الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مطاحن قطاع غزة تطالب السلطة بمقاطعة استيراد الدقيق الإسرائيلي

2014-08-26 12:00:00 AM
 مطاحن قطاع غزة تطالب السلطة بمقاطعة استيراد الدقيق الإسرائيلي
صورة ارشيفية
صبري أبو غالي: تم تسريح معظم العاملين في مصانع الدقيق
غزة- حامد جاد         
 
ترى إدارة مطاحن الشرق الأوسط التي تعد من أكبر مطاحن القمح العاملة في قطاع غزة أنه يتوجب على السلطة الوطنية الفلسطينية العمل على وقف استيراد الدقيق الإسرائيلي على وجه الخصوص، في ظل حملة المقاطعة المحلية للمنتجات الإسرائيلية، وما أبدته أعداد كبيرة من المستهلكين في دول العالم من تجاوب مع هذه الحملة، تعبيراً عن تضامنها مع أهالي غزة الذين يتعرضون منذ أكثر من 45 يوماً للعدوان الإسرائيلي. 
واعتبر صبري أبو غالي، رئيس مجلس إدارة مطاحن الشرق الأوسط، أن مواصلة فتح سوق غزة أمام الدقيق الإسرائيلي والأوكراني والمصري، بات يشكل السبب الأساس وراء توقف أعمال عدد من مطاحن قطاع غزة، وتراجع إنتاجية ما تبقى من المطاحن إلى ما دون الحد الأدنى من قدرتها الإنتاجية الفعلية. 
وأشار إلى أن مطاحن الشرق الأوسط أعدت دراسة شاملة حول واقع المطاحن المحلية، وأسباب تراجع إنتاجها واضطرارها للاستغناء عن العدد الأكبر من العاملين لديها، كنتيجة مباشرة لاستمرار استيراد الدقيق الإسرائيلى والمصري والأوكراني، دون الأخذ بالاعتبار متطلبات حماية الإنتاج المحلي للدقيق.
وأشار أبو غالي إلى أن دول العالم كافة تحافظ على مخزونها من القمح الخام على أراضيها، وذلك خشية من أي ظروف قاهرة كالحرب أو ارتفاع أسعار القمح، أو لظروف طارئة كالجفاف أو الحرائق والفيضانات، لذا تقوم جميع دول العالم بلا استثناء، بدعم القطاع الخاص بكل الطرق الممكنة للحفاظ عليه، فعلى سبيل المثال، دولة كروسيا وأوكرانيا مصدرتان للقمح، ففي حال وجود نقص في إنتاجهما السنوي نتيجة الحرائق التي اشتعلت في حقول القمح كما حدث سنه 2008، تم فرض ضريبة تصدير قاربت ما بين 30 إلى 40 دولاراً على كل طن، للحد من بيع القمح خارج البلاد، وأصر رئيس الحكومة فلاديمير بوتن على منع تصدير القمح نهائياً، كما حدث قبل سنتين نتيجة نقص حاد في القمح، وبرغم ذلك، استثنى بوتن المطاحن الروسية من قراره برسوم الزيادة 30$ في الأسعار، لكي يحافظ على استمرار العمل في المطاحن، وحتى لا يتأثر السكان بارتفاع الأسعار التي فرضت على القمح المباع للبلدان المستوردة للقمح، فهكذا تدعم بعض الحكومات المطاحن المحلية، ودون أي كلفة على السكان، ولا على مطاحنها المحلية.
وبين أن إسرائيل، كدولة مستوردة للقمح الأمريكي والروسي والأوكراني والأوروبي، تقوم بدعم قطاع المطاحن المحلية لديها، وكذالك دعم القطاع الزراعي دون أن تشارك الحكومة بدفع أي مبالغ من خزينة الدولة، وفي حال قيام إحدي الشركات الإسرائيلية الخاصة باستيراد الدقيق، يتم فرض ضريبة مضافة على الدقيق المستورد بقيمة 18% أسوة بالمطاحن المحلية التي تدفع ضريبة على إنتاجها واستيرادها من القمح، وتمنع من بيع الدقيق المستورد داخل إسرائيل، ويسمح لها بالبيع إما للضفة الغربية أو لقطاع غزة فقط، وذلك حماية للمطاحن الإسرائيلية.
وقال: "هذه أمثلة معمول بها في بعض دول العالم عن طرق الدعم الحكومي للمطاحن المحلية، وحتى طرق دعم المزارع المحلي، إذ يتم إلغاء قيمة الضريبة المضافة، ودون أن تتكلف خزينة الدولة أي خسارة، فتحافظ على منشآتها الصناعية والزراعية وتدعم استمرارية عملها".
ولفت أبو غالي إلى أن سبع مطاحن تعمل في قطاع غزة ويقدر إنتاجها من الدقيق، حال أن تعمل بكل قدرتها الإنتاجية، بما يزيد عن تلبية احتياجات سكان القطاع على الأقل بثلاثة أضعاف، ويعمل لديها أكثر من 250 عاملاً، ولكن هذا القطاع  دمر تماماً، وتم تسريح غالبية العاملين فيه منذ أكثر من عام.
وأضاف: "وجهنا للسلطة عدة مناشدات في الصحف المحلية للتدخل لإنقاذ المطاحن من الدقيق  المستورد، ومنه الدقيق الذي يتم إنتاجه فى مصر بأسعار وتكلفة أقل بكثير من قطاع غزة، حيث سعر الكهرباء والسولار والأيدي العاملة هناك رخيصة، كما لا توجد مقارنة بيننا وبينهم بالنسبة لضريبة 18% على عكس المطاحن المحلية التي تسدد هذه الضريبة مؤكداً أن منافسة الدقيق المستورد، أدى إلى إغلاق وشل أعمال غالبية المطاحن المحلية وتسريح العاملين فيها".
وأوضح أن الدقيق المصري يباع للمحلات التجارية والمخابز بسعر 95 شيكلاً وبسعر 100 شيكل للمستهلك، وسعر ربطة الخبز "50 رغيفاً" وزن 3 كيلو جرام بسبعة شواكل للمستهلك الفلسطيني، بينما الدقيق المحلي الذي يتم إنتاجه في قطاع غزة ويستورد القمح من موانئ إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم، ويسدد ضريبة مضافة بقيمة 18% للحكومة الفلسطينية، وتكلفته أعلى من تكلفة الدقيق المستورد، يباع للمخابز والمحلات بسعر 100 شيكل وللمستهلك بسعر 105 شواكل، وسعر ربطة الخبز وزن 3 كيلو بسبعة شواكل للمستهلك، وهذا أدى إلى توقف إنتاج المطاحن في غزه كلياً عن الإنتاج لانعدام المساواة في تكافؤ مبدأ التجارة الحرة، سيما وأن حكومة غزة السابقة لم تكن تفرض أي ضريبة على الدقيق المصري أو الدقيق الإسرائيلى أو التركى أو الأوكراني الوارد إلى قطاع غزة.
 واعتبر أنه بالنظر لسوق الضفة الغربية التي تعتمد بنسبة كبيرة على المطاحن الإسرائيلية في استهلاكها، فسعر شوال الدقيق 140 شيكلاً للمخابز والمحلات، وللمستهلك الفلسطيني 150 شيكلاً، وسعر ربطة الخبز المحدد من قبل وزاره الاقتصاد الفلسطيني في رام الله وزن 3 كيلوجرام 12 شيكلاً للمستهلك الفلسطيني.
وطالب أبو غالي وزارة الاقتصاد الوطني والحكومة الفلسطينية بالتدخل لحماية المنتج المحلي، والعمل على منع دخول الدقيق المستورد، خاصة الإسرائيلي في ظل حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية التي أطلقت بفعالية خلال العدوان على غزة، وعملت بها الكثير من دول العالم المناصر للحقوق الفلسطينية، حيث أن استمرار استيراد الدقيق من إسرائيل والخارج، يضر بالاقتصاد والمطاحن الصناعية، وبالنسبة للدقيق المستورد من دول الخارج، كمصر أو تركيا أو أوكرانيا، فلابد وأن تفرض الحكومة عليه رسوماً جمركية على كل طن من الدقيق، والأهم من ذلك أن المستهلك لن يتأثر كثيراً بأي تغيير في سعر الدقيق، ولا حتى في ربطة الخبز، وستكون الفائدة الحقيقة للحكومة الفلسطينية، وفي ذات الوقت تتمكن المطاحن المحلية من العودة مجدداً للعمل واستعادة العمال الذين تم تسريحهم.
وتساءل أبو غالي بقوله: "تقوم الآن العديد من دول العالم بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وتفرض حظراً عليها، وتمنعها من دخول أراضيها، فماذا فعلت السلطة الوطنية الفلسطينية من جهتها تجاه هذا الأمر؟"
وأشار أبو غالي إلى أنه ناشد، الأسبوع الماضي على صفحات الجرائد المحلية باسم جميع المطاحن العاملة في  قطاع غزة، رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله ونائبه وزير الاقتصاد، د محمد مصطفى، بالتدخل من أجل الحفاظ على استقرار الأمن الغذائي في القطاع عبر تمكين المطاحن من الاستمرار بعملها، أسوة بجميع دول العالم التي تحافظ على أمنها الغذائي من خلال تعزيز مخزونها الاستراتيجي من القمح الخام الذي بدأ ينفذ ليصبح قطاع غزة بلا مخزون.
 ولفت إلى أن مطاحن غزة تكبدت خسارة فادحة على مدار السنوات الماضية، حتى توقفت تماماً عن الإنتاج، لعدم قدرتها على منافسة الدقيق المستورد من دول العالم، وبالذات الدقيق الإسرائيلي، ما أدى لقطع أرزاق العاملين فيها وشل أعمال سبع مطاحن محلية تشكل حصن الأمان للأمن الغذائي الفلسطيني، محذراً من أن استمرار تدفق الدقيق الإسرائيلي والمستورد، ما يهدد بإغلاق باقي المطاحن المحلية بشكل عام، وبصفة خاصة مطاحن الشرق الأوسط التي تعتبر من أكبر المطاحن في فلسطين، حيث أن طاقتها الإنتاجية اليومية تبلغ 250 طن من الدقيق، والطاقة التخزينية تبلغ 18 ألف طن من القمح.
 وأوضح أبو غالي أن القدرة الإنتاجية للمطاحن، تراجعت منذ مطلع العام الحالي تراجعاً غير مسبوق في معدل إنتاجها للدقيق، بعد أن باتت جميعها تتنافس على إنتاج كمية محدودة من الدقيق لا تتجاوز 30% من إجمالي احتياجات قطاع غزة من هذه السلعة الغذائية الرئيسية، بسبب وقف وكالة الغوث تعاقداتها مع المطاحن المحلية، الأمر الذي حال دون تمكن البعض من هذه المطاحن من العمل بشكل يومي.
وبين أنه أكثر من مطحنة، باتت تعمل وفق نظام وردية العمل الواحدة في اليوم الذي تتمكن فيه من العمل، حيث أنها لم تعد تعمل بشكل يومي بعد أن فقدت كغيرها من مطاحن القطاع، تعاقدها مع وكالة الغوث "أونروا" منذ أن تعاقدت الأخيرة في نهاية العام الماضي مع شركات تركية وروسية لتوريد الدقيق الذي توزعه على الأسر المحتاجة في القطاع بدلاً من الدقيق الذي كانت تشتريه من مطاحن القطاع على مدار السنوات الماضية.
ولفت إلى أن العديد من مطاحن القطاع ارتبطت بتعاقدات مع "أونروا" منذ عدة سنوات، حيث كانت تزودها سنوياً بعشرات آلاف الأطنان من الدقيق، واستمر عملها مع "أونروا" حتى مطلع العام الحالي، حيث أنهت قسراً تعاقداتها بسبب استيراد أونروا الدقيق من الخارج بذريعة أن مطاحن القطاع لاتستطيع أن تورد لـ أونروا دقيقاً بفاتورة صفرية"غير شاملة لضريبة القيمة المضافة" ، ما يعني أن تتكفل المطاحن بتغطية ضريبة القيمة المضافة دون أن تتضمنها فاتورة مبيعاتها لـ"أونروا". 
ويذكر في هذا السياق أن "أونروا" استندت في قرارها القاضي بالحصول على فواتير صفرية لمشترياتها كافة إلى عجزها عن استعادة قيمة الضريبة المضافة لمشترياتها، حيث تقدر قيمة الضريبة المفترض أن تستردها الوكالة عن مشترياتها خلال السنوات الأخيرة الماضية بنحو 85 مليون دولار، عبارة عن إرجاعات ضريبية لم تستردها فعلياً.
ووصف أبو غالي أوضاع مطاحن القمح بالمأساوية، مشيراً إلى أن جميعها تعاني من تراجع حاد في نشاطها بعد أن توقفت عن توريد الدقيق لـ "أونروا"، مطالباً وزارة الاقتصاد بالعمل على تحديد سعر دقيق مطاحن قطاع غزة، وأن تعمل في ذات الوقت على وقف استيراد الدقيق الإسرائيلي والمصري والأوكراني لإتاحة المجال أمام مطاحن غزة لتسويق منتجاتها.
واعتبر أن لجوء الوكالة لاستيراد الدقيق من الخارج، يعد بمثابة قرار بإغلاق معظم مطاحن القطاع والاستغناء عن العاملين فيها، لافتاً إلى أن مطاحن القطاع كانت تورد للوكالة نحو 70% من إنتاجها، بينما يباع 30% من الإنتاج للسوق المحلية ما يعني بحسبه أنه بإمكان مطحنة واحدة أو اثنتين أن تزودا سوق القطاع باحتياجاته كاملة من الدقيق.