الثلاثاء  30 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة الحدث| الحكومة تدرس استبدال عملة الشيقل وإيجاد عملة وطنية... والخيارات مفتوحة !

والعملة الرقمية في ملعب رجال الأعمال ..والفلسطينيون اعتادوا على (الكاش)

2018-02-21 04:32:07 PM
متابعة الحدث| الحكومة تدرس استبدال عملة الشيقل وإيجاد عملة وطنية... والخيارات مفتوحة !
العملة المعدنية الإسرائيلية (تصوير:الحدث)

 

هل سنحصل على عملة وطنية مستقرة اقتصاديًّا؟

ما هي الخيارات المطروحة أمام الحكومة؟

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

في السادس من شهر فبراير/ شباط الحالي قررت الحكومة الفلسطينية وتحت إطار جلستها الاعتيادية تشكيل لجنة لدراسة إمكانية الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل، فيما عرجت على إمكانية إصدار عملية وطنية بدلاً من الشيكل الإسرائيلي.

"القرار الوزاري تم إصداره وهو قاضٍ بتشكيل لجنة لدراسة الانفكاك، وسلطة النقد تلعب دورًا وطرفًا أساسيًّا فيه". هذا ما أكده لـ"الحدث" مدير دائرة الأبحاث والسياسة النقدية في سلطة النقد محمد عطا الله.

إذا لم يأتِ هذا القرار بمعزل عن سلطة النقد، فهي تلعب دورًا أساسيًّا في ذلك. وقد لا نغفل أهمية إيجاد عملة وطنية هي رمز من رموز الاستقلال والسيادة، ولكن السؤال الذي يطرحه عطا الله في ظل تبعية اقتصادية واحتلال سياسي للأرض: هل نحن مهيّأون اقتصاديًّا وسياسيًّا لإصدار عملة وطنية قابلة للاستدامة؟ وهل سنصدر عملة لها وزن شرائي ثابت، وقد تكسب ثقة المتعاملين بها أسوة بالعملات الأخرى المتداولة؟

وفي المقابل قد يتساءل البعض، كيف لدولة لا تملك سيادة سياسية أو حتى اقتصادية على أرضها أن تستبدل عملة الشيكل بعملة أخرى ( وطنية)؟

إذًا، ما نحتاجه هو عملة وطنية قابلة للاستدامة وقادرة على كسب ثقة المتعاملين. فكيف يتحقق ذلك؟

قال عطا الله: "حتى يتحقق هذا، يقع على عاتق الحكومة الفلسطينية توفير بعض الجوانب السياسية والاقتصادية وحتى القانونية، فهناك بعض القوانين الصادرة عن سلطة النقد التي تهيئ الدول لتحقيق الاستقرار النقدي، ومنها على الإطار القانوني أن يكون متاحًا لتطبيق كلٍّ من (قانون المصارف، ومكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وقانون البنك المركزي أو سلطة النقد)".

أما بالحديث عن مستوى التمويل الاستدامي المتحقق، فأوضح عطا الله بأنّ الاقتصاد الفلسطيني يشهد خللاً واضحًا، وقد يكون ذلك ناجمًا عن تداعيات وإجراءات إسرائيلية.

في السياق ذاته، قال: "لا بدّ من معالجة الخلل الاقتصادي قبل أن نُقدِم على أي خطوة، كما على الحكومة معالجة مستويات البطالة المرتفعة، وعجز الحساب الجاري المرتفع في ميزان المدفوعات، وعجز مالية الحكومة المرتفع، وعلينا أن نحقق استدامة في هذا العجز".

أما على المستوى السياسي، فنحن أمام واقع مرهون بالاحتلال الإسرائيلي، فليس لدولة فلسطين أي سيطرة على الحدود والمعابر أو حتى على حركة البضائع وقنوات تحويل الأموال. فكيف سنصدر عملة وطنية حرة التنقل؟

وعليه، لضمان حق انتقال العملة والأفراد والبضائع لا بد من سيطرة فلسطينية على الحدود والمعابر، حتى تكون قادرة على التعامل مع حركات التدفق النقدي المختلفة وبحرية دون أي معيقات أو إشكاليات تذكر.

وبحسب عطا الله، فإنْ توفرت الظروف الاقتصادية والسياسية والقانونية تلك؛ فإنَّ فرصة عملية إصدار العملة الوطنية الفلسطينية تكون مرتفعة، لا سيما أنَّ هذه الظروف تشكل عائقًا أمام إصدار عملة مستقرة، وتتسم بالثقة.

تذبذب الوضع الاقتصادي الفلسطيني قد يساهم في تذبذب سعر صرف العملة وعدم استقرارها مما يشكل هذا هاجساً لدى رجال الأعمال وقطاع الاستثمار.

"المستثمر الوطني يولي اهتماماَ كبيراَ لمسألة التعامل مع عملة مستقرة وراسخة وسعر صرفها غير متذبذب بشكل كبير، لذا فإن كانت العملة تتسم بالتذبذب، فإن هذا سوف يؤثر على المستثمر ويفقد قدرته على الاستيراد والتصدير". هذا ما أكده لـ"الحدث" المقاول والمطور أسامة عمرو، وهو نائب رئيس جمعية رجال الأعمال.

أضاف : "وعليه من الأفضل التروي في مسألة إصدار عملة وطنية هو الخيار الأفضل لحين توفر شروط اصدار العملة الوطنية".

 

السلطة أمام خيار آخر

قال الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم لـ(الحدث): "إنَّ أفضل الخيارات هو طرد الشيكل من الأسواق الفلسطينية وبشكل تدريجي وفني دون أي قرار حكومي، لا سيما أنَّ القرارات قد تجلب لنا أعباءً إضافية وضغوطات اقتصادية مع الجانب الإسرائيلي نحن في غنى عنها".

السوق الفلسطيني هو سوق مفتوح على نظام نقدي متعدد العملات، والقرار الحكومي يسعى للتخلص من هذا النظام من خلال الانفكاك عن تبعية الشيكل والاقتصاد الإسرائيلي، ويضع الاقتصاد الفلسطيني أمام خيارات عدة.

الحقيقة تشير إلى أنه يدور في شريان الاقتصادي الفلسطيني ما مجموعه 23 مليار شيكل. أما حجم العملية الاقتصادية ما بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي فهي تقدر بحوالي 40 مليار شيكل.

الاقتصاد الفلسطيني يخسر بفعل التسريبات الضريبية وبأشكالها كافة مبلغًا يتراوح ما بين (250-300) مليون دولار سنويًّا؛ لأنه لا يملك الحدود، ويفقد السيطرة عليها. بحسب ما أوضح لـ(الحدث) رئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار) محمد إشتية.

 

هل خيار الدولرة وارد؟

قال عطا الله لـ(الحدث): "خيار الدولرة متاح، وهو مرهون باستخدام أيِّ عملية أجنبية على خلاف العملة المحلية، وقد يكون الشيكل أو الدولار أو الدينار أو اليورو".

أضاف: "التعامل مع الدولار هو أمر وارد جدًّا، ولكن ما الذي يضمن عملية إدخال وإخراج الدولار بالسهولة المطلوبة؟ وعدم ظهور أي معيقات أمام حركة الدولار وتدفقات رأس المال.

عملية الدولرة تتخلى بموجبها أيُّ دولة عن عملتها الخاصة، وتتبنى عملة دولة أكثر استقرارًا بشكل رسمي وقانوني، ولكن هذه الدول قد تلجأ للدولرة في حال ظهرت أيّ مؤشرات اقتصادية قد تجعلها تلجأ إلى ملاذ الدولرة.

"عادة ما تلجأ الدول لعملية الدولرة إذا ظهرت لديها مؤشرات تدلل على حدوث معدلات تضخم مرتفعة جدًّا، وهذا الأمر لا نجده لدى واقعنا الاقتصادي". هذا ما أكده لـ(الحدث) مدير دائرة الأبحاث والسياسة النقدية في سلطة النقد محمد عطا الله.

أضاف: "وقد تلجأ هذه الدول للدولرة أيضًا، لاعتبار أنَّ الأداء الاقتصادي والسياسة النقدية غير مقبول وغير مبرر، فلسطين لم تمارس السياسة النقدية بالشكل الكامل، غير أنَّ الحالة الفلسطينية تواجه تذبذبًا في الوضع الاقتصادي بحكم الظروف السياسية".

ذكر بعض خبراء الاقتصاد بأنَّ استخدام الدولار بدل العملة الوطنية هو أمر غير منتشر في العالم، ولا تستخدمه سوى 7 دول خارج الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بين هذه الدول الصغيرة دخلاً دول يرتبط اقتصادها بـأمريكا وبشكل كامل.

وفي المقابل، فإنَّ هناك دولاً لم تستخدم الدولار على نطاق واسع كـ(الأرجنتين، وكمبوديا، ولاوس، وبوليفيا وإسرائيل).

كما أنَّ هناك 6 دول تعتمد اليورو من خارج الاتحاد الأوروبي مثل كوسوفو والجبل الأسود والفاتيكان.

المؤشرات الاقتصادية قد أوضحت بأنَّ فلسطين تحتاج إلى عملة وطنية ولكن بإدارة ورقابة مالية واضحة وسليمة، ونظام مصرفي فعال.

الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم قال لـ(الحدث): "من خلال الدولرة يتم استبدال عملة الشيكل بالدولار في تسوية التزامات والمعاملات بين الأفراد، ودون أن يعلن بأنَّ الشيكل عملة غير قانونية التداول، ونحن غير جاهزين لذلك؛ ما يترتب عليه تكاليف وأعباء اقتصادية باهظة، والحديث اليوم يجب أن يدور حول أن يتم التعامل بعملات أخرى بعيدًا عن الشيكل دون قرار يصدر بوقف عملة الشيكل".

أضاف: "الانتقال من عملة إلى أخرى لا يحقق مكاسب اقتصادية، وقد يتم تحقيق مكاسب سياسية، وسنبقى فاقدين للقدرة على التأثير على صرف العملة أو استخدامها في إدارة الاقتصاد المحلي".

أما عن البديل الآخر، قال عبد الكريم: "إما أن تتخلى عن الشيكل أو تصدر عملة، أو تبقى الشيكل وتصدر العملة الوطنية. وفي هذا مخاطر كبيرة وعدم قدرة على حماية العملة وضمان صرفها، وقد تبقى أفضل التلاعبات من قبل المتربصين الأعداء".

من سيصرف العملة؟ هل ستحافظ على استقرارها؟ وما ستحققه من خسائر؟

 حول قرار إيجاد عملة وطنية قال عبد الكريم معقبًا على ذلك: "الأهم من الرمزية الوطنية أن نحافظ على مصالح الأفراد وحقوقهم الاقتصادية، وهو ليس بديلاً واقعيًّا، ولا أحد يفكر به بشكل جديّ".

قال المقاول والمطور أسامة عمرو: "وجود عملة غير عملة الشيقل قد يكون أمر محبذ، وقد يكون الخيار دولار أو اليورو أو أي عملها تختارها الدولة، لاسميا وأن حجم التذبذب لدى هذه العملات لا يوصف بالهائل، غير أن عمليات البيع والشراء والاستيراد تتم عبر هذه العملات، وهي لا تؤثر على التخطيط الاستراتيجي للفرد سواء من حيث الاقتراض أوالقدرة على السداد".

أضاف: "العملات الدولية المستقرة والقوية هي أفضل من عملة الشيقل، أي عملة الاحتلال، وهذه العملة تتكسد في البنوك الفلسطينية وفي المقابل إسرائيل ترفض استلامها ولأسباب مبهمة وغير مفهومة، وعليه فإن الاقتصاد الوطني يتحمل عبء وجود عملة ورقية لا قيمة لها عملياَ وذلك لأن المصدر لها يرفض استلامها".  

 

عملة رقمية!

هل الوعي الثقافي المصرفي المنغرس في عقلية الشعب الفلسطيني قادر على التعامل مع هكذا نوع من العملات؟ وهل العملة الرقمية هو الحل الأنسب؟

قال عطا الله: "العملة الرقمية هي من أحد البدائل المتاحة أمام السلطة الفلسطينية، فهي تصدر عن البنوك المركزية، وهي أيضًا تحتاج إلى تهيئة الظروف من أجل نجاحها".

رئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار) محمد إشتية قال لـ(الحدث): أمامنا عدة بدائل، ومنها أن نتجه نحو الدولار أي دولرة الاقتصاد الفلسطيني أو اليورو، أو أن نذهب إلى ما يسمى (العملة الرقمية)، وهو طرح جديد جدًّا، وهنا لا نقصد التعامل بما يعرف بيت كوينز bitcoins))".

وقد تحدث اشتية موضحًا خيار العملة الرقمية كبديل عن الشيكل، أضاف: "نحن نتحدث عن العملة الفلسطينية الرقمية. وكما في دولة استونيا فقد عمدت على إصدار قانون في البرلمان بأنَّ العملة الوطنية هي العملة الرقمية، وكذلك دولة الكويت فقد شكلت لجنة لدراسة العملة الرقمية واستخداماتها، أما إسرائيل وقبل أيام عدة شكلت لجنة من البنك المركزي لدراسة (الشيكل المشفر أو الرقمي)".

وكما أوضح اشتية فإن الوضع الاقتصادي الفلسطيني عليه أن ينسجم مع التوجه العالمي، وأن يذهب باتجاه إصدار العملة الرقمية، وذلك حتى لا يدخل في دوامة العملة الورقية.

في السياق ذاته، قال: "على اللجنة أن تدرس كل الخيارات المتاحة، وهذا الخيار هو يشكل خطوة أولى تجاه فك الارتباط مع الجانب الإسرائيلي".

الرئيس التنفيذي لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار (باديكو) القابضة سمير حليلة، قال: "العملة الرقمية هي شكل جديد، ولكنها لا تحل محل العملة المطلوبة، وهي تصلح كجزء إضافي يضاف إلى الاقتصاد الفلسطيني، وليس جزءًا أساسيًّا، لا سيما أنَّ الاقتصاد الفلسطيني يعتمد على العملة الورقية، وليس الرقمي وليس كالاقتصاد في إسرائيل أو أمريكا، والحل الوحيد الشكلي هو إيجاد جنيه فلسطيني مرتبط بعملة أخرى كـ(الدينار الأردني أو الدولار الأمريكي).

أما المقاول والمطور أسامة عمرو قال لـ"الحدث": " نحن غير جاهزين لاصدار عملة رقمية أو غير ذلك، وعلينا توخي الحذر قبل اصدار العملة ودراسة الوضع الاقتصادي".

 

الجنيه الفلسطيني!

وإنْ كان أحد الخيارات هو إعادة التعامل بالجنيه الفلسطيني؟ فهل سنحافظ على استقرار الجنيه؟ وهل هي عملة محركة للاقتصاد الفلسطيني؟

الخبير الاقتصادي سمير عبد الله أكد أنَّ "الجنيه الفلسطيني هو أقرب للعمليات الحسابية، ولا يصلح لعمل موازنة السلطة، وعليه؛ فإنّ الخيار الأفضل -ومن خلال مجلس النقد- أن يتم التعامل بالذهب والعملات الصعبة".

أضاف: "قد يكون التحرك نحو استخدام (البلاستيك)، وليس الكاش في التعاملات النقدية، أي عن طريق البطاقات الإلكترونية".

"يمكن أن نصدر جنيهًا فلسطينيًّا مربوطًا بالدولار، وتساوي قيمته قيمة الدولار، وفي هذه الحالة نرضى شكليًّا عن وجود جنيه فلسطيني بدل العملات الأخرى، وهو في الوقت ذاته مرتبط بشكل كلي بالدولار، وهو أحد الحلول سهلة التنفيذ، وهي مفيدة سياسيًّا، ولكن لا يوجد لها تأثير على الاقتصاد، ويقتصر الأمر بربطه بالاقتصاد الأمريكي (الدولار)". هذا ما أكده لـ(الحدث) الرئيس التنفيذي لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار (باديكو) القابضة سمير حليلة.

أضاف: "ومن المهم أن تعترف بهذه العملة الدول المجاورة والتي لدينا منفذ تجاري معها".

وقد أوضح حليلة في حديثه بأنَّ ربط العملة الفلسطينية بعملة قوية أخرى هو أحد الضمانات حتى نحافظ على استقرار العملة، وهذا الأمر بحاجة إلى حوار فني واقتصادي وسياسي مسؤول مع الشركاء التجاريين الرئيسيين، ومع الدول المجاورة والتي تربطنا بها علاقات قوية.

 

كيف ستكون العلاقة مع إسرائيل؟

 قال حليلة: "قد نجبر إسرائيل أن تمنح رواتب العمال الفلسطينيين بالدولار، وليس بالشيكل، ومن ثم يتم  تحويل الدولار إلى الجنيه. وهذا الأمر قد ينجح من خلال الحوار والاتفاق المسؤول والجدي مع الجانب الإسرائيلي، لا سيما أننا نتحدث عن علاقات تجمعنا بطرف تجاري كبير".

"الفلسطينيون سيرفضون الجنيه الفلسطيني حتى لو إسرائيل قبلت به، وهو رمز للسيادة، ولكن من يضمن استقرار سعر صرف الجنيه أو الدفاع عنها؟".

أضاف: مضاره الاقتصادية أكثر من منافعه السياسية، وصافي الضرر هو أكثر من المنافع السياسية، ونحن لا نحتاج إلى اسنزاف جديد للاقتصاد ومدخرات الأفراد، والأفضل التخلص بشكل تدريجي من الشيكل وطرده بشكل مهني من الأسواق".

 

الفائض من الشيكل .. أين سيذهب؟

"بحكم القوانين، فإنَّ على البنك المركزي المصدر للعملة هو من يتحمل هذا الأمر، وعليه أن يتقبل استعادة الشيكل نتيجة الفائض في البنوك، وعلى إسرائيل أن تلتزم بذلك، وهذا الأمر سياسي أكثر من كونه اقتصاديًّا". هذا ما أكده مدير دائرة الأبحاث والسياسة النقدية في سلطة النقد محمد عطا الله.

أضاف: "من جانب اقتصادي قد يستخدم فائض الشيكل كاحتياطي لدعم العملة المحلية".

في السياق ذاته، قال اشتية معرجًا على وجود فائض للشيكل لدى البنوك الفلسطينية: "لدينا مشكلة لها علاقة بما يسمى فائض الكاش من عملة الشيكل في البنوك الفلسطينية، لا سيما أنَّ إسرائيل تأخذ من البنوك الفلسطينية ما مقداره (350-400) مليون شيكل شهريًّا، بينما يتجمع لدى البنوك حوالي 2 مليار شيكل".

أضاف: "الجزء الأكبر من هذا الفائض موجود لدى صناديق تلك البنوك، وهي بالتالي تتعرض للخسائر الكبيرة بسبب عدم قبول البنك المركزي الإسرائيلي كامل عملة الشيكل المتولدة في الأراضي الفلسطينية".

 واستكمل حديثه: "التعاملات الفلسطينية جميعها بعملة الشيكل، والموازنة تحمل قيمة الشيكل، والرواتب أيضًا، والميزان التجاري، حتى أنَّ سكان القدس يصرفون الشيكل داخل الضفة الغربية، وكذلك الأمر لدى سكان الأراضي المحتلة عام 1948".

أضاف: "العمال الفلسطينيون يحصلون على رواتب بالشيكل أيضًا، فهم يحضرون سنويًّا حوالي 6 مليارات شيكل، أي ما يعادل 2 مليار دولار".

وعليه، فإنّ كل هذه الشواقل تتراكم داخل الأراضي الفلسطيني، وبالمقابل؛ فإنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تأخذ كامل الشيكل، وهذا يوقع البنوك الفلسطيني في مأزق. فما الحل؟

قال اشتية: "الحل أن نستبدل عملة الشيكل".

"عملة أي دولة هي مسؤوليتها، فلدينا فائض في الشيكل وعلى البنك المركزي الإسرائيلي أن يتحمل مسؤولية ذلك، ويقوم باستبداله، والمشكلة تكمن في السياسية المالية، وما زال الشيكل هو واحد من ثلاث عملات رسمية، ولكن ما زالت السلطة تمنح الموظفين رواتب بعملة الشيكل؛ حتى تحافظ على بعض المكتسبات في فرق العملة، وهذا الأمر يضعف القرار حول فائض الشيكل". هذا ما قاله حليلة موضحًا بذلك تحمل إسرائيل مسؤوليتها لفائض الشيكل.

أضاف: "والسلطة أمام حلين في هذه الحالة: إما أن يتم الاتفاق مع صاحبة العملة إسرائيل، أو أنها تدفع الرواتب وتعتمد الدولار كقيمة تستخدم للتداول الرسمي، وتبعد عن استخدام الشيكل".

يذكر أنه تمّ تشكيل لجنة لدراسة هذه البدائل، حيث ستعقد اللجنة اجتماعًا في وقت قريب وتضم كلاً من محافظ سلطة النقد ووزير المالية، ورئيس صندوق الاستثمار ورئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار.

 

عملة وطنية ..ما موقف إسرائيل؟

أوضح الخبير الاقتصادي سمير عبد الله أنَّ الجانب الإسرائيلي هو متقبل لفكرة إيجاد عملة وطنية فلسطينية.

قال: "أعتقد أنَّ دولة الاحتلال لن ترفض استبدال العملة، وقد أوضحت موقفها من قبل؛ لأنها تعلم أنَّ إيجاد عملة جديدة قد يخلق كارثة اقتصادية لدى السوق الفلسطيني".

وفي وجهة نظر أخرى حول موافقة إسرائيل إصدار عملة وطنية فلسطينية، قال الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم: "أنا أشك في ذلك. وإسرائيل لن توافق على إصدار العملة، والأمر ليس منوطًا بالضرر الاقتصادي الذي سيلحق بها، فهي المستفيدة اقتصاديًّا من الأراضي الفلسطينية، وهي متمسكة بتلك العلاقة الاقتصادية".

وعليه؛ فإنَّ إسرائيل لن تمنح الفلسطينيين مفتاح اقتصادهم، وقد تستخدم هذا القرار كورقة توضع على طاولة للوصول إلى تسوية نهائية للصراع، بحسب ما أوضح عبد الكريم.

وأضاف: "ليس من السهل على إسرائيل أن تمنحك أي شيء دون مقابل، ومن باب المناورة التي تتبعها سوف تطلب من الحكومة الفلسطينية مقابل ذلك، وربما لن توافق الآن، ولكنها ستوافق فيما بعد".

 

حقيقة اقتصادية ..

"الاقتصاد الفلسطيني هو حبيس وتابع وهش ومحاصر، وتمّ تكييفه بما يخدم الاقتصاد الإسرائيلي". هكذا وصف د. محمد اشتية الاقتصاد الحالي.

 إذًا، كيف سيتم الانفكاك الاقتصادي عن الجانب الإسرائيلي؟ فإنْ كنت تدعي بأنَّ هذه الخطوة ستشكل عقوبة لدولة الاحتلال فأنت مخطئ، بحسب الخبراء الاقتصاديين، لا سيما أنَّ إسرائيل تطبق السيطرة على الأراضي الفلسطينية من بوابات عدة: احتلال عسكري مباشر، واستعمار استيطاني".

قال اشتية: "لديك 128 ألف عامل فلسطيني يعملون داخل إسرائيل، وبهذا فإنَّ 800 ألف فرد يعتاشون على ذلك، وجميعهم من الضفة الغربية دون غزة".

إذًا، فإنْ عمدت إسرائيل على إغلاق بواباتها أمام العمال الفلسطينيين فسترتفع نسبة البطالة في الضفة الغربية من (26%) لتصل إلى (38%) في ليلة واحدة.

أما تجاريًّا، أكد اشتية في حديثه أنَّ الفلسطينيين يستوردون من إسرائيل أو من خلالها ما مجموعه 5.1 مليار دولار سنويًّا من البضائع والخدمات.

وفي المقابل، فإننا نصدّر لإسرائيل ما لا يتعدى (800-750) مليون دولار سنويًّا. وعليه؛ فإنَّ العجز في الميزان التجاري ما بين فلسطين وإسرائيل هو لصالح إسرائيل وبشكل كبير.

وبالحديث عن الخدمات، فإن دولة الاحتلال تزود الضفة الغربية وقطاع غزة بالكهرباء وبنسبة 95%، وفي المقابل هي تسرق قرابة 600 مليون متر مكعب من المياه سنويًّا ومن الأراضي الفلسطينية.

 

 فك الارتباط الاقتصادي!

هذا التصور قد يحكمه اتفاق سياسي أمني اقتصادي مع الجانب الإسرائيلي. فهل يمكن فك الاقتصاد دون فك السياسة والأمن؟

قال اشتية: "في بعض الأحيان يمكن ذلك، وقد نتخذ مجموعة من الإجراءات التدريجية؛ لأننا لا نملك البدائل الوطنية الكافية؛ لكي نفك الارتباط مع إسرائيل وبشكل قطعي".

أضاف: "نحن أمام خيارين لتحقيق ذلك: الاعتماد على الذات، والاعتماد فيما ليس متوفرًا لدينا، أي على العمق العربي".

بالحديث عن اتفاق باريس الاقتصادي، فقد أوضح اشتية أنَّ الاتفاق قد منح الفلسطينيين فرصة استيراد البترول من دول أخرى غير إسرائيل.

قال: "في الشهر الواحد نستورد من إسرائيل ما مجموعه 200 مليون دولار، وفي المقابل اتفاق باريس سمح لنا باستيراد البترول من دول أخرى غير إسرائيل كـالأردن مثلاً .. فلماذا لا نستغل ذلك؟"

وفي معرض إيضاح التطورات الحاصلة في قضية استيراد البترول من دول مجاورة، أكد اشتية لـ(الحدث) أنَّ الجانب الفلسطيني سيدخل في مفاوضات مع الحكومة العراقية على ضوء الاتفاق الأردني العراقي بتزويد الأردن بـ 150 ألف (برميل) من البترول وعبر خليج العقبة وأنبوب يربط العقبة بالعراق.

قال: "نأمل من خلال ذلك أن نغطي احتياجاتنا من البترول مستقبلاً، وهذا الأمر يحتاج إلى تنسيق أردني وتفاوض عراقي، غير أنَّ الاتفاق الأردني العراقي قد بدأ ومدة التنفيذ أربع سنوات".

أضاف: "والمطلوب الآن من الجانب الفلسطيني تهيئة البنية التحتية لتخزين البترول في منطقة أريحا والمناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية والمستورد من خارج إسرائيل".

"إسرائيل تتعامل معنا كقوة احتلال، ومن خلال شرائنا لبضاعتها فهي تعزز احتلالها على الأراضي الفلسطينية، وعلينا أن نقلل من اعتمادنا على البضائع الإسرائيلية، ومن المصلحة الوطنية الكبرى أيضاَ بأن يكون استرادنا للبضائع بشكل مباشر من خلال معابرنا وهكذا نصبح منفكين اقتصادياَ و من تحكم الاحتلال بقوتنا اليومي واقتصادنا الوطني".

أضاف :" الانفكاك ليست مسألة وطنية فقط، وإنما هي مسألة اقتصادية بحتة وهي تلعب دوراَ كبيراَ في تخفيف الأعباء عن المواطن الفلسطيني".