السبت  10 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العدد 44| "الزعتر".. ملك يتربع على أرض الفلامية

الزعتر أثبت أرباحه الإنتاجية بأضعاف أرباح التبغ رغم قلة زراعته

2015-07-28 01:40:13 AM
العدد 44|
صورة ارشيفية
 
الحدث – محمد فايق
 
ليس بالبعيد عن المكان؛ يجلس المزارع عبد الرحيم حسن بالقرب من منزله، وينظر إلى أرضه مبتسما فالأخضر يتجلى ويزهو على الأرض، وتبقى الأرض باقية ما بقي الزعتر والأبناء، وبهما نواجه صعاب الحياة ونحمي أرضنا من محاولات الاحتلال المتكررة للاستيلاء عليها.
 
وتتجلى آلاف أشتال الزعتر الخضراء، محيطة بالمكان، وأينما يولي المرء وجهه لا يرى سوى أراض واسعة من الملك الأخضر باعثا في النفس الأمل لغد مشرق، بالرغم من كل الإجراءات الإسرائيلية من جدار فصل عنصري، ومستوطنات تملأ المكان، يبقى أهالي قرية فلامية إلى الشمال الشرقي من مدينة قلقيلية متمسكين بأرضهم وزعترهم.
 
وتعتبر قرية فلامية من أكثر القرى زراعة للزعتر، وبدأ إقبال المزارعين على زراعة الزعتر قبل 7 سنوات في القرية وهو في تزايد مستمر، حيث وصل عدد شتلات الزعتر المزروعة في القرية والقرى المحيطة، إلى 10 ملايين شتلة موزعة على نحو 700 دونما.
 
ويعاني أهالي القرية من جدار الفصل العنصري، حيث استولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على معظم الأراضي الزراعية في المنطقة، وأحاطتها بسياج وبوابة تفتح لساعات قليلة وبشروط كثيرة، في محاولة لثني المزارعين عن الاهتمام بأرضهم، غير أن الأهالي استطاعوا استصلاح أراضيهم وزراعتها بأشتال عديدة من الزعتر بأنواعه العديدة، وتصديرها من خلال التجار إلى الخارج خاصة الأردن التي تعتبر أكثر الدولة استيرادا للزعتر الفلسطيني.
 
ويقول المزارع عبد الرحيم: "إسرائيل أحاطتنا بالجدار، ولم نستطع الوصول إلى أراضينا، ولم يبق لنا سوى الزراعة بين البيوت، وداخل الهيكل التنظيمي للقرية، والمحصول المادي من زراعة الزعتر كبير جداً، وهو يفي باحتياجات الأسرة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة".
 
المزارع "فتحي نمر" والبالغ من العمر خمسة وأربعين عاماً، يمتلك ثلاثة دونمات، مزروعة بالزعتر بين بيوت المواطنين داخل القرية، وهي محاطة بثلاثة طرق، قائلا: "أصبح المزارع اليوم يفكر بزراعة الزعتر في أرضه كونه مربحاً"، والزحف الأخضر على الأراضي الزراعية داخل القرية أصبح أهم من الزحف العمراني.
 
واعتمادا على الخبرة المحلية تمكن المزارعون من تغيير الفكرة السائدة بأن بعض المحاصيل الاقتصادية كالتبغ هي وحدها ذات المردود المادي الجيد إذ أن فكرتهم بزراعة الزعتر بأنواعه المختلفة على مساحة 700 دونم منتشرة بشكل منظم وآخر عشوائي.
 
وتُظهر إحصائيات وزارة الزراعة، أن الأردن يستقبل الغالبية العظمى من الزعتر الفلسطيني المصدر للخارج، حيث يبلغ حجم المصدر للأردن 432 طناً خلال العام الماضي، كما تم تصدير 7.5 طناً إلى الكويت.
 
وقال رئيس مجلس قروي فلامية، يوسف الظاهر لـ"الحدث" إن المجلس قام بشق وتأهيل الكثير من الطرق الزراعية، لتسهيل الوصول إليها، وذلك لأنها المصدر الوحيد لتوفير لقمة العيش للمزارعين وعائلاتهم، مبينا أن الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته التعسفية هي السبب الوحيد وراء انتشار زراعة الزعتر داخل المخطط التنظيمي للقرية، إضافة إلى عمليات الإذلال التي يتعرض لها المزارعون على البوابات الحديدية لجدار الضم والتوسع، وصعوبة الحصول على التصاريح اللازمة لدخول أراضيهم الزراعية".
 
وأضاف أن عدد أشتال الزعتر المزروعة بين بيوت المواطنين داخل القرية، تصل إلى عشرات الآلاف من أشتال الزعتر زرعت خلال فترة ثلاث سنوات، وعشرات العائلات تعتاش منها، وهي تمثل المصدر الوحيد لهم، مع وجود مئات الدونمات المزروعة بالزعتر خارج نطاق الهيكل التنظيمي للقرية، مبيناً أن ما يقارب من 700 دونم مزروعة بالزعتر في أراضي القرية.
 
وأشار إلى أن المزارعين لم يتوجهوا إلى زراعة التبغ على غرار بعض القرى الأخرى مثل قرى جنين لأسباب عديدة، أهمها أن الجدوى الاقتصادية لزراعة الزعتر أفضل بكثير من زراعة التبغ الشاق، خاصة أن لزراعة التبغ خصوصية تختلف عن الزراعات الأخرى، كما أن الزعتر من أشهر المنتجات الفلسطينية التي نفخر بها ونعتز في الفلامية بزراعتها وتصديرها للأردن.
 
من جهته، قال مدير برنامج تطوير الأراضي في الإغاثة المهندس مقبل أبو جيش أن المزارعين يعتقدون أن زراعة التبغ ستعود لهم بدخل كبير في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لكن ذلك ليس دقيقا، حيث أن الجدوى الاقتصادية لزراعة التبغ عند حساب متوسط صافي أرباح في السنة 2000 شيقل للدونم الواحد، في حين أن الزعتر على سبيل المثال رغم صغر مساحة الأراضي المزروعة تعود بجدوى اقتصادية أكثر بالضعف على الأقل للمزارع.
 
وأشار أبو جيش إلى أن الأراضي المزروعة زعتر في الضفة الغربية تبلغ 8 آلاف دونم، مناصفة مروي، وبعلي، وتنتشر في منطقتي طولكرم وقلقيلية بسبب وفرة المياه خاصة للزعتر المروي.
 
 
زراعة الزعتر لها مستقبل واعد
وأوضح أن متوسط صافي أرباح الزعتر المروي في السنة 6000 شيقل للدونم الواحد، فيما أن البعلي 3000 شيقل، وهذا يؤكد أن تفكير المزارعين بأن التبغ هو الأفضل لهم خاطئ، عدا عن الأضرار التي تنجم عن زراعة التبغ على الأرض.
 
ويعتقد المهندس أبو جيش أن قلة الأراضي المزروعة زعتر يعود لحاجة هذه النبتة إلى المياه بشكل كبير، فيما أن التبغ لا يحتاج إلى المياه، غير أن الإغاثة لم تتدخل في موضوع زراعة التبغ لأن تدخلاتنا بشكل عام يكون لمساعدة المزارعين وإدخال أنواع محاصيل جديدة للزراعة، إضافة للمساهمة في تسويق عدد من المحاصيل المهمة عبر شركة ريف غير الربحية التابعة للإغاثة، فيما أننا لا نشجع زراعة التبغ ولا يمكن أن نساعد على تسويقه، مبينا أن شركة ريف تساعد المزارعين عبر التعاونيات على تسويق الزعتر وتصديره إلى الخارج إضافة إلى الفريكة ومزروعات أخرى.
 
وأوضح أن توجه المزارعين لزراعة الزعتر بهذا الشكل كان قبل سنوات ليست بالبعيدة، كما أن الربحية التي توفرها رائعة وأعطت إغراء للمزارعين للتوجه نحو زراعتها، كما أن الإغاثة الزراعية قامت بتوزيع عدد من النشرات التوعوية وتنظيم ورش عمل لمساعدة المزارعين على التعرف على هذه الزراعة، ودعمهن في ذلك، معربا عن أمله في زيادة رقعة الأراضي المزروعة في الزعتر.