السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

روسيا ما قبل بوتين (7)| بقلم: د. سامر العاصي

"لو استطعت لمنعت انهيار الاتحاد السوفيتي"

2022-05-01 08:50:05 AM
روسيا ما قبل بوتين (7)| بقلم: د. سامر العاصي
د. سامر العاصي

في مساء يوم 8-12-1991، انتهى اجتماع القمة لرؤساء، الجمهوريات السوفيتية (روسيا وروسيا البيضاء وأوكرانيا)، عند الحدود البيلاروسية القريبة (8 كيلو متر فقط) من الحدود البولندية، من أجل مناقشة إنشاء نظام سياسي- فيدرالي بين تلك الجمهوريات السوفيتية.

ومنذ البداية، رفض رئيس أوكرانيا، جملة وتفصيلا، البقاء داخل الاتحاد السوفيتي. 

ولما أحسَ مدير مخابرات روسيا البيضاء، بنية الرؤساء المجتمعين، الانفصال عن الاتحاد السوفيتي، اتصل برئيسه، في مركز قيادة المخابرات السوفيتية (الكي جي بي)، في موسكـو، يخبره بوجود مؤامرة لإنهاء الاتحاد السوفيتي!

وفي موسكو، تلقى نائب رئيس الدولة، الجنرال "الكسندر روتسكوي"، الأنباء عن ضلوع "يلتسين" في المؤامرة، ليذهب الرجل مباشرة إلى رئيسه "غورباتشوف"، لطلب الإذن منه بإرسال فرقة "الفا" الخاصة من المظليين، من أجل إلقاء القبض على الرؤساء المتآمرين، وإخماد نار الانفصال، قبل أن تندلع!. 

وجاء رد "غورباتشوف" ليعكس مجمل نتائج سياساته الخارجية، والداخلية، وذلك بترك المتآمرين وشأنهم، بحجة "حقن الدماء"!! وسط دهشة النائب، الذي أنهى حديثه قائلا:-

  • إن لم تقاومهم الآن، فإنهم سوف يطردونك من منصبك! 

ومع ذلك ترك "غورباتشوف" الأمر وكأن شيئا لم يكن!

وهكذا، تم الاتفاق في قرية نائية! على تفتيت الدولة السوفيتية العظمى وإنهائها وشطبها نهائيا من الخريطة الجيوسياسية، وليصبح العالم منذ تلك اللحظة... "أُحادي القطبية".

وكان بإمكان الرئيس "يلتسين" أن يسترد، وببساطة، شبه جزيرة القرم الروسية، من أوكرانيا، "لو" أنه طالب بها، أو خطرت له في بال. ولولا وطنية الأدميرال الروسي "فلاديمير كاستونف" وجرأته الذي أصر، دون هوادة ودون العودة إلى "يلتسين"، بأن يكون الأسطول الحربي السوفيتي في البحر الأسود تحت الإمرة الروسية، وليس تحت إمرة أوكرانيا، لما كان في البحر الأسود اليوم، من سفن للروس سوى سفن صيد الأسماك، ودون حتى أدنى حماية.

وكان أول من علم "بالبشارةِ الكبرى"، هو الرئيس الأميركي جورج بوش "الأب"، الذي قام "يلتسين" بإبلاغه!، وكان سؤال "بوش" الفوري:-

  • ومن يحمل حقيبة الأزرار النووية الآن؟

وجاء رد "يلتيسن" بأنه "هو" حاملها الآن! ولم يكن ذلك صحيحا بعد!

وبعد ذلك فقط!!!!، تم إعلام "غورباتشوف" بنتيجة الاتفاق!. وجاء سؤال سيادته الفوري"ليلتسين":- 

  • وأين سيصبح موقعي القادم؟

والغريب أن المتآمرين انصرفوا، بعد ذلك، بسياراتهم بسرعة قصوى، كلٌ إلى جمهوريته خوفا من أن يقوم "غورباتشوف" باعتقالهم. 

ثم وصلت الأخبار والأنباء إلى الشيوعيين في موسكو، ومع ذلك لم يخرج، إلى شوارع موسكو، سوى بضع مئات من الشيوعيين احتجاجا على "الاتفاق". وبعد يومين فقط، انضمت الجمهوريتان السوفيتيتان، "كازخستان"، و"أرمينيا" إلى الانفصاليين، لتكتمل حلقة الانفصال يوم 21121991 بإعلان كل الجمهوريات السوفيتية انفصالها الرسمي عن الاتحاد السوفيتي.

ويؤكد الجنرال "روتسكوي" أن "غورباتشوف" كان قد تلقى ضمانات مالية ومادية، منها تأمين حراساته وإعطائه منازل خاصة له، وتحويل مبنى مجمع "المدرسة الحزبية العليا" (في شارع ليننجراد) إلى المؤسسة التي ستحمل اسمه، وبعدم محاكمته مقابل "السكوت" عما ستحمله السنين من أحداث تاريخية ستعصف ببلاده وسيهتز لها العالم لحقبة من الزمان القادم.

ومع أن الدولة السوفيتية تفتت، إلا أنها، وللحقيقة، ظلت ولعقود من السنين، قطبا موازيا ومضادا للقطب الأميركي، الذي ظل بعد ذاك اليوم يعربد في العالم كله، حتى جاء يوم 24 شباط من هذا العام، ليقر بعدها الرئيس الفرنسي بأن العالم لم يعد أحادي القطبية.

ولم يعلق "فلاديمير بوتين" على انهيار الاتحاد السوفيتي إلا بعد سنوات طوال، حين قال:-

  • "لو استطعت، لمنعت انهيار الاتحاد السوفيتي".