الخميس  27 تشرين الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عائلة صب لبن: 38 عاما في المحاكم الإسرائيلية دفاعاً عن منزلنا في القدس

2017-01-29 04:39:32 PM
عائلة صب لبن: 38 عاما في المحاكم الإسرائيلية دفاعاً عن منزلنا في القدس
عائلة صب لبن ( أرشيف)

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

"ألتقط صوراً لكل زاوية من المنزل، وهل سيأتي اليوم الذي نخرج منه قسراً وبيد مستوطن؟ "

 

تلك الصور التي التقطتها المواطنة المقدسية نورا صب لبن (60) عاماً لمنزلها الواقع في عقبة الخالدية داخل البلدة القديمة في القدس المحتلة وعلى بعد أمتار من المسجد الأقصى تروي حكاية صمود في وجه الاستيطان منذ عام 1967م، حينها قد خطت أولى فصول معاناة عائلة صب لبن مع الاحتلال الإسرائيلي، والذي يحاول بشتى الطرق طرد العائلة من منزلها الذي يمتد على مساحة لا تتجاوز 70 متراً، وقد حصلت عليه العائلة عام 1953م وفي عهد الحكومة الأردنية.

 

قالت صب لبن : "المنزل يقع داخل بؤرة استيطانية، وانا محاطة بالمستوطنين من كل جانب، فنحن العائلة العربية الوحيدة التي تسكن في تلك المنطقة، فنحن دائما مهددون بالخطر، ولا أعلم متى سيكون اخر يوم لي في هذا المنزل ".

 

 وأضافت: "فوق منزلي هناك "كنيس"  أي معبد يهودي وهو ملازق للمنزل، ويحاول المستوطنين وما زالوا طردنا من منزلنا، وذلك لضم البيت إلى الكنيس، وهذه سياسة تهويدية للقدس ولابنائها، ولكن نحن صامدون".

 

وفي حرقة، قالت صب لبن لـ "الحدث": "في كل زاوية من المنزل أشتم رائحة عائلتي، وهنا ولدت وترعرعت، وربيت ابنائي وأحفادي، حتى أن أمي توفيت في هذا المنزل، غير أن اخي أيضا قد خرج منه وعاد بعد 20 عاماً دون أن يدخل البيت وانما شيع جثمانه في المسجد الأقصى ودفن بالقدس ".

 

وهنا تستوقفك روح أخيها الراحل حينما حاول الجانب الإسرائيلي منعه من دخول الأراضي الفلسطينية بعد زواج اخته نورا بشهرين تقريباً، لاسميا وأن العائلة حاولت عدة مرات عمل لم شمل للعائلة وادخاله إلى القدس، ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل وقد دخل القدس محملاً على الأكتاف.

 

المنزل دون الأبناء

 

"10 سنوات سنجلس بالمنزل دون الأبناء وبعدها يسلم مفتاحه ليد مستوطن، شعور لا يوصف ". لم تجد الأم نورا صب لبن كلمات لوصف القرار الصادر عن المحكمة الإسرائيلية وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، والقاضي بالسماح لنورا وزوجها مصطفى فقط بالبقاء في المنزل ولمدة لا تتجاوز 10 سنوات، دون تواجد الأبناء الثلاثة، غير أن ابنها أحمد متزوج ولديه طفلين، وبهذا فإن البيت وفق القرار الإسرائيلي لن يحتضن 6 أفراد من ذات العائلة وسوف يقتصر الأمر على الوالدين فقط، فكيف سيحرم الأبناء من احتضان الأم والأب في كل صباح ؟

 

وفي ذات السياق، قالت صب لبن: "اعتبر هذا القرار انتصاراً لنا، فإن الخروج من المنزل بعد 10 سنوات، أفضل من 3 أشهر كما قرر إسرائيليا من ذي قبل ".

 

وأضافت: "لقد قدمنا مجدداً اعتراضاً الى المحكمة الإسرائيلية تجاه القرار القاضي بمنع ابنائي من السكن معي داخل المنزل، وقد قام المحامي الموكل عن القضية برفع المطلب العائلي ونحن ننتظر قرار المحكمة لحتى هذه اللحظة ".

 

وذكرت الوالدة خلال اتصال هاتفي لـ "الحدث": "قبل شهر تقريباً، تم تقديم استئناف بحق القرار الإسرائيلي بابقائي فقط انا زوجي في المنزل ولكن رفض هذا الاستئناف، ومن ثم نقل الاستئناف إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، وحصلنا على القرار الأول وكان يتضمن ابقائي في المنزل لوحدي مدى الحياة، وبالمقابل أن يحصل المستوطنون على المخزن وهي اسفل المنزل حيث تصل مساحته عشرين متراً مربعاً، حيث نستخدمه لتخزين مقتنياتنا وذكرياتنا القديمة ".

 

أضافت : "ولكن هذا القرار قد واجهه معارضة من المستوطنين أنفسهم ومن يحيطون بي، وكيف أحصل على المنزل مدى الحياة وهم يحصلون على المخزن فقط، فقد أثار القرار غضب المستوطنين، وطالبوا بوضعي في المخزن لوحدي ".

 

وأكملت حديثها: "بعد يومين ودون انعقاد جلسة اخرى، فقد حصلنا على القرار الذي يقضي ببقائي أنا وزوجي في المنزل، وأن يحول المخزن إلى المستوطنين، وفي البداية تم اعطائي قرار بأن أسكن لوحدي في المخزن ومساحته صغيره وفيه شباك فقط ".

 

" 38عاما ولم أمل من المحاكم"

 

لم تمل قدمي المواطنة المقدسية نورا صب لبن من دخول جلسات المحكمة الإسرائيلية للمطالبة بحقها وحق ابنائها في منزلها الواقع داخل البلدة القديمة، وهي في المقابل تواجه بشكل يومي وعلى مدار سنوات طويلة اعتداءات متكررة ومحاولات لطردها من منزلها بحجة أن ملكية المنزل تعود إلى عائلة يهودية.

 

قالت صب لبن : "38 عاماً ولم أمل من المحاكم الإسرائيلية، حتى أنني كنت ادخل الجلسة وأنا حامل بطفلي، وكنت بالمقابل أضع اطفالي عند أحد الجيران الفلسطينيين وكنت اشعر بالخوف والقلق تجاه ما يقوم به المستوطنون تجاه ابنائي فقد كانوا يرشقونهم برشاش الفلفل على وجوههم ".

 

وأضافت : "غير أنني محرومة من رؤية الجيران، وقد تم وضع أكثر المستوطنين عنصرية في تلك البؤرة الاستيطانية التي أمكث بها، فهم يشعروننا بالخوف، ورغم ذلك نحن صامدون وسنحافظ على المنزل ".

 

جولة في المحاكم

 

رفعت قضية ضد العائلة المقدسية صب لبن في محاولة لطردها من المنزل عام 1978م، حيث قام برفع هذه القضية ما يسمى انذاك بـ " حارس الأملاك العامة"، وما تزال القضية في المحاكم من ذاك الوقت حتى يومنا هذا .

 

وقد دخلت العائلة في صراع فعلي مع الجانب الإسرائيلي والمستوطنين في المحاكم، وقد خاضت سبع معارك قضائية ومنها عام 2000 حيث كسبت العائلة القضية وبقيت في المنزل.

 

إلا وانه في عام 2010 فقد انقلبت الأحوال بشكل جذري، وقد تم تحويل العقار حسب ما ذكرت نورا صب لبن لـ "الحدث" إلى جمعية " عطيرت كوهنيم " الاستيطانية، وقد وقعت بذلك مسؤولية المنزل بقبضة المستوطنين، وبدء رفع القضايا ضد العائلة ومطالبتهم بالرحيل.

 

الجمعيات الاستيطانية وحسب ما ذكرت العائلة حاولت بإخلاء العائلة من المنزل وبالقوة وعلى مدار ثلاث مرات متتالية، وقد كانت شرطة الاحتلال الإسرائيلي ترافق المستوطنين في ارتكاب هذا الفعل وحرس الحدود كذلك.

 

وقالت صب لبن : "في عام 2013 حصلنا على قرار باخلاء المنزل، وقمنا باستئناف الحكم في المحكمة ولكن خسرنا هذه الخطوة، وقد رفع الاستئناف إلى المحكمة العليا، ومن هذه اللحظة ننتظر القرار ".

 

لم تكن عائلة صب لبن وحدها من تواجه خطر الإخلاء قسراً ومن منازلها في القدس وداخل البلدة القديمة، وعلى خلفية قضايا تم رفعها من قبل المستوطنين أو الجمعيات استيطانية فهنالك 10 بيوت اخرى محيطة بالمنطقة حسب ما ذكرت نورا صب لبن هي مهددة بالاخلاء أيضاً غير وأنه وحسب معطيات قدمها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)،" يواجه ما لا يقل عن 180 عائلة فلسطينية مقدسية خطر الإخلاء قسرا من منازلها".

 

" الشرطة تأتي عند دق المسمار"

 

بجانب الصراع القضائي وكثرة الجلسات لاحقاق الحق والذي تحارب من أجله عائلة صب لبن وضد المزاعم الإستيطانية، فقد قامت الحكومة الإسرائيلية بممارسة الضغوطات على العائلة بهدف ترحيلها ومنها منع الترميم أو اصلاح عطب قد أصاب الجدار منذ النشأة، حيث قام أيضا المستوطنين في وقت سابق بإغلاق مدخل منزل عائلة صب لبن.

 

وقالت نورا صب لبن لـ "الحدث": "الشرطة الإسرائيلية تأتي مسرعة اذا قمت بدق المسمار في الحائط، فقد منع الترميم والتصليح، حتى أننا محرومون من الخصوصية في المنزل، فأنا دائما أرتدي الحجاب داخل المنزل، وبالرغم من هذه المحاولات والمضايقات فنحن صامدون " .

 

إذا وقد تكون الملامح قد رسمت منذ عام 1948 حيث هجر الفلسطيني قسرا من منزله ليصبح لاجئا متنقلا بين الدول، فكيف سيكون الحال عندما سيهجر مرة اخرى من منزله الاخر الذي حفظ ملامحه من جديد، واستنشق فيه رائحة والديه، وتربى بين زقاقه وبلداته القديمة.