الأحد  05 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الزيوت المعدنية في السوق الفلسطينية.. غش بألوان شتى

2014-12-23 01:12:16 AM
 الزيوت المعدنية في السوق الفلسطينية.. غش بألوان شتى
صورة ارشيفية
 
خاص بـ "الحدث"
 
"بدلت زيت المحرك لدى ورشة صيانة "ميكانيكا" في مدينة البيرة قبل نحو 40 يوماً، لكن ضجيج دوران المحرك عاد يرتفع، وجزم "الميكانيكي" أن السبب يكمن في أن الزيت مستهلك، وبحاجة إلى تبديل فوري لسلامة وكفاءة المحرك".
ويتابع: "لدي مركبة حديثة، وأحرص على اختيار ماركة عالمية معروفة بجودة إنتاجها، وأدفع  لقاء اختاري مالاً إضافياً لزيت صلاحية 30 ألف كيلومتر، قطعت المركبة نحو 8% فقط من المسافة المحددة في بطاقة البيان، أستغرب كيف وقع الغش، وانأ أراه يسكب الزيت الذي اخترته!"
وترى جهات رقابية في مؤسسة المواصفات والمقاييس وحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني والهيئة العامة للبترول أن تذمر السائقين مبرر، مقرة بوجود زيوت غير مطابقة للمواصفات والمقاييس الفلسطينية، وغش يفاقم من تداعياته جهل السائقين، وتولي سائر الورش تبديل الزيت باعتبارها مهمة روتينية لا تتطلب تخصصاً.
 
تعرض في الأراضي الفلسطينية عشرات الماركات من الزيوت المعدنية، وتتضمن كل ماركة منها سلسلة طويلة مخصصة لمحركات مركبات الديزل أو البنزين، حسب طراز ونوع المحرك وسنة إنتاجه ومتطلبات المنتج، يرمز لها بحروف وأرقام تدل على فعالية وكفاءة كل منها، وعلى المختص انتقاء النوع الملائم لكل محرك، لتحقيق الغاية من استخدام الزيوت.
وأسوة بما هو معمول به عالمياً، يتم تعريف زيوت المحركات في الأراضي الفلسطينية بمجموعات من حروف وأرقام وفق النظامين الأمريكي (API)، والأوربي (ACEA)، والأخير هو الأكثر شيوعاً وله  الاختصارات A1، A2، A3، A5 لمحركات البنزين، أما الديزل للسيارات الشخصية فتسري عليه الاختصارات B1, B2 B3, B4, B5. ويوجد ما يسمى بزيوت Low SAPS أو Mid SAPS، وهذه الزيوت تحمل بشكل إضافي العلامات C1, C2, C3 أو C4. بالنسبة لمحركات الديزل في سيارات الاستخدام الشخصي وسيارات العمل، تسري الاختصارات E2, E3, E4, E5, E6, E7, E9، حيث العدد يميز معايير أداء الزيوت.
وأغلب الزيوت المعروضة أوروبية المصدر، تتقدمها ألمانيا وفرنسا وتركيا، وأخرى مستوردة من الولايات المتحدة ودول عربية خليجية، والقليل من إسرائيل، فيما تواجه "بتروبال"، الشركة الفلسطينية الوحيدة المنتجة للزيوت المعدنية، ومقرها الخليل، منافسة شديدة في السوق المحلي، رغم أن إنتاجها يسوق إلى  إسرائيل ودول عربية.
ويتولى وكلاء معروفون ودائمون استيراد بعض الزيوت، فيما يجرب تجار آخرون حظوظهم بشحنة أو صفقة زيت، وسرعة بيعها ومقدار الربح وحده ما يقرر إذا ما كانوا سيكررون التجربة مع هذه الماركة من عدمه، فتختفي.
وتطلب العديد من الشركات المنتجة للسيارات متطلبات إضافية يجب توافرها في زيوت المحركات، تتعلق بالحد الخاص بالاحتكاك الداخلي للزيت، ويتوقف بشدة على درجة الحرارة، ويتم تقسيمه في مجموعة مكونة من أرقام وحروف. فعلى سبيل المثال الزيت، المشار إليه بـ W5-40 يكون 5W= الشتاء، وهو رمز لكيفية التصرف مع درجات الحرارة المنخفضة، بينما يكون العدد 40 رمزاً لطريقة التصرف العادية مع درجات الحرارة المرتفعة (100 درجة مئوية)، والعمر الافتراضي للمحرك، حيث يتوقف بشكل أساسي على نوع الزيت المستخدم وكذلك درجة اللزوجة، وسرعة وصول الزيت إلى موضع تشحيم في المحرك مع درجات الحرارة المنخفضة خلال 2,8 ثانية مع الزيوت 0W-XX، أو خلال 48 ثانية مع الزيوت 15W-XX، وهي متطلبات ومعايير تغيب عن أكثر العاملين في قطاع الزيوت المعدنية في السوق الفلسطينية.
مشكلة عامة
حمزة القواسمي مهندس خبير في شؤون الزيوت المعدنية وتسويقه في الأراضي الفلسطينية، وهو مسؤول مبيعات في شركه فلسطين للزيوت المعدنية، يرى أن الغش في قطاع الزيوت المعدنية والفلاتر أصبح مشكلة عامة، والسبب في نظره هو عدم وجود وعي كافٍ لدى أغلب العاملين في قطاع الميكانيك ولدى السائقين، متى تعلق باختيار الزيت الملائم وسعره.
وأضاف: "ليس هناك زيت يخرب المحرك نهائياً، ولكن من الممكن أن يؤثر على كفاءة أداء وعمر المحرك المفترض على المدى البعيد. السائقون يبدلون الزيت دون معرفة فائدة الزيت في السيارة، فإضافة إلى تقليل الاحتكاك والحفاظ على عمر المحرك أطول فترة ممكنة، فإن للزيت فائدتان أساسيتان هما التبريد والتوفير في استهلاك الوقود".
وقال: "تغيير الزيت يعتمد على معدل المسافة التي تقطعها السيارة، فالمركبات القديمة تقطع بالزيت ذاته نصف المسافة التي يمكن أن تقطعها به المركبة الحديثة، وخصائص الزيت ستتغير بعد فترة من الاحتكاك".
الخبرة غائبة
وفي ورش الصيانة الفلسطينية، يفحص الميكانيكي صلاحية الزيت في المحرك بإلقاء نظرة عابرة على مستوى الزيت في المحرك ولونه، وما إذا كان يحتوي على شوائب، أما مختبره فهو سبابة وإبهام، يفرك قطرة لتقدير اللزوجة والصلاحية، ويقرر دائماً أن الزيت مستهلك وبحاجة مع الفلاتر إلى تغيير فوري، وملائمة الزيت المعدني الجديد وجودته تبقى محض صدفة.
المشكلة، يقول م.القواسمي، أنه عندما تذهب لترى إن كانت هناك حاجة لتبديل الزيت أم لا، فإن الميكانيكي يرى إن كان الزيت أسود ويحتوي على شوائب، عندها يعتقد أنه غير صالح وينبغي تبديله فوراً، وهذا خطأ فادح ودليل على عدم دراية، فكون الزيت صافياً دون أوساخ أو شوائب يعني أنه لا يقوم بوظيفته المطلوبة، وهذا دليل على أنه فاسد أو مغشوش، والمشكلة الأخرى هي أن يقوم الميكانيكي بقياس اللزوجه بيده، وهذه مشكلة كبيرة، لأن قياس لزوجه الزيت يحتاج إلى مدة طويلة ومختبرات عالية المستوى.
وأضاف القواسمي: "إن فحص الزيت يتم فقط في إسرائيل، ولدى الشركة الفلسطينية مختبر وخبرة كبيرة وعالمية، فقد كانت شريكة مع شركة فرنسية متخصصة".
وتوفر الزيوت المعدنية عشرات محال بيع قطع وكماليات السيارات ومحطات الوقود لمن يحتاجها، وغالباً ما يعتمد السائق نصيحة البائع أو الميكانيكي دون تدقيق أو دراية.
محمد طه، صاحب محل لبيع زيت السيارات في رام الله، قال: "لدينا ماركات وأنواع كثيرة، وجميعها مرفقة ببطاقات تبين المواصفات وتحدد المسافة التي يمكن للمركبة السير بها بأمان وهو يقوم بوظائفه، وأغلب السائقين يطلبون زيتاً من ماركة معينة، ولكنهم يفشلون غالباً في طلب الزيت الملائم، الماركة والسعر هي التي تحدد، ونحن ننصحهم ونحاول مساعدتهم، لكن أغلبهم يتمسك بنصيحة الميكانيكي التي غالباً ما تكون  غير ملائمة، كما أن صلاحية الزيت الموجودة على بطاقة البيان تبقى اسمية فقط، ويجب تبديله قبل قطعها بكثير.
وأضاف: "على سبيل المثال، تظهر بطاقة بيان زيت "التيتان" أنه صالح لقطع 21 ألف كيلو متر، ولكنه يغير بعد 5 آلاف، و"الجات الألماني" 12 ألفاً، ويبدل بعد 5 آلاف، وكذا الحال مع زيت "كاسترول التركي".. إلخ".
 
بداية حكاية الغش
ويقول طه: "متى تعلق الأمر بالأسعار، فالأمر غير مرتبط بالماركة، أسعار الماركات غالباً متقاربة، ولكن الفرق هائل في السعر بين أرقام زيوت الماركة ذاتها، وهذا ما لا يدركه الكثيرون، والورش تريك في أحيان كثيرة سعر زيت من رمز معين، ويضع زيتاً من رمز آخر من ذات الماركة، فيجني 3 أو 4 أضعاف الربح بسهولة، وفي ذات الوقت يعرض المحرك للتلف على المدى البعيد".
وتابع: "للعلم، فإن ما يميز سعر زيت عن زيت هو أرقامه، وهذا ما لا يراعيه الناس عند التبديل، فمثلاً زيت الـ 5/ 30 يباع بـ 130 شيقلاً، وهناك رقم زيت من نفس الماركة بسعر 40 شيقلاً. وهناك زيت يوضع لكل السيارات القديمة، يباع بسعر 40 لكل 4 لتر، وهو لزج كفاية، حيث أن المركبات القديمة تحتاج إلى زيت ذي لزوجة أعلى، وهذا النوع يستعمل لسيارات أنتجت قبل عام 2000، وهناك ميكانيكيون يستخدمونه لكل مركبة تحتاج إلى تبدل زيت، دون مراعاة ملاءمته لها".
 
وتتولى محطات غسيل و"تشحيم" المركبات وورش صيانة المركبات، بدءاً من الإطارات أو العوادم، مروراً بالكهربائي وورش الطلاء والتجليس، وصولاً إلى فنيي الميكانيكا، مستخدمين الحفرة وحتى الدلاء لإفراغ الزيت المستهلك والتخلص منه في العراء، أو بيعة لمن يطلبه، ما يسبب أيضاً مشكلة بيئية وجمالية.
ويكمن جانب من الغش في عدم قدرة غير المتخصصين غالباً على اختيار وتوفير الزيت الملائم للمركبة، وأغلب هذه الورش لا يتوفر فيها أكثر من صنفين من ماركة أو اثنتين يفاضل بينهما صاحب المركبة، من أصل سلة قد تزيد على 20 درجة من كل ماركة، وبين رقم وآخر يقوم فارق كبير في سعر الزيت.
إبراهيم، وهو اسم مستعار لصاحب ورشة، وفني كهرباء مركبات كهرباء في رام الله، يعتقد أن لديه خبرة كافية وإلماماً بالزيوت المعدنية، ويقول إنه يجيرها لخدمة زبائنه وتبديل زيوت مركباتهم باستخدام دلاء للتخلص من الزيت المستخدم.
ويحتفظ إبراهيم بعبوات من ماركتين مختلفتين، ويوفر رقماً واحداً لمحركات البنزين وآخر للديزل من كل ماركة فقط من عبوات الأربعة لتر، ونوعين أقل شهرة وسعراً من عبوات ذات لتر واحد بسعر 15 شيقلاً، ويستخدمها لسائر المركبات، بغض النظر عن سنة الإنتاج ونوع وموديل المركبة والمحرك، فالفرق الوحيد الذي يعترف به هو فقط الديزل والبنزين، أما الباقي فهو، في رأيه، هراء، وتبديل الزيت لديه يكلف 180 شيقلاً.
وتبيع أغلب محطات الوقود الزيوت المعدنية، وأغلبها توفر نوعاً واحداً لمركبات البنزين وآخر للديزل، ومنها ما يعرض عبوات مكتوب عليها فقط "زيت موتور".
ويقول صاحب محطة وقود قريبة من مدينة رام الله إن هذا الزيت ملائم لسائر أنواع المركبات، وهو زهيد ثمنه 10 شيقل للتر، وأغلب السائقين يقبلون عليه لتعويض النقص في مستوى الزيت في المحرك، وليس للتبديل الكامل.
 مكرهة بيئية
ويشتكي المواطنون، وخصوصاً في القرى، من آثار وتداعيات طريقة التخلص من الزيت المستهلك في الورش، والتي تقوم أغلبها إلى جوار منازلهم، حيث تستخدم الدلاء لتجميع الزيوت القذرة ويلقى بها في العراء في مكان مجاور، متسببة بمكرهة صحية وبيئية.
ويعتقد الأهالي أن طريقة التخلص من الزيت المستبدل واستخداماته اللاحقة تشكل خطراً جديداً على البيئة، وتسبب السرطانات، حيث يلقى في مجاري الصرف الصحي في المدن وفي حقول القرى، أو يتم حرقه أو استخدامه في التدفئة.
محطات متخصصة
ويقل عدد المحطات المتخصصة في تبديل زيوت محركات المركبات في مدينتي رام الله والبيرة عن عدد أصابع اليد الواحدة.
أبو فؤاد، صحاب واحدة من محطات قليلة متخصصة في تبديل زيوت المحركات تقوم قرب المقاطعة في رام الله، يقول: "في فلسطين، حيث العلامة التجارية هي أساس الاختيار، لا يحتاج الميكانيكي لغش الزيت لمضاعفة الربح، يكفي أن يستخدم رقماً أو حرفاً مختلفاً من ذات الماركة لجني أضعاف سعر الزيت الفعلي، وهذا ما يحصل".
وأضاف: "القصة ليست قصة زيت مغشوش، وإنما قصة جودة وملاءمة، فكل مركبة تتطلب زيتاً بمواصفات ولزوجة محددة، قد لا تناسب سياره أخرى أو محركاً من طراز مختلف في ذات النوع من المركبة، فعلى سبيل المثال، السيارات الألمانيه لها زيوت خاصة ضمن المواصفات الأوروبيه، والزيوت الأمريكية لا تتماشى مع السيارات الألمانية".
ويتابع: "للتوضيح، يوجد من زيت كاسترول ثلاثة أنواع، ولكن هناك نوع للسيارات الأمريكية وآخر ألماني، وهناك نوع  كوري يجوز استخدامه للنوع الأمريكي بشكل بديل، ولكن إذا وضعناه على سياره أخرى من نوع فورد مثلاً، سوف يتسبب بصوت مزعج، وفي هذه الحالة سيقال إن الزيت مغشوش، ولكن المشكلة هي أنه لم يتم وضع الزيت المناسب للسيارة".
وأضاف: "أنا شخصياً أقلل من شأن الغش في الزيت ذاته، الغش الأكبر يكون بوضع الزيت الخطأ، والميكانيكي ليس لديه خبرة بالزيت المناسب للسيارة، والكارثة هي عدم الاختصاص، والسائقون يعتبرون كلام الميكانيكي مقدساً، وارتفاع سعر الزيت ليس دليلاً على جودته، المهم هي المواصفات التي يتمتع بها الزيت، وبما يضمن تقليل استهلاك الوقود وخفض صوت المحرك والحفاظ على عمر المحرك".
وقال: "إن صلاحية أي زيت داخل المحرك هي 6 شهور، والدخان المنبعث من العادم مؤشر على صلاحيته، فالزيت الجيد ينجم عنه دخان أبيض".
مخالف للمواصفات
وتشير جهات الاختصاص الرسمية إلى وجود عمليات غش في قطاع الزيوت المعدنية، وإلى عمليات تهريب متواصلة، حيث ضبطت دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني تاجراً في الخليل أثناء محاولته تسويق 17 طناً من زيت "الهيدروليك"، حيث أظهرت نتائج فحص أجري في مختبر في المملكة الأردنية الهاشمية عدم مطابقة العينة للمواصفات الفلسطينية، وجرى التحفظ على الكمية بالتعاون مع الهيئة العامة للبترول، وإحالة ملف القضية للنيابة العامة لاتخاذ المقتضى القانوني.
زيت مكرر
وضبطت الطواقم لدى تاجر آخر من الخليل صهريجاً يحتوي على زيت معدني مكرر مصدره إسرائيل، وأثبت فحص العينة أنه زيت مستخدم أعيد تكريره، ولا يصلح للاستخدام في محركات المركبات. وزعم التاجر أنه يبيع هذا الزيت لاستخدامات أخرى كالتشحيم أو كوقود، أو للاستخدام في المناشير، ولا يستخدمه  للمحركات.
شهود عيان قالوا إن أشخاصاً يتولون جمع عبوات الزيوت المعدنية الفارغة من محطات الوقود أو من ورش التصليح ومحطات تغيير الزيوت، والتي غالباً ما تحمل ماركات زيوت عالمية، ويبيعونها لجهات قد تعيد تعبئتها بزيوت مكررة أو قليلة الجودة والكفاءة.
4 من 6 مغشوشة
وأظهر فحص مخبري أجرته مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية على 6 عينات جمعتها فرق التفتيش التابعة للإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني بعد الاشتباه بها، أن 4 منها انطوت على عيوب وغش ومخالفات جسيمة.
نائب مدير الدائرة الفنية في المواصفات والمقاييس، مهى القاضي، عرضت نماذج من عينات زيوت تم ضبطها، وقالت: "أظهر الفحص أنها عديمة اللزوجة، وبالتالي عديمة الكفاءة ولا يمكنها أن تقوم بوظائف الزيت في حماية المحرك والحفاظ على عمره الافتراضي وتبريده وتقليل استهلاك الوقود"، لافتة إلى أن العينات الست هذه أخذت مؤخراً من شمال ووسط وجنوب الضفة، وأظهرت مخالفات ووجود غش.
هيئة البترول مقصرة
وترى القاضي أن الهيئة العامة للبترول لم تعمل كفاية في هذا المضمار، والزيوت التي تأتي عبر إسرائيل لا يتم فحصها، المهم لديهم (الإسرائيليين) هو الأمن، وتابعت: "هم لديهم محطة باز التي تصنع الزيوت المعدنية، والمستوردون الإسرائيليون قليلون، وأغلب الزيوت لدينا مستوردة من الخارج، وعندنا مصنع وطني واحد، والمشكلة الكبرى هي أن الزيوت التي تأتينا من إسرائيل مكررة ويعاد بيعها على أساس أنها جديدة، لافتة إلى أنه حتى الزيوت التي يتم تغييرها تأخذ ويعاد تعبئتها.
وأضافت: "بدأت دائرة وجمعية حماية المستهلك حديثاً بالرقابة على هذا القطاع، وقدمت لنا مؤسسة المواصفات والمقاييس عينات تم فحصها في جامعة بيرزيت، وأظهرت النتيجة وجود عينات مطابقة وأخرى مخالفة، والأخيرة كانت أكثر"، مشيرة إلى أن فحوصات المنتج المحلي للشركة الفلسطينية للزيوت المعدنية كانت ممتازة تقريباً من حيث اللزوجة ودرجة التجمد والانسكاب ونقطة الاشتعال، ولكن حصة الشركة الفلسطينية في السوق قليلة جداً، والزيوت المستوردة، بما فيها الإسرائيلية، تنافسها بشكل كبير بسبب سعرها  وقلة الرقابة".
وأضافت القاضي: "أظهرت فحوصات عينات من منتجات مستوردة من الخارج أن معظمها غير مطابقة من ناحية توفر العناصر الأساسية، وهذا المنتج من الصعب جداً ضبطه في السوق، حتى الآن على الأقل. ضبطنا في الخليل تاجراً يبيع الزيت في براميل تشبه خزانات المياه، ويقوم بتعبئة الزيوت من حنفية في عبوات جديدة يوضع عليها ليبل، وكانت رائحة السولار تفوح منها، والتاجر ادعى أنه يبيع هذا الزيت لمناشير الحجر"، مؤكدة أن الغش يتفاقم ويتحول إلى ظاهرة في هذا القطاع الهام.
هزار أبو بكر
مديرة دائرة الرقابة في وزاره الاقتصاد، هزار أبو بكر، قالت: "كثفت طواقمنا جولاتها على الأسواق لضبط قطاع الزيوت المعدنية، مقرة بتلقي شكاوى وضبط مخالفات جسيمة"، وأضافت: "نقوم بأخذ عينات لبعض الزيوت المشتبه بها وفحصها في مختبرات جامعة بيرزيت دورياً، بالتعاون مع المواصفات والمقايس، وعلى ضوء النتائج يتم سحب البضاعة من السوق، وتم ضبط وإتلاف الزيوت التي كانت مخالفتها جوهرية".
وأضافت: "تواصل الإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني سحب العينات بالتعاون مع الهيئة العامة للبترول ومؤسسة المواصفات والمقاييس، للتأكد من مدى مطابقة زيت المحركات المتداول في السوق للمواصفات الفلسطينية".
مواصفة فلسطينية
وأصدرت مؤسسة المواصفات والمقاييس، في إطار جهودها لتنظيم قطاع الزيوت المعدني، قائمة بالمواصفات المتعلقة بزيوت السيارات، ومنها المواصفة رقم 800 – 2008 الزيوت المعدنية- المزلقات السائلة الصناعية- التصنيف حسب اللزوجة، المواصفة رقم 848 – 2005 زيوت تزييت تروس المركبات، المواصفة رقم 633 زيت تزييت معدني بدون إضافات، المواصفة الخاصة بزيوت الهيدروليك، والزيوت الخاصة بالبريك (الفرامل) والزيوت الخاصة بالتروس الصناعية، والمواصفات الخاصة بطرق الفحص، حيث تمت تغطية كافة المواصفات الخاصة بطرق الفحص، والمواصفة الخاصة في طرق أخذ العينات.
مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس، المهندس حيدر حجة، قال: "إن سوء استخدام الزيوت المعدنية، أو استخدام الزيوت غير الصالحة وغير الملائمة  للاستعمال، يقلل من العمر الافتراضي للسيارات بمعدل 5 سنوات من عمر السيارة"، مشيراً إلى أن زيوت المحركات تتكون من تركيبة كيميائية خاصة، تقوم بالعديد من المهام التي تساهم في إطالة عمر محرك السيارة والحفاظ عليه ورفع كفاءته، خصوصاً أن الزيت يعمل على تقليل الاحتكاك بين أجزاء المحرك ومنع تآكلها، مع خفض درجات الحرارة الناتجة عن هذا الاحتكاك، ونقلها من خلال دورة الزيت إلى خارج قلب المحرك.
وتحذر وزارة الاقتصاد الوطني التجار من استيراد أو بيع زيوت معدنية لا تحمل بطاقة بيان، تبين فيها طبيعة الاستخدام والمعلومات المطلوبة حول هذا الزيت، ملوحة باتخاذ خطوات عملية لتنظيم هذا القطاع، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، وفتح أبواب الوزارة وهواتفها لاستقبال شكاوى مواطنين ترى عيونهم الغش ولا تبصر المراقبين!