الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لماذا أصبحت "إسرائيل" معنية بتطبيع ثقافي مع الشعوب العربية؟

2020-09-22 08:17:26 AM
لماذا أصبحت
أرشيفية

الحدث - سوار عبد ربه

يبدو أن التطبيع العربي مع "إسرائيل" لم يعد مقتصرا على الجانب السياسي فحسب، بل تعداه ليشمل الجانب الثقافي، الذي يعتبر أكثر أنواع التطبيع خطورة، لما له من علاقة جوهرية بالرواية الصهيونية، مع التأكيد على العلاقة التي تربط بين مختلف أشكال التطبيع (السياسي، الاقتصادي، العسكري، الثقافي).

حول هذا يقول المحلل السياسي عبد المجيد سويلم، "هم يعتقدون أن التطبيع الثقافي هو الذي يتوج الرواية الصهيونية بدلا من الرواية الفلسطينية وهذا بالنسبة لهم، مكسب كبير واستثنائي".

ومرت رحلة التطبيع بمحطات كثيرة منذ توقيع أول معاهدة "سلام" بين "إسرائيل" وكل من مصر والأردن وصولا إلى اتفاقي التطبيع الأخيرين بين "إسرائيل" وكل من الإمارات والبحرين.

واعتبر سويلم أن العلاقات مع الأردن ومصر تعتبر علاقات سياسية باردة، فيها  نوع من تبادل المعلومات العسكرية أو غيرها، لكن السلام في حقيقة الأمر ليس متحققا لأنه لا يوجد أي بعد ثقافي وهذه مسألة تعتبرها "إسرائيل" نقيصة شديدة في عمليات التطبيع.

ويضيف: "يكاد أن يكون هناك هجوم إسرائيلي منظم باتجاه مسألة التطبيع الثقافي لأنهم يعتقدون بأنهم يستطيعون ترسيخ الرواية الصهيونية حول تاريخ فلسطين وحول أحقيتهم بفلسطين".

ويعتقد المحلل السياسي أن ترسيخ الحقيقة الفلسطينية على المستوى العالمي والانتصارات التي حققتها فلسطين على مستوى الاعتراف الدولي والتي أكدت على الكثير من دعائم الرواية الفلسطينية هي ما دفعت  "إسرائيل" باتجاه التطبيع الثقافي.

 وأشار سويلم إلى أن "الإسرائيليين" يريدون تفتيت هذه الرواية وضربها في العمق، وهذا لن يتسنى لهم إلا عبر التطبيع الثقافي مع العالم العربي والإسلامي، "وهم يعتقدون أن التطبيع الثقافي مؤشر على انفصال الحالة العربية الإسلامية عن فلسطين".

وفي السياق ذاته تقول المحاضرة في جامعة بيرزيت لينا ميعاري: "هذا كيان مستعمر وغير شرعي، وواحدة من أهم الأهداف بالنسبة له أن يحول نفسه إلى كيان شرعي ومقبول بالمنطقة".

وتتابع: "المصالح الاقتصادية والعسكرية موجودة أساسا، واليوم فقط، انتقلت من السر إلى العلن، ولكن الفكرة من التطبيع الثقافي لها علاقة بأن هذا الكيان يشرع نفسه في المنطقة، وهنا تصبح فكرة التطبيع الثقافي واحدة من الأدوات ليشرعن ذاته".

وتتفق ميعاري مع المحلل السياسي في أن الاتفاقات الموقعة مع مصر والأردن لم تحقق السلام الفعلي، لأن التطبيع في هاتين الدولتين لم يتحول إلى تطبيع ثقافي.

وترى ميعاري أن الاحتلال مهما تغلغل واستعمر، وسلب الأراضي والحقوق، لن يؤثر على قبولنا في المنطقة، فالفلسطينيون موجودون بالرغم من كل المحاولات الساعية لتصدير الرواية الصهيونية، وهذا المنطق هو ما يدفعهم نحو التطبيع الثقافي.

ويؤكد المحلل السياسي سويلم، أن "إسرائيل لم تنجح في مبتغاها، فما نراه من قضية هنا أو قضية هناك على وسائل التواصل الاجتماعي من عمليات قبول بالفكر الصهيوني ثغرات هامشية في الحالة العربية والإسلامية وكذلك الأمر بالنسبة للمسؤولين الذي يحاولون دعم مثل هذه الآراء العبثية.

ويرى المحلل السياسي أن الرواية الفلسطينية هي الرواية الراسخة الوحيدة في الوجدان العربي والإسلامي.

وتستخدم "إسرائيل" مواقع التواصل الاجتماعي للتأثير على الوعي الفلسطيني والعربي من خلال  العديد من الصفحات الناطقة بالعربية التي أنشئت لهذا الغرض، وكانت طريقتها الأخيرة في الوصول إلى المتلقي العربي بالشراكة مع الإمارات التي عملت مؤخرا على تمويل برنامج تدريبي لثمانين صانع محتوى عربي من خلال أكاديمية ناس التي تضم "إسرائيليين" ويترأس فريق التدريب "الإسرائيلي" جوناثان بيليك، في إشارة إلى نجاح "إسرائيل" في استخدام الشعوب العربية للتسلل إلى المحتوى العربي عن طريق الشباب العرب وعلى رأسهم نصير ياسين المولود في الناصرة والذي يعرف نفسه على أنه فلسطيني- إسرائيلي.

وفي هذا الشأن أصدرت حركة مقاطعة "إسرائيل" (BDS)  بيانا أوضحت فيه أن هذا الدعم من قبل النظام الإماراتي الاستبدادي يشكل تواطؤا صريحاً في الجهود الإسرائيلية لغزو عقول شعوبنا وتلميع جرائم نظام الاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي، فضلاً عن تسويق اتفاقية العار التي أبرمها النظام مع الاحتلال".

وطالبت حركة المقاطعة كافة المشاركين في هذا المشروع بالانسحاب فورا والامتناع عن توفير ما أسمتها بـ "أوراق التوت" للتغطية على جرائم الاحتلال.

وشدّدت على أهمية مقاومة التطبيع باعتباره سلاحاً إسرائيلياً فعّالاً يستخدم لتقويض نضال الشعب الفلسطيني من أجل استرداد حقوقه، وأهمها حق العودة وتقرير المصير والتحرر الوطني، وقالت إن مناهضة التطبيع في هذا الزمن تعدّ ضرورة نضالية ملحة لمنع تصفية القضية الفلسطينية.