الأحد  05 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الملك الفلسطيني يبني عرشاً أخضر بين منازل المواطنين في قرية فلامية

2014-12-09 01:07:59 AM
 الملك الفلسطيني يبني عرشاً أخضر بين منازل المواطنين في قرية فلامية
صورة ارشيفية
 
الحدث- محمد أبو ظاهر
 
نعم عزيزي القارئ، إنه الملك الفلسطيني، كما يسميه البعض بالملك الأخضر، والمعروف "بالزعتر البلدي"، والذي أصبح يفرض نفسه ملكاً على أهالي قرية فلامية شمال شرق مدينة قلقيلية.
بعد مصادرة إسرائيل ما يزيد عن ألف وخمسمئة دونم، من أراضي المواطنين الزراعية المشهورة بالحمضيات، لصالح جدار الضم والتوسع الاستيطاني، بالإضافة إلى مئتي دونم تحت الجدار العنصري، الذي أصبح يتلوى كالأفعى حول خاصرة القرية، ما حدا بأهلها إلى التحدي والصمود في وجه الجدار وبواباته الحديدية، وتصاريحه اللازمة لهم للدخول والخروج إلى أراضيهم الزراعية.
فكان من ثمرة التحدي والصمود، توجه الأهالي إلى زراعة هذا الملك الأخضر بين منازلهم، رغم أنه حد من توسع المخطط الهيكلي لمسطح القرية، وعلى حساب البنيان والعمران أيضاً.
المزارع "محمد عادل" والبالغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً، كان لديه خمسة دونمات مزروعة بالحمضيات والزيتون واللوزيات والخضار، كما يقول، ولكن بعد مصادرتها لصالح جدار الضم والتوسع، وصعوبة الحصول على التصاريح اللازمة لدخول أرضه، وتحكم الاحتلال بالبوابات الحديدية للجدار، أضطر إلى أستصلاح "دونمين" زراعيين بالقرب من بيته، وهما داخل النطاق الهيكلي لمسطح القرية، حتى يستطيع توفير لقمة العيش لأفراد أسرته، وأضاف نتيجة استصلاح هذه القطعة الزراعية وزراعتها، قام المجلس القروي للقرية، وبتوجيه من مديرية الحكم المحلي لمحافظة قلقيلية، بتأهيل الطرق الزراعية الواصلة لأرضه، بالأضافة إلى الأراضي الأخرى على الأطراف الشمالية للقرية.
شربنا فنجان القهوة أمام بيته، وشاهدنا ونحن نجلس على عتباته آلاف أشتال الزعتر الخضراء الجميلة، وهي تحيط المنزل، وكما يقول: تبعث في نفسي الأمل لغد مشرق.
وفي مكان ليس بالبعيد كان يجلس المزارع السبعيني "عبد الرحيم حسن" وحوله أحفاده بالقرب من منزل ابنه، أمام أرضه المزروعة بالزعتر، ما دفعنا للتوجه إليه لسؤاله عن سبب زراعته الزعتر بالقرب من منزل ابنه، قال: إسرائيل أحاطتنا بالجدار، ولم نستطع الوصول إلى أراضينا، ولم يبق لنا سوى الزراعة بين البيوت، وداخل الهيكل التنظيمي للقرية، وأضاف أن المحصول المادي من زراعة الزعتر كبير جداً، وهو يفي باحتياجات الأسرة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
المزارع "فتحي نمر" والبالغ من العمر خمسة وأربعين عاماً، يمتلك ثلاثة دونمات، مزروعة بالزعتر بين بيوت المواطنين داخل القرية، وهي محاطة بثلاثة طرق، قال: "أصبح المزارع اليوم يفكر بزراعة الزعتر في أرضه كونه مربحاً"، وأضاف أن من يريد البناء فإنه يقوم بالبناء العمودي على بيته، حتى يستغل أرضه، وأن الزحف الأخضر على الأراضي الزراعية داخل القرية أصبح أهم من الزحف العمراني، وطالب المجلس القروي بتعبيد جميع الطرق الزراعية القريبة من القرية، وهي في نطاق المخطط الهيكلي للقرية، حتى يصبح الوصول إليها أكثر سهولة. وعن دور المجلس القروي قال نمر: "إن المجلس قام بشق الطرق الزراعية وتأهيلها، للوصول إلى الأراضي المزروعة بالزعتر، مما يؤدي إلى توفير لقمة العيش لهم ولعائلاتهم".
وعن دور المجلس القروي في الحفاظ على المخطط التنظيمي للقرية، توجهنا مباشرة إلى مقر المجلس القروي، التقينا برئيس المجلس يوسف سعيد، رحب بنا قائلاً: "المجلس يعمل باستمرار من أجل خدمة الأهالي جميعاً، والبالغ عددهم ألف نسمة، وخاصة متابعة الزحف الأخضر بين بيوت المواطنين، دون التعدي على الحقوق العامة للقرية"، وأضاف أن المجلس قام بشق وتأهيل الكثير من الطرق الزراعية، لتسهيل الوصول إليها، وذلك لأنها المصدر الوحيد لتوفير لقمة العيش للمزارعين وعائلاتهم. وعن سبب انتشار زراعة الزعتر بين البيوت قال: "إن الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته التعسفية هي السبب الوحيد وراء انتشار زراعة الزعتر داخل المخطط التنظيمي للقرية، بالإضافة إلى عمليات الإذلال التي يتعرض لها المزارعون على البوابات الحديدية لجدار الضم والتوسع، وصعوبة الحصول على التصاريح اللازمة لدخول  أراضيهم الزراعية".
وعن عدد أشتال الزعتر المزروعة بين بيوت المواطنين داخل القرية، أشار سعيد أن عشرات الآلاف من أشتال الزعتر زرعت خلال فترة ثلاث سنوات، وعشرات العائلات تعتاش منها، وهي تمثل المصدر الوحيد لهم، مع التأكيد على أنها لا تؤثر على المصلحة العامة، تحديداً على العمران والشارع الرئيسي للقرية، مع وجود مئات الدونمات المزروعة بالزعتر خارج نطاق الهيكل التنظيمي للقرية، مبيناً أن ما يقارب خمسمئة دونم مزروعة بالزعتر في أراضي القرية، وهي ما تقارب عشرة ملايين شتلة زعتر. وطالب سعيد وزارة الحكم المحلي بالعمل على تحسين الطرق الزراعية وتعبيدها، حتى يستطيع المزارع الوصول إلى مزرعته أينما كانت سواءً داخل القرية أو خارجها.
وأضاف سعيد أن هناك تقصيراً غير مقصود، وله أسبابه بحق قرية فلامية، من مشاريع الحكم المحلي، علماً بأن المجلس وبالاتفاق مع مديرية الحكم المحلي، قام مؤخراً كما يقول وعلى حسابه الخاص بوضع الكركار الأبيض على غالبية الطرق الزراعية الواصلة لمزارع المواطنين، وشق بعض الطرق الزراعية الداخلية إلى أراضي الزعتر، الموجودة ضمن المخطط التنظيمي والهيكلي للقرية.
 
بعد الانتهاء من إجراء المقابلة مع رئيس المجلس، صعدنا إلى سطح المجلس وشاهدنا الملك الفلسطيني الأخضر يكسو الأراضي داخل القرية وخارجها. ولم تغفل عيناك عن جدار الضم والتوسع الذي يحيط بالقرية من الجهتين الشمالية والغربية، والذي يحد من عمل المزارعين وكذلك يحد من توسع الهيكل التنظيمي لمسطح القرية.
 
صالح درويش، الرجل الأربعيني، ولديه ثلاثة دونمات مزروعة بالزعتر، وقريبة من بيته، وداخل المخطط الهيكلي للقرية، وهي مجاورة لمدرسة القرية الثانوية، قال لنا: إن وجود أرضه على الشارع الرئيسي الوحيد للقرية، لم تؤثر على المصلحة العامة، وأنه سوف يقوم ببناء بيت لابنه فوق بيته القديم، نتيجة ارتفاع أسعار رخص البناء الصادرة عن الحكم المحلي، وحتى تبقى أرضه مصدراً لتوفير لقمة العيش له ولأولاده. وطالب المجلس القروي بشق المزيد من الطرق الزراعية وتأهيلها، حتى يستطيع المزارعون الوصول إليها بكل سهولة.
 
 
 
لم يختلف هذا الحال مع المزارع "يوسف جمال" الرجل الخمسيني، في زراعته لأرضه القريبة من بيته، لسهولة العناية بها والوصول إليها، وذلك بعد منع الاحتلال الإسرائيلي من إعطائه التصاريح اللازمة من أجل الدخول لأرضه داخل جدار الضم والتوسع، وتشديد الإجراءات بعد تعديل هذا الجدار، لكنه طالب وزارة الحكم المحلي مساعدة المجلس القروي بشق وتأهيل الطرق الزراعية المزروعة بالزعتر داخل المخطط التنظيمي للقرية، والتي لا تؤثر على أداء المجلس القروي، ولا تؤثر أيضاً على مصلحة القرية.
كان يلازمنا في جولتنا رئيس المجلس القروي يوسف سعيد، وبقي معنا حتى انتهائنا من إعداد هذا التقرير. ومن خلال وجوده معنا قال لنا إن العلاقة بين المجلس القروي والمواطنين تقوم على النقد البناء، وطالب وزارة الحكم المحلي بتقديم المشاريع اللازمة للقرية، ومساعدتها في الإسراع في المشاريع التي تمت الموافقة عليها، حتى يستطيع مواصلة عمله بتقديم الخدمات للمواطنين، رغم قيامه بالعديد من المشاريع الداخليه، مثل شق بعض الطرق، وبناء جدران استنادية وأسوار على جوانب شوارع القرية، لكنها ليست بالكافية لمتطلبات القرية كما يقول.
بعد إنتهائنا من إعداد التقرير، عزمنا على مغادرة القرية، والتوجه إلى مدينة رام الله، التقينا بالحاجة عائشة عثمان، والتي كانت تجلس أمام منزلها هي وأحفادها، وأمامها الاف أشتال الزعتر الأخضر المزروعة في أرضها القريبة من بيتها، وضمن المخطط الهيكلي للقرية، قالت لنا: " بعد ما اليهود أخذوا أرضنا، وراحت جوا الجدار، رح نزرع بين بيوتنا، حتى لو عالشوارع، ولو لحقونا وأخذوا أرضنا جوًا البلد، رح أزرع الزعتر على سطح داري، بس الحكم المحلي يطلع علينا بعينتين ".