الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الحرب الروسية الأوكرانية.. هكذا تكشّفت ازدواجية المعايير

2022-05-17 08:48:32 AM
الحرب الروسية الأوكرانية.. هكذا تكشّفت ازدواجية المعايير
رسم كاريكاتير

خاص الحدث

كشف تعاطي الدول الغربية مع الحرب الروسية الأوكرانية، النقاب عن ازدواجية المعايير في موقف المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة والدول الغربية، من الأزمة الأوكرانية- الروسية، والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وانتهاكاته في الضفة الغربية والقدس المحتلة والداخل المحتل وقطاع غزة، الأمر الذي لاقى انتقادات حادة فلسطينيا ودوليا. 

فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا، عقوبات هي الأولى من نوعها على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، فور بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، شملت البنوك الروسية وشخصيات روسية بارزة ومنع الواردات الروسية وحظر المعاملات مع البنك المركزي والمالية الروسية ومراقبة الأصول الأجنبية وغيرها، بهدف إجبار روسيا على وقف الحرب، في الوقت الذي لم تفرض فيه أي عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس احتلاله وانتهاكاته بحق الفلسطينيين، بشتى أنواعها من قتل وتدمير واعتقال وتنكيل على مدار 74 عاما.

الفصائل الفلسطينية: العالم منحاز ومتواطئ مع إسرائيل

اعتبرت حركة فتح، أن مواقف المنظمات الدولية والأممية الفاعلة والسريعة تجاه الأزمة الأوكرانية وامتناعها عن اتخاذ موقف حاسم تجاه الاحتلال الإسرائيلي تعكس ازدواجية في المعاملة وغياب العدالة. وقال المتحدث باسمها حسين حمايل، إن المجتمع الدولي لا يرغب بأن يتعامل مع القضية الفلسطينية بإنسانية ولا حتى وفق قواعد القانون الدولي، لذلك من لا يطبّق القانون الدولي في فلسطين لا يحق له أن يتحدث عنه في مكان آخر بالعالم. مشيراً إلى أن "الكيل بمكيالين بالموضوع الفلسطيني يؤثر في مصداقية النظام الدولي عموماً".

ورأت حركة حماس، أن المجتمع الدولي منحاز لصالح إسرائيل دائماً ويتجاهل المعايير الإنسانية، وبحسب عضو مكتبها السياسي سهيل الهندي، فإن الأمر لا يقتصر على ازدواجية المعايير، إذ يصل إلى حد تواطؤ المنظومة العالمية مع إسرائيل نظراً إلى علاقات المصالح التي تربطهما.

وقال الهندي، إنه على الرغم من توثيق مؤسسات حقوقية وازنة، مثل منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، فإن العالم يرفض فرض عقوبات على إسرائيل، وهناك رفض للتحقيق من قبل الأمم المتحدة في تلك الجرائم على الرغم من الإنجازات التي يحققها الفلسطينيون في هذا الملف. مؤكدا أن الحماية التي تتمتع بها إسرائيل، إضافة إلى الإفلات من العقاب بسبب التواطؤ الدولي مع نظامها، ومجرد التحقيق في جرائمها لم يحدث، وهناك رفض واسع من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لأي إدانة لها.

وأوضح الهندي أن إسرائيل كل يوم تنتهك القانون الدولي، وترتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ومنها الحصار الذي تفرضه على غزة، والاستيطان في الضفة الغربية ونظام التمييز العنصري في القدس، ولم يتحرك العالم، وهذا على أقل تقدير يوصف تواطؤ مع إسرائيل في ارتكابها جرائم ضد الإنسانية، بحسب عضو المكتب السياسي في حماس.

في حين قالت حركة الجهاد الإسلامي، إن المجتمع الدولي منذ سنوات احتلال فلسطين قبل أكثر من  70 عام وهو ينظر للقضية الفلسطينية على أنها قضية ثانوية، والمعايير التي ما زالت تمارس منذ سنوات طويلة ظهرت جلية في الحرب الروسية الأوكرانية عندما اصطف العالم جنبا إلى جنب مع أوكرانيا متناسيا معاييره في التعامل مع الشعب الفلسطيني. وقال المتحدث باسم الحركة طارق عز الدين لـ"صحيفة الحدث"، إن هذا التحيز يفقد الشعوب ثقتها بشعارات النظام الدولي، "حيث لم نر أي تدخل أو تحرك جدي لرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني.

دعم وتواطؤ دولي مع الاحتلال الإسرائيلي

وفي انتقاده للأمم المتحدة ومنظماتها، قال مساعد وزير الخارجية والمغتربين عمر عوض الله، أن المواقف الفاعلة تجاه الأزمة الأوكرانية والامتناع عن اتخاذ موقف حازم تجاه الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه؛ تعكس الازدواجية في المعاملة وغياب العدالة. مشيرا إلى أن الدول الأوروبية وغيرها أظهرت قدرتها على اتخاذ إجراءات لحماية المدنيين، وهو ما يدل على أن القضية لها علاقة بغياب الإرادة.

وأكد، أن الانتقائية في التعامل مع معايير القانون الدولي ستؤثر على مكانة القانون ومؤسساته في العالم. مطالبا بفرض عقوبات على كل دولة تتعامل مع منتجات المستوطنات أو تصدر أسلحة للاحتلال الإسرائيلي.

في حين أكد المنسق العام للجنة الوطنية لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي محمود نواجعة، أن الأمر لا يقتصر على ازدواجية المعايير، بل يصل حد التواطؤ من المنظومة العالمية والغرب بشكل يدعم نظام الاستعمار و الابرتهايد بسبب علاقات المصالح التي تربطهم بإسرائيل. معتبرا أن الحماية التي تتمتع بها قوات الاحتلال وإفلاتها من العقاب جاءت بسبب التواطؤ الدولي مع نظامها، على الرغم من وضوح الحقائق وانتهاك إسرائيل للقانون الدولي بشكل متواصل.

ويرى المحلل السياسي أحمد الشقاقي في حديثه لـ"صحيفة الحدث"، أن الدول الغربية، ذهبت باتجاه دعم وتأييد مطلقين لتوجهات الولايات المتحدة الأمريكية في ما يخص الحرب الروسية الأوكرانية. وقال إن التعامل مع إسرائيل جاء بعين منحازة بالمسبق للتوجهات الأمريكية في ما يخص قضايا الصراع.

وأضاف الشقاقي، أن  الانحياز جاء بسبب الهيمنة الأمريكية والنزعة الموجودة لدى مجموعة الدول الغربية التي تتبنى الموقف الأمريكي الذي يصاغ إسرائيليا، وهذا لا يختلف عليه الواقع سواء بإدارة أمريكية ديمقراطية أو جمهورية، ومجمل الفروق بينهما محدودة جدا، ولكن ما نستطيع أن نثبته أن كل وعود بايدن التي راهنت عليها السلطة الفلسطينية هي توجهات لم تنفذ؛ لا القضايا المرتبطة بفتح القنصلية في القدس ولا فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن وكذلك استئناف المساعدات الأمريكية للسلطة بشكل مباشر.

وبحسب الشقاقي، فإن مظاهر هذه الازدواجية متعددة، أولها الادعاء لدى دول العالم بالوقوف مع الشعوب المحتلة، "وهذا لا يحصل في الحالة الفلسطينية، والدعم السياسي للإدارات السياسية التي تحكم هذه الشعوب، وهناك وقوف إلى جانب الإدارة السياسية الاوكرانية وغياب هذا الموقف تجاه من يدير الملف الفلسطيني -السلطة ومنظمة التحرير-". وقال: هناك ازدواجية معايير شكل الدعم المقدم للشعوب المحتلة، وحتى الآن، الاستعدادات الغربية والأوروبية لدعم أوكرانيا وصلت إلى مساعدات عسكرية متعددة وأخرى مالية وإنسانية، بالإضافة إلى قضية استيعاب اللاجئين الأوكرانيين وما يجري معهم، وكل ذلك هو مدعاة لطرح علامات استفهام كبيرة حول شكل التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين بعد أكثر من 7 عقود، وهناك تقدير للاجئ الأوكراني مقارنة باللاجئ الفلسطيني.

المحتوى الرقمي

وحول تقييد المحتوى الرقمي الفلسطيني، أكد الشقاقي، أن هناك انحيازا من الشركات الأمريكية وخاصة شركة ميتا التي تمتلك فيسبوك وانستغرام، التي أعلنت بشكل واضح توجهها بالسماح بمحتوى يدعو لدعم الجيش الأوكراني والعنف، في حين تتم ملاحقة المحتوى الرقمي الفلسطيني ومعاقبة الفلسطينيين رقميا بشكل غير مسبوق، حيث تتم تلبية الغالبية العظمى من المطالب الإسرائيلية المتعلقة بالمحتوى الرقمي الفلسطيني، وهذا يعني وجود انحياز كبير لصالح الاحتلال في الحالة الفلسطينية ومحاولة الوقوف إلى جانب الموقف الأمريكي وليس الأوكراني.

وكانت شركة "ميتا" قد أعلنت في 11 مارس، إجراء تعديل على قواعدها للسماح برسائل "عنيفة" ضد الروس الذين يدعمون الحرب في أوكرانيا والجنود الروس المشاركين في الحرب، على منصتى فيسبوك وانستغرام، وبحسب بيان أصدره مدير الاتصالات في ميتا فإنه سيتم السماح مؤقتا بأشكال التعبير السياسي العنيف التي تعتبر في العادة انتهاك لقواعد المنصتين، وتشمل التعبيرات المسموح استخدامها مقولات مثل "الموت للغزاة الروس"، في حين يتم حظر عشرات الحسابات الفلسطينية وحذف مئات المنشورات الداعمة للقضية الفلسطينية أو المؤيدة للمقاومة الفلسطينية بزعم التحريض على الكراهية والعنف. 

وندد مركز صدى سوشال، بقرار شركة ميتا بإتاحة محتوى تحريضي وعنيف على مواقعها، مؤكدا أن هذا القرار جاء تتويجا لسياسة منحازة وغير مسؤولة تنتهجها الشركة. مشددا على أن "الأحرى بالشركة مراجعة قواعدها لتراعي حرية التعبير وحق الجمهور في الوصول للمعلومات، بدلا من الانخراط في دعم طرف ضد آخر في صراع يروح ضحيته آلاف من البشر، وطالب المركز بضرورة اعتراف الشركة بأخطائها والتراجع عن انحيازها الفاضح ودورها السياسي الذي يأتي على حساب حقوق الإنسان وحقوق المستخدمين".

وأكد المركز أنه يدعم وضع معايير محددة تقرها منظومة حقوقية ملتزمة تجاه حقوق جمهور المستخدمين وتلتزم بحقوق الإنسان، بدلا من اختراع معايير وقواعد تخدم انحياز إدارة الشركة، مشددا أن هذا الانحياز يدفع الفلسطينيين ثمنه يوميا، ليس من حقهم في التعبير فحسب، ولكن أيضا من سلامتهم وحقوقهم وأرواحهم، جراء تورط شركة ميتا في حجب المحتوى الذي يفضح ويوثق جرائم الاحتلال الإسرائيلي، ويدعم الحقوق الفلسطينية.