الأحد  05 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"التسلل إلى إسرائيل".. الأهداف متعددة والوجهة واحدة

2019-07-31 03:07:26 PM
تسلل الى إسرائيل

الحدث - رولا حسنين

ظاهرة التسلل إلى دولة الاحتلال ليست بالجديدة، ولكنها باتت ظاهرة متعددة الأهداف، ما بين فعل مقاوم  وأهداف اقتصادية وأمنية، ولعل الكثير من تقارير جيش الاحتلال تشير إلى تنامي هذه الظاهرة على الحدود الفاصلة بين الضفة الغربية والخط الأخضر، والتي تأتي في سياق إما تنفيذ عمليات مقاومة، أو لأهداف اقتصادية لشخوص لا يصدر لهم الاحتلال تصاريح عمل بحجج أمنية، فيضطرون للتسلل إلى الداخل في سبيل الحصول على العمل الذي غالباً ما يكون في ورش البناء، والبعض يرى أن العمل هناك يجني المال أضعاف ما يجنيه العامل في السوق المحلي الفلسطيني.

أما الأهداف التي تستدعي سكان قطاع غزة للتسلل إلى أراضي الخط الأخضر رغم وجود عوائق أمنية خطيرة أقامها الاحتلال على الحدود مع القطاع؛ فإن الأهداف غالباً ما تندرج تحت ثلاثة أُطر، أبرزها الهروب من الواقع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه قطاع غزة خاصة بعد شنّ الاحتلال عدة حروب عليه أنهكت البنية التحتية وفرضه الحصار القائم الذي عمره أكثر من 13 عاماً والذي أدى إلى تراجع مستوى المعيشة إلى ما دون الصفر، وإطار آخر يأتي في سياق محاولة هروب بعض الأشخاص من قضايا جنائيّة، وهروب عملاء الاحتلال من قبضة المقاومة بعد شعورهم بالخطر. وما يلفت الانتباه أكثر أن ظاهرة التسلل هذه من الممكن أن نشير إلى كونها حالة يومية. ويتم اعتقال المتسللين من قطاع غزة ونقلهم إلى مراكز تحقيق "الشاباك" لمعرفة دواعي تسللهم، والعمل على محاولات إسقاطهم وتجنيدهم لصالح الاحتلال، الأمر الذي يثير قلق المجتمع الغزيّ.

وبحسب تقارير لمنظمات حقوقيّة نقلت إفادات بعض المتسللين الذين عادوا إلى القطاع بعد اعتقالهم، فإن جهاز "الشاباك" يُخضع المتسللين لأسئلة أمنية بحتة حول نقاط المقاومة، وتجلب خرائط لتحديد إحداثيات تواجد المقاومة ومرابض الصواريخ والأنفاق. هذا إذا تبيّن أن دافع التسلل اقتصادي فتحيلهم للاعتقال لمدة تتراوح ما بين شهرين وسبعة أشهر، ثم تفرج عنهم إلى غزة، حيث تستقبلهم الأجهزة الأمنية المختصة في القطاع وقد توقع عليهم عقوبة السجن، كما وتخضعهم للمراقبة للتأكّد من عدم التورّط في التخابر مع الاحتلال، ما يعني أن غالبية المتسللين من القطاع تكون دوافعهم اقتصادية. الخبراء العسكريون في جيش الاحتلال، ينظرون إلى ظاهرة التسلل على أنها ذات أبعاد أمنية سلبية، خاصة تلك التي تنفذ على الحدود الشرقية لقطاع غزة، تتمثل في ضعف الرقابة الأمنية الإسرائيلية هناك، ومعرفة شاملة من قبل الشبان الفلسطينيين المتسللين بجغرافيا التسلل والوصول إلى أهدافهم، رغم أنهم في الأوضاع الطبيعية يمنعون من الوصول إليها. الأمر الذي يعتبره الخبراء خطراً على دولة الاحتلال القائمة بالأساس على هذه الحدود التي تحفظ وجودها. هذه الفرضية تناولها جيش الاحتلال بعد حادثة تسلل 3 شبان من القطاع وبحوزتهم أسلحة ووصولهم الى إحدى مستوطنات الغلاف، ما أشار إلى حالة اختراق وفشل للشاباك الذي لم يعلم عن الموضوع، فشل منظومة المراقبة التي لم تراهم، فشل منظومة الإنذار المبكر على السلك الفاصل التي لم تنطلق للتحذير، وأيضاً فشل المطاردة التي استمرت فترة طويلة والتي كانت لدى الشبان العديد من الفرص لتنفيذ عمليات ضد أهداف كثيرة على امتداد هذه الفترة. وحول ذلك علّق المختص في الشأن الإسرائيلي عماد عوّاد لـ "الحدث": إن الدافع الاقتصادي هو الذي يدفع الفلسطينيين في الضفة للتسلل إلى دولة الاحتلال، وتشير آخر احصائيات الاحتلال عن وجود نحو 50 ألف فلسطيني يعملون في الداخل دون تصاريح. وجزء بسيط جداً يذهب لدافع المقاومة.

ولا تتوقف ظاهرة التسلل على الفلسطينيين إلى أراضي دولة الاحتلال، ولا يمكن قياسها مقارنة بظاهرة تسلل الأفارقة إليها أيضاً، حيث تسللهم يكون بأعداد كبيرة، وبشكل مستمر من جنوب أفريقيا وإثيوبيا والسودان.

وعودة إلى التاريخ، فإن إثيوبيا تربطها بإسرائيل علاقات تاريخية يظن كثير من سكانها أن جذورهم تعود إلى سلالة داود وسليمان عليهما السلام، فيما يتوجه مسيحيوها إلى كنائس القدس المحتلة في الأعياد، ومع هجرة اليهود الفلاشا الإثيوبيين إلى إسرائيل عام 1985، من خلال عملية نزوح أطلق عليها "موسى عبر السودان"، إبان حقبة الرئيس الإثيوبي الراحل جعفر نميري، وهذا ما زاد معظم الإثيوبيين قناعة بأن هناك صلة دم تجمعهم مع الإسرائيليين، مستدلين بوجود اليهود الفلاشا في إثيوبيا في إقليم الأمهرا، واستغلت إسرائيل كل هذه الأمور لتقيم علاقات اقتصادية وسياسية مع الحكومات الإثيوبية المتعاقبة. وبدأ الأفارقة بالتسلل الى دولة الاحتلال.

وفي عام 2012 أقرت دولة الاحتلال قانون منع التسلل، يعاقب طالبي اللجوء على عبور الحدود إلى داخل إسرائيل بشكل غير قانوني، بما يخالف حقوقهم الأساسية. وحينها طالب منظمة هيومن رايتس ووتش بالعدول عن تعديلات القانون.

قام الكنيست في 10 يناير/كانون الثاني بتعديل قانون منع التسلل لعام 1954 بحيث يعرّف "المتسلل" بأنه كل من يعبر الحدود  بشكل غير قانوني. ويسمح القانون للسلطات الإسرائيلية باحتجاز كافة عابري الحدود غير القانونيين، بمن فيهم طالبي اللجوء وأطفالهم، لمدة ثلاث سنوات أو أكثر قبل ترحيلهم. يسمح القانون للمسؤولين أيضاً باحتجاز بعض الأشخاص إلى أجل غير مسمى، حتى لو أقر مسؤولو مراقبة الحدود بأنهم قد يتعرضون للاضطهاد إذا أعيدوا إلى بلدانهم.

وبحسب القانون فإن احتجاز عابري الحدود غير القانونيين يندرج تحت الإجراءات الإدارية، مما لا يضمن لهم الاستعانة بمحام للطعن على الاحتجاز. الأمر الذي رفضته هيومن رايتس ووتش واعتبرت أن من شأنه انتهاك الحظر على الاحتجاز التعسفي بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

ووفقاً لإحصائيات المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنه من عام 2005 حتى عام 2012، دخل إسرائيل نحو 60,000 أفريقي من مكان ما على الحدود المصرية الإسرائيلية الممتدة بطول 240 كيلومتراً، بعد عبور صحراء سيناء. يقع كثير من المهاجرين وطالبي اللجوء ضحايا عصابات الإتجار في البشر في الطريق إلى إسرائيل، وخاصة في سيناء.

تقوم إسرائيل ببناء سور بطول الحدود لمنع العبور بشكل غير قانوني، وتقوم بتوسعة مرفق احتجاز لعابري الحدود غير القانونيين من 2000 سرير إلى نحو 5400، حسب تصريحات منظمات إسرائيلية للدفاع عن حقوق اللاجئين.4

بدوره أكد أبو عواد لـ "الحدث" أن تسلل الأفارقة لإسرائيل غالبيتهم من السودان وإريتريا يكون هدفهم اقتصاديا بحت، إذ يبحثون عن فرص عمل وإيجاد ملجأ والتخلص من الاضطهاد من بلادهم على اعتبار أن إسرائيل دولة ديمقراطية. وبعد العيش فيها يتفاجأون من حجم العنصرية تجاههم فيها.

وأضاف: يقدر عدد الأفارقة في دولة الاحتلال نحو 40 ألف، ويعيشون في جنوب "تل أبيب" وطرحت حكومة الاحتلال مؤخراً مشروع قانون لإبعادهم إلى دول أخرى مقابل دفع مبلغ مادي معيشي بسيط لهم.