق السعر واسعا للغاية لتبرير الإنفاق في خط الأنابيب.
 
هذا سيكون الوضع على ما يبدو في حالة إعادة التصدير، لكن بالنسبة للبيع في السوق المصري المحلي، سيتم بيع الغاز الإسرائيلي أو القبرصي بالخسارة إذا ما واصلت الأسعار انخفاضها. تتعلق إمكانية بيع الغاز في السوق المصري تحديدا بسياسة الأسعار المستقبلية بمصر.
 
لإدارة هذه المخاطر على جميع الأطراف دراسة عدة استراتيجيات جرى استخدامها بنجاح في أماكن أخرى لتقليص المخاطر. سوف تساعدقروض من القطاع العام، ومنح، أو ضمانات في تبديد المخاطر وتأمين الاستثمارات.
 
طريقة أخرى ستكون لدى الشركات الضالعة في المراحل المختلفة لتصدير الغاز والبيع للمستهلكين النهائيين، هي الاستثمار في تطوير حقول الغاز في المراحل الأولية، وفي خط الأنابيب وجلب الغاز إلى الشاطئ. يمكن التفكير وتطوير أساليب مختلفة لتقسيم الأرباح. تلك هي الخيارات التي تسمح لكل طرف في الاتفاق على تحمل جزء من المخاطرة، والسماح بدفع المشروع للأمام.
 
استيراد الغاز المسال عبر مصدرين مختلفين سيكون على ما يبدو الحل المصري قصير المدى لمشكلة توريد الغاز للسوق المحلي، فاستيراد غاز طبيعي مسال هو الأسهل والأسرع من إنشاء خطوط أنابيب جديدة حتى إذا كان الغاز المسال أغلى من الغاز بالأنابيب.
 
سيكون استيراد الغاز عبر خطوط الأنابيب من إسرائيل أو قبرص بكميات كبيرة ويضخ الغاز الكافي لإغلاق فجوة التوريد في مصر على المدى المتوسط، وسوف يسمح لمصر بالعودة وتصدير الغاز. لكن كل الأطراف الضالعة سوف تضطر للعمل بجهد لإدارة عدة مخاطر تجارية، وسياسية وقضائية، وإيجاد الصيغة التي توازن بشكل صحيح بين المخاطر والفرص. بشكل عام، من المهم أن تضع مصر استراتيجية واضحة ومستقرة للطاقة، توجد ظروفا يمكن للمستثمرين تقديرها.
 
هناك مجال لطرح عدة ملاحظات على هذا التقرير فيما يتعلق بإمكانيات تصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر.
 
1- يشير التقرير إلى جدول زمني، نافذة فرص، لتصدير غاز طبيعي إلى مصر، وهي النافذة التي سيتم إغلاقها بحسب التقرير بين أعوام 2020- 2025 وربما في وقت لاحق. مع ذلك لم يتطرق التقرير إطلاقا للوقت المطلوب لتطوير حقول الغاز في إسرائيل أو قبرص لتوفير إمكانية تصدير الغاز من تلك الحقول لمصر.
 
لدى الحديث عن حقل لفيتان، تتحدث آخر تقديرات نوبل أنيرجي التي تم إرسالها إلى مجموعة كيندال في المناقشات بشأن الخطة الإسرائيلية لتصدير الغاز في 15 أبريل 2015 عن مدة تتراوح بين 4- 5 سنوات. أي أن تصدير الغاز من حقل لفيتان في إسرائيل إلى مصر يمكن أن يبدأ في 2020، عندما لا يكون المصريون بحاجة كبيرة للغاز الإسرائيلي.
 
دلالة ذلك أن مصر ستكون بحاجة للغاز الإسرائيلي لفترة محدودة تصل إلى عدة سنوات أو لن تكون بحاجة على الإطلاق. وفقا للتقرير، فإن تقديرات شركة تطوير حقل أفروديتا في قبرص مماثلة. ويدور الحديث في أفروديتا عن استثمار ما يترواح بين 3.5 إلى 4.5 مليار دولار، لا تتضمن الإنفاق على مد خط الأنابيب إلى مصر، الذي يسمح بانتاج ما يقرب من 8 مليار متر مكعب سنويا، عندما تبدأ عملية الضخ في 2019-2020.

 
2- كتب التقرير أن سعر 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية في شكل الغاز الطبيعي المسال، كان صحيحا عندما كان سعر النفط نحو 100 دولار للبرميل، وأشار إلى أنه في ظل أسعار النفط الحالية فسوق يكون هذا السعر "أقل جاذبية".
 
وفقا لمعطيات التقرير نفسه فسوف تضيف عملية نقل الغاز من إسرائيل وقبرص إلى مصر مبلغ يتراوح بين 0.5 إلى 1 دولار لسعر الغاز. وإذا ما أضفنا سعر الإسالة، والنقل والتحويل إلى غاز (التغويز) فسوف نصل إلى أسعار الغاز السائدة اليوم في أوروبا، لذا يجب أن يكون سعر الغاز الإسرائيلي بين 3-5 دولار لكل مليون وحدة حرارية.
 
كذلك فإن الاتفاقات المبكرة التي وقعت مع بريتش جاز ويونيون فينوسا،قبل انخفاض أسعار النفط والغاز، والتي كانت أسعار الغاز فيها ملاصقة لأسعار النفط، تدعم أسعار تصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر بسعر 4 دولار لكل مليون وحدة حرارية.أي أقل بكثير من سعر 5.4-5.8 لكل مليون وحدة السائد حاليا في السوق المحلي الإسرائيلي.

 
3- كذلك لم يناقش التقرير إمكانية استيراد الغاز المسال بأسعار مدعومة من قطر ودول الخليج الأخرى. وقد أشار عوديد عيران لهذه الإمكانية فيما يتعلق بالأردن في مقال نشر مطلع يوليو، وجاء فيه:”استعداد قطر أو أي عنصر خارجي لدعم الفجوة في السعر يمكن أن يؤدي إلى تأخير أو ربما في المستقبل إلى إفشال الصفقة مع إسرائيل".
 
وأشير هنا إلى أن مصر في عهد الرئيس السيسي، حصلت على قروض ومنح من دول الخليج بقيمة تقدر بـ 20 مليار دولار، سمحت بتسديد الديون لشركات الغاز والحصول على الغاز المسال للاحتياجات الحالية.
 
4- من طبيعة الأمور، لم يشر التقرير إلى التطورات في قطاع الغاز في مصر خلال الـ 3 شهور الماضية من مايو- يوليو 2015. فعلى سبيل المثال إعلان شركة ENI الإيطالية في 20 يوليو عن اكتشاف حقل غاز يحوي نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز. الأهم من ذلك أن الحقل الجديد سوف ينتج الغاز خلال شهرين.

 
الكاتب- أمنون بورتوجالي باحث في مركز حزان بمعهد فان لير بالقدس.