السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 52: نتنياهو داهية سياسية يختبئ خلف الفتاوى الدينية !!

إسرائيل تنتشر من خلال الإرهاب "الديني" اليهودي.. والدعوة عامة

2015-11-24 10:28:06 AM
في العدد 52: نتنياهو داهية سياسية يختبئ خلف الفتاوى الدينية !!
صورة ارشيفية


#الحدث- آيات يغمور

من الدهاء أن يلجأ الساسة إلى مرجعيات دينية لتبرير قراراتهم التي تبدو كأنها تنبع من الشعب ومعتقداته، ولكن الخليط الذي باتت عليه إسرائيل الآن يثير استغراب المحللين، الذين وجدوا في نتنياهو داهية سياسية حيناً، وجباناً يختبئ خلف بعض الفتاوى الدينية أحياناً أخرى.

هي المصلحة الإسرائيلية التي ترى في نفسها قدسية شرعنتها بأسفار من العهد القديم، احتكم إليه حاخاماتهم الذين وجدوا فيها تحقيقاً لوجودهم على أرض كنعان وفلسطين من بعدهم.

مبررات دينية جعلت لقرارات إسرائيل شعبية واسعة بخاصة لدى المتدينين المتطرفين، الذين يحملون في أذهانهم معتقدات توصي بالإبادة والتطهير العرقي؛ لتبقى إسرائيل وشعبها وحيدة على الأرض بحجة تفضيل إلهي لبني إسرائيل، كما فسرها رجال الدين اليهودي.

ما بين الدولة "الديمقراطية" وتلك اليهودية، ووصولاً للعسكرية، باتت إسرائيل تعيش صراعاً داخلياً لم تشعر بتبعاته بعد، فتعدد التوجهات يخلق تعدداً في المرجعيات التي يستند إليها اليهودي الإسرائيلي المجند في جيش الاحتلال.

وها هو نتنياهو يمثل برجوعه عن قرار التقسيم، أبلغ مثال لاستغلال فتاوى الحاخامات التي تقيد دخول المسجد الأقصى، ويستخدمها في العدول عن قرار التقسيم الزماني والمكاني؛ ليظهر كحامل للنوايا الحسنة دولياً، وكيهودي جيد ومتدينٍ بين الأوساط الإسرائيلية، في ظل التنافس الشديد الذي يعاني منه نتنياهو من الأطراف اليمينية الأخرى.

وكانت القناة السابعة العبرية، ربطت بين فتاوى الحاخامات الأخيرة التي اعتبرت "أن كل مساحة المسجد الأقصى الذي أطلقت عليه اسم "جبل الهيكل"، تعدّ "منطقة محرّمة على اليهود، بحسب العقيدة اليهودية"، وبين محاولة تخفيف وطأة تصعيد الانتفاضة الثالثة وتهدئة الوضع القائم.

 
 
 
ولكن الباحث والخبير في الشؤون الإسرائيلية، صالح النعامي، يرى أن فتوى الحاخامات "بحرمة توجه اليهود للمسجد الأقصى أصدرتها الحاخامية الكبرى عام 1967، والتزمت بها جميع المرجعيات الدينية اليهودية، وجميع الحاخامات الذين يؤيدون هذه الفتوى يعتقدون أيضاً كغيرهم أن الهيكل يقع أسفل قبة الصخرة، وأنه تتوجب إعادة بنائه بأقصى سرعة على أنقاض الحرم، لكن يشترطون قبل صعود عامة اليهود للحرم بأن يقوم "سدنة الهيكل المنتظر بتطهيره برماد عظام البقرة الصفراء"، التي قيل أنه تم العثور مؤخراً على بقرة بالمواصفات المطلوبة.

ويشير النعامي إلى تناقص عدد الحاخامات الذين يؤيدون هذه الفتوى، بل أن الأغلبية الساحقة من المرجعيات الدينية للتيار الديني الصهيوني ابتدعت "مسوغاً فقهياً" يحث على تدنيس اليهود للحرم على اعتبار أنه يقرب الخلاص اليهودي، والدليل على ذلك تعاظم عدد محاولات التدنيس والحماسة للتقاسم الزماني والمكاني.

وينوه النعامي، في منشوره، إلى أنّ توقيت إعادة نشر الفتوى قد يفسر على أنه مرتبط بتعاظم عمليات المقاومة، لكن يجب ألا ننسى حقيقة أن المرجعيات الدينية التي تؤيد تدنيس الحرم الآن هي التي تحتكر مواطن التأثير على الشباب اليهودي؛ ما يزيد من تأثيرها، ويفاقم من خطورة فتاواها.

إسرائيل في العهد القديم
وعودة إسرائيل إلى "عهدها القديم"، الذي بات منبعاً للإرهاب الديني والتطرف اليهودي بحجج أمنية عسكرية سياسية ودينية، وفي السفر السادس تحديداً "يشوع بن نون" نجد إسرائيل تجند حاخاماتها لتستنبط أو تحرف ما أمكن لتسويغ جرائمها الشنيعة؛ ولتصبح الإبادة الجماعية عبادة وخلاصاً لبني إسرائيل يثاب عليه.

من جهته، أكد الباحث في الشؤون الإسرائيلية عمر جعارة أن كلمة الإبادة ذكرت 18 مرة في العهد القديم، والتي توجه الإبادة إلى "الكنعاني" الفلسطيني "الظالم" "الأغلف" في إشارة إلى الطفل الرضيع.

وضرب جعارة مثالاً من سفر يوشع بن نون في العهد القديم عندما دخل مدينة أريحا: "قتل وضرب بحد السيف كل كبير وصغير وكل امرأة وكل شيخ وكل طفل وكل رضيع حتى البقر والحمير.. ثم أحرق المدينة بالنار وقال: (ملعون من يبني مدينة في أريحا)".

ويستنتج جعارة من هذا المثال، فكرة الإبادة الجماعية التي تقوم عليها إسرائيل الآن، والتي تستند في مجملها على محاور العهد القديم المليء بنزعات العنف والإبادة.

إسرائيل وجمعيات الهيكل المزعوم
ولتثبيت "تهمة" الإرهاب الديني على إسرائيل، لفت الخبير في شؤون المقدسات المحامي عادل شديد إلى حقيقة التفاف الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة حول 19 جمعية يهودية مهتمة بإعادة بناء الهيكل، والتي تحمل تراخيص رسمية وقومية.

مشيراً إلى انتماء هذه الجمعيات المتطرفة إلى أحزاب إسرائيلية كبيرة تحتوي على وزراء كحزب الليكود والبيت اليهودي، ما يسهل عملية تمويل نشاطاتهم الإرهابية من موازنة "الدولة" مباشرة. 

وقال شديد في وقت سابق: إن جمعية "عائدون إلى جبل الهيكل" بادرت إلى دفع مبالغ مالية لليهود الذين يمنعون من أداء شعائر توراتية في المسجد الأقصى، لزيادة وتكثيف عدد المؤيدين لهذا الفكر المتطرف وزيادة عدد المقتحمين للأقصى، ما سيسرع محاولات تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانياً ومكانياً.

وأوضح أن تيار "أمناء من أجل الهيكل" يتلقى دعماً من رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ يستخدمهم كأداة لتحقيق مطالبه.

تغلغل الدين اليهودي في المؤسسة العسكرية
كثيرة هي الأدلة الصارخة التي تفضح جرائم الاحتلال يومياً، نمر بها دون أن نتعمق في فهم نفسية المجرم، إسرائيلي يهودي متطرف، وهنا يوضح الأسير المحرر والخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن للحاخامات دوراً كبيراً في زرع الإرهاب في نفوس المجندين، وتعطيهم "الرخصة في القتل" بعيداً عن المبادئ والقواعد والأخلاقيات، مبررة ذلك بتسهيل الخلاص والتقرب إلى الله.

ويضيف منصور أن صيحاتهم أثناء الهجوم الإرهابي بعبارات دينية تدلل على حجم التأثير البالغ للتيارات الدينية وخصوصاً التيار الصهيوني على الشباب الإسرائيلي الذي وجد هدفاً في قتاله إلى جانب الانتماء لدولته "إسرائيل" وهو خدمة الدين اليهودي!

وبين منصور حجم الارتباك الذي يواجهه الجندي الإسرائيلي في حالة الحرب، وتحديداً عند تلقيه الأوامر من الضابط المسؤول عنه، فيصبح مشوشاً لا يعلم إذا ما كان عليه الانصياع للسلطة العسكرية أم للسلطة الدينية أم إلى وازعه الإنساني؟

وأشار إلى الخطب الدينية التي يلقيها الحاخامات على جيش الاحتلال قبيل الحرب، داعين فيها إلى القتل والذبح والضرب دون أخذ أي اعتبارات أخرى، مستندين إلى العهد القديم الذي يدعو إلى قتل "الأغيار"، أي كل من هو غير يهودي، والتي كانت تعني في الزمن القديم "الكنعانيين".

وأفاد منصور بأن هذا الفكر المتطرف بات متفشياً في جميع التيارات الإسرائيلية اليهودية التي كانت تحظى بنوع من التنوع في السابق، وسرعان ما أصبحت تقتصر على اليمينيين المتطرفين الحاملين دعوات إعادة بناء الهيكل، مشيراً إلى التيار القومي الديني اليهودي "المركزي" الذي يشكل جناحاً كبيراً في حزب الليكود الذي يترأسه نتنياهو.

الفتاوى اليهودية تترجم على هيئة قرارات ضد العرب
وكان عضو الكنيست النائب جمال زحالقة أكد أثناء جلسة الكنيست الأسبوعية، حقيقة ترجمة إسرائيل للفتاوى الدينية والرغبات اليهودية المتطرفة على هيئة قرارات ضد العرب، موضحاً أن "جميع القرارات التي لا تعطي شرعية لوجود الفلسطينيين يتم تمريرها في الكنيست".

يبدو أن إسرائيل وجدت لنفسها مستقراً آمناً بين الدين والسياسة، يخدم مصالحها التي توجهها من خلال المؤسسة العسكرية التي تمارس الإرهاب بعيداً عن الانتقاد، فقد أجمع المحللون أن الإرهاب اليهودي بات أكثر تغلغلاً في دولة إسرائيل، يقوم اليمين المتطرف بخدمتها حيناً، وتخدمه الحكومة الإسرائيلية بمجموعة قرارات مساندة أحياناً أخرى، ليتكامل الدور الإسرائيلي في خدمة دولة الاحتلال الذي تسير به إسرائيل نحو إبادة جماعية ممنهجة ومبررة دينياً وسياسياً وعسكرياً.