الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

احمد جرار أيقونة الشعب الفلسطيني بكل أطيافه

2018-02-07 05:16:00 AM
احمد جرار أيقونة الشعب الفلسطيني بكل أطيافه
الشهيد أحمد جرار

الحدث – رائد ابوبكر

 

"الحمد لله... حسبي الله فيهم وبأعوانهم... صبر جميل والله المستعان... اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها" كلمات كانت ترددها ختام جرار ام صهيب والدة الشهيد احمد نصر جرار وهي تستقبل المهنئات على استشهاد نجلها، كانت تقول للنساء "لا تقدموا لي العزاء بل هنئوني على ارتقاء احمد شهيدا"، وتستطرد قائلة، " احمد ابن فلسطين وليس ابني وحدي، ونحن من الصابرين بإذن الله، لقد صبرت على استشهاد زوجي نصر وسأصبر على استشهاد ابني".

بكل جلد وصبر استقبلت نبأ استشهاد ابنها، وقالت "ليس سهلا فقد عزيز على القلب، لقد نال احمد ما يريد وهي الشهادة، فهو سلك هذا الطريق مؤمنا اننا في دار ابتلاء وذهب الى دار الخلود حيث الجنة".

 

كيف أيقنت انه استشهد؟

تقول ختام، "عندما وصلني خبر استشهاد احمد لم اصدق في البداية، حتى جاؤوا بملابسه وخاصة البلوزة التي اشتريتها له مؤخرا، وبالمصحف ايضا الذي أهداه له والده قبل استشهاده بأسبوع عام 2002، وكانت رصاصة اخترقت المصحف هناك أيقنت أن احمد ارتقى شهيدا ولحق بوالده"، وتابعت، "رأيت الصورة التي نشرها الاعلام العبري وهو ملطخ بدمائه الزكيه وشككت فيها لان لحية من في الصورة سوداء بينما لحية احمد شقراء، لكن وبعد التركيز تبين ان ما يحيط برقبته لفحة سوداء ليقي نفسه من البرد".

وأضافت، "آخر مرة رأيته فيها عندما داهم الاحتلال المنزل أول مرة، قبل وصول الجيش بساعه، حضنته بشدة وكان قلبي يقول أنها الحضنه الأخيرة وكان احمد مستغربا مما فعلت وطلبت منه ان لا يتأخر عني، وبعد ذلك سمعت صوت رصاص وعلمت ان الاحتلال حاصر المنزل يريد احمد، خرجت ومعي ابنتي وابني ورأيت جثمان ملقى فافتكرته ابني احمد لكن تبين فيما بعد انه لابن عمه احمد اسماعيل، ومنذ ذلك الوقت لم ارى احمد وها هو قد احتجز جثمانه".

وعن احمد وحياته قالت والدته، "كان ملتزما وخلوقا يحبه الناس، وهذا فضل من الله، ولم اعرف عن ابني سوى كونه ساعيا بين عمله الحالي والبحث عن عمل يتلاءم مجال تخصصه، وكان يتصرف بشكل اعتيادي جدا ولم اشعر يوما انه ناشط سياسي".

احمد تخرج قبل اربع سنوات من الجامعة العربية الامريكية تخصص ادارة مستشفيات، يكسب قوت يومه من التجارة ولم يعثر على وظيفة تناسب مؤهلاته الجامعية، وهو ابن الشهيد نصر جرار الذي اغتاله الاحتلال عام 2002 وكان يطارده لسنوات عده رغم اعاقته، حتى ارتقى شهيدا في طوباس بعد محاصرة احدى المنازل التي كان يتحصن فيها.

 

 

كيف توصل الاحتلال إلى أحمد؟

الاحتلال يتهم احمد جرار انه وراء عملية اطلاق النار على الحاخام رازيئيل شيفاح وقتله بالقرب من نابلس في التاسع من الشهر الماضي، وتتبع تحركاته قبل الاعلان عن اسمه عبر كاميرات المراقبة المنصوبة على طول الطريق الواصل بين محافظتي نابلس وجنين وايضا الكاميرات المنصوبة على طول الخط الغربي من محافظة جنين، وصولا الى العثور على مركبة محروقة ادعى الاحتلال انها استخدمت في العملية المذكورة.

 وفي الثامن عشر من الشهر الماضي حاصر الاحتلال منزله في مدينة جنين شاركت فيها  وحدة اليمام التابعة لشرطة الاحتلال، استشهد خلال هذه العملية احمد اسماعيل جرار واصيب عنصرين من الوحدة، واطلق الاعلام العبري وقتها اشاعه استشهاد احمد نصر جرار، لتبدأ بعدها عملية المطاردة التي استمرت مدة شهر، فشل خلالها الاحتلال عدة مرات في اعتقاله واغتياله.

فقد تم اقتحام بلدات وقرى برقين والكفير واستشهد في احدى العمليات الفاشلة الشاب احمد سمير ابو عبيد ابن مدينة جنين خلال المواجهات التي اندلعت في واد برقين، واعتقل الاحتلال خلال عملية المطاردة اكثر من 70 مواطنا، نكل بالمعتقلين واعتدى عليهم بالضرب واستخدم الكلاب البوليسية التي هاجمت ثلاثة مواطنين ونهشت لحمهم.

ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل استخدم الاحتلال كافة الوسائل الاستخبارية من عملاء ووحدات خاصة اسرائيلية كانت تستخدم مركبات تحمل لوحة ترخيص فلسطينية تجوب شوارع مدينة جنين والتجمعات السكانية القريبة منها، بالاضافة الى المروحيات وطائرات الاستطلاع وصولا الى يوم الثالث من شهر شباط في عملية معقده قال عنها جيش الاحتلال بمطاردته من بلدات برقين الى السيلة الحارثية وانتهاء باليامون حيث تم محاصرته في مبنى سكني مهجور، اشتبك احمد مع جيش مدجج بترسانة عسكرية واسلحة متطورة وواجههم ببندقية ام 16 وعدد من القنابل اليدوية ليرتقي شهيدا مقبلا غير مدبر.

 

بين التصديق والتكذيب

منذ انتشار خبر استشهاد احمد جرار دفع البعض من المواطنين الى رفض تصديق خبر الاستشهاد، رغم اعلان المصادر الرسمية، وكان الشارع الفلسطيني ما زال ينتظر اي خبر حتى اللحظة ان ينفي استشهاده، حتى ان عائلة جرار عندما نعته قالت في بيان لها، انهم يحتسبونه شهيدا عند الله حسب المعطيات وهي تبليغ الجانب الاسرائيلي الجانب الفلسطيني على اغتيال احمد بالاضافة الى العثور على ملابسه ومصحفه ومذكراته ووصيته في المنزل الذي كان يتحصن فيها قبل ارتقائه شهيدا، لكن العائلة تؤكد انها لم تبلغ رسميا بالاضافة الى انها لم ترى جثمان الشهيد المحتجز لدى قوات الاحتلال.

 

 

#احمد في مواقع التواصل الاجتماعي

خلال مطاردة احمد من قبل الاحتلال، خلق صدى في فلسطين وخارجها حتى اصبح البطل المطارد والأكثر تأثيرا على الشبان وكان حديث مواقع التواصل الاجتماعي، ورواد المواقع اطلقوا على احمد عدة تسميات من بينها "القنبلة الموقوته، والشبح، ورجل الظل، والمطلوب رقم واحد"، بل تحول الى نموذج ملهم للشباب في الضفة، وهو ما اشار إليه الصحافي الاسرائيلي جال بيرغر بقوله "رويدا رويدا يتحول احمد جرار الى اسطورة".

 بينما صحيفة اسرائيل اليوم وجهت سهامها الى المسؤولين عن الملف الاستخباري وقالت "لسوء الطالع وتحت ستار الذكاء المعيب وغارات عديمة الفائدة من القوات الخاصة الاسرائيلية استطاع جرار ان يجعل من نفسه بطلا بين الجمهور الفلسطيني"، مشيرة ان لا يتفاجأ احد اذا سار شبان فلسطينيون على خطاه لمحاولة تقليده، مضيفة "ان جرار سيلقى القبض عليه حيا او ميتا لكن للأسف هذه المعركة خسرناها".

رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والذي اشرف على عملية مطاردة جرار حاول التخفيف من اخفاق اجهزته الامنية بالثناء على جنوده القتلة متناسيا ان الشهيد جرار تحول الى نموذج ملهم للشبان الفلسطييين كما قالت الصحيفة.

وهنا نرى ان التصريحات الاسرائيلية التي تريد تسجيل نصر وهمي عقب اغتيال جرار تعكس حسب مراقبين عمق الازمة الامنية والاخفاق الذي لم يعد يقدر الاحتلال على ضبط ايقاعه خلال مدة المطاردة من جهة واحتفاء الفلسطينيين بنموذج للمقاوم المتميز الذي ينجو من طوق الحصار مرة تلو مرة من جهة اخرى.

المختص في الشأن الاسرائيلي عدنان ابو عامر كتب على صفحته في الفيس بوك، "ان تستنفر اسرائيل إعلامها وقادتها للشماتة باستشهاد احمد فهذا نصر له، وان يستنزف الجيش الاسرائيلي قدراته العسكرية ووحدات النخبه وجيش العملاء لملاحقة احمد كمن يبحث عن ابرة في كومة قش فهذه خيبة وعار عليها، وان يمكث احمد اياما واسابيع يتنقل من بيت الى بيت ومكان لآخر فنحن قد نكون امام بيئة شعبية حاضنة في الضفة الغربية لم تنجح معها محاولات الترويض والتدجين".

وختم كلماته قائلا، "وان تنتهي مسيرة احمد مقبلا غير مدبر شهيدا بين يدي ربه وليس مكبلا من جنود الظلم فهي نهاية جميلة لقائد جميل".