الحدث ـ محمد بدر
نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تقريرا يرصد ويحلل مغزى التقارير الأمريكية التي تحدثت بعد اغتيال قاسم سليماني عن مشاركة المخابرات الإسرائيلية في تحديد مكان سليماني ومدى تأثير ذلك على الأمن الإسرائيلي.
ورصدت الصحيفة تعليقات لإسرائيليين على تقرير شبكة أن بي سي الذي انفرد بنشر معلومات عن مشاركة المخابرات الإسرائيلية في عملية الاغتيال، وأظهرت التعليقات استياء شديدا من نشر هكذا معلومات لأن ذلك يدفع إيران أو بعض حلفائها للانتقام من "إسرائيل".
وبالتوازي مع تقرير أن بي سي، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا عن اغتيال سليماني بعنوان "سبعة أيام من يناير: كيف دفع ترامب الولايات المتحدة وإيران إلى شفا الحرب"، ولخص التقرير الأحداث التي أعقبت وسبقت اغتيال الجنرال سليماني.
ورغم أن تقرير نيويورك تايمز لم يشر إلى أي مساهمة مخابراتية إسرائيلية في اغتيال سليماني، لكنه أضاف عنصرًا آخر إلى لغز الاغتيال وهو أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو كان الزعيم الوحيد في العالم الذي تلقى إشعارًا مسبقًا بالضربة.
واعتبرت جيروزاليم بوست أن هناك العديد من الأسباب التي تدفع "إسرائيل" للاحتفاظ بمثل هذه المعلومات، أهمها؛ أن "إسرائيل" لا تريد إعطاء إيران أو حلفائها أي مبرر لضرب أهداف إسرائيلية. لكن ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون تقرير أن بي سي عاملا حاسما في قرار إيران أو حلفائها لضرب أهداف إسرائيلية.
وفي السياق سُئل رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، وزير جيش الاحتلال السابق، عن رأيه في تقارير وسائل الإعلام الأمريكية، ورد بالقول: "أعتقد أن أي شخص يتحدث بمعلومات كهذه يرتكب خطأ خطيراً".
وأضاف ليبرمان: "نحن بحاجة إلى البقاء بعيدا عن هذه القصة قدر الإمكان، وعندما تنشر صحيفة نيويورك تايمز شيئًا من هذا القبيل، فإنها تعتمد عمومًا على المصادر الإسرائيلية. أعتقد أنه يتعين علينا التحقق من هوية تلك المصادر الإسرائيلية".
وردا على سؤال حول ما إذا كانت لنتنياهو ربما مصلحة في هذا الوقت من وراء هذه التقارير التي تفيد بأنه كان الرئيس الوحيد الذي علم بالضربة مسبقا، أجاب ليبرمان: "لدي الكثير من الخبرة مع هذا النوع من التقارير، لا سيما مع صحيفة نيويورك تايمز، والتي تعتمد دائما على مصادر إسرائيلية. أعتقد أن ما حدث خطأ كبيرا. الغموض والصمت هو أفضل شيء يمكننا القيام به".
ووفقا للصحيفة، فإنه وتحديدا في عملية اغتيال سليماني، كان الغموض والصمت أذكى مسار للعمل، وهو ما يبرر ويفسر طلب نتنياهو من وزراء الحكومة بعدم التصريح بأي شيء بخصوص اغتيال الجنرال سليماني.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، هناك أيضًا صورة أخرى لتقارير وسائل الإعلام الأمريكية؛ فهي تُظهر درجة العلاقة الحميمة والتعاون بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، وهو أمر مهم أن يعرفه من وقت لآخر أعداء "إسرائيل" والجمهور الأمريكي على حد سواء.
وتابعت الصحيفة: "هذه التقارير ليست بالأمر السيئ لإسرائيل، في مواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها. عندما يرى أعداؤها مستوى التعاون القائم بينها وبين أقوى قوة عسكرية واستخباراتية في العالم قد يردعهم ذلك من القيام بأعمال عدائية ضد إسرائيل".
ووفقا للصحيفة، لقد تحدث كبار المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين كثيرًا منذ انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمستوى غير مسبوق من التعاون الأمني بين الطرفين، لكنهم عادة لا يقدمون أمثلة أو يضعون أي إطار لهذا التعاون.
وأوضحت الصحيفة أن مثل هذا الخطاب مطلوب بالنسبة لإسرائيل، فعلى سبيل المثال، قال رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي الشهر الماضي إن "العلاقات العسكرية بيننا وبين الولايات المتحدة غير عادية. أحيانًا ندخل غرفة مهام واحدة".
وترى جيروزاليم بوست أن هذا التنسيق مهم أيضًا بالنسبة للرأي العام الأمريكي، خاصة في الوقت الذي أدخل فيه المرشح الرئاسي الديمقراطي بيرني ساندرز في الخطاب السياسي الأمريكي السائد فكرة استخدام المساعدات الأمريكية لإسرائيل وسيلة ضغط على الحكومة الإسرائيلية.
وتختم الصحيفة تقريرها أنه بالنسبة للبعض في الولايات المتحدة، هناك انطباع خاطئ بأن العلاقة العسكرية مع "إسرائيل" ذات اتجاه واحد، وأن الولايات المتحدة تدفع الكثير من الأموال للإسرائيليين دون مقابل، وما يجب أن يعرفه الأمريكيون، أنهم يحصلون على عائد قوي من "إسرائيل"، وغالبًا ما يكون هذا العائد على شكل تعاون استخباراتي مع دولة تمتلك أفضل صورة استخبارية عن الشرق الأوسط؛ وهو أمر ذو أهمية حيوية لمصالح الأمن القومي الأمريكي.