تعديل الشرائح والنسب الضريبية غير مجدٍ في التأثير على مصادر جباية ضريبة الدخل
الحدث - محمد فائق
تعتبر جميع التعديلات التي أجريت على النظام الضريبي المتبع في قوانين ضريبة الدخل، متشابهة ولم تؤثر على آلية جباية الإيرادات، حيث تركزت هذه التعديلات في مجملها على تخفيض النسب الضريبية المفروضة على الشريحتين الأولى والثانية، وتخفيض النسب الضريبية على المكلفين الاعتباريين، وزيادة الإعفاءات والحوافز الاستثمارية للشركات الكبيرة. فقد تبين أن أكثر من 460 شركة فلسطينية ذات حجم كبير لديها إعفاءات استثمارية.
وعلى الرغم من التعديلات العديدة التي أجرتها السلطة الفلسطينية على الشرائح الضريبة لضريبة الدخل (عشر تعديلات خلال عشرة سنوات) إلا أن مساهمة ضريبة الدخل لم تتجاوز حاجز 8% من الإيرادات الكلية للسلطة الفلسطينية.
التعديلات ..أمر مثير للارتياب والشك
وتبين التقديرات أن كثرة التعديلات على النظام الضريبي الفلسطيني أمر مثير للارتياب والشك ويقوض عوامل الاستقرار الضرورية للاستثمار الخاص. ويصفون ما يعتبره البعض في أن قانون ضريبة الدخل واحد من أهم القوانين التي تم تطويرها في عهد السلطة بالوهم، لذلك فهم يرون أن حجم الإيرادات الضريبية التي يتم تحصيلها على أساس هذا القانون تشكل نسبة ضئيلة لا تتجاوز 8% من مجموع الضرائب التي يتم تحصيلها من مجموع الإيرادات الكلية للسلطة.
وتعتبر الضرائب المباشرة وضريبة الدخل في قلبها من أعقد الضرائب من ناحية الإدارة، وتتطلب إدارة ضريبية متطورة، وهو أمر مع كل ما حصل عليه من تطور خلال العقدين الماضيين، إلا أنه لا يزال يتطلب الكثير من الجهود والخبرات وتفعيل الفحوصات العابرة للأنواع الأخرى من الضرائب التي يتم تحصيلها من بعض المكلفين.
النظام الضريبي الفلسطيني يعاني من ثقوب كبيرة
وفي حين يرىفيه د. عادل الزاغة أستاذ مشارك واقتصادي، وهو نائب رئيس جامعة بير زيت لشؤون التخطيط والشؤون الإدارية، أن النظام الضريبي الفلسطيني يعاني من ثقوب كبيرة، سببها سياسة ذات أهداف مختلفة، وتتعلق أساساً بتشجيع الاستثمار الخاص، مما يجعل من المكلفين الكبار خارج النظام لأنهم يستفيدون من الإعفاءات الضريبية التي ينص عليها قانون تشجيع الاستثمار ولسنوات طويلة وقابلة للتمدد.
بيد أنه يقول: "ليس من المؤكد أن الضريبة تشكل العنصر الأهم في قرارات الاستثمار رغم أهميتها، وللأسف نفتقر لنموذج يساعدنا في معرفة معدلات الاستثمار فيما لو كان القانون غير موجوداً، عدا عن التساؤل عن وجوده في بلد يقوم فيه الاقتصاد على كتف القطاع الخاص الصغير العائلي بشكل كبير، بينما لا يستفيد هذا القطاع الصغير من الإعفاءات التي يقدمها القانون المذكور".
ولأن فئات هامة من أصحاب المهن الحرة تبقى خارج الوعاء الضريبي، إما لأسباب إدارية أو لأسباب تنبع من قدرة المجموعات الضاغطة على الدفع باتجاه عدم تمكين النظام الضريبي من الإحاطة بها ضمن الوعاء الضريبي.
الاقتصاد الفلسطيني في أصعب ظروفه
ويشارك إبراهيم برهم رئيس مجلس إدارة مركز التجارة الفلسطيني (بالتريد) د. الزاغة الرأي، بأن ضريبة الدخل ليس هو القانون الأهم والوحيد الذي يمكنه تحريك عجلة اقتصاد البلد، محذراً من ما وصفه بـ "القنبلة الموقوتة" ممثلة بمعدل الفقر والبطالة والتي: "إن انفجرت في لحظة معينة يمكن أن تؤدي إلى انهيار كل النظام السياسي الفلسطيني، إذا استمر هذا الموضوع لسنوات قادمة".
ودلل برهم، على ذلك بأن معدل البطالة يتراوح من 23 ـ 25% على مستوى الضفة وغزة، نسبة الفقر عالية، نسبة النمو في الاقتصاد سنة 2014 كانت دون الصفر، وفي أحسن ظروفها عام 2015 ستصل إلى 2%، وبالتالي كل هذه المؤشرات تشير إلى أن الاقتصاد الفلسطيني في أصعب ظروفه وليس بأحسنها.
ومن هنا يأتي دور القطاع الخاص، حسب ما يراه برهم، ليس فقط حماية مصالحه من قبل مجموعات الضغط وإنما من منطلق حماية اقتصاد البلد بشكل مباشر وحماية المشروع الوطني، والذي يعتقد بأن الاقتصاد الفلسطيني أحد عوامله الأساسية إذا تم ضبطه وشده بشكل أفضل لتقوية المشروع الوطني حتى لا نقع أسرى للإسرائيليين مثلما حصل في موضوع حجز الأموال قبل فترة.
أسباب انخفاض مساهمة ضريبة الدخل في الإيرادات
ويرجع د. سمير عبد الله مدير عام البحوث في معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية (ماس) سبب الإعفاءات الكبيرة إلى قانون تشجيع الاستثمار رقم (2) المعدل عام 2011، والذي أعطى إعفاءات من ضريبة الدخل لعدد كبير من الشركات وخاصة التي تعمل في قطاع الخدمات وتكنولوجيا المعلومات، وقد وصلت هذه الإعفاءات من 3 سنوات إلى 11 سنة، بالإضافة إلى الحوافز الأخرى على المشاريع التطويرية القائمة والتي تحصل أيضاً على إعفاء من ضريبة الدخل في حال تم تطوير المشروع القائم.
وفي ذات السياق، فإن الإعفاءات والحوافز المقدمة سواء كانت حوافز استثمارية أو غير استثمارية يمس بشكل أساسي الدخل المضمون تحصيله من الشركات الكبيرة والبنوك وهو الدخل المضمون الذي يحصل بدون تكاليف إدارية وإجرائية كبيرة، وهذا المصدر من التحصيل من المفترض أن يساهم بشكل كبير في الإيرادات ولكن الأمر عكس ذلك تماماً بسبب الحوافز.
إضافة إلى ارتفاع حجم التهرب الضريبي عند بعض القطاعات وخصوصاً المهن الحرة، حيث أن مساهمة هذا القطاع في الإيرادات الضريبية لا زالت أقل من المتوقع بكثير، على الرغم من اتساع حجم هذه الشريحة. فقد بلغت مساهمة قطاع المهن الحرة في إيرادات ضريبة الدخل11% فقط، بينما الشركات كانت حوالي 50%، واقتطاعات الرواتب الخاصة والعامة حوالي 36%. إلى جانب ضعف الأداء القانوني من قبل الجهاز القضائي بحيث أن بعض الملفات تستغرق مدة 5 سنوات في المحاكم ومن ثم تحل عن طريق المصالحة. وعدم التنسيق والتعاون في الحصول على معلومات بين مؤسسات السلطة الفلسطينية (دائرة ضريبة الدخل) وبين الجهات الأخرى مثل النقابات والاتحادات المهنية وغيرها.
فيما كشف برهم، عن أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي رفضا قانون تشجيع الاستثمار، وضغطا على الحكومة لإلغائه، ويضغطان على الحكومة لتعيد النظر في الشرائح من جديد وترفعها، وهذا يشير إلى أن الموضوع ليس تدخلاً خارجياً بقدر ما هو تفاهمات وطنية بحتة.
صياغة التشريعات الضريبية معيبة
فيما انتقد المستشار القانوني المحامي هيثم الزعبي، صياغة التشريعات الضريبية ووصفها بالمعيبة (فالصياغات للأسف تأتي معيبة قابلة للتأويل غير محكمة وغير جامعة تبقي الأمور مفتوحة، ينص ذيل القانون على أنه يلغى أي حكم آخر يتعارض مع هذا القانون، مما يعني أن القوانين السابقة لم تعد شيئا، لا يوجد قرار حازم في صياغة التشريع فهي صياغات ضبابية وفيها مصطلحات غير معربة)
ويؤكد الزعبي أنه لا ينتبه لضوابط دستورية خطيرة، فالصياغات تتم في دوائر موظفي الجباية أو دوائر ليس لديها خبرة الصياغة القانونية، مما ينهك الموظف والمكلف والقاضي لأن الصياغات واسعة وفضفاضة، وعمل الصياغة التشريعية تتم بسرعة دون العودة للقوانين السابقة وذات العلاقة.
تجاهل تام للضريبة على الأملاك والعقارات
وينتقد د. الزاغة، التجاهل التام للضريبة على الأملاك والعقارات من النقاش الدائر، في حين تؤكد الكثير من الدراسات الحديثة، أهمية الضرائب على الأملاك والعقارات في تمويل التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ويشدد في مطالبته على تفحص الأسعار الضريبية المفروضة على الأرباح المتحققة من أعمال المضاربة في العقارات والأراضي.
ولكن برهم، أشار إلى التسلسل المنهجي لعملهم مع الحكومة، وقال: "عملنا على مبادىء مع الحكومة من ضمنها دراسة النظام الضريبي بجميع أنواعها سواء كانت الدخل أو المضافة أو الجمارك، و(تطرقنا إلى العقارات والذي هو غائب عن أي إجراءات مرتبطة بهذا الشأن. وتقدمنا بأفكار ثورية في هذا الموضوع تساعد اقتصاد البلد وخزينة السلطة الوطنية على هذا الصعيد...)".
ويرى الزاغة، أن دراسة تخمين القيم السوقية الحقيقية لهذه الأملاك والتي تشكل الوعاء الضريبي لها، فيما تتم الإشارة إلى إلغاء الضرائب المفروضة على بيع الأراضي والعقارات ثم تشير إلى إعفاء كامل الأرباح الرأسمالية للأوراق المالية، مما يشير إلى قوة المجموعات الضاغطة وهي تمثل الشرائح الأغنى في المجتمع.
تخبط في إصدار القانون وتعديلاته
ويبدي د. الزاغة استغرابه الشديد من أن قانون الضريبة مر بتعديلات كثيرة خلال فترة قصيرة في بلد لم يستقل بعد بينما هو من أكثر القوانين استقراراً في الاقتصادات المختلفة. ويتساءل عن كثرة مرات تعديل القانون الخاص بضريبة الدخل: "وإذا استبعدنا عامل التخبط في إصدار القانون أو تعديلاته، يكون العامل الأهم في كثرة التعديلات دليل على نجاح فعل المجموعة الضاغطة على صانعي القانون في مرحلة تفتقر بها البلاد إلى مجلس تشريعي يراقب ويحاسب..".
فيما يؤكد برهم، أن التعديلات تجري عليه بشكل غير منطقي وبإجراءات قد تكون مرتبطة بحاجة خزينة السلطة ضمن السنة المالية الموجودة فيها، وهذا ما حصل في سنة 2012 حينما: "حدث عجز مفاجىء في خزينة السلطة بالموازنة عندما حصل عجز مفاجىء في الموازنة أقدمت الحكومة في تلك اللحظة برفع ضريبة الدخل من 15% إلى 30% وهنا ثارت البلد واضطررنا نحن كمجموعات ضغط أن نحافظ على مصالح البلد وليس على مصالحنا لوحدنا، بالدليل كانت النتيجة سلبية”.
وكشف برهم عن ما تعانيه مواد قانون ضريبة الدخل من ثغرات قانونية كثيرة تؤدي إلى مشاكل عويصة، تحدث مشاكل في العلاقة ما بين المكلفين وما بين دوائر الضريبة وقد تؤدي في كثير من الأحيان إلى أن بعض المكلفين نتيجة ظروفهم الصعبة أو لانه ليس لديهم القدرات أو يفتقدون مستشارين للضرائب، أو لا يوجد لديهم دوائر مالية، يضطرون إلى إخفاء المعلومات وتؤدي إلى مشاكل كبيرة على مستوى المكلفين، والأخطر منها على مستوى المستثمرين.
التوسع الكبير في المصاريف الجارية للسلطة
وينتقد سمير حليلة الرئيس التنفيذي لباديكو القابضة ، التوسع الكبير في المصاريف الجارية للسلطة ويقول: "كل ما نربحه ندفع عليه ضريبة وتذهب إلى مصاريف جارية، فمنذ 2007 إلى 2014 ارتفعت الموازنة الحكومية 53% بينما الاقتصاد نفسه تراجع تراجعاً كبيراً، هذه المقارنة تظهر حجم سلطة تكبر وتزداد مصاريفها وحجم اقتصاد يضمحل، وهذا مهم جداً للمحاسبة والتحاسب".
ولا يختلف برهم، مع د. الزاغة، حول عدم جوازية تجزئة قانون ضريبة الدخل وحده، ويجب أن يكون ضمن منظومة، ومن هنا جاء التغيير الذي حصل السنة الماضية بالنقاش. بغض النظر عن دور مجموعة الضغط، وبالتالي تؤدي الضغوط إلى بناء بلد واقتصاد ونظام ديمقراطي في هذا الموضوع، والكل عليه ان يتحرك في هذا الموضوع، خصوصاً أن الكثير من هذه المؤشرات تشير لخطورة الواقع الذي يتعرضه الاقتصاد الفلسطيني، الذي يعتبر أكثر مؤثر فيه هو الاحتلال و(ليست السلطة وحدها).
ويتفق برهم بشكل كامل مع د. الزاغة حول خطورة الإجراءات السريعة أو خطورة التعديلات المستمرة على القوانين وهي (من أخطر ما يمكن أن يتعرض له أي اقتصاد لأنه يفقد الثقة في الاقتصاد أو تفقد الثقة بسياسة الدولة).
نظام ضريبي عاجز عن تحقيق عدالة اجتماعية ويمنع التهرب
وفيما يتعلق بتصاعدية النظام الضريبي ككل إذا كان للنظام الضريبي دور في تحقيق العدالة الاجتماعية، فان الزاغة، يؤكد ليست المسألة فقط فيما إذا كانت ضريبة الدخل تصاعدية وحدها، بل فيما إذا كان كامل النظام تصاعدياً أم لا، وفي بلد تكون فيه حصيلة الإيرادات الضريبية من ضريبة القيمة المضافة ومن الجمارك على الواردات، والتي تشكل الواردات الاستهلاكية جزءاً هاماً منها، أهم مصادر الضريبة.
لذلك نجد الزاغة يتوقع أن النظام الضريبي ككل في فلسطين هو تراجعي بدلاً من أن يكون تصاعدياً، لذا فإنه يطالب بدراسة هذا الموضوع المغيب عن النقاش.
ولكن حليلة، يركز على ما يعتقده الناس، إنه إذا دفعت ضريبة تصاعدية على أصحاب الأموال يتم أخذها وإنفاقها للفقراء والمساكين، وفي هذا السياق اكد على وجود مشكلة في الدور التطويري للسلطة منذ إنشائها حتى الآن.
ويبرهن على ذلك بالإشارة إلى أن موازانات السلطة التي تقر هي موازنات جارية وميزانيات تتعلق بالرواتب ومصاريف (أجهزة الحكومة التي تتضخم وتكبر وليس لها علاقة لا ببناء البنية التحتية للبلد ولا بحل مشكلة البطالة والفقر، فليس هناك استثمار حكومي في محاربة الفقر والبطالة).
أما فيما يتصل بكيفية تحقيق العدالة الاجتماعية، فلا يعتقد الزاغة بإمكانية النظام الضريبي أن يحقق مجموعة من الأهداف وخصوصاً إذا كانت متضاربة. ويرى أن تحقيق العدالة الاجتماعية أمر يمكن تحقيقه في نظام الإنفاق الحكومي وتحديد الأولويات التي يجب الإنفاق عليها ونسب هذا الإنفاق بناء على الأولوية. غير أن المبالغة في دور ضريبة الدخل في اقتصاد فقير هو أمر لا داعي له وقد يؤدي إلى نتائج عكسية، ويحبذ لو يستقر النظام الضريبي لفترة زمنية معقولة (20 ـ 25) سنة، لدراسة نتائجه، وكيفية التعديل عليه، إذ أن كثرة التعديلات هي أمر مثير للارتياب والشك ويقوض عوامل الاستقرار الضرورية للاستثمار الخاص.
وركز القطاع الخاص مع وزارة المالية على أهمية ضبط النظام الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية للوصول إلى العدالة الضريبية، (لأنه لا يجوز "حسب برهم" لنفس الفئة التي نتهمها بالعمل والسيطرة والضغط لصالحها وهم جزء من القطاع الخاص، وننسى أن الغالبية العظمى من مجتمعنا لا تدفع الضريبىة.. وحتى نصل إلى مرحلة من عملية العدالة الضريبية يجب أن نتجه إلى توسع أفقي كل يدفع حسب دخله، دون أن نشير إلى بعض القطاعات التي لا تدفع ضريبة أصلاً).
ولم ينف برهم، وجود تهرب ضريبي من قطاع خاص، لكنه أعلن رفضه الشديد لهذا التهرب، و(نحن مع ضبط القانون باتجاه منع التهرب الضريبي والقطاع الخاص لا يدافع عنه ولا يدافع عن أي شركة تتهرب ضريبياً).
وبينما طالب حليلة بضرورة حل مسألة التغطية للميزانية التطويرية جذرياً والتي تمولها أما الدول المانحة بشكل مباشر أو القطاع الخاص، لأن الضريبة أداة اجتماعية مهمة لنشر العدالة الاجتماعية التي لا تتحقق من خلال الطريقة المتبعة لدينا.
مساهمة ضريبة الدخل في الإيرادات الكلية محدودة
أما د. عبد الله، فيرى أن مساهمة ضريبة الدخل في الإيرادات الكلية لا زالت محدودة ولم تتجاوز سقف 8% خلال السنوات السابقة، وفي نفس الوقت حافظت إيرادات ضريبة الدخل على نسبة ثلث الإيرادات الضريبية المحلية خلال الفترة السابقة.
وحتى تتم معالجة هذا التدني، والعمل على زيادة إيرادات ضريبة الدخل، يرى د. عبد الله، انه يجب دراسة الأسباب التي لها علاقة بطبيعة المجتمع وأفراده وتركيبته الاقتصادية من حيث مستوى الدخول، أما الثاني فله علاقة بأداء الدوائر الضريبية ومدى تطبيق الإجراءات والتزام المكلفين ضريبياً من جهة أخرى. وهذا يعني أن التغيرات والتعديلات التي تتم على قانون ضريبة الدخل لم تساعد أو تساهم في حل هذه المشكلة حتى الآن.
ويؤكد أنه على الرغم من الارتفاع في حصيلة إيرادات ضريبة الدخل إلا أن معدلات ارتفاع إيرادات الضريبة الإضافية من المقاصة كانت أكبر من معدل ارتفاع إيرادات ضريبة الدخل مع تراجع قيمة جباية ضريبة الدخل في عام 2014 بما يعادل 30 مليون شيقل مقارنة بعام 2013.
وأشار إلى أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في إيرادات الجباية من ضريبة القيمة المضافة المحلية، حيث ارتفعت من 677 مليون شيقل عام 2011 إلى 951 مليون شيقل عام 2014، وهذا التطور لم يتوافق مع التطور في جباية ضريبة الدخل التي بقيت على حالها تقريباً ما بين عام 2011 إلى عام 2014.
ويشدد عبدالله، على أن أهمية إيرادات ضريبة الدخل لا تقل أهمية عن إيرادات ضريبة القيمة المضافة المحلية، وتشكل جباية ضريبة الدخل في الفترة ما بين 2011-2014 ما معدله 80% من الإيرادات المحلية لضريبة القيمة المضافة، إلا أن ذلك لا يعني أن هذه نسبة مقبولة، وكان بالأحرى أن تكون إيرادات ضريبة الدخل ضعف إيرادات ضريبة القيمة المضافة المحلية مقارنة بالدول الأخرى ذات الاقتصاديات المشابه للاقتصاد الفلسطيني.
وفي هذا السياق تتوزع مصادر جباية ضريبة الدخل، ومساهمة كل مصدر في الإيرادات، على معدل نسبة مساهمة الشركات 50% للفترة 2011-2014، بينما الاقتطاعات من الرواتب تراوحت حول معدل 36%، والأفراد حوالي 14%.
ويرى عبد الله، أن هذا الثبات في نسبة مساهمة مصدر الإيراد خلال السنوات السابقة يدل على أن تعديل الشرائح والنسب الضريبية غير مجدٍ في التأثير على مصادر جباية ضريبة الدخل.