الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التبرعات عبر حملات الإغاثة من الضفة الأضخم على مستوى الحروب السابقة لكن يشوبها بعض القصور

2014-08-25 04:33:50 PM
 التبرعات عبر حملات الإغاثة من الضفة الأضخم على مستوى الحروب السابقة لكن يشوبها بعض القصور
صورة ارشيفية
 

نازحون: بعض المساعدات لا تصلنا نتيجة العشوائية وعدم التنظيم

 

خبراء اقتصاديون: نحن بحاجة إلى تنظيم الحملات ومتابعة ومراقبة آليات توزيعها لضمان وصولها لمستحقيها
 
غزة - محاسن أُصرف
"أغيثوا غزة، الحياة لغزة، قوارب غزة"، وغيرها حملات وقوافل مساعدات إنسانية سُيرت من الضفة الغربية لقطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي خلال يوليو الماضي، جميعها تتضمن احتياجات ضرورية لإغاثة النازحين الذين خرجوا إلى مراكز الإيواء في المدارس والمستشفيات تحت وطأة القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي على أحيائهم.
لعل السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان مع ازدحام الحملات والقوافل الإغاثية هل تصل إلى مستحقيها؟ّ
استوقفنا مشهد النازحين الفلسطينيين هناك، غالبيتهم تجمعوا بالوقوف أمام أبواب المؤسسات والجمعيات الاجتماعية والإغاثية لينالوا بعضًا مما وُفر لهم من معونات عينية ونقدية عبر حملات الخير من الضفة الغربية وغيرها للمنكوبين في قطاع غزة، البعض أخبر مراسلة "الحدث" أنه لم يتلقَّ شيئًا من تلك المساعدات، والبعض الآخر يتلقى النذر اليسير وآخرون تُغدق عليهم مما يعكس عدم عدالة بل وعشوائية في التوزيع – حسب وصفهم-، فيما يعزو مسئولون في الجمعيات الإغاثية والخيرية أسباب عدم وصول المساعدات لكافة النازحين إلى أعدادهم الكبيرة جدًا والمتزايدة في ظل ضعف الإمكانيات مما يؤدي إلى عدم تغطية كافة متطلبات جميع العائلات النازحة والمشردة في القطاع.
 

معاناة

 

تقول أم منتصر عفانة (45 عامًا) النازحة من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، :"نزحت وعائلتي منذ اليوم الأول للاجتياح البري في عملية "الجرف الصامد" التي أعلنتها "إسرائيل" ضد قطاع غزة، وسكنت في بيت عائلة زوجي، صرنا أكثر من 100 شخص في المنزل أطفال ونساء ورجال ما اضطرنا الخروج إلى مراكز الإيواء في مدارس الأونروا"، تؤكد السيدة أن المعاناة لم تنته باللجوء إلى المدرسة بل تجددت وتفاقمت في ظل انعدام وسائل ومتطلبات الحياة الأساسية، أسألها عن المعونات التي كانت تُقدم للنازحين، فتُشير أنها كانت تتلقى القليل منها كـ المياه الصالحة للشرب، والمعلبات، وبعض الفراش والأغطية وأحيانًا مبالغ نقدية، تستدرك:"لكن الأمر كان مؤقتًا" وتلفلت أنه مع استمرار نزوح العائلات تقلصت المعونات خاصة بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، والسبب -وفق تقديرها- زيادة أعداد النازحين وضعف إمكانيات الجمعيات والمبادرات الخيرية في غزة وتأخر وصول بعض المساعدات المحلية من الضفة الغربية بفعل إغلاق المعابر.
 

عشوائية وعدم تنظيم

 

تجلس "أم كريم عياد" داخل خيمٍة بالية في حديقة مجمع الشفاء الطبي، بانتظار معونٍة تسد رمق أطفالها؛ لكنها لم تحصل على شيء حتى وصول مراسلة "الحدث" إليها، تؤكد السيدة أن كثيرًا من المساعدات لا تصلها، وتُرجع السيدة سبب ذلك إلى وجودها في وسط الحديقة فلا يصلها دور التوزيع وتبقى بالانتظار، تقول:"نزحت وعائلتي من منطقة الشعف بحي الشجاعية، ونعيش حياة صعبة جدًا في ظل عدم توفر أساسيات الحياة".
تشكو السيدة من عدم التنظيم في توزيع المساعدات تقول:"بمجرد وصول أي قافلة مساعدات إلى مكان تجمع النازحين في مستشفى الشفاء يتجمهر الجميع حولها مما قد يُضيع حقوق الآخرين وعدم حصولهم على المساعدة سواء كانت نقدية أو عينية"، وتذكر أم كريم أن إحدى المؤسسات جاءت قبل أيام لتوزيع مبلغ "20 دينار أردني" على النازحين لكنها لم تحصل عليها أيضًا ليس لأن دور التوزيع لم يصلها ولا بسبب العشوائية وعدم التنظيم، وإنما لأن تلك المساعدة كانت للطلبة الجامعيين –وفق ما أكدته المؤسسة الموزِعة-، تقول :"حالة السرطان التي يُعاني منها كريم، وحالة الضيق والعوز التي نُلاقيها في خيام الإيواء بمستشفى الشفا لم تُقنع المؤسسة بحاجتي الماسة لتلك الأموال لأوفر دواء وغذاء لكريم وابنتي الرضيعة ذات الثلاثة أشهر".
ولعل ما يؤذي السيدة –بحسب ما قالت لـ"الحدث"- المعاملة السيئة التي يجدونها من الطواقم الإدارية بالمستشفى لافتة :"أنهم باتوا يرفضون السماح للمؤسسات التي تقوم بحملات لتوزيع المساعدات والتبرعات بالوصول إلينا وتزويدنا بما نحتاج، هم يرون أننا يجب أن نعود لبيوتنا المدمرة وألا نبقى في ساحة المستشفى".
 

قوارب

 

وعلى الرغم من نجاح حملة "قوارب غزة" في إدخال عشرات الشاحنات من المساعدات الآتية من أهالي الضفة الغربية لمنكوبي ونازحي غزة إلا أن بعض المتلقين لهذه المساعدات انتقدوا آلية توزيعها وخصها للمتضررين من المسيحيين وأصحاب الكنيسة في أحياء غزة المدمرة في الزيتون والشاطئ وحي الرمال والنصر وغيرها، وفي هذا السياق تُقر إحدى المستفيدات من حملة "قوارب غزة" بأن جل المستفيدين من الحملة التي وزعت في غزة بالتعاون مع معهد كنعان كانوا من المسيحيين الذين أُوذوا في الحرب ونال بيوتهم القصف وتهجروا من أحيائهم، كما تؤكد أن عشرات الشبان والسيارات التابعة لمركز كنعان قامت بتوصيل المساعدات إلى أوسع نطاق في مراكز الإيواء والبيوت المدمرة إلا أنها نظرًا للكميات المحدودة من المساعدات وزيادة عدد النازحين لم تصل إلي جميعهم حتى وإن كانوا أشد حاجة من غيرهم، وتابعت بعض المواطنين الذين آووا نازحين وصلت إليهم مساعدات "قوارب غزة" في بيوتهم وأماكن تواجدهم لحفظ كرامتهم خاصة في ظل حاجتهم الماسة لتلك المساعدات التي تعينهم على حياة اللجوء الجديدة المؤقتة ولاسيما أن الكثير منهم خرج بملابسه التى يرتديها دون أن يحمل ما يعينه على العيش فى هذه الظروف.
فيما تُشير "أم محمد" من محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة أن المساعدات التي قدمها الأهل من الضفة الغربية كان لها دور كبير في إغاثة المنكوبين على مدار أيام العدوان وخاصة خلال شهر رمضان الكريم فقد كانت تلك المساعدات ناجعة جدًا ومفيدة وتلبي احتياجات الصائمين خاصة من المياه والمواد الغذائية والأغطية والفراش، تقول:" الآن الاحتياجات تزايدت بتزايد أعداد النازحين، كما اختلفت وبات من الضروري توفير الملابس والخيام وحتى النقود لشراء مستلزمات ماسة لحياة الناس قد لا يجدونها في المعونات والمساعدات الموزعة" وتُتابع نتمنى من المتبرعين أن يقفوا أولًا على احتياجات النازحين وإيصالها لهم وفق الإمكانيات الموجودة وبحسب الأولويات التي يُعلن عنها النازحين والمشردين في غزة.
 

تبرعات جيدة ولكن

 

كامل الهيقي مسئول حملة "فكر بغيرك" في غزة يؤكد أن الحملات الشبابية كانت الأولى في مساعدة النازحين، لافتًا أنهم استطاعوا تقديم معونات أساسية لأكثر من 20 ألف أسرة نزحت من المناطق الحدودية إلى مراكز الإيواء في المستشفيات والمدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل الأونروا، وقال لـ"الحدث" بعض المساعدات التي كُنا نقدمها للنازحين أتت من الضفة الغربية عبر متطوعي الحملة هناك"، وتابع :"للمرة الأولى أبدعت الضفة الغربية في مساعدة غزة ومد النازحين ببعض الاحتياجات الأساسية والمعونات العينية والمادية".
وتمثلت المساعدات التي وصلت من الضفة الغربية عبر مبادرات شبابية وحملات وطنية من المؤسسات الأهلية والرسمية في المياه الصالحة للشرب، الأغطية، الفراش، حفاضات الأطفال والمواد التموينية والغذائية، وأوضح "الهيقي" أنه لم يكن مسموحًا بإدخال الأحذية وألعاب الأطفال لأسباب تتعلق بالجانب الإسرائيلي على المعابر.
يقول:"لبت تلك التبرعات بعضًا من احتياجات الناس لكنها كانت ضئيلة" والسبب وفق تقديره استمرار نزوح الفلسطينيين من المناطق الحدودية وخاصة بعد الاجتياح البري مقابل ضعف الإمكانيات وعدم توفر الاحتياجات الضرورية في المساعدات الواردة، منوهًا أن واردات التبرعات من الضفة الغربية كانت تحمل كميات هائلة من المياه المعدنية مقارنةً بالاحتياجات الأساسية كـ"حليب الأطفال، الأدوية، الملابس، وحفاضات الأطفال" قائلًا :"لا نقلل من أهمية تبرعات الضفة في التخفيف من وطأة الألم والمعاناة على النازحين ولكنها لم تكن في المستوى المطلوب" واستكمل:"الفشل الوحيد في تبرعات الضفة هو توريد كميات هائلة من المياه المعدنية على حساب الاحتياجات الأساسية الأخرى".
 

احتياجات ضرورية

 

سألته عن أهم الاحتياجات للنازحين بحكم احتكاكه المباشر بهم فأكد حاجتهم إلى الملابس خاصة وأن الغالبية نساء وأطفال وشبان خرجوا من بيوتهم  تحت نيران القصف والقذائف فقط لينجوا بأرواحهم، بالإضافة إلى حليب الأطفال وحفاضات الأطفال من عمر يوم لعامين، وكذلك أدوية ومراهم خاصة مع انتشار النزلات المعوية والأمراض الجلدية بين الأطفال في مراكز الإيواء، ناهيك عن الخيام ليدرءوا عنهم ذل مراكز الإيواء بنصبها على أنقاض منازلهم المدمرة، يقول"الهيقي" :"ونحن على أبواب العام الدراسي بعد انتهاء العدوان في أي وقت نحتاج إلى تمويل لإيجاد الحقيبة المدرسية والقرطاسية والزي المدرسي والرسوم الدراسية خاصة لطلاب الثانوية العامة الذين نجحوا ويودون الالتحاق بالجامعات" يؤكد الرجل أنه أجرى دراسة جدوى لاحتياجات النازحين في هذا المجال وسيعرضه على فريقه لتسويقه وجمع الاحتياجات أو الأموال لشرائها، ويتمنى أن ينجح ويلقى اهتمامًا كبيرًا ومشاركة عالية من كل الجهات الرسمية والأهلية المحلية والدولية، قائلًا:"سنحاول أن نوفر عبر التبرعات القادمة جلباب للفتاة بالمدرسة أو الجامعة وحجز مقاعد للطلبة الناجحين في الجامعات التي يرغبون وغيرها من احتياجاتهم الأساسية والضرورية العينية والمادية.
 

خلل وفجوة

 

من ناحيته يُشير د. "رامي عبدو" الخبير الاقتصادي أن سبب الخلل والفجوة في توزيع المساعدات الإغاثية لمتضرري العدوان الإسرائيلي سببها حالة الفراغ الرسمي وغياب التواصل بين الوزارات في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى الفجوة بين فلسفة المنظمات الإغاثية وحجم الاحتياج الكبير مما أدى إلى خلل في التقييم وتضارب في قيم وأعداد الأضرار اللاحقة بالنازحين، لافتًا أن هناك تضخم في توفر المساعدات الغذائية والأغطية للنازحين مقارنة بنقص حاد في احتياجات أخرى، داعيًا إلى تشكيل فرق ميدانية ذات خبرة عالية بمظلة رسمية ومشاركة المجتمع المدني ويتوافق على آليات عملها لبحث الأضرار مما يسهل لاحقًا تقديم المساعدات.
 

وفي المجال ذاته يرى "د. عمر شعبان" الخبير الاقتصادي أن صناديق الإغاثة وحملات التبرع لقطاع غزة سواء في الداخل الفلسطيني أو على الصعيد الاقليمي يجب أن توجد لها آلية واضحة لمراقبتها و متابعتها مع التوضيح للمتضررين بكيفية الاستفادة منها، وقال في مقال له بعنوان :"نحو تنسيق المساعدات لقطاع غزة لضمان وصولها لمستحقيها" :"يجب الإعلان للمجتمع عمّن يدير هذه الأموال و معايير التصرف بها، وشدد على ضرورة أن تُعلن حملات جمع التبرعات مُقدمًا عن كيفية توزيع المساعدات و من هم الأشخاص و المؤسسات الوسيطة التي سيتم الصرف من خلالها"