السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الخدمة الإماراتية الأهم للمشروع الصهيوني.. ما علاقة منطقة النقب بذلك؟

2020-08-24 10:19:28 AM
الخدمة الإماراتية الأهم للمشروع الصهيوني.. ما علاقة منطقة النقب بذلك؟
النقب المحتل

 

 الحدث ـ محمد بدر 

ليس من قبيل الصدفة أن تجتمع اللجنة الحكومية الإسرائيلية المعنية بتطوير النقب بعد اتفاق "السلام" بين الإمارات و"إسرائيل". وسائل إعلام إسرائيلية قالت إن الاجتماع، الذي أجري عبر تقنية زووم وبعد انقطاع طويل، حضره أعضاء اللجنة برئاسة شلومو كري بالإضافة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وناقش الاجتماع، وفق الإعلام الإسرائيلي، تعزيز القضايا المتعلقة بتطوير النقب، بما في ذلك بناء مطار دولي  تأخر البدء ببنائه لأكثر من 40 عامًا، وذلك لاعتبارات تشغيلية، وأيضا نقل معسكر تابع للاستخبارات إلى الجنوب، والذي كانت الوحدة 8200 الاستخباراتية ترفض نقله.

نتنياهو قال خلال الاجتماع، "الاتفاق مع الإمارات فرصة اقتصادية ضخمة للنقب. إنهم مهتمون جدا بالاستثمار في إسرائيل وأنا أنوي أن أحمل استثماراتهم إلى النقب". ونفى أن يكون الاتفاق مع الإمارات قد تضمن موافقة على بيع أسلحة متطورة للجيش الإماراتي كما تشير تقارير عدة.

وتكشف دراسة سابقة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي، ترجمتها الحدث، عن أهمية تطوير النقب بالنسبة للمشروع الصهيوني، وقد فشلت معظم خطط التطوير هناك، لكن الإماراتيين كما يبدو، سيكونون الأداة الرئيسية في تطوير المشاريع الإسرائيلية هناك، وهو ما يعني خدمة المشروع الصهيوني في قضية تعتبر حساسة بالنسبة له وعلى سلم أولويات الأمن القومي الإسرائيلي.

بحسب الدراسة، منذ نشوء دولة الاحتلال الإسرائيلي، اعتمدت الحكومات الإسرائيلية سياسة استراتيجية هدفها توزيع السكان على كامل "الجغرافيا الإسرائيلية"، وعلى الرغم من الدعم الرسمي "الإسرائيلي" المتزايد لهذه السياسة؛ إلا أنه اتضح  في العقدين الأخيرين أن السكان في "إسرائيل" يتجهون للعيش في منطقة "غوش دان" (تل أبيب الكبرى) مما يؤثر على الوجود السكاني في منطقتي النقب والجليل. ولمواجهة هذه الظاهرة سعت الحكومة الإسرائيلية إلى دعم المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في منطقتي النقب والجليل، ومع ذلك ظلت الفجوة السكانية هائلة بين الشمال والجنوب، وذلك لأسباب كثيرة، أهمها العمالة والتعليم والصحة.

 وتعتبر "إسرائيل" أن توزيع السكان بشكل متساو نسبياً على كامل الجغرافيا؛ هو أمر مهم جداً لحماية الفضاء الجغرافي من الغزو من قبل الجيوش، كجزء من مفهوم "الدفاع المكاني" الذي يلعب فيه السكان دوراً مهماً في الدفاع عن الجغرافيا، وأيضاً، بالنسبة "لإسرائيل" فإن تركز السكان الفلسطينيين في الداخل المحتل في مكان ما يعتبر معضلة، وبالتالي تحاول إسرائيل تعزيز الوجود "اليهودي" في المناطق العربية كالجليل والنقب.

 وحسب الإحصائيات، فإن منطقة الوسط والتي تشكل 7% من مساحة "إسرائيل" يعيش فيها ما يقارب 7% من مجموع سكان "إسرائيل"، بينما يعيش في منطقة النقب والتي تشكل 60% من مساحة "إسرائيل" فقط 8%، أما في المنطقة الشمالية التي تمتد من الحدود اللبنانية حتى وادي "يسرائيل" فتشكل 16% من أراضي "إسرائيل" ويعيش فيها 15% من سكان "إسرائيل".

 والخطر الاجتماعي الذي تمثله الهجرات من مناطق الجنوب إلى مناطق الوسط، يتمثل في أن تكاليف الحياة في منطقة الوسط أعلى منها في المناطق الجنوبية، وبالتالي فإن الأسر التي تنتقل من الجنوب إلى الوسط هي فقط الأسر الغنية، أما الأسر الفقيرة فتبقى في الجنوب؛ لأنها لا تستطيع مواكبة نمط الحياة في الوسط، وهذه الظاهرة تؤدي إلى تكثيف الفجوات الاجتماعية والاقتصادية في "المجتمع الإسرائيلي"، وزيادة الشعور بالاغتراب والتجزؤ.

 الجدول التالي يوضح الفوارق في الأجور ونسب البطالة والعمالة في مناطق الجليل والنقب والوسط:

مؤشر المقارنة

منطقة الجنوب (النقب)

منطقة الشمال (الجليل)

منطقة تل أبيب (الوسط)

متوسط الأجور الشهرية

7439 شيقل

7035 شيقل

9444 شيقل

معدل البطالة

6.6%

6.2%

3.7%

نسبة الذين يتقاضون دون الحد الأدنى للأجور

39.8%

42.1%

33.1%

معدل المشاركة في القوى العاملة بالنسبة لعدد سكان المنطقة

61.7%

58.3%

69.5%

نسبة المشاركة في الوظائف النخبوية

22.4%

20.3%

30.15%

نسبة المشاركة في الوظائف التقليدية

56%

66%

53.5%

 

وبالنسبة لمنطقة الوسط، فإن هذه الكثافة السكانية تؤدي إلى تقلص المساحات المفتوحة فيه، كالشواطئ والمناطق الزراعية ومناطق الاستجمام، كما ويؤدي إلى بناء بنية تحتية ضخمة، وقد تصبح منطقة من أكثر المناطق ازدحاماً في العالم مما يؤدي إلى انهيار نظام النقل المحلي، وستؤدي كذلك الكثافة السكانية في الوسط إلى تدهور اجتماعي قد يعكس نفسه من خلال المظاهرات وعدم الشعور بالأمن الشخصي، وانحسار الآمال والتطلعات في العيش بنمط حياة جيد، مما يؤدي بالبعض إلى الاستثمار في الخارج على حساب الاقتصاد المحلي أو حتى الهجرة من "إسرائيل".

 

إن تقويض التوازن الديموغرافي في النقب والجليل يشكل تهديداً جيوسياسياً على "إسرائيل"، وهذا التهديد يمكن قراءته من خلال تاريخ الدول التي تشكلت أغلبية ديموغرافية على بقع جغرافية فيها، وهذه الأغلبية تشكلت لديها نخبة طالبت بالاستقلال إما بشكل عنيف أو بشكل سلمي، وتنبع المخاوف الإسرائيلية من أن يتحول الشعور لدى المجتمع الفلسطيني في المناطق المحتلة إلى شعور أقليات داخل "إسرائيل"، خاصة مع تذمر فلسطينيي الداخل من الأوضاع السياسية والاجتماعية والتمييز الإسرائيلي بحقهم، والتخوف الإسرائيلي الآخر، في أن تركز العرب في الجليل والنقب قد يصعّب المهمة أمام إسرائيل في إنفاذ القانون الإسرائيلي في هذه المناطق، خاصة فيما يخص البناء وأيضاً أن تصبح هذه الأقليات تطبق قوانين محلية "عشائرية" ذات صلة بالدين واللغة مما يؤثر على طابع "دولة إسرائيل" وهويتها.

 

** هذا الجدول يظهر التوزيع الديموغرافي للسكان داخل مدينة بئر السبع (في الجنوب)  في سياق تاريخي:

 

1948

1961

1972

1983

1995

2008

2014

2015

عدد الفلسطينيين (نسبتهم لعدد السكان)

13000

91.6%

18300

18.9%

29800

18.5%

431700

15.9%

95800

22.8%

219500

36.4%

270400

39.8%

279700

40.3%

عدد اليهود (نسبتهم لعدد السكان

1200

8.4%

78900

81.1%

171400

81.5%

231300

84.1%

323100

77.2%

383000

63.6%

409200

60.2%

415600

59.7%

 

 

وتحاول الحكومة الإسرائيلية إلى سدّ هذه الثغرة؛ وذلك من خلال القيام بالكثير من المشاريع الاقتصادية في النقب، ودعم الاستيطان في النقب والجليل من خلال دعم العائلات اليهودية التي تعيش في هاتين المنطقتين، وعلى المستوى القيمي؛ فإنه يتم تعريف الاستيطان في الجليل والنقب على أنه مهمة وطنية وأولوية وطنية "إسرائيلية"، وكذلك تمنح الحكومة الإسرائيلية سكان الجليل والنقب تخفيضات فيما يتعلق بالبناء والاستئجار العقاري، وأيضاً منحهم تخفيضات في الضرائب وتخفيض فوائد القروض.

 وكانت الحكومة الإسرائيلية قد بدأت في سبيل معالجة هذه الأزمة بافتتاح الكليات والمعاهد والمدارس المتخصصة في كل من الجليل والنقب، حيث افتتحت كلية للطب في صفد انتقل إليها حوالي 600 طالب من الوسط، وتدعم الحكومة الإسرائيلية كذلك المخيمات الصيفية في النقب وتعمل على بناء مشاريع خاصة بتكنولوجيا المعلومات ومراكز للعلوم والحوسبة، كما وتقوم الحكومة الإسرائيلية بنقل القواعد العسكرية الدائمة من الوسط إلى الجنوب مما أدى إلى انتقال أكثر من 3 آلاف جندي إسرائيلي وعائلاتهم للعيش في النقب.

 وعلى المستوى الاقتصادي، فإن الحكومة الإسرائيلية تمنح تسهيلات للشركات الصغيرة والمتوسط، من أجل الاستثمار في مناطق النقب والجليل، بهدف تطوير هذه المناطق وزيادة العمالة فيها، وتمكين هذه الشركات من منافسة نظيراتها في الوسط. وفيما يتعلق بقطاع النقل؛ فإن الحكومة الإسرائيلية قامت ببناء الكثير من الطرق السريعة مثل "شارع 6 " في النقب الذي يربط النقب بالوسط والشمال ويسهل من عملية التنقل، ويشجع السكان في الوسط بالعمل في مناطق الجنوب.