الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صرح ثقافي في بيروت يغلق أبوابه بعد عامين من انفجار المرفأ

2022-08-02 09:48:01 AM
صرح ثقافي في بيروت يغلق أبوابه بعد عامين من انفجار المرفأ
إغلاق المكتبة

الحدث- سوار عبد ربه

"بيروت تقرحت بكل مكوناتها جراء حادثة انفجار المرفأ، وها هي تبعاتها تتناسل لتمتد إلى مكتبة أنطوان"، بهذه الكلمات قررت مكتبة أنطوان في بيروت إغلاق فرعها على إثر الأضرار التي خلفها انفجار المرفأ والذي تصادفت ذكراه السنوية الثانية في الرابع من آب.

وتعتبر مكتبة أنطوان، واحدة من المعالم الثقافية اللبنانية الأدبية التي شكلت حاضنة للقراء والكتاب ونوادي القراءة والندوات.

تقول آمال نسر التي اعتادت زيارة المكتبة لـ"صحيفة الحدث": "شعرت أن قلبي تزجزج من مكانه عندما تلقيت خبر الإغلاق، فمكتبة أنطوان كانت تشكل ملاذا أرتاد إليه ونخبة من القراء الذين أصبحوا نادرين في أيامنا الحالية، متسائلة، ما الذي سيعوضهم عن غيابها، ومبدية استغرابها من عدم تفاعل المواطنين مع خبر الإغلاق وكأن قتل الثقافة بدا مشهدا عاديا لا يكترث له إلا القلة".

ورافقت إغلاق فرع المكتبة في أسواق بيروت احتفالية شعرية وروائية تمحورت على إصدارين للشاعر والناقد عقل العويط والروائية والناشطة جمانة حداد، كآخر نشاط ثقافي فيها، على مبدأ "طي آخر صفحة على سطر من الأمل على ومشهد يشبهنا ويشبه بيروت هو مشهد المقاومة من خلال الثقافة والفن" كما قال مدير المكتبة إميل تيان.

ويمتد تاريخ مكتبة أنطوان التي يوجد لها 12 فرعا في لبنان إلى العام 1933، إلا أن فرع أسواق بيروت افتتح عام 2012، وتوقف عن العمل بعد انفجار المرفأ لأسباب مالية ومعنوية.

وحدت الأزمة الاقتصادية من قدرة معظم اللبنانيين على شراء الكتب الأجنبية، في حين أثر ارتفاع أسعار الورق على حركة النشر.

وتضيف آمال نسر: "المكتبات أصبحت تعاني من أزمة عدم قدرتها على تأمين جميع الكتب، والإصدارات الجديدة من دور النشر، بالإضافة لعدم قدرة القراء على شرائها، وعوامل أخرى أسهمت في تفاقم أزمة المكتبات والمراكز الثقافية عامة".

وتردف: "إغلاق فرع لمكتبة أنطوان مفجع لكنه ليس غريبا، فأثناء الحروب والأزمات الاقتصادية على مستوى العالم، يلجأ أصحابها إلى الإغلاق نتيجة للأعباء التي يتكبدونها، وهذا ما حدث في سوريا أثناء أزمتها، وكذلك في بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية".

وعن ردود الفعل في أوساط المثقفين وعامة الشعب تقول نسر: "عادة عندما ينتشر خبر كهذا في ظل الأزمات الاقتصادية والحروب، الناس لا تلتفت له ولا لخطورته، لأن الإنسان الذي يعاني أزمة تأمين رغيف الخبز، والكهرباء، والمياه، والذي لا يحظى بالمقومات الأساسية للحياة، لن يلتفت إلى مكتبة، فما يشغل الناس أكبر من الثقافة والقراءة، مشيرة إلى أنه من الطبيعي أن تتغافل الناس عن إغلاق صرح ثقافي".

بدورها ترى الأكاديمية زينب بيضون أن مكتبة أنطوان كانت مهمة كونها مؤسسة ثقافية وتثقيفية يحفظ فيها التراث الثقافي والإنساني الحضاري وتعمل على تربية جيل مثقف وواع قادر على تحمل المسؤولية في المستقبل"، مضيفة في لقائها مع "صحيفة الحدث" أنها من أكثر المكتبات شمولية حيث أنها تتضمن كتبا ترضي جميع الأذواق وتحاكي الحقبات الزمنية المختلفة، ولإغلاقها تأثير كبير على المشهد الثقافي، فخراب الأمة يبدأ من هنا، وإذا أردنا أن نبحث عبر التاريخ عن أسباب الحروب والدمار سنجد أن غياب الثقافة وانتشار الجهل هو العامل الأساسي".

واستشهدت بيضون بمقولة ابن خلدون "إن الثقافة تزدهر في عهد انهيار الدولة" لتبين أن ما يجري في أوطاننا العربية مخالف تماما لتلك المقولة، حيث يمر الوطن العربي جراء الحروب والأزمات بأوقات عصيبة على مستوى المشهد الثقافي، حيث بات الكتاب أسهل ما يمكن الاستغناء عنه في ظل الظروف الراهنة، وأصبحت المكتبات مزارا للمشاهدة عن بعد لا للاستهلاك.

وتعتقد بيضون أن سفينة النجاة الوحيدة لازدهار الثقافة مجددا هي المبادرات الفردية للمثقفين على اختلاف نزعاتهم الفكرية والدينية ومع تلاشي هذه المبادرات تصبح الساحة الفكرية الثقافية فارغة و متاحة للخراب بشتى أنواعه.