الإثنين  29 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اتفاقية الشراكة الأوربية- الإسرائيلية وآليات إنفاذ الترتيبات التقنية المتعلقة بقواعد المنشأ

2014-09-09 12:50:51 AM
 اتفاقية الشراكة الأوربية- الإسرائيلية وآليات إنفاذ الترتيبات التقنية المتعلقة بقواعد المنشأ
صورة ارشيفية
تصدير منتجات المستوطنات إلى لأسواق الأوربية تمثل تحدياً خطيراً للاتحاد الأوربي
300 مليون دولار قيمة صادرات المستوطنات الإسرائيلية  لأوربا،  بينما الصادرات الفلسطينية 20 مليون دولار
9 مليارات دولار سنوياً خسائر إسرائيل من المقاطعة الأوربية
 
 

رام الله- الحدث/ خاص:

 

 يقدر المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، أن خسائر إسرائيل بسبب المقاطعة الأوربية تبلغ 31 مليار شيكل (8.6 مليار دولار)، ويرى مراقبون أن إلغاء اتفاق الشراكة الموقع مع الاتحاد الأوربي سيلحق بالصادرات الإسرائيلية أضراراً بقيمة 3,5 مليار شيكل سنوياً .
ويقدر حجم صادرات المستوطنات إلى الدول الأوربية بحوالي 300 مليون دولار سنوياً، بينما حجم صادرات السلطة الفلسطينية إلى هذه الدول تبلغ 20 مليون دولار سنوياً، وحجم صادرات إسرائيل إلى أوربا تبلغ 15 مليار دولار سنوياً، لذا يشعر الإسرائيليون بمخاوف شديدة من توسيع دول الاتحاد الأوربي حملة المقاطعة ضد إسرائيل.
لذلك كله سارعت حكومة الاحتلال الإسرائيلية إلى تخصيص مبلغ مئة مليون شيقل (نحو 30 مليون دولار) للقيام بحملة دعائية مضادة ومناهضة للشركات الأوربية والأميركية التي تعلن المقاطعة.
وكان خبراء اقتصاد توقعوا قبل بداية الحرب على غزة أن تكبد المقاطعة إسرائيل نحو نحو 9 مليارات دولار سنوياً، بعدما شرع الاتحاد الأوربي في مقاطعة المستوطنات وتمييز بضائعها منذ مطلع العام. إذ وتمثل قضية تصدير إسرائيل لمنتجات المستوطنات للأسواق الأوربية تحدياً خطيراً للاتحاد الأوربي.
ولكن إذا ما بقيت اتفاقية الشراكة الحالية بين الاتحاد الأوربي وإسرائيل وآليات إنفاذ الترتيبات التقنية فيما يتعلق بقواعد المنشأ كما هي عليه الآن، فسوف يكون من الصعب مواجهة مشكلة صادرات إسرائيل الاستيطانية، والتي تحظى بشكل غير شرعي بإعفاء من الرسوم في الاتحاد الأوربي.
 

الاتفاقية حبر على ورق

 

ويقول مدير الأبحاث في معهد الدراسات والسياسيات الاقتصادية "ماس" د. سمير عبد الله، إن اتفاقية الشراكة الأوربية الإسرائيلية، تنص على أن المنتجات الإسرائيلية تحظى بمعاملة تفضيلية، وطالما أن الاتحاد الأوربي لا يعترف بالمستوطنات الإسرائيلية القائمة في الضفة الغربية كجزء من أراضي إسرائيل، فإن كافة المنتجات القادمة من منتجات المستوطنات الإسرائيلية لا يجوز أن تحظى بالمعاملة الأفضلية. مبيناً أنه منذ 1995 مع التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة الجديدة بين الاتحاد الأوربي وإسرائيل تمت معاملة منتجات المستوطنات الإسرائيلية كما لو كانت منتجات إسرائيلية، وتلقت بشكل منهجي ودائم معاملة الافضلية.
وأكد أنه في عام 95 كانت هناك شكوك بأن إسرائيل قد تنتهك الاتفاقية وقواعد المنشأ والبرلمان، في ذلك الوقت أعرب عن رأيه بأنه لو تم إيجاد حل لهذه المشكلات للأسف لم يتم اتخاذ أي خطوات جدية في ذلك الحين والعقلية التي تبنتها المفوضية الأوربية لتعزيز قواعد المنشأ لم تكن فعالة، وتواصل سيل المنتجات الإسرائيلية من المستوطنات إلى داخل الأراضي الأوربية.
وقال: "بعد تلقي عدة شكاوى من الفلسطينيين والعرب والجانب الأوربي أيضاً، أخيراً قرر الاتحاد الأوربي أن يعيد التفاوض مع إسرائيل لوضع حد على الانتهاكات التي مست بالاتفاقية، وتم التوقيع على الاتفاقية الفنية بين الطرفين عام 95 أي بعد 10 سنوات من توقيع الاتفاقية الأصلية مع الاتحاد الأوربي".
 

تحايل عبر تمويه مواقع أو مقار الشركات الأصلية

 

وأكد د. عبد الله، أن الاتفاقية الفنية أثبتت أيضاً أنها ليست سوى حبر على ورق، فلم تضع حداً لانتهاك قواعد المنشأ، فالاتفاقية الفنية باختصار، أنه يجب أن يكون هناك شيفرة خاصة أو مفتاح تعريفي خاص على المنتجات الإسرائيلية، يختلف عن المفتاح الذي تعرف به منتجات المستوطنات، وبالتالي فإن العاملين في الجمارك الأوربية يستطيعون توقيف منتجات المستوطنات من خلال قراءة هذا الكود أو المفتاح.
ويرى، أن هذه الاتفاقية الفنية والتي لا نعرف مدى فعاليتها كانت ضعيفة جداً ومحدودة، وبالتالي: "كيف أن المنتجات الإسرائيلية كان يتم تهريبها داخل الأسواق الأوربية بوسيلة سهلة بخلق عنوان وهمي داخل نطاق الخط الأخضر، ويستخدم هذا العنوان، وبهذه الطريقة لا تكون مضطرة لدفع الرسوم الجمركية التي تطبق على المنتجات خارج منطقة الخط الأخضر.
وأشار إلى أنه في عام 2005 البرلمان الأوربي أعاد التشديد على الحاجة وأعطى تعليماته للمفوضية الأوربية لاتخاذ ما يلزم تجاه تلك الخروقات، لعدة سنوات كان الاتحاد الأوربي يتسامح مع انتهاك شروط المنشأ، وأولئك الذين يعرفون القانون التجاري في الاتحاد الأوربي منتهكة قواعد المنشأ هذا ليس له سبيل سابق، لأن الاتحاد الأوربي يطبق كافة اتفاقياته التجارية قلباً وقالباً.
وأكد، أنه منذ سنوات طويلة، تستمر إسرائيل في خرق نصوص اتفاقية الشراكة، وذلك بتصديرها لمنتجات المستوطنات مع تزوير المصدر، وذلك عن طريق وضع ملصقات تفيد أن هذه المنتجات قد تم إنتاجها في إسرائيل. ونتيجة لذلك تحظى منتجات المستوطنات بمعاملة تجارية تفضيلية عند دخولها إلى أسواق الاتحاد الأوربي.
 

تكشير الأنياب تجاه المستوطنات

 

وقال جون جات راتر، ممثل الاتحاد الأوربي في الضفة الغربية وقطاع غزة، إن البرلمان الأوربي أكد مؤخراً على أن الاتفاق الحالي الفني بين الاتحاد الأوربي وإسرائيل، لا يوفر آليات كافية للتدقيق والتمييز بين المنتجات التي يكون مصدرها إسرائيل والمنتجات الصادرة من المستعمرات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة. وقد احتمل الاتحاد الأوربي لسنوات عديدة الخروقات الإسرائيلية الممنهجة لاتفاق التجارة الحرة، وهو سلوك لم يسبق له مثيل في تاريخ العلاقات التجارية الدولية للاتحاد الأوربي. إن ممارسات التصدير الإسرائيلي وما تلاه من ردة فعل غير صارمة من الاتحاد الأوربي تهدد عملية "التراكم الثنائي والقطري" لقواعد المنشأ، والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من المبادرة الأورومتوسطية للتجارة الحرة.
ويجدد راتر، تأكيده على الموقف الأوربي الذي وصفه بالمبدأي والواضح فيما يتعلق بنشاط المستوطنات استناداً للقانون الدولي، وقال: "إنه موقف ليس جديداً بل هو قديم، ولكنه يعود إلى نقطة التركيز والحضور مؤخراً بسبب تنامي معدلات وسرعة نشاط المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67".
ويقر راتر، أن تحركات الاتحاد الأوربي الدبلوماسية فيما يتصل بالنشاط التجاري في المستوطنات على أهميتها، لكنها غير كافية وقال: "يجب أن ننظر بشكل أفضل حول كيفية التكشير عن أنيابنا بخصوص سياساتنا تجاه المستوطنات، عن طريق جعل كلماتنا أكثر حدة والانطلاق نحو التدابير، والتدابير عادة أكثر تعقيداً بالنسبة للاتحاد الأوربي، فلسنا دولة واحدة ذات سيادة، نحن مزيج من الدول الأعضاء، ولدينا مؤسسات فوق الوطنية ففي بروكسل توجد المفوضية الأوربية والبرلمان الأوربي وهي هيئة وهيكلية معقدة جداً، وهذا أحد الأسباب التي تجعل من الأسهل أن نعمل اتفاقية تقع على عاتق مختلف السلطات مثل اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، فهناك دور تؤديه الجمارك الوطنية وسلطات الجمارك الوطنية تتغير وتختلف من دولة إلى أخرى".
وعلى خلاف الدولة السيادية الواحدة التي تكون فيها متحكماً بكافة إجراءات الجمارك، فإن الأمر يصعب ويصبح أكثر تعقيداً في حال الاتحاد الأوربي، وبالتالي لا بد أن نكشر أكثر عن أنيابنا في سياساتنا تجاه منتجات المستوطنات، ولهذا أخذنا وقتاً أطول في هذه القضية لأن هناك حججاً واعتبارات سياسية يجب أن ننظر فيها، ويعتقد أنه بصدور هذا التصريح القوي جداً هو بحد ذاته انعكاس للإحباط المتزايد لدى معظم دول الاتحاد الأوربي حول تواصل انتهاكات إسرائيل لاتفاقية الشراكة التجارية.
 

اتفاقية الشراكة والتدابير التقنية

 

ويرى راتر، أنه إذا حدث تطوراً أكبر في عملية السلام، سيكون هناك تركيز أقل على مثل هذه القضايا، وإن كانت بحاجة للتشديد عليها، مؤكدً أن أحد الأسباب التي تدفع دول الاتحاد الأوربي للتركيز بشكل أكبر إلى منتجات المستوطنات ونشاطها، هو وجود هذا الفراغ في العلاقات بين إسرائيل وفلسطين وغياب عملية السلام.
وفيما يتعلق بمنتجات المستوطنات، قال راتر: "هنا يجب أن نكون واضحين تماماً، إننا لا نتحدث عن مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، بل نتحدث عن التنفيذ المناسب للتشريع القائم وبشكل أساسي تنفيذ اتفاقية الشراكة والتدابير التقنية، وهي ليست اتفاقية بل تدابير، وهذا له وضعه القانوني".
وشدد راتر، على أن الأمر يتعلق بالتطبيق السليم لقواعد المنشأ، التي سوف تخضع لأسباب مالية أو إدارية إلى ممارسات سيئة، وقال: "يجب أن نعترف أنه كانت هناك انتهاكات لعدة أسباب، فأولاً نتطلع إلى تعزيز كل من عملية وضع بطاقات التعريف على المنتجات، واعتبر أن هذا ضمن النطاق الوطني، ولكن ليس تشريعاً يمكن أن يسنه الاتحاد الأوربي".
ويعتقد راتر، أن بطاقة البيان للمنتج هي نصيحة يقدمونها للمستهلك على أساس طوعي، ومن المؤكد أن لها آثارها على منتجات المستوطنات فيما لو يتم تدليسها حيث: "شاهدت بنفسي منتجات مصدرها المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبشكل أساسي في الضفة الغربية"، وبالتالي هذا يسمح للمستهلكين بأن يتخذوا قراراً مدروساً من منتجات المستوطنات".
 

نشر العلامات التجارية لمنتجات المستوطنات

 

وشدد راتر، على أهمية وجود شهادات البطاقات التعريفية الخاصة بالأغذية، والتي يجب أن تحمل بيانات صحيحة  ضمن التدابير الفنية لإعطاء تركيز أكثر على منتجات المستوطنات، ويقر راتر بقوله: "نحاول تعزيز هذه التدابير الفنية لأننا نقر بأنه كان هناك تقصير في التنفيذ".
وأشار إلى أن بعض الطرق التي يبحث فيها الاتحاد الأوربي لتعزيز الرقابة، هو نشر العلامات التجارية الموضوعة على البطاقات التعريفية لمنتجات المستوطنات، وذلك لجعل تنفيذ هذه الإرشادات أقوى وأكثر شفافية، "هذا هو موقفنا السياسي والتشريعي وهذا ما نقوم به".
وأكد راتر، أن منتجات المستوطنات التي تخضع للبطاقات التعريفية الصحيحة لا تتلق معاملة الأفضلية إذا كانت بطاقتها التعريفية تشير بوضوح قدومها من المستوطنات. وقال: "إن قضية البطاقة التعريفية قضية مختلفة تماماً، فهي محاولة أخرى لجعل التدابير على الجانب الأوربي غير مجدية في عدم حمل إسرائيل على تغيير ممارساتها، والبطاقات التعريفية لم تفعل سوى تأجيج غضب المنظمات غير الحكومية التي بدأت تطالب حكوماتها بممارسة ضغط كبير وبشكل خاص بريطانيا التي أولت اهتماماً أكبر بالبطاقات التعريفية.
وقال: "يجب أن نبقي عيوننا مفتوحة على التطورات التي تؤدي إلى التزام إسرائيل وتعديل ممارساتها الخاصة بدءاً بمستوى متدنٍ جداً للامتثال للقانون الإنساني الدولي، إن هذه هي الطريقة التي سوف تترك جزءاً كبيراً من صنع القرار والحوار في يد الأوربيين إذا ما كانت المنتجات الإسرائيلية من المستوطنات أم لا بعد وضع البطاقات التعريفية، مؤكداً أن جزءاً كبيراً من المشاكل سيتم حله إذا قامت المستوطنات بوضع بطاقة تعريفية حقيقية خاصة بمنشأ منتجاتها وبضاعتها.
وأكد راتر، أن الاتحاد الأوربي يميز في مجال المنتجات الغذائية، إذ أنه يشدد على أن يكون عليها بطاقات تعريفية واضحة المنشأ. ويعتقد أن وضع البطاقات التعريفية على منتجات المستوطنات وضع حداً لما تمارسه إسرائيل في إطارها القانوني الذي يحدد وضع الأرض المحتلة على أنه أمر يمكن أن تمارس سيطرتها عليه، ويمكنها أن تدفع مواطنيها للاستقرار فيه وفي نفس الوقت تنكر على الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير.
 

حمل إسرائيل على تعديل ممارساتها

 

ويلخص راتر، المشكلة في القدرة على حمل إسرائيل على تعديل ممارساتها في علاقاتها واتفاقياتها التجارية مع بلدان الاتحاد الأوربي منوهاً إلى أن لعبة القوة ضد إسرائيل ليست مجدية، ولكن يمكن للاتحاد الأوربي استخدام بطاقته الأخيرة وهي القانون بإرغام إسرائيل على التمييز بين المنتجات الإسرائيلية ومنتجات المستوطنات من خلال علامات فارقة يجب أن تحتويها بطاقات البيان، وهذا ما يجب أن تقوم إسرائيل بتعديل ممارساتها وتكييفها مع قواعد القانون الدولي، ويجب على جهة ما أن توقف خروقات إسرائيل الدائمة، وعلى إسرائيل أن تميز بين الأراضي المحتلة وأرض إسرائيل في كل اتفاقياتها.
وأكد راتر، أنه لا يمكن للاتحاد الأوربي أن يعترف بنشاط إسرائيل أو السلطات الإسرائيلية بموجب القوانين المحلية الإسرائيلية التي تطبقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكداً أن لدى الاتحاد الأوربي إرادة كافية بموجب الاختصاص المكاني لتطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأراضي المحتلة عام 67، وأن كل ما تمارسه السلطات الإسرائيلية من سلطتها في المناطق المحتلة يعتبر انتهاكا للقوانين الدولية.
وقال راتر، على إسرائيل أن تبني إدارتها الخاصة داخل الخط الأخضر، وعليها أيضاً أن تنظم أنظمة تطبيق البيانات بحيث تستطيع التمييز بين ما تنتجه داخل الخط الأخضر وبين ما تنتجه المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 67، وعليه "إسرائيل" تدخل قواعد القانون الدولي العام على قوانينها المحلية وتسقطه على ممارساتها.
وحقيقة الأمر على الاتحاد الأوربي أن يدافع عن مصالحه الخاصة من خلال إصراره في كافة التزاماته أنه على إسرائيل أن تكيف نفسها مع احتياجاته لضمان قدرته على تطبيق قوانينه، وهذا يعني أن على إسرائيل أن تمييز بين الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، ليس فقط لأن القانون الدولي يطالبهم بذلك، وإنما لأنه لا يمكن أن نعقد اتفاقية مع إسرائيل لتقوم بتطبيق أنظمتها الوطنية.
 

الأوربيون أعطوا إسرائيل الحق لتنفيذ اتفاقيتي الشراكة والمنشأ بما يتماشى مع قوانينها

 

أما تشارلز شماس، الشريك الرئيسي في مجموعة "ماتين" لحقوق الإنسان، فقال إن المفوضية الأوربية التي تحولت إلى اتحاد فيما بعد عام 96، لم يكن لديها أي تشريع يتطلب منها عدم إعطاء معاملة أفضلية للمنتجات الصادرة من المستوطنات، وفي واقع الأمر لجعل منتجات الأراضي المحتلة تحظى بمعاملة المنتجات الإسرائيلية، وفي الحقيقة أنه منذ أبرم الاتحاد الأوربي اتفاقيته مع إسرائيل، فإنه أعطاها الحق لتنفيذ اتفاقيتي الشراكة والمنشأ بما يتماشى مع قوانين إسرائيل الوطنية، وغيرها تنص صراحة، "إننا نتطلع إلى التعاون الإداري وسيتم تنفيذ هذا التعاون الإداري بما يتماشى مع التشريعات الوطنية التي يسنها الطرفان، وهذا هو منشأ المشكلة الأساسية هو التشريع الوطني لإسرائيل".
ويشير إلى أن التشريع الأساسي الإسرائيلي منذ عام 84، يشدد على أن إسرائيل تشمل كل فلسطين الانتدابية وأن قوات الدفاع الإسرائيلية تدافع عن أي جزء في فلسطين الانتدابية، وأن وزارة الدفاع تدافع عن تلك المنطقة وبالتالي فإن قانون إسرائيل ينطبق على تلك الأراضي.
وقال: "إن هذا تشريعاً أساسياً في دولة إسرائيل، وهذا يلزم سلطاتها القضائية والتشريعية وسير العمل التجاري أيضاً، وقد أبرم الاتحاد الأوربي اتفاقية مع إسرائيل وتغاض عن حقيقة أن إسرائيل كان عليها أن تطبق هذه الاتفاقية بما يتماشى مع تشريعاتها الوطنية، ولم تستطيع الاعتراف بأن أرض إسرائيل لا تشمل أي جزء من الأراضي المحتلة".
ويوضح أنه في ذاك التشريع الوطني وسلطة إسرائيل السيادية لجعل أي جزء من فلسطين الانتدابية جزءاً من المناطق الخاضعة لقانونها في أي جزء منها، سواء في الضفة الغربية أو تحت قانونها البلدي، وتطبق القانون البلدي الذي سنه الكنيست عليها، وبالتالي فإن هذا هو الإطار القانوني الأساسي الإسرائيلي.
ويؤكد شماس، من هنا تأتي المشكلة، عندما يتم إبرام الاتفاقيات فإن هذا يعطي إسرائيل حق تطبيق تلك القوانين التي تعتبر الأراضي المحتلة جزءاً منها.
 

الجانب القانوني لاتفاقية الشراكة

 

وأوضح أن قرار المحكمة الأوربية أخذ بالاعتبار كلاً من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوربي وإسرائيل من جهة، والاتحاد الأوربي ومنظمة التحرير الفلسطينية من جهة أخرى في الاعتبار، "لا يحق لمنتجات المستوطنات الإسرائيلية الاستفادة من المعاملة التفضيلية بموجب اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوربي وإسرائيل".
 الحكم الصادر عن محكمة العدل الأوربية، وهي أعلى هيئة قضائية في الاتحاد الأوربي، أكد أيضاً على أن الدول الأوربية لا يجب أن تخضع للوضع الراهن الذي أوجدته المستوطنات الإسرائيلية، وبذلك يجب ألا تحظى منتجات هذه المستوطنات بمعاملة تفضيلية جمركية في دول الاتحاد الأوربي.
 

الحل الوحيد هو البدء بمطالبة إسرائيل تطبيق قانون المنشأ

 

وأشار إلى أنه في الماضي، قبل عام 96، لم يكن هناك أي تشريع أوربي، ما أوجد مشكلة بالنسبة للاتحاد الأوربي بسبب قدرة إسرائيل على تنفيذ قوانينها الوطنية محلياً، وبذلك يكون الاتحاد الأوربي قد سمح لإسرائيل بتطبيق الاتفاقية بالطريقة التي تقوم بها، وفي عام 86 كان هناك لائحة صادرة عن المجلس الأوربي وضعت نظاماً للأفضلية للاستيراد من الأراضي المحتلة، وفصلت بين الأرض المحتلة وإسرائيل، وأنشأ القاعدة القانونية في قانون الاتحاد الأوربي بحيث يمكن الاتحاد الأوربي التعبير عن موقفه عن أن اتفاقية التجارة والشراكة الأوربية الإسرائيلية لا يجوز أن تطبقها إسرائيل على أي جزء من الأراضي المحتلة.
ويلخص شماس المشكلة في أنها كانت كيف تحمل إسرائيل على تطبيق التزامها مع الاتحاد الأوربي فيما يتعلق باتفاقية التجارة وغيرها بطريقة تتماشى مع القانون الدولي، يعني كيف يمكن حمل إسرائيل على طريقة تسييرها للعلاقة ووقف إصدارها لقواعد المنشأ المختلفة للمستوطنات وتوقفها عن معاملة الأرض المحتلة على أنها جزء من أرض إسرائيل.
ويرى شماس أنه ربما السياسيين قد قرروا أن يكونوا متشددين مع إسرائيل فيما يتعلق بمنتجات المستوطنات وقواعد المنشأ، ولكن في واقع الأمر فقد أثيرت هذه القضية عام 95 وبضع دول مثل البريطانيين والإيرلنديين في ذلك الوقت قالوا إن هذه الفكرة جيدة لأن نكون متشددين مع إسرائيل. بحلول 98 أرسلت المفوضية رسالة إلى المجلس الأوربي وأوقفت ألمانيا الاعتراف بهذا التبادل، وبعد سنوات أبعدت ألمانيا نفسها عن الاجتماعات الأساسية، وقبل تسيير هذه الوثيقة في الاتحاد الأوربي وكانت هذه المراسلات التي تجري أن حقيقة أمر إسرائيل بوجود مؤشرات عن استيراد بعض منتجات المستوطنات بشكل أفضلية داخل الاتحاد الأوربي وهذا يتنافى مع الاتفاقية.
وقال شماس": "كان هناك تساؤل حول ضرورة إرسال بعثة تقصي حقائق وكان هناك مؤشرات تعززت وأثبتت، فيجب أن توضع إسرائيل على قدر المساءلة لانتهاكات تلك القواعد المتعلقة بمعاملة الأفضلية المنصوص عليها في الاتفاقية، وعندما لم يكن بالامكان تطبيق التشريع داخل الاتحاد الأوربي بشكل مناسب، كان الصراع هل تحاولون حل النزاع داخلياً أو تجعلون إسرائيل تعدل من ممارساتها، وتقوم بتغيير مسار عملها بموجب قوانينها الوطنية، بحيث تغير ممارساتها بنفسها".
وهذا ما يحاول السياسيون والدبلوماسيون حمل إسرائيل على العمل به، ولكن يبدو أن الحالة الملحة أمام الاتحاد الأوربي لتطبيق تشريعها بشكل مناسب كاف لدفع الاتحاد الأوربي لمطالباته إسرائيل لكي تجعل ممارساتها الخاصة في علاقتها مع الاتحاد الأوربي ممتثلة للقانون الدولي الذي رفضت إسرائيل الامتثال له بسبب تعارضه مع قوانينها الوطنية.
إن الحل الوحيد هو البدء بمطالبة إسرائيل تطبيق قانون المنشأ والاعتراف بحدود دولة إسرائيل والأراضي المحتلة لا تدخل ضمن هذا التعريف، والأمر لا ينطبق فقط على منتجات المستوطنات، بل على  9 مجالات أخرى فهناك التزامات أوربية إسرائيلية تخضع حالياً للمراجعة بسبب قلق الأوربيين من انتهاك الاتفاقية وانتشار المستوطنات، اضافة إلى انهم غير قادرون على التوصل للتوافق فيما بينهم لاتخاذ أي تدابير بناء على سيادتهم السياسية.
 

إسرائيل قوية والاتحاد الأوربي ما زال غير متحد

 

ويؤكد شماس، على أنها المرة الأولى في تاريخ الاتحاد الأوربي وعلاقته مع إسرائيل بان تتوجه دول الاتحاد الأوربي الآن إلى إسرائيل لتطالبها باحترام احتياجات الأوربيين، ولتطبق التشريع بشكل صحيح، وقد اتخذت التدابير الفنية الناتجة عن محاولات مؤلمة كثيرة فشلت، عندما قام الاتحاد الأوربي والمفوضية بشكل خاص بالإقرار بوجود انتهاك للقانون الأوربي بحصول منتجات المستوطنات على معاملة الأفضلية منذ عام 88 وحتى عام 2000.
في حين حاولت المفوضية الأوربية التبرير التي قالت "لا يمكننا وضع حد لهذه الانتهاكات بدون تعاون إسرائيل، في حين أنه يمكن للجمارك الأوربية وضع حد لهذه الانتهاكات دون التعاون مع إسرائيل، لكن فشلت كل المحاولات، كان عليهم أن يعدلوا التشريعات الأوربية بطرق أساسية.
 

التدابير الفنية غير ملزمة

 

وبما أـن التدابير الفنية غير ملزمة قانوناً، فإن الطريقة الوحيدة التي تجعلها تنجح هو أن يقوم المسؤولون في الجمارك يتطبيق قواعد المنشأ والاطلاع على بطاقات تعريف المنتجات ومقارنتها مع تلك الصادرة عن المستوطنات وتقرر إذا ما وجدت أي مفتاح من مفاتيح المستوطنات.
ولكن هذا أمراً غير كفؤ وتكاليف إدارية كبيرة وعبء كبير، لأن هذه التدابير الفنية لا يمكن أن تكون كفؤة ويمكن الاعتماد عليها، وهذه آخر محاولة قام بها الاتحاد الأوربي بأن تعتمد بشكل حصري على نشاطها الأحادي لوضع حد لانتهاكات القانون بعد إبرام الاتفاقية مع إسرائيل.
ويرى شماس أن الخطوة المهمة، هي تلك التي قام بها الاتحاد الأوربي بالاعتراف أمام نفسه بأن يطلب من إسرائيل تعديل ممارساتها الخاصة لتمييز المنتجات بالطريقة التي تسمح للاتحاد الأوربي بتمييزها داخلياً وهذه الاتفاقية التي يتم بها إبرام الاتفاقية، فكل اتفاقية تنشأ اعتماداً من طرف على آخر ويجب على كلا الأطراف احترام هذه الاعتمادية المتبادلة.
وقال: "إن هذا ليس هدفاً سياسياً، بل أوجبه انتهاك القانون وتبين أنه مناسب من الناحية السياسية لأن كل محاولة من الاتحاد الأوربي لمقاومة القانون وضعته في وقت أصبح الآن محرجاً جداً بحيث بدأ وزراء الخارجية يقلقون الآن بشأن تشرذم عملية السلام بالكامل.
 

وبقي القول أنه فيما لو بقيت اتفاقية الشراكة الحالية بين الاتحاد الأوربي وإسرائيل وآليات إنفاذ الترتيبات التقنية فيما يتعلق بقواعد المنشأ كما هي عليه الآن، فسوف يكون من الصعب مواجهة مشكلة صادرات إسرائيل الاستيطانية، والتي تحظى بشكل غير شرعي بإعفاء من الرسوم في الاتحاد الأوربي.