الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

نيويورك تايمز: الزعيم الصيني يحاول إقصاء بايدن

2021-01-05 09:26:05 AM
نيويورك تايمز: الزعيم الصيني يحاول إقصاء بايدن
الرئيس الصيني شي جين بينغ

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريراً لمدير مكتبها في بكين ستيفن لي مايرز، وتحدث فيه أن الزعيم الصيني شي جين بينغ عقد اتفاقيات تجارية في آسيا والآن في أوروبا، على أمل أن يتجنب جهود الرئيس الأمريكي القادم لحشد جبهة موحدة ضد الصين.

وأضاف الكاتب أن الصين وقعت اتفاقية تجارية مع 14 دولة آسيوية أخرى. وتعهدت بالانضمام إلى بلدان أخرى في الحد من انبعاثات الكربون لمكافحة الاحتباس الحراري العالمي. والآن، وقعت الصين اتفاق استثمار مع الاتحاد الأوروبي.

وقد عقد الزعيم الصيني شي جين بينغ في الأسابيع الأخيرة صفقات وتعهدات، يأمل في أن يضع بلاده كزعيم عالمي لا غنى عنه، حتى بعد أن أضر تعاملها مع فيروس كورونا وزيادة العداء في الداخل والخارج بمكانتها الدولية.

وأوضح الكاتب أنه من خلال القيام بذلك، أكد الزعيم الصيني على مدى صعوبة قيام الرئيس المنتخب بايدن بتشكيل جبهة موحدة مع حلفائه ضد السياسات الاستبدادية والممارسات التجارية التي تقوم بها الصين، وهو محور التركيز الرئيس لخطة الإدارة الجديدة لمنافسة بكين ومحاربة قوتها الصاعدة.

وأوضح الكاتب أن صورة انضمام السيد شي إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقادة أوروبيين آخرين في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء لإبرام الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي ترقى إلى حد توبيخ لاذع لجهود إدارة ترامب لعزل دولة الحزب الشيوعي الصينية.

يؤكد الكاتب أن هذه الصفقات تظهر النفوذ الذي يتمتع به السيد شي بسبب قوة الاقتصاد الصيني، الذي أصبح الآن الأسرع نمواً بين الدول الكبرى في الوقت الذي يواصل فيه العالم النضال ضد الوباء.

ووصف نوح باركين الخبير الصيني في برلين مع مجموعة روديوم اتفاقية الاستثمار على وجه الخصوص بأنها "انقلاب جيوسياسي للصين". فقد تمتعت الشركات الصينية بالفعل بقدر أكبر للوصول إلى الأسواق الأوروبية - وهي شكوى أساسية في أوروبا - لذلك لم تفز إلا بفرص متواضعة في مجال التصنيع والسوق المتنامي لمصادر الطاقة المتجددة. لكن الإنجاز الحقيقي للصين هو الدبلوماسية.

تابع الكاتب: كان على الصين أن تقدم تنازلات متواضعة فقط للتغلب على المخاوف المتزايدة بشأن سياسات الصين الأكثر قسوة، بما في ذلك القمع في هونج كونج والاعتقالات الجماعية والعمل القسري للأويغور في شينجيانغ، والتي تقع غرب الصين.

وفقاً للكاتب فقد ووافقت الصين، على الأقل على الورق، على تخفيف العديد من القيود المفروضة على الشركات الأوروبية العاملة في الصين، وفتح الصين أمام البنوك الأوروبية، ومراعاة المعايير الدولية بشأن العمل القسري. ولكن السؤال هنا هو ما إذا كان من الممكن تنفيذ التعهدات.

بالنسبة لمنتقدي الصين، تعتبر تحركات الصين تكتيكية - بل وساخرة. ومع ذلك فقد أثبتت أيضاً نجاحها إلى درجة كانت تبدو مستحيلة قبل بضعة أشهر فقط، عندما أصبحت العديد من الدول الأوروبية أكثر صراحة في معارضة الصين.

وقال السيد باركين: "سيكون من الخطأ النظر إلى هذه التنازلات الصينية على أنها تحولاً كبيراً في السياسة. فخلال العام الماضي، شهدنا الحزب يُحكم قبضته على الاقتصاد، ويضاعف من الشركات المملوكة للدولة، وأطلق دفعة جديدة للاعتماد على الذات. هذا هو اتجاه السياسة التي رسمه الرئيس شي وسيكون من السذاجة الاعتقاد بأن هذه الصفقة ستغير ذلك".

وبدلاً من ذلك، أثبتت الصين مرة أخرى أنها لا تدفع سوى القليل من التكاليف الدبلوماسية أو لا تدفع أي تكلفة على أي نحو بسبب الانتهاكات التي تنتهك القيم الأوروبية. فقد وضع الأوروبيون اللمسات الأخيرة على اتفاق الاستثمار، على سبيل المثال، بعد يوم واحد من انتقاد الاتحاد الأوروبي علناً لعقوبة السجن القاسية التي صدرت بحق محام صيني قدم تقريراً عن تفشي فيروس كورونا الأولي في مدينة ووهان.

وواجهت استراليا مفاضلة مماثلة في نوفمبر عندما وقعت على اتفاقية التجارة الآسيوية، وهي الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، حتى في الوقت الذي شنت فيه الصين حملة اكراه اقتصادي ضد البلاد.

يوضح الكاتب أن النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي الهائل الذي تتمتع به الصين، وخاصة في هذا الوقت من الأزمة العالمية، يعني أن البلدان لا تملك خياراً سوى التعامل معها، بغض النظر عن عدم ارتياحها إزاء طابع حكم السيد شي المتشدد. فعلى سبيل المثال، إن اتفاقية التجارة الآسيوية على الرغم من محدوديتها من حيث نطاقها، فإنها تغطي أكثر من - 2.2 مليار نسمة - من البشر، وهي أكثر من أي اتفاقية سابقة.

وقال راينهارد بوتيكوفر العضو الألماني في البرلمان الأوروبي الذي يعارض اتفاقية الاستثمار الأوروبية مع الصين "إن القيم التي نعتز بها جميعاً في خطبنا يوم الأحد يجب الالتزام بها إذا لم نسقط ضحية لمنافس نظامي جديد".

وأضاف "أعتقد أن الفهم يتزايد لكن كيفية الرد لم تتضح بعد".

يرى الكاتب أن مبادرات الصين لن تنهي الغضب من سياساتها القمعية، بما في ذلك استخدامها الموثق للعمل القسري. ومع ذلك، يمكن لهذه المبادرات تهدئة منتقدي الصين من خلال استخدام إغراء الربح التجاري في بلد انتعش اقتصاده من هذا الوباء بقوة أكبر من أي اقتصاد آخر.

ومن شأن ذلك أيضاً أن يضعف السيد بايدن، الذي يتعين عليه بالفعل أن يتغلب على أربع سنوات من الإحباط في أوروبا بسبب نهج الرئيس ترامب المنفرد في مواجهة إجراءات الصين في الداخل والخارج.

وقال وانغ هوياو رئيس مركز الصين والعولمة وهو مركز ابحاث في بكين: "أعتقد أن الآن نافذة جيدة جداً بالنسبة لنا". وقال إن الصين يمكن أن تكون نموذجاً وشريكاً في التعاون، واقترح أن تلعب أوروبا دوراً معتدلاً بين الصين والولايات المتحدة.

وأضاف: "إن الجميع شاهدوا مرونة الصين وحيويتها ومثابرتها واستقرارها، وخاصة من خلال مكافحتها للوباء".

وبطبيعة الحال، لم يعترف السيد شي بأن أي من سياسات الصين قد أضعفت الثقة العالمية. كما أن المسؤولين الصينيين لم يشيروا إلى أي إعادة نظر في سياساتها الأساسية.

إن دبلوماسية الصين الجديدة "وولف واريور"، التي سميت على اسم فيلمي الحركة الصينيين، لا تظهر أي علامة على التراجع. ولا تزال أستراليا تواجه غضب الصين، وكذلك كندا بسبب احتجاز المدير المالي لشركة هواوي الصينية العملاقة للتكنولوجيا بناء على أمر من الولايات المتحدة.

وقال مينكسين باي الاستاذ في كلية كليرمونت ماكينا في كاليفورنيا: "أعتقد أن لديهم مقاربة انتقائية لإصلاح صورتهم".

وعلى المدى الطويل، يبقى أن نرى مدى أهمية اتفاقيات الصين وتعهداتها في تحسين صورتها الدولية، التي تراجعت في العام الماضي بسبب التعتيم على تفشي فيروس كورونا في ووهان.

وقد أظهر مسح أجراه مركز بيو للأبحاث في أكتوبر أنه في 14 دولة متقدمة اقتصادياً وصلت المواقف غير المواتية تجاه الصين إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد. وقال متوسط من 78% من الذين شملهم الاستطلاع أنهم لا يثقون كثيراً أو لا يثقون في أن السيد شي بأنه سيفعل الشيء الصحيح في الشؤون العالمية. (جانب إيجابي واحد للسيد شي: 89% شعروا بنفس الطريقة تجاه السيد ترامب).

ومع ذلك، فقد منح الانتعاش الاقتصادي في الصين السيد شي فرصة دبلوماسية، واستغلها. وقد حظيت تعهدات السيد شي بالتعجيل بخفض انبعاثات الكربون في الصين، والتي بدأها في سبتمبر/أيلول، بإشادات دولية، حتى ولو لم تفصح الحكومة بعد بالتفصيل عن كيفية وقف استخدام الفحم وغيرها من الصناعات شديدة التلوث.

وفي الوقت نفسه تقريباً، أبدى السيد شي اهتماماً متجدداً يختتم المناقشات المتعلقة باتفاق الاستثمار الأوروبي، الذي ظل متأخراً لمدة سبع سنوات. قبل أشهر فقط، بدأ الاتفاق ميتاً وسط تصاعد العداء تجاه الصين في أوروبا. وقال شارلز ميشال رئيس المجلس الأوروبي في أيلول/سبتمبر "يوجد خلافات حقيقية ولن نتطرق إليها".

وجاء الانفراج بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية. لقد أظهر السيد ترامب ازدراءً لحلفاء أمريكا التقليديين في أوروبا وآسيا، لكن السيد بايدن تعهد بحشد تحالف لمواجهة التحديات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية التي تشكلها الصين.

ومن الواضح أن الصين تنبأت بالتهديد المحتمل.

وبعد أسبوعين فقط من الانتخابات، انضمت الصين إلى الدول الآسيوية الـ 14 في التوقيع على الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. وفي أوائل كانون الأول/ديسمبر، وبعد اتصالات هاتفية مع السيدة ميركل والسيد ماكرون، دفع السيد شي إلى إنهاء اتفاق الاستثمار مع الأوروبيين.

وأثار هذا الاحتمال الانزعاج، في أوروبا والولايات المتحدة على حد سواء. وقد انتقل مستشار الأمن القومي الجديد للسيد بايدن، جيك سوليفان، إلى موقع تويتر للتلميح بقوة إلى أن على أوروبا أن تنتظر أولاً المشاورات مع الإدارة الجديدة - ولكن دون جدوى.

وقال المنتقدون إن الاتفاق سيربط الاقتصاد الأوروبي بشكل أوثق باقتصاد الصين، مما يساعد بكين على توسيع قوتها الاقتصادية وصرف الضغط الخارجي لفتح اقتصادها الذي يحركه الحزب الحاكم.

وأضاف المنتقدون أن الاتفاق فشل في القيام بما يكفي لمعالجة انتهاكات الصين لحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق العمال. كما إن الوعد الذي انتزعه المفاوضون من الصين بشأن هذه المسألة - "بذل جهود مستمرة ومتواصلة" للتصديق على اتفاقيتين دوليتين بشأن العمل القسري - يفترض أن الصين سوف تتصرف بحسن نية. وسارع المنتقدون إلى الإشارة إلى أن الصين لم تفِ بجميع الوعود التي قطعتها عندما انضمت إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001.

يوضح الكاتب أنه ينبغي أن يصدق البرلمان الأوروبي على اتفاقية الاستثمار قبل أن يبدأ سريانها، وقد تواجه معارضة لافتة قد تعرقلها. وفي الوقت الراهن، احتفل المسؤولون الصينيون باتفاق وصفه السيد شي بأنه "متوازن وعالي المستوى ومفيد للطرفين".

يختتم الكاتب بقول للسيد باركين: إن "القيادة الصينية قلقة بشأن جبهة عبر المحيط الأطلسي، وجبهة متعددة الجنسيات، ضدها، وهي مستعدة لتقديم تنازلات تكتيكية، على ما أعتقد، لضم الأوروبيين إلى العمل". لقد كانوا أذكياء جداً بشأن هذا الأمر".