الثلاثاء  07 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أسباب استقالتي كمقرر أممي في الأراضي المحتلة

2016-01-15 11:13:07 AM
أسباب استقالتي كمقرر أممي في الأراضي المحتلة
مكاريم ويبيسونو

الحدث- وكالات

عقب تقديم إستقالتي كمقرر خاص للأمم المتحدة، بقيت غصة بداخلي، سببها عدم سماح إسرائيل لي، القيام بعملي في الأراضي المحتلة، وأكثر ما خلف وقعا في نفسي هو عدم تعاون السلطات الإسرائيلية معي ومع من لا يروق لها من مسؤولي الأمم المتحدة، وهذا الوضع يشير إلى أنَّ انتهاكات حقوق الإنسان الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ستستمر.

أعتقد أن جيل الشباب الفلسطيني، الذي نشأ وسط الاشتباكات والعنف، له كامل الحق في رسم مستقبل أفضل له. 
على مدى عام ونصف العام من أداء مهامي في الأراضي الفلسطينية، عايشت الضحايا الفلسطينيين، واستمعت لأقوال كل من مسؤولي السلطة الفلسطينية، والأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني الدولية والإسرائيلية والفلسطينية، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأنا بصراحة قلق من أن تتجه الأوضاع للانحدار نحو الأسوأ، قلقُ من الاعتقال الإداري الذي يتعرض له المواطنين الفلسطينيين بما فيهم الأطفال، وما يتعرضون له من معاملة، وأعمال بناء الجدار العازل وأثره في تقطيع أوصال المناطق الفلسطينية، والتقارير التي كنت أتلقاها عن استخدام السلطات الأمنية الإسرائيلية، للعنف المفرط، والحصار الطويل الذي يخضع له قطاع غزة، وما يشهده قطاع غزة من بطء في عملية إعادة الإعمار، بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تعرض لها قطاع غزة عام 2014، وانتهاكات إسرائيل خلالها لحقوق الإنسان، وعدم التزامها بقوانين الحرب الدولية، فهذا هو واقع حال الإنسان والمجتمع الفلسطيني، في ظل سياسة الاحتلال الإسرائيلي. 

شعرت بفخر كبير، عندما تم تعييني من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 2014 كمقرر خاص ، إلا إن قراري بالموافقة على تحمل هذه المسؤولية لم يكن سهلاً، ولو لا علمي بأني سألتقي بالمتضررين الفلسطينيين، ويكون لدي فرصة اللقاء بالشهود وجهاً لوجه، وبذلك سأرى بنفسي آثار الإحتلال، وأزورهم في مناطق تواجدهم، لكان قراري في إتجاه آخر. 

وعلى مدى مهنتي الدبلوماسية، عملت في مسؤوليات مختلفة من أجل إرساء حقوق الإنسان، وكنت أؤمن بأني سأتمكن من إجراء تغييرات إيجابية في حياة الفلسطينيين المتضررين جراء إنتهاكات حقوق الإنسان بفعل الأحتلال الإسرائيلي على مدى نحو نصف قرن، من خلال الوصول إلى المناطق التي تشهد إنتهاكات، وبأمل أن تتعامل إسرائيل معي بمستوى معين بسبب المسؤولية المنوطة لي، وإستخدام تلك المسؤولية بشكل مؤثر لتحقيق ذلك. 

ولكن للأسف فأن جميع المخاطبات الرسمية التي أجريتها مع إسرائيل عامي 2014 و2015 للوصول إلى المناطق المحتلة، لم يتم الرد على أي واحدة منها بشكل رسمي، وكما أن لقاءاتي مع ممثل إسرائيل الدائم في الأمم المتحدة في جنيف لم تسفر عن نتائج تذكر.

حتى وإن كان هذا الصراع مسيس إلى أبعد حدود، فإن الحياة الحقيقية للكثيرين تقع وسط هذا الصراع، وإن هناك حاجة أساسية للإمتثال للقانون الدولي ، بما فيه إحترام حقوق الإنسان. 

سأقدم تقريري الأخير إلى مجلس حقوق الإنسان في آذار/ مارس 2016، ولازلت آمل بأن إسرائيل ستُغير من موقفها تجاه المسؤول الأممي، وتتعاون معه، وتتخلى عن منع وصول الخبراء المستقلين إلى الأراضي المحتلة. 

إن ذلك ضروري من أجل سمعة إسرائيل في مجال حقوق الإنسان، ولا أعلم هل سيتحقق ذلك أم لا ومتى سيحقق، وبمعزل عن ذلك، إلا أن أملي الصادق أن يكون خَلَفي الذي سيعينه مجلس حقوق الإنسان لتحمل هذه المسؤولية المستقلة، صاحب صوت قوي ، يسهم في الحماية الفعالة من قبل المجتمع الدولي للشعب الفلسطيني القابع تحت الإحتلال. 

*من هو مكاريم ويبيسونو 
ولد مكاريم ويبيسونو عام 1947 في مدينة "ماتارام" الإندونيسية، وعُين عام 2014 مقرراً خاصاً للأمم المتحدة لأوضاع حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. شغل منصب الممثل الدائم لأندونيسيا في الأمم المتحدة في نيويورك في الأعوام (1997-2000)، وفي مكتب جنيف في الأعوام (2004-2007). وشغل منصب المدير التنفيذي لرابطة أمم جنوب شرق أسيا المعروف اختصاراً بـ"آسيان" في (2011-2014)، ورئيس قوة مهام مكافحة الإرهاب في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (2003-2004)، ومنذ 2009 ولغاية اليوم يعمل مستشاراً في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في إندونيسيا: جاكرتا. 
وقدم مكاريم ويبيسونو استقالته من منصبه كمقرر خاص للأمم المتحدة لأوضاع حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في 4 كانون الثاني/ يناير 2016، بسبب عرقلة إسرائيل جهوده في مساعدة الشعب الفلسطيني من خلال عدم إعطاءه الإذن للدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحلتة