الحدث - جهاد الدين البدوي
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريراً للكاتبين جوليان بارنز وإريك شميت وتحدثا فيه ان تراكم ترسانة خفية من الصواريخ قصيرة المدى في العراق هو أحدث مؤشر على فشل الجهود الأمريكية لردع إيران.
ونقل الكاتبان عن مسؤولين أمريكيين في الاستخبارات والجيش أن إيران استغلت الفوضى المستمرة في العراق لبناء ترسانة خفية من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى في العراق، وذلك كجزء من جهد متزايد لمحاولة إرهاب منطقة الشرق الأوسط وتأكيد قوتها.
ووفقاً للصحيفة الأمريكية يأتي هذا التحرك في الوقت الذي أعادت الولايات المتحدة بناء وجودها العسكري في الشرق الأوسط لمواجهة التهديدات الناشئة للمصالح الأميركية، بما في ذلك الهجمات على ناقلات النفط ومنشآته التي ألقى مسؤولو الاستخبارات باللوم فيها على إيران. ومنذ شهر مايو، أرسلت إدارة ترامب حوالي 14000 جندي إضافي إلى المنطقة، لدعم الوحدات القتالية في الاساطيل البحرية وأنظمة الدفاع الصاروخي.
ويرى الكاتبان بأن المعلومات الاستخباراتية حول تخزين إيران للصواريخ في العراق هي أحدث مؤشر على أن جهود إدارة ترامب لردع طهران بزيادة الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط قد فشلت إلى حد كبير.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية إن الصواريخ تشكل تهديداً لحلفاء الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل والسعودية، وقد تُعرض القوات الأميركية للخطر.
وتوضح الصحيفة أن إيران والعراق تعرضتا في الأسابيع الأخيرة للاحتجاجات العامة والعنيفة في بعض الأحيان، وفي العراق البعض يحتج على النفوذ الإيراني.
ونقلت الصحيفة عن النائبة إليسا سلوتكين، عضو مجلس النواب الأميركي عن لجنة القوات المسلحة خلال مقابلة معها: "لا يريد العراقيون أن يقودهم الإيرانيون. لكن لسوء الحظ، بسبب الفوضى والارتباك في الحكومة المركزية العراقية، فإن إيران هي للمفارقة الأكثر استعداداً للاستفادة من الاضطرابات الشعبية".
وتشير الصحيفة إلى أن المسؤولين الإيرانيين لم يردوا على طلب التعقيب.
ومن جهة أخرى أكد مسؤولون عسكريون واستخباراتيون أميركيون إن طهران تخوض حرب ظل، وتضرب دولاً في الشرق الأوسط، لكنها تخفي أصل هذه الهجمات لتقليل فرصة إثارة رد فعل أو تصعيد القتال.
وتابعت الصحيفة القول" "إن وجود ترسانة من الصواريخ خارج حدودها تعطي مزايا للحكومة الإيرانية في أي مواجهة مع الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين. وإذا قصفت الولايات المتحدة أو إسرائيل إيران، فقد يستخدم جيشها الصواريخ المخبأة في العراق للرد. ومجرد وجود هذه الأسلحة يمكن أن يساعد أيضاً في ردع الهجمات.
ووفقاً للصحيفة لم يناقش مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية تفاصيل عن الصاروخ الباليستي الذي هربته إيران إلى العراق. لكن الصواريخ قصيرة المدى يصل مداها إلى ما يزيد قليلاً عن 600 ميل، ما يعني أن صاروخاً يطلق من أطراف بغداد يمكن أن يضرب القدس.
وكان مسؤولو الاستخبارات الأميركية حذروا العام الماضي للمرة الأولى من صواريخ إيرانية جديدة في العراق. وشنت إسرائيل غارات تهدف إلى تدمير الأسلحة الإيرانية المخفية. لكن منذ ذلك الحين، قال المسؤولون الأميركيون إن التهديد يتزايد، وإنه يتم نقل صواريخ باليستية جديدة سراً.
وتضيف الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين أكدوا على أن إيران تستخدم الميليشيات الشيعية العراقية، التي أمدتها منذ فترة طويلة بالسيطرة والتحكم لتحريك الصواريخ وإخفائها، وأوضحوا أن الميليشيات التي تدعمها إيران سيطرت فعلياً على عدد من الطرق والجسور والبنية التحتية للنقل في العراق، ما يسهل من قدرة طهران على التسلل إلى داخل البلاد.
وأوضحت الخبيرة في شؤون الجماعات الشيعية "سلوتكين" والتي زارت بغداد مؤخراً: "ان الناس لا يولون اهتماماً كافياً لحقيقة أن إيران وضعت صواريخ باليستية في العراق العام الماضي، ما يمكنها من نشر العنف في المنطقة".
وقد حذرت الخبيرة سلوتكين المسؤولين العراقيين من التهديد الإيراني، وأخبرتهم بأنه إذا أطلقت إيران صاروخاً من الأراضي العراقية، فقد يهدد ذلك الجهد التدريبي الأميركي في العراق وغيره من أشكال الدعم من الولايات المتحدة.
وقد صرح وكيل وزارة الدفاع، جون سي رود يوم الأربعاء الماضي أن الولايات المتحدة قلقة من عدوان إيراني محتمل في المستقبل القريب، لكنه لم يقدم تفاصيل حول أثار مخاوف المسؤولين. وذكرت شبكة سي إن إن الثلاثاء الماضي أن مسؤولي الاستخبارات الأميركية حذروا من تهديدات إيرانية جديدة ضد القوات الأميركية في الشرق الأوسط.
وترى الصحيفة أن التوترات في الخليج الفارسي تصاعدت بشكل كبير بعد الهجمات على ناقلات النفط هذا الربيع، خاصة قبالة ساحل الامارات العربية المتحدة، فضلاً عن الغارات الصاروخية والطائرات المسيرة على حقول النفط السعودية في سبتمبر الماضي، والقت إدارة ترامب وحلفاؤها الاوروبيون باللوم على إيران التي نفت مسؤوليتها عن الهجمات.
وقد اختار السيد ترامب توجيه ضربة عسكرية رداً على تلك الهجمات، لكنه سمح لقيادة الأمن السيبراني في الولايات المتحدة بضرب أهداف في إيران، رغم أن مسؤولي الجيش والمخابرات قالوا إن مثل هذه الهجمات الإلكترونية من غير المرجح أن تردع طهران.
وفي العام الماضي ذكرت وكالة رويترز أن إيران نقلت صواريخ باليستية إلى العراق. وفي تقرير علني صدر الشهر الماضي، وفي تقرير علني صدر الشهر الماضي ذكرت وكالة الاستخبارات الدفاعية أن الصواريخ الباليستية الإيرانية كانت "مكوناً أساسياً لرادعها الاستراتيجي".
وتقوم طهران ببناء ترسانتها الصاروخية لردع الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية عن مهاجمتها.
في الوقت الذي أدت فيه عقود من العقوبات الدولية إلى اضعاف الجيش الإيراني، قال تقرير الوكالة ان إيران استثمرت في بنيتها التحتية، مما يسمح لها بمواصلة تطوير صواريخ كروز والصواريخ الباليستية.
وتشير الصحيفة إلى أن إيران استخدمت صواريخ كروز متطورة لمهاجمة منشأتي النفط السعوديتين في سبتمبر الماضي، وأخفت على الأقل ولبعض الوقت مصدر الضربة التي انطلقت من إيران، لكنها طارت حول الخليج الفارسي قبل أن تضرب هدفيها.
وتذكر الصحيفة ان وضع الصواريخ الايرانية في العراق من شأنه أن يسمح للحكومة الإيرانية بإثارة شكوك أولية حول مصدر الهجوم. كما أن إخفاء المسؤولية، ولو لفترة قصيرة فقط، هو جزء أساسي من استراتيجية الحرب الهجينة الإيرانية التي تحاول الضغط على الخصوم من دون إثارة أزمة أكبر أو حتى حرب.
وقد أعلن الجنرال كينيث إف ماكنزي جونيور، قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي، إنه لا يعتقد أن التعزيز الدفاعي الأمريكي قد ردع طهران. وقال الشهر الماضي إنه يتوقع أن تحاول إيران شن هجمات إضافية في المنطقة.
