الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اَلْمُسَاءَلَة اَلْمُجْتَمَعِيَّة ضَرُورَة لِتَطْوِيرِ عَمَلِ اَلْهَيْئَاتِ اَلْمَحَلِّيَّةِ| بقلم: مؤيد عفانة

2022-08-08 12:21:52 PM
اَلْمُسَاءَلَة اَلْمُجْتَمَعِيَّة ضَرُورَة لِتَطْوِيرِ عَمَلِ اَلْهَيْئَاتِ اَلْمَحَلِّيَّةِ| بقلم: مؤيد عفانة
مؤيد عفانة

 

اشتملت الانتخابات المحلية بمرحلتها الأولى بتاريخ 11/12/2021، على (376) هيئة محلية، (154) منها ترشحت فيها أكثر من قائمة انتخابية، و(162) هيئة محلية ترشحت في كل منها قائمة واحدة، في حين ان (10) هيئات محلية كان عدد المرشحين أقل من عدد مقاعد الهيئة، و (50) هيئة محلية لم يترشح بها أحد، تم ترحيلها الى المرحلة الثانية، والتي تمت في 26/3/2022، وذلك في (102) هيئة محلية، وعمليا جرت الانتخابات في (50) هيئة محلية، في حين تمت بالتزكية في (23) هيئة محلية، و(29) هيئة محلية لم تترشح فيها أي قائمة مكتملة.

وقد تنافست على الانتخابات مئات القوائم الانتخابية، على اختلاف مكوناتها، وتحالفاتها، وأطيافها، وقد تم اعداد مئات البرامج الانتخابية، والتي كانت زاخرة بالأفكار الإبداعية والمشاريع التطويرية، في مجالات البُنى التحتية والبيئة، الحَوْكَمَة، التنمية الاقتصادية، التنمية الاجتماعية، بل بعض البرامج الانتخابية تطرفت الى درجة تحويل الهيئات المحلية الى الرقمنة، والتحول نحو الطاقة البديلة، ونظم المدن الذكية، وغيرها ...

والآن وبعد انقشاع غبار حُمى الانتخابات، وبعد تسلّم القوائم الفائزة – في المرحلة الأولى- لمهامها، منذ أكثر من (200) يوم، والقوائم الفائزة في المرحلة الثانية لمهامها منذ أكثر من (100) يوم، وقيادتها للهيئات المحلية، آن الأوان للمواطن أن يقطف ثمار عملية التغيير الديمقراطي، وآن الأوان لتلك البرامج الانتخابية أن تُؤتيَ أُكُلها، خاصة وأن خدمات الهيئات المحلية، ووظائفها الـ (27) التي نص عليها قانون رقم (1) لسنة 1997 بشأن الهيئات المحلية الفلسطينية، هي الأكثر تماساً مع المواطن واحتياجاته المختلفة.

فمن حق الناخب مساءَلة من منحه صوته الانتخابي بناء على برامجه، خاصة وأن جُلّ القوائم الانتخابية تغنّت بـ (الحَوْكَمَة)، وأعلنت عن التزامها بقيم الشفافية والنزاهة والمساءلة، إن كان ذلك من خلال برامجها الانتخابية، أو من خلال جولاتها ولقاءاتها الجماهيرية والإعلامية، لذا توجد ضرورة أن تَفِيَ تلك القوائم بالتزاماتها ومسؤولياتها الأخلاقية والمهنية، وأن تبادر لنشر خطط عملها وانجازاتها بعد مرور (100) يوم و(200) يوم من تسلمها لمهامها، وتوجد ضرورة وحق للمواطن أن يسائل تلك الهيئات المحلية، والمساءَلة تعني التزام القائمين على السلطة بالخضوع للمساءلة وتحمّل المسؤولية عن أفعالهم، انفاذا لمبادئ (الحَوْكَمَة). والرافعة المجتمعية لتعزيز (حَوْكَمَة) الهيئات المحلية، وتحسين خدماتها، هو تطبيق مفهوم "المساءلة المجتمعية"، والتي تشير إلى مجموعة واسعة من الأعمال والآليات التي يستخدمها المواطنون ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام وغيرها من الأطراف الفاعلة، في مطالبة من يقومون على إدارة الشأن العام والمال العام والخدمات العامة؛ لتوضيح قرارات تمّ اتخاذها، والإجابة على أسئلة متعلقة بالمشاريع والخدمات أو الفرص التي تم توزيعها أو إدارتها. فالمساءلة المجتمعية تُعَدّ الإطار الحاكم للعَقْد الاجتماعي ما بين الهيئة المحلية والمواطنين، وتوفّر مساحة تسمح للمجتمع المدني والمواطنين والإعلام بالمشاركة في عملية التنمية، وتعزز دورهم في إدارة الشأن العام والخدمات العامة. كما تُعَدّ المساءلة المجتمعية من الأدوات المهمة في خلق واقع متقدم ونوعي للإدارة العامّة الرشيدة؛ مما يسهم في إخضاع كل من يتولى سلطة ومسؤولية، للمساءلة عن أفعالهم وقراراتهم، سيّما المتعلقة بإدارة الموارد العامة، من أجل الإسهام في عملية تنمية المجتمع، وتحقيق المزيد من الرفاه للمجتمع والمواطنين، حيث تعمل منظومة المساءلة المجتمعية على تحسين نُظم إدارة الحكم – على اختلاف مستوياتها-، وتحسين كفاءة الخدمات العامة وجودتها، وتحقيق المساواة والعدالة فيها، ومتابعة الانحرافات، والحدّ من فرص الفساد، وضمان مشاركة القاعدة العريضة من المواطنين في وضع السياسات ومتابعتها، وبالتالي إلغاء حالات الإقصاء والتهميش القائمة على النوع الاجتماعي بمفهومه الشامل.

وتكمن أهمية المساءلة المجتمعية في محاور عدّة منها: تعزيز الحوكمة في الهيئات المحلية، رفع كفاءة عملية التنمية المجتمعية وفاعليتها، وتحسين تقديم الخدمات وجودتها، ورسم السياسات بطريقة تشاركية، وتعزيز انخراط المواطنين في الشـأن العام وتمكينهم للمساءلة والرقابة على أداء الهيئات المحلية، والمساهمة في جهود مكافحة الفساد. ولا يمكن نجاح المساءلة المجتمعية إلا بتطبيق أركانها الأربعة مجتمعة، وهي: الشفافية، الرقابة، الاستجابة، المشاركة، فالمطلوب من الهيئات المحلية الشفافية في طرح برامجها وانجازاتها وموازناتها ونفقاتها، والاستجابة للمواطن، والمطلوب من المواطن المشاركة في مساءلة الهيئة المحلية، والرقابة على مدى انفاذ خططها وبرامجها وموازناتها.

           وختاماً، لا ينبغي للمواطن الانتظار حتى انتهاء فترات عمل مجالس الهيئات المحلية المنتخبة لمساءلتها، حيث تكون المساءلة دون نتائج عملية، ولا توجد فرصة لمعالجة الانحرافات، بل ترحيل الأزمة لمجالس قادمة، كما حدث في الماضي، ويحدث حاليا، لذا توجد ضرورة لإنفاذ المساءلة المجتمعية الآن، وكلما كان الزمن أقرب، كلما كانت إمكانية التغير الإيجابي أقوى، فمعامل الارتباط عكسي ما بين الزمن وتصحيح الانحرافات، ومن هنا أتوجه بدعوة للمؤسسات الأهلية لدعم المواطنين في انفاذ المساءلة المجتمعية للهيئات المحلية، والدعوة أيضا للهيئات المحلية من اجل المبادرة بعقد جلسات عامة مع المواطنين لعرض خططهم وانجازاتهم، ومدى تحقيقهم لوعودهم وبرامجهم الانتخابية، أو على الأقل الاستجابة لمبادرات المؤسسات الاهلية والشبابية والمواطنين بعقد جلسات المساءلة المجتمعية.