الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خبير اقتصادي فلسطيني لـ"الحدث" يدعو القيادة للاستعجال في بناء استراتيجية مواجهة

ترامب ونتنياهو يقايضان الفلسطينيين مكاسب اقتصادية مقابل تنازلات سياسية

2020-01-30 08:07:14 AM
خبير اقتصادي فلسطيني لـ
نتنياهو وترامب

 

الحدث – كرمل إبراهيم

دعا خبير اقتصادي فلسطيني القيادة الفلسطينية بكافة أطرها وهيئاتها وتنظيماتها إلى الاستعجال في بناء وإعداد استراتيجية مواجهة بأبعاد اقتصادية ثقافية شعبية رسمية دبلوماسية متفق عليها ابتداء من توحيد الصف والجهود والمواقف والمؤسسات ومغادرة المربع الانقسامي إلى الأبد.

وقال د. نصر عبد الكريم لـ"الحدث"، إنه يجب أن تسرع القيادة في ترتيبات داخلية لتمتين الجبهة الداخلية بخطوات سريعة تعطي إشارات واضحة للإسرائيليين والأمريكان بأن جبهتنا الداخلية تسير نحو التقوية وليس الضعف، لأنه كلما ضعفت الجبهة الداخلية تتفتح شهية الأمريكان والإسرائيليين وبعض العرب لفرض حلول.

 ولهذا السبب يعتقد عبد الكريم، أنه مهم جدا أن يبدي الفلسطينيون صرامة في الموقف وشجاعة ووحدة أكثر، باتخاذ خطوات على الأرض لأنه عندما تكون الساحة متاحة دون الإقدام على مغامرات يزداد الوضع سوءا.

تأتي تصريحات  د. عبد الكريم في إطار تحليله  لتخصيص الرئيس الأمريكي ترامب في خطته المعلنة  50 مليار دولار، لصالح الدولة الفلسطينية الجديدة، ولتخفيض معدلات الفقر بنحو الضعف، خلال 10 سنوات، ومنحهم العمل والوظائف، حتى يعتمدوا على أنفسهم، بدلا من الهبات والمعونات الخارجية، مقابل مطالبته الفلسطينيين العيش سلميًا إلى جانب إسرائيل.

مقايضة الفلسطينيين بتنازلات سياسية مقابل مكاسب اقتصادية

ويرى د. عبد الكريم، أن هذه المليارات طرحها ترامب من باب أنها جزرة للفلسطينيين (جائزة ترضية) تقدم لهم بعض الإغراءات والمكاسب الاقتصادية، والتي يعتقد أنها قد تكون مشجعة ومحفزة في قبول الشق السياسي من خطته، وكأنه يريد مقايضة الفلسطينيين بتقديم مكاسب ومزايا اقتصادية ومنافع محتملة مقابل تنازلات سياسية بموافقتهم على الشق السياسي من صفقته، ولهذا السبب جاء الشق الاقتصادي قبل السياسي وكأنه يعتقد أن الشق الاقتصادي سيسيل لعاب الفلسطينيين وبعض العرب، في ظروف السيادة فيها مؤجلة إلى أربع سنين إن استوفى الفلسطينيون المتطلبات والتزموا بشروط ترامب في صفقته فهذه منافع مؤجلة، وحتى ذلك الوقت لا توجد سيادة.

ويرى د. عبد الكريم، أن ترامب فضل بدء صفقته بتنفيذ الشق الاقتصادي على أمل أن ينجح في تمريرها على الفلسطينيين ويعطينا والإسرائيليين حسن سلوك ومن ثم السيادة، وإن لم يحصل فإن كل هذه المنافع والمكاسب الاقتصادية ستتبخر، لأن الصراع سيستمر والمواجهة ستحتدم، وبالتالي عندما يفقد الفلسطينيون خياراتهم ويشعروا بالإحباط تفتح المواجهة على الأرض وبشدة، عندها فإن كل هذه المكاسب ستندثر وتتبخر.

ولهذا السبب يقول الخبير الاقتصادي عبد الكريم: "أية جهد اقتصادي إن لم يأت في ظروف سياسية على الأقل ملائمة أو فيها رؤية واضحة وتقود إلى سيادة وحدود معترف بها ومنطقة جغرافية متصلة وبالحد الأدنى السيطرة على المعابر والموارد واستقلال ناجز وإخلاء المستوطنات، فعلى الأقل من الممكن أن تحظى مبادرة اقتصادية من هذا النوع بفرصة نجاح، ولكن أن تترك النتيجة السياسية مجهولة ومرهونة بمواقف أمريكا وإسرائيل وبالمفاوضات بين طرفين ليس بينهما ند هنا توجد إشكالية كبرى".

ويرى د. عبد الكريم، أن منهجية ما يطرحه ترامب في الشق الاقتصادي من صفقته خاطئة، وقال: "من أجل أن يقدر الفلسطينيون على الاستفادة من أي مبادرات اقتصادية؛ يجب أن يكون لديهم خريطة سياسية واضحة تقود في النهاية ولو بالتدرج إلى نتيجة حتمية مفادها أن فلسطين ستستقل وفق الشرعية الدولية المتفق عليها في كل قرارات الشرعية الدولية، تمتلك هذه الدولة كل مقدراتها وكامل سيادتها، وخلاف ذلك كل الجهد الاقتصادي سيتبخر.

وأشار عبد الكريم  إلى أن المانحين ضخوا حوالي 40 مليار دولار منذ عام 94 في الاقتصاد الفلسطيني، ولكن من انتفع منه هي دولة الاحتلال الإسرائيلي، وآثاره التنموية قليلة في المجتمع الفلسطيني وفشل في تفكيك العلاقة وهيمنة الاقتصاد الإسرائيلي على الاقتصاد الفلسطيني كما عجز عن انعتاق الاقتصاد الفلسطيني من حالته  للمساعدات. 

ويؤكد د. عبد الكريم أن المطروح اقتصاديا على الأقل في الجزء المتعلق بالاستثمارات الخاصة للقطاع الخاص لن يأتي، لأن المخاطر السياسية عالية ولا توجد حالة يقين، وبالتالي لن يأتي أحد ليستثمر على أمل أن يحصد النتائج بعد أربع سنوات في ظل عدم وجود حالة استقرار ومرشحة للتصاعد .

ويرى د. عبد الكريم أن الـ 50 مليار دولار التي أعلنها ترامب في خطته ليست استثمارات خاصة وإنما سيتم جمعها من دول ومؤسسات مصرفية عالمية ودول عربية ومن الاتحاد الأوروبي ودول أوروبية منفردة، وتقريبا 25% منها عبارة عن قروض ولذلك، فإنه يعتقد حتى لو افترض جدلا قبول فلسطيني لها فهي غير مضمونة ولن تأتي بنتائج مرجوة كما يعتقد ترامب وفريقه.

ويستبعد الخبير الاقتصادي عبد الكريم  ابتلاع الفلسطينيين الجزرة الأمريكية في الوقت الراهن، لكن ترامب ونتنياهو يراهنان منذ سنتين على تليين وتطويع بعض العرب إقليميا وهذا ما حصل ولكن لم تنضج الظروف الإقليمية عند العرب ليصبح هناك تطبيع كاف وعندما ينجز ذلك يصبح فرض الشروط الحل على الفلسطيني أسهل.

ولذلك قال د. عبد الكريم: "سيعمل الأمريكيون والإسرائيليون على محورين لإقناع ما تبقى من العرب بالخطة وجدواها وتعليق قبول ورضا من قبل بها مبدئيا واستقطاب حشد دولي لها قدر الإمكان، وبالتالي يريدون تهيئة الأجواء إقليميا ودوليا وربما نجد أنهم سيقدمون لبعض الدول التي يريدون موافقتها دعما ماليا أو اقتصاديا أو ترتيبات ما تساعدهم، والشق الثاني لإطلاق يد نتنياهو، وهذا ما هو حاصل فما يريد فعله نتنياهو هو قائم ولكنه يريد ترسيمه بقانون وباعتراف دولي بضم الأغوار والمستوطنات وتصبح جزءا من دولة الكيان، وما تبقى من أراضي الضفة ستترك للفلسطينيين لممارسة حياتهم الطبيعية دون تدخلات إسرائيلية فظة وسيسمحوا قدر الإمكان لإيجاد هامش حياة" طبيعية للناس لأنهم لا يريدون إغلاق الحائط لا للسلطة ولا للشعب حتى لا تشتد الأمور للمواجهة، الأمر الذي يصعب معها قبول وتنفيذ الصفقة، ولذلك سيمارسون الصدمات الكهربائية التدريجية وجس نبض وتوجيه ضربة هنا وهناك إلى أن يتم ترويض الأوضاع، لذلك منح الفلسطينيون فترة أربع سنوات للموافقة على الصفقة  ولإتاحة الوقت لإحداث نضج إقليمي ودولي وضعف الحالة الفلسطينية نتيجة للصدمات".

وبالتالي أكد عبد الكريم، أنهم يراهنون على ضعف أو إحداث تغيير في الحالة الفلسطينية، ويعتقدون أنه إن تمكنت إسرائيل من ترتيب أوضاع الضم والإلحاق لا يبقى أي خيار سوى القبول بالأمر الواقع، سواء رضي الفلسطينيون أم لا، فالمسألة لم تعد لها قيمة في حساباتهم.