الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في حال انتخابه.. سيواجه بايدن واقعا غير مستقر مع إيران والسعودية وتركيا

2020-11-02 08:58:47 AM
في حال انتخابه.. سيواجه بايدن واقعا غير مستقر مع إيران والسعودية وتركيا
بايدن

الحدث - جهاد الدين البدوي

نشرت صحيفة هآرتس "الإسرائيلية" مقالاً تحليلياً للخبير في شؤون الشرق الأوسط تسفي برئيل، وتناول فيه أن القوة والأسلحة والحماية: لدى قادة الشرق الأوسط المتنافسين كل ما يخسرونه من هزيمة ترامب، وسيتعين على إدارة بايدن التوفيق بين الوعود المتطرفة والمنطقة المتحولة.

يسخر برئيل أنه إذا تمكن ترامب من جلب أشخاص من الشرق الأوسط للتصويت لصالحه في الانتخابات المقبلة، فإنه سيمنح الجنسية الأمريكية بسرعة لمواطني المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر والبحرين وربما لمليون متطوع من الباسيج والحرس الثوري الإيراني.

يضيف برئيل أنه في إيران يدور نقاش عاصف على وسائل التواصل الاجتماعي وبين مسؤولي الدولة حول الرئيس الأمريكي المرغوب فيه أكثر. فظاهرياً تستند الحجة إلى الأيديولوجية، بين أولئك الذين لا يؤمنون بإمكانية إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وأولئك الذين يعتقدون أن رئاسة بايدن من شأنها أن تقلب صفحة جديدة.

يشير الكاتب إلى أن بايدن أعلن عدة مرات أنه ينوي العودة للاتفاق النووي مع إيران الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عام 2018، حيث يعتقد أن هناك فرصة لمفاوضات أوسع حول الصواريخ الباليستية، وتدخل طهران في شؤون الدول الأخرى ودعمها لـ "حزب الله". ويتألف هذا النهج أيضاً من التخطيط لإلغاء العقوبات التي فرضها ترامب وإلغاء العقوبات الدولية المتبقية على إيران.

يقول الكاتب: بالنسبة لجزء كبير من الشعب الإيراني، فإن فوز بايدن من شأنه أن يرمز إلى نهاية الأزمة الاقتصادية، والعودة إلى صادرات النفط والازدهار الاقتصادي الذي من شأنه أن يخلق مئات الآلاف من الوظائف ويؤدي إلى ارتفاع كبير في مستويات المعيشة. ولكن هذا من شأنه أن يؤدي أيضاً إلى عدم اليقين: فعندما تم التوقيع على الاتفاقية وبدأت الشركات الدولية العمل في إيران، لم تكن الأموال التي تدفقت إلى البلاد تتدفق إلى الجمهور، ولم يؤثر النشاط الاقتصادي في الواقع على معدل البطالة - وبالتأكيد لم يؤدِ إلى أي تحسن في حقوق الإنسان. وربما كانت هناك سنتان فقط بين بداية رفع العقوبات وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، ولكن كان ذلك كافياً لإثارة شكوك خطيرة حول ما يمكن للجمهور كسبه من الاتفاق النووي.

وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من دعم المرشد الأعلى علي خامنئي، تسبب الاتفاق في حدوث خلاف بين المحافظين والإصلاحيين. حيث اعتبر الحرس الثوري ورجال الدين المحافظون الاتفاق استسلاماً للولايات المتحدة. وانتقدوا حكومة الرئيس حسن روحاني علناً بسبب الطريقة التي أدار بها المحادثات، وأساساً لفشله في إلغاء جميع العقوبات التي كانت مفروضة على إيران على الفور. فهم يرون في مصطلح ترامب الآخر وسيلة للحفاظ على الهيمنة الأيديولوجية التي توجههم، وهو شرط مسبق لتأمين وضعهم السياسي في إيران.

يوضح الكاتب بأن هذا التنافس سيكون له تداعيات سياسية حاسمة، لأن إيران تستعد للانتخابات الرئاسية في صيف عام 2021. وقد يتطلب انتخاب بايدن من المحافظين أن يختاروا بين الحاجة إلى إخراج إيران من الأزمة الاقتصادية -أي استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة- والحاجة إلى حماية وضعهم كحماة لإيران من "الغزو الغربي".

ويقول معلقون إيرانيون إنه إذا تم انتخاب بايدن وتمسك بخطته للعودة إلى الاتفاق النووي، فلن يكون أمام المحافظين سوى خمسة أشهر بين تنصيبه والانتخابات في إيران لتخريب المفاوضات المتجددة لضمان فوزهم في الانتخابات. وبعد ذلك فقط سيكون من الممكن دراسة المقترحات الأمريكية.

وقد ألمح المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي مؤخراً إلى الصعوبات التي تنتظر بايدن. وقال عن إمكانية استئناف المحادثات إن "الولايات المتحدة سيتعين عليها تعويض إيران عن الأضرار التي لحقت بها بسبب العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب وتتعهد بعدم فرض مثل هذه العقوبات مرة أخرى". وقد يجد بايدن صعوبة في تلبية هذه الشروط.

وفي الوقت نفسه، لم يقرر الإصلاحيون، الذين هزموا هزيمة سيئة في الانتخابات البرلمانية في شباط/فبراير من هذا العام، ما إذا كان ينبغي عليهم تقديم مرشحهم الرئاسي أو دعم أحد المحافظين المعتدلين مثل علي لاريجاني، الذي كان رئيساً للبرلمان وأيد الاتفاق النووي.

يرى برئيل أن فوز بايدن والعودة للاتفاق النووي سيكون بمثابة "ضربة مزدوجة" للسعودية، التي تمثل الخصم اللدود لإيران، وخاصة لولي العهد محمد بن سلمان. وقد أعلن بايدن بعد مقتل الصحفي خاشقجي عام 2018: " سيتعين علينا إعادة تقييم علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية". مضيفاً أن هناك العديد من المشرعين من كلا الحزبين يشاطرون بايدن في موقفه، ويرون أن محمد بن سلمان مسؤول مباشرة عن مقتل خاشقجي ويعتقدون أنه يجب أن يحاسب على ذلك.

وأوضح الكاتب بأن الأمير محمد بن سلمان لم يزر واشنطن منذ وقوع الجريمة، لكنه تلقى دعماً من ترامب – على الرغم من أن ذلك كان له ثمن. فعندما قرر الكونغرس عدم بيع الأسلحة إلى السعودية بسبب استخدامها في اليمن، تجاوز الرئيس الحظر، لكنه أجبر ولي العهد على التفاوض مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. كما خيب آمال السعودية عندما امتنع عن مهاجمة إيران بعد أن هاجم الحوثيون والمنظمات الشيعية المسلحة في العراق أهدافاً سعودية.

وقد أوضح ترامب للسعوديين حينها أنه سيكون سعيداً بمنحهم مساعدات عسكرية أمريكية، ولكن فقط مقابل السلام. كما عرف ترامب كيف يستفيد من ميزته ويجبر المملكة العربية السعودية على التوصل إلى اتفاق مع روسيا بشأن مستويات تصدير النفط، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط، التي وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

 وأضاف الكاتب بأنه قد لا يكون ترامب والأمير محمد أقرب الأصدقاء – حيث يفضل ترامب التشاور مع ولي العهد الإماراتي – لكنهما يفهمان بعضهما البعض.

يرى الكاتب بأن بايدن يعتبر "خبرا سيء" لولي العهد، ولكن إذا انتخب، سوف يضطر إلى التوصل إلى تفاهم معه. في الواقع، قد يكون هذا هو السبب الذي يجعل المملكة العربية السعودية تتمسك بالتطبيع مع "إسرائيل"، حتى لا تأتي خالية الوفاض لإعادة تأهيل علاقاتها مع الولايات المتحدة.

فتح الطريق أمام عقوبات الاتحاد الأوروبي على تركيا

يلفت الكاتب إلى أن تركيا والرئيس رجب طيب أردوغان سيكونان الشوكة الأكثر حدة في طريق بايدن إذا تم انتخابه، حيث ينظر بايدن لأردوغان على أنه حاكم استبدادي وطاغية يضر بمصالح الولايات المتحدة. حيث أثار حصول تركيا العام الماضي على منظومة الدفاع الجوي والصاروخي الروسية من طراز "S-400" التي تتناقض مع سياسات حلف الناتو والولايات المتحدة إلى زيادة التوتر والغضب بين واشنطن وأنقرة إلى مستويات جديدة. وكان بايدن أحد مؤيدي العقوبات المفروضة على تركيا، لكن دعم ترامب القوي لأردوغان أحبط مثل هذه الجهود.

وطالب بايدن ترامب بالضغط على تركيا "للامتناع عن أي أعمال استفزازية أخرى" في الصراع المحتدم مع اليونان حول حقوق التنقيب في شرق البحر الأبيض المتوسط. كما أنه يعارض بشدة تورط تركيا في الحرب في ناغورني قره باغ. وقال إن إدارة ترامب يجب أن تطالب تركيا "بالبقاء خارج هذا الصراع". كما دعا أردوغان إلى "التراجع عن قراره في يوليو بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد"، واستعادة مكانتها كمتحف. وكان ازدراء بايدن لأردوغان واضحاً في مقابلة أجرتها معه صحيفة نيويورك تايمز في كانون الأول/ديسمبر، عندما اقترح أن الولايات المتحدة يجب أن "تتخذ نهجاً مختلفاً جداً" مع الزعيم التركي.

وقال بايدن: " يمكننا دعم تلك العناصر في القيادة التركية، التي لا تزال موجودة والاستفادة منها بشكل أكبر، وتشجيعهم على مواجهة أردوغان وهزيمته"، مضيفا أن ذلك لن يكون عن طريق الانقلاب، وإنما من خلال العملية الانتخابية. وهو ما أثار غضباً واسعاً في تركيا. ويواصل مؤيدو أردوغان نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على الضرر والخطر الذي يمكن أن تتوقعه تركيا من فوز بايدن.

ينوه الكاتب بأن تركيا تخوض صراعاً محتدماً مع الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بطموحاتها في مجال الطاقة في البحر الأبيض المتوسط، وتشارك في حروب متعددة في ليبيا وضد الأكراد في سوريا، وتشعر بشكل عام بأنها مهددة بعقوبات الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق، فإن دعم ترامب ضروري. والخوف في أنقرة يتعلق بأن بايدن قد يقلب ميزان القوى على حسابها، ويحرض الدول الأوروبية لتكون أكثر عدوانية، تماماً كما تواجه تركيا أزمة اقتصادية حادة، في الوقت الذي تحاول فيه بناء نفسها كقوة إقليمية وعالمية.

يقول الكاتب بأن البيت الأبيض بنى سياساته في الشرق الأوسط على ثلاث ركائز -إيران والمملكة العربية السعودية وتركيا. وسيتعين على بايدن أن يدرس بعناية كيفية التوفيق بين تصريحاته التي لا لبس فيها قبل الانتخابات والواقع الذي خلقه ترامب.

يؤكد الكاتب بأن قوة بايدن كرجل دولة تتمثل في دبلوماسيته الشخصية الفردية، إلا أنه يمثل أيضاً مدرسة إيديولوجية تتبنى حقوق الإنسان والحقوق المدنية، وحرية التعبير، والديمقراطية، وحماية الأقليات.

يختتم الكاتب برئيل مقالته بالقول: "هذه القضايا لم تزعج ترامب، ولكنها سمحت له باتباع سياسة وحشية تجاه شركائه في الشرق الأوسط. وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيتعامل بايدن المنتصر، ليس فقط مع خصوم أميركا، ولكن أيضاً مع الأنظمة الموالية للولايات المتحدة مثل مصر أو السودان أو العراق، الذين يعتبر قمع المعارضين السياسيين واضطهادهم معياراً".