الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

استثناء نظامي الإفصاح وتلقي الهدايا بعض المسؤولين ينم عن تضارب مصالح ورشاوى مبطنة وفساد سياسي

يتيح فرصا للحماية من المساءلة والإفلات من العقاب

2023-03-14 10:55:21 AM
استثناء نظامي الإفصاح وتلقي الهدايا بعض المسؤولين ينم عن تضارب مصالح ورشاوى مبطنة وفساد سياسي

 

الحدث – إبراهيم أبو كامش:

 

انتقد باحثون وحقوقيون، بشدة استثناء نظامي الإفصاح وتلقي الهدايا، بعض مسؤولي السلطة الفلسطينية (كرئيس الدولة، ومستشاريه، ورؤساء المؤسسات التابعة للرئاسة، ورئيس الوزراء، ورئيس وأعضاء المجلس التشريعي، وأعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة، والمحافظين، وأعضاء السلك الدبلوماسي) من الامتثال لأحكام أنظمة الإفصاح وقبول الهدايا والإفصاح عن الذمة المالية، تنم عن تضارب المصالح وتتيح لهم فرصة لتوظيف استثنائهم لحمايتهم من المساءلة والإفلات من العقاب كونها غير ملزمة وفقا للقانون، علما بأنهم يخضعون لقانون مكافحة الفساد رقم 1 لسنة 2005.

ويصف هؤلاء في جلسة نقاش مسودة تقرير حول امتثال مسؤولي السلطة السياسية لأحكام أنظمة الإفصاح عن تضارب المصالح وقبول الهدايا والإفصاح عن الذمة المالية في فلسطين، التي عقدها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، تلقي الهدايا بمثابة رشاوى مبطنة، الأمر الذي اعتبروا حصوله بالفساد السياسي.

تعديل على قانون مكافحة الفساد ونظام تضارب المصالح

ويرى الباحثون والحقوقيون أن الحل الأمثل لهذا الخلل القانوني الكبير يكمن في إجراء تعديل على قانون مكافحة الفساد رقم 1 لسنة 2005 بحيث تعدل المادة 22 منه وتصبح إقرارات الذمة المالية مفصح عنها من قبل المسؤولين السياسيين، وبعض رؤساء الهيئات والمؤسسات العامة، إضافة إلى تعديل النصوص القانونية التي يقدم بموجبها القضاة وأعضاء النيابة العامة إقرارات الذمة المالية، بحيث ينص فيها على أن تقدم هذه التقارير بشكل دوري أو عند تغيير في مصادر الدخل أو بعد إنهاء الوظيفة، كما هو الحال في قانون مكافحة الفساد الذي يخضع له الموظفون العموميون.

كما وطالبوا بإجراء تعديل على نظام تضارب المصالح بحيث يشمل نطاق تطبيقه كل من الرئيس ومستشاريه ورؤساء المؤسسات العامة التابعة للرئاسة، ورئيس الوزراء والمحافظين وأعضاء مجالس الهيئات المحلية وأعضاء السلك الدبلوماسي. إضافة إلى إجراء تعديل على تشكيل اللجان وآلية عملها لتتناسب مع الجهات الخاضعة لأحكام النظام.

 

الإفصاح عن تضارب المصالح

وفي حين أكدت الباحثة عنان جبعيتي، وجود إشكاليات في نظام الإفصاح الصادر عن مجلس الوزراء، حيث لوحظ أن الفئات التي تخضع للنظام تختلف عن الفئات التي نص عليها قانون مكافحة الفساد، حيث استثنى فئات مهمة يجب أن تخضع لنظام تضارب المصالح كونها قد تكون أكثر عرضة للتعرض لتضارب المصالح أو أن يكون لها تأثير، لذا نجدها تطالب بتعديل صياغة نموذج (الإفصاح عن تضارب المصالح)، وتفعيل رقابة مجلس الوزراء على مدى التزام الجهات المكلفة بتطبيق النظام بتشكيل اللجان المنصوص عليها فيه، وتوفير "سجل المصالح" في جميع المؤسسات العامة، لتدوين حالات الإفصاح عن تضارب مصالح، وتضمين التشريعات القضائية ومدونة السلوك القضائي نصوصا تتعلق بالإفصاح عن تضارب المصالح، كالقضايا الخاصة بعلاقة القضاة بالمحامين، وضرورة أن تصدر هيئة مكافحة الفساد التعليمات اللازمة لتنفيذ النظام، وترى أن عليها إصدار التعليمات بخصوص متابعة الجهات الحكومية لتشكيل اللجان المختصة بتضارب المصالح.

وتستنتج الباحثة جبعيتي أنه بالمقارنة ما بين الفئات الخاضعة لقانون مكافحة الفساد رقم 1 لسنة 2005 وتعديلاته، فإن نظام الإفصاح عن تضارب المصالح استثنى العديد من الفئات والمتمثلة بالآتي: رئيس الدولة، ومستشاروه، ورؤساء المؤسسات التابعة للرئاسة، رئيس الوزراء، رئيس وأعضاء المجلس التشريعي، أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة والمحافظون، أعضاء السلك الدبلوماسي، المساهمون في الشركات غير الربحية، المحكمون، والخبراء، والحراس القضائيون، ووكلاء الدائنين، والمصفون، الأشخاص المكلفون بخدمة عامة بالنسبة للعمل الذي يتم تكليفهم به وأي شخص غير فلسطيني يشغل منصبا في أي من مؤسسات الدولة التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، وأي شخص يمارس وظيفة عمومية لصالح أي جهاز عمومي أو منشأة عمومية أو منظمة أهلية تابعة لبلد أجنبي أو مؤسسة ذات طابع دولي.

 

وقالت: "من غير الواضح ما هي مبررات استثناء العديد من تلك الفئات من تطبيق أحكام النظام عليها، كالرئيس ومستشاريه ورئيس الوزراء والمحافظون وأعضاء السلك الدبلوماسي، خصوصا عندما نتحدث عن رئيس الوزراء ومستشاري الرئيس ورؤساء المؤسسات التابعة للرئاسة، والمحافظين وأعضاء السلك الدبلوماسي والذي يتصور تماما وقوعهم في حالات تضارب للمصالح تستوجب إخضاعهم لنظام الإفصاح. حيث أن هذه الاستثناءات تبيح لهذه الشريحة توظيف ذلك لحمايتها من المساءلة والإفلات من العقاب كونها غير ملزمة وفقا للقانون حيث يمكن اعتبار ذلك عند حصوله بالفساد السياسي كون النظام يشرع لهم ذلك وعادة هم من كبار مسؤولي السلطة السياسيين".

حالات فساد سياسي محمي وفقا للتشريع

وتضيف: "كما هو الحال في المستثنين من نظام الإفصاح عن تضارب المصالح، فإنه ومن غير الواضح ما هي مبررات استثناء العديد من تلك الفئات من تطبيق أحكام النظام عليها، والذي يتصور تماما تلقيهم هدايا يمكن أن تكون بمثابة رشاوى مبطنة، وكما أشرنا سابقا حول عدم إخضاع هذه الفئات لنظام الإفصاح عن تضارب المصالح باعتبار ذلك يتيح حالات فساد سياسي محمي وفقا للتشريع."

وبدراسة التشريعات ذات العلاقة بالإفصاح عن تضارب المصالح وتلقي الهدايا وإقرارات الذمة المالية، وإجراءات تطبيقها على أرض الواقع تستنتج جبعيتي: أن هناك خللا كبيرا في نموذج الإفصاح عن تضارب المصالح الذي وضعته هيئة مكافحة الفساد، فعلى الرغم من اعتماد النموذج في تعريفه لمفهوم تضارب المصالح على ما ورد في النظام، إلا أن النموذج يخلط خلطا خطيرا ما بين الغاية من النموذج والمتمثلة في الإفصاح عن احتمالية وجود حالة من حالات تضارب المصالح بصورة سابقة كوسيلة وقائية لعدم الوقوع في أحد أشكال الفساد، وما بين إقرار الموظف اللاحق بوقوعه في إحدى الحالات التي تعتبر تضارب مصالح والتي يجب التعامل معها في هذه الحالة على أنها جريمة فساد وفقا لشكل الواقعة الجرمية (استثمار وظيفة عامة، واسطة ومحسوبية ومحاباة) وهذا ما يعكسه السؤال الأخير للمكلف بتعبئة الإقرار والمتمثل بالطلب إلى المكلف بوضع: "وصف العمل الذي تحقق بسببه المنفعة أو المصلحة المادية أو المعنوية". وهنا نرى أن هذا السؤال بصيغته وصيغة الإقرار عموما هي أقرب منه للإقرار اللاحق والاعتراف من قبل الموظف باقترافه جريمة من جرائم الفساد.

وأشارت إلى أن الإقرار يتضمن العديد من البيانات والأسئلة المعقدة التي تحتاج إلى المزيد من التبسيط والتوضيح ليتمكن الموظف العادي غير القانوني من فهمها وبالتالي تعبئتها بشكل سليم.

وبينت، أن ديوان الرقابة المالية والإدارية اكتفى بدور لجنة مدونة السلوك الخاصة به، التي تقوم مقام هذه اللجان. حيث يقوم الديوان بالتدقيق على حالات تضارب المصالح بناء على شكوى أو أثناء قيامه بعمليات التدقيق التي يجريها، وتؤشر إجابة الديوان بأنه حتى تاريخه لم يتم الاستناد إلى أحكام نظام الإفصاح عن تضارب المصالح وإنما يتم الاستناد إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وقرارات مجلس الوزراء ذات العلاقة إلى ضعف تطبيق النظام والالتزام بأحكامه.

وقالت: "لا ينطبق نظام الإفصاح عن تضارب المصالح على السلطة القضائية حيث يتم الاكتفاء بالأحكام الواردة بالتشريعات الخاصة بالسلطة القضائية ومدونة السلوك القضائي"، منوهة إلى أن هيئة مكافحة الفساد أشارت إلى أن هناك بعض الإشكالات في تطبيق النظام، حيث ذكر بأن نماذج الإفصاح يتم تقديمها لهيئة مكافحة الفساد في جميع الحالات في سوء فهم لدور الهيئة في مراقبة هذه الإقرارات والذي يقتصر على الحالات التي يكون فيها شبهة في عدم الإفصاح وأن الأصل أن من يراجع ويعتمد هذه الإفصاحات هي اللجان والمسؤول المختص وفقا لما ورد في النظام.

وفيما عدا الدليل الاسترشادي لم تصدر هيئة مكافحة الفساد التعليمات اللازمة لتنفيذ النظام، وترى أن من التعليمات التي يجب أن تصدرها الهيئة موضوع متابعة الجهات الحكومية في تشكيل المختصة بتضارب المصالح. 

 

نظام تلقي الهدايا

أما بخصوص نظام تلقي الهدايا، فطالبت جبعيتي، بتفعيل رقابة مجلس الوزراء على مدى التزام الجهات المكلفة بتطبيق النظام بمسك سجلات الهدايا وتشكيل اللجان المنصوص عليها فيه، وتدريب أعضائها لتتمكن من تقديم الاستشارة للمسؤولين والموظفين وإرشادهم حول المسائل التي قد يتعرضون لها أثناء تأديتهم الخدمة، وتمثيلهم للجهات الرسمية داخليا وخارجيا.

وشددت  جبعيتي، على ضرورة تضمين القضايا التي لم تتطرق إليها التشريعات القضائية ومدونة السلوك القضائي وخصوصا ما يتعلق بإنشاء سجل للهدايا، ناهيك عن إجراء تعديل على نظام تلقي الهدايا بحيث يشمل نطاق تطبيقه كل من الرئيس ومستشاريه ورئيس الوزراء، والمحافظين، وأعضاء السلك الدبلوماسي، وإجراء تعديل على تشكيل اللجان وآلية عملها لتتناسب مع الجهات الخاضعة لأحكام النظام.

وتجد جبعيتي، بالمقارنة ما بين الفئات الخاضعة لقانون مكافحة الفساد رقم 1 لسنة 2005 وتعديلاته، أن نظام تلقي الهدايا استثنى العديد من الفئات.

الإجراءات الخاصة بتطبيق نظام تلقي الهدايا

وفيما يتعلق بالإجراءات الخاصة بتطبيق نظام تلقي الهدايا، تجد جبعيتي: أنه لا توجد إحصائيات دقيقة بخصوص مدى مسك الجهات الرسمية لسجلات الهدايا وتشكيل اللجان الخاصة بها فعليا ومن هي الجهات التي قامت بتشكيل هذه اللجان ومن هي الجهات التي لم تقم بالتشكيل. الأمر الذي يؤشر إلى عدم وجود متابعة ورقابة جدية على مدى التزام الجهات الحكومية بمسك هذه السجلات وتشكيل هذه اللجان. ولم يتم تقديم أي تقرير مخالفات إلى ديوان الرقابة المالية والإدارية بالاستناد إلى المادة العاشرة من نظام الهدايا، وقد يؤشر ذلك إلى عدم تفعيل إحكام النظام حتى يومنا هذا على الرغم من مرور 3 سنوات على صدوره. 

وأوضحت، بأن نظام الهدايا لا ينطبق على السلطة القضائية، ويوجد عرف في مجلس القضاء أن الهدايا الرمزية (الدروع) التي يتلقاها القضاة أثناء مشاركاتهم الخارجية تسلم وتحفظ في مكان مخصص لذلك في مجلس القضاء. 

 

إقرارات الذمة المالية

ودعت الباحثة جبعيتي، هيئة مكافحة الفساد للقيام بتطبيق آلية للفحص العشوائي لإقرارات الذمة المالية، كضمانة تعزز من التزام المكلفين بدقة وصحة البيانات المزودة من طرفهم، وضرورة تعديل نموذج الإقرار، بحيث يتم تحديد طبيعته في عنوانه وتصنيفه مـن حيـث كونـه إقـرارا يقـدم لأول مـرة أم إقـرار دوريا أم إقرار لنهاية الخدمة أم إقـرار تكميليا يتعلـق بتغييـر حصـل علـى دخـل المكلف، وكذلك تضمين الإقرار تعريفا بكل بنـد مـن بنـود الـذمم التـي يصـرح عنهـا، بمعنى توضيح المقصود بالأموال المنقولة وغير المنقولة والعقـارات والنقـود والحسابات البنكيـة والأسهم والأوراق المالية والديـون، وكذلك ضرورة أن يتطـرق الإقرار إلى الحقوق المعنوية للمكلـف، والتـي قـد تكـون مصـدرا مهـما للدخـل، وذات قيمـة ماليـة كبيـرة مثـل حقـوق المؤلف وبراءات الاختراع.

كما دعت جبعيتي، الهيئة لأن تقوم بإحالة أي مكلف يثبت قيامه بتعبئة إقرارات الذمة المالية ببيانات غير صحيحة إلى القضاء وفقا لما نص عليه القانون، إضافة إلى أتمتة نمـوذج إقرار الذمة المالية، وجعله محوسبا بالكامل من خلال جعل عملية تعبئته وتسليمه للهيئة إلكترونيا، مـا مـن شـأنه تسـهيل عمل الهيئة في توزيـع وتلقـي الإقرارات بسـرعة وسـهولة مراجعتهـا وتدقيقهـا وحفظهـا وتخزينهـا.

الإجراءات الخاصة بإقرارات الذمة المالية

وفيما يتعلق بالإجراءات الخاصة بإقرارات الذمة المالية، تجد جبعيتي: أن القانون الأساسي يعتمد مبدأ سرية إقرارات الذمة المالية لكبار المسؤولين خلافا لما تسير عليه اليوم الممارسات الفضلى، لافتة إلى وجود إشكالية فيما يتعلق بإقرارات الذمة المالية المقدمة من الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي والقضاة وأعضاء النيابة العامة حيث لم يجر تجديد لإقرارات هذه الفئات أو تقديمها بشكل دوري بعد مرور عدة سنوات على تقديمهم لها، "إذ أن النصوص القانونية التي يقدم بموجبها لا تشير إلى تقديم إقرارات الذمة المالية بشكل دوري أو عند تغيير في حدوث تغيير في مصادر الدخل أو بعد إنهاء الوظيفة، كما هو الحال في قانون مكافحة الفساد الذي يخضع له الموظفون العموميون".

وأكدت أن نموذج إقرار الذمة المالية يفتقد لتحديـد طبيعتـه مـن حيـث كونـه إقـرارا يقـدم لأول مـرة أم إقـرار دوري أم إقرار لنهاية الخدمة أم إقـرار تكميلي يتعلـق بتغييـر حصـل علـى دخـل المكلف، كذلك لم يتضمن الإقرار تعريفا بكل بنـد مـن بنـود الـذمم التـي يصـرح عنهـا بمعنى ما المقصود بالأموال المنقولة وغير المنقولة والعقـارات والنقـود والحسابات البنكيـة والأسهم والأوراق المالية والديـون، فهـذه المفاهيم ليسـت بالضـرورة واضحـة لجميع المكلفين. كمـا ويركـز الإقرار علـى الـذمم المالية والمادية ولـم يتطـرق إلى الحقوق المعنوية للمكلـف والتـي قـد تكـون مصـدرا مهـما للدخـل وذات قيمـة ماليـة كبيـرة مثـل حقـوق المؤلف وبـراءات الاختراع وإن ورد في النمـوذج بنـد عـام أيـة مصـادر أخـرى للدخـل، مبينة أن النمـوذج الفلسـطيني لإقرار الذمة المالية ورقـي بمعنى أنـه يـوزع باليـد مـن قبـل الهيئـة ويسـلم لهـا باليـد بعـد تعبئتـه وهـو مـا يشـكل عبئـا كبيرا علـى الهيئـة ويتطلـب مـوارد إضافيـة في الحفظ والتخزيـن ويجعـل مـن مراجعـة وتدقيـق هـذه الإقرارات أمـرا في غايـة الصعوبـة، وهـو مـا يتطلـب العمـل علـى أتمتة هـذا النمـوذج مـا مـن شـأنه التسـهيل علـى الهيئـة ليـس فقـط في توزيـع وتلقـي الإقرارات بسـرعة وسـهولة وإنما أيضـا سـهولة مراجعتهـا وتدقيقهـا وحفظهـا وتخزينهـا.

وقالت: "على الرغم من التعديل الذي حصل على قانون مكافحة الفساد في العام 2018 وسمح بموجبه لهيئة مكافحة الفساد إجراء فحوص لإقرارات الذمة المالية دون الحاجة لإذن من المحكمة إلا أن الهيئة لم تقم بتطبيق آلية للفحص العشوائي لإقرارات الذمة المالية على أرض الواقع. وعلى الرغم من تجريم فعل عدم تقديم إقرارات الذمة للأشخاص الخاضعين لقانون مكافحة الفساد وعلى الرغم من أن التقارير السنوية لهيئة مكافحة الفساد تؤكد على أن إعداد إقرارات الذمة المالية التي يتم تعبئتها وتسليمها إلى الهيئة هي أقل من الأعداد التي ترسلها الهيئة للجهات المكلفة، إلا أنه لغاية الآن لم تتم إحالة أي شخص لعدم تقديمه إقرارات الذمة المالية، حيث تكتفي الهيئة باستدعاء الأشخاص الذين يتأخرون في تقديم إقرارات الذمة المالية والتوضيح لهم الهدف من إقرارات الذمة المالية وكيفية التعامل معها. وعلى الرغم من نص قانون مكافحة الفساد على معاقبة كل من ذكر عمدا بيانات غير صحيحة في الإقرارات المنصوص عليها في القانون. إلا أن هيئة مكافحة الفساد أفادت بأنه كانت هناك حالات تضمنت إقرارات بيانات ذمة مالية مقدمة غير صحيحة وتمت ملاحقتهم على جرائم فساد وليس على عدم تقديم بيانات غير صحيحة".

 

إقرارات دورية وأخرى نهائية

وردا على ما جاء على لسان الباحثة جعبيتي، أكد رئيس قسم إقرار الذمم المالية في هيئة مكافحة الفساد، عبد الله نواهضة، وجود 23 قانونا يتحدث عن تضارب المصالح، موضحا أنه بناء على طلب الهيئة، تم فحص إقرارات الذمة المالية التي تحفظ في المحكمة العليا، وتبين أن هناك إقرارات دورية وأخرى نهائية، وأخيرة لأول مرة، لافتا إلى أن الهيئة تختص بحفظ الإقرارات التي بحوزتها، ولا تختص بالإقرارات التي تحفظ بالمحكمة العليا أو جهات أخرى.

تحديات متعددة تمنع الفحص العشوائي

أما بخصوص الفحص العشوائي للذمة المالية، فقد أشار نواهضة إلى أنّ عدم إجراء الهيئة للفحص العشوائي يعود لوجود تحديات متعددة منها ما يتعلق بسياسة السرية المصرفية، إضافة إلى عدم وجود تدفق للمعلومات على نحو محوسب لتدقيق البيانات، ناهيك عن عدم وجود كادر كاف حاليا لديه القدرة على فحص جميع الإقرارات المالية، موضحا أن الفحص الذي جرى في السنوات الأخيرة لبعض إقرارات الذمة المالية جاء في سياق التحقق عند فحص بعض الشكاوى والبلاغات.

ونفى نواهضة، الادعاء بأن الهيئة لا تحيل للقضاء على بيانات كاذبة، مؤكدا أنه كمأمور ضبط قضائي قام بإحالة شخص لجريمة فساد بالإضافة لجريمة تقديم بيانات غير صحيحة.

آليتان للاستقصاء عن عدم الإفصاح  ولدراسة التطور على الذمة المالية

فيما يأمل مستشار الوكيل المساعد للشؤون المالية والإدارية والعمل الميداني في الإحصاء المركزي إبراهيم ولويل، بترقية نظام الإفصاح إلى قانون، مطالبا بتشكيل لجنة من مجلس الوزراء لإفصاح الوزراء، كما يجب وضع آلية للاستقصاء عن عدم الإفصاح خاصة وأن النظام والإجراءات القائمة لم تتطرق إلى الاستقصاء عن عدم الإفصاح، لذا يجب أن تكون هناك آلية معينة للتعامل مع عدم الإفصاح.

وقال ولويل: "يجب أن تكون هناك آلية لدراسة التطور على الذمة المالية لقياس إن كان التطور عليها طبيعيا أو أنه غير طبيعي"، داعيا ديوان الموظفين العام والوزارات إلى التبليغ عن هيئة مكافحة الفساد عن أي ترقية جديدة من مدير فأعلى لا سيما أن هؤلاء لا يفصحون عن ذممهم المالية.

قائمة أسماء بشبهة تضارب المصالح بين الموظفين

في حين أكد المستشار القانوني في وزارة العمل جهاد شروف، التزام الوزارة فور صدور نظام الإفصاح عن الهدايا ودخوله حيز التنفيذ، حيث تم تشكيل لجنة للإفصاح عن الهدايا برئاسة وكيل الوزارة، مؤكدا أنه تم الاتفاق في اللجنة على أن يتم تنفيذ النظام على الموظفين ومن ثم إجراء معالجة قانونية للمناصب العليا من وزير إلى رئيس وزراء والرئيس.

وقال: "بعد التطبيق ظهرت بعض الإشكاليات وتم الاتفاق على تشكيل لجنة لإدخال بعض التعديلات عليها من قبل مجلس الوزراء وهيئة مكافحة الفساد، وكان هناك أثر إيجابي كبير لإقرار هذين النظامين وبناء على تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية ظهرت أسماء الكثير من الموظفين بشبهة تضارب مصالح بسبب الازدواج الوظيفي بدون إذن خاص من مجلس الوزراء، وتمت تسوية أوضاع الموظفين الذين ظهرت أسماؤهم في الكشف بناء على هذين النظامين".

 

تقرير حول العمل خارج الوظيفة العامة

بينما أعلن ممثل الإدارة العامة للشؤون القانونية في ديوان الرقابة المالية والإدارية محمد عبد الجواد، أن الديوان سيطلق هذا العام تقريرا حول العمل خارج الوظيفة العامة، مشددا على وجود نظام لتضارب المصالح، وليس حصر الموضوع في مدونة السلوك.

وقال: "هناك بعض الجهات مثل الجامعات والهيئات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني التي تعد غير خاضعة لإجراءات وأنظمة مرتبطة بالوظيفة العامة".

وقال: "تلقى الديوان عدة شكاوى تتصل بتضارب المصالح، وعلى إثرها تمت مخاطبة هيئة مكافحة الفساد للتثبت من أنه على الأغلب فيها تضارب مصالح" منوها إلى أن الديوان أكد مرارا أنه من المفروض وجود نظام جامع ومانع يتناول تضارب المصالح وعدم تركه لتشريعات متفرقة أو لمدونة أخلاقيات الوظيفة العامة، خاصة أن هناك جهات لا تخضع للوظيفة العامة كالجامعات والهيئات المحلية والمنظمات والمؤسسات الأهلية.

 

الرأي العام يعتقد وجود فساد بين كبار المسؤولين

أما مستشار مجلس إدارة ائتلاف "أمان" لشؤون مكافحة الفساد د. عزمي الشعيبي، فقال: "أن رأي المواطنين وفقا لاستطلاعات الرأي التي ينفذها ائتلاف "أمان" سنويا تشير إلى أن المواطنين يعتقدون بوجود فساد بين كبار المسؤولين، ما يشير إلى ضعف ثقة المواطنين بمسؤولي السلطة السياسة وصناع القرار في البلد، لذا وجب التدخل من خلال تقديم توصيات من شأنها وضع إجراءات وتدابير مختلفة لتحصين المؤسسات ومنع إمكانية إتاحة الفرص للبعض لاستغلال الثغرات في بعض التشريعات، كون هذه الشريحة معرضة أكثر من غيرها لمخاطر الفساد بحكم الصلاحيات التي تمتلكها."

وأكد الشعيبي، أن أكثر الفئات عرضة للهدايا هم كبار الموظفين، لذلك يجب أن يكون هناك نظام لتجنب تضارب المصالح، ونظام آخر لتنظيم سجلات الهدايا وقدر الإمكان يجب أن يحسم موضوع إقرار الذمة المالية ويشمل جميع الموظفين دون استثناء وبهذا الصدد يجب رفع السرية المصرفية وخاصة المعارضين سياسيا وكبار الموظفين مع ضمان الحفاظ على السرية المصرفية لعامة المواطنين.

وأكد د. الشعيبي، أن إعداد الأنظمة قيد النقاش وأعدت بهدف تقليل فرص هذا النوع من الفساد باتخاذ إجراءات وتدابير وقائية من خلال تطبيق الشفافية بمكوناتها المختلفة لتقليل فرص الفساد، الأمر الذي يعزز نزاهة الحكم من خلال إجراءات وتدابير تقي من الفساد محتمل الحصول فيما بعد.

ويستنتج الشعيبي من خلال الإجابة التي تلقاها ائتلاف أمان من مجلس الوزراء حول مدى التزام الجهات الحكومية بتشكيل اللجان التي نص عليها نظام تضارب المصالح أنه وإن تم تشكيل اللجنة المطلوبة داخل الأمانة العامة لمجلس الوزراء وإن قام مجلس الوزراء بإصدار رسالة للجهات الخاضعة لنظام الإفصاح عن تضارب المصالح لسنة 2020 يطلب منها تشكيل اللجان المنصوص عليها في هذا النظام. ولكن لم تتم الإجابة متى صدرت هذه الكتب وهل تم تشكيل هذه اللجان فعليا من قبل الجهات التي تمت مخاطبتها ومن هي الجهات التي قامت بتشكيل هذه اللجان ومن هي الجهات التي لم تقم بالتشكيل. الأمر الذي يؤشر إلى عدم وجود إرادة ومتابعة ورقابة جدية على التزام الجهات الحكومية بتشكيل هذه اللجان.

وقال: "تؤشر عدم إجابة الأمانة العامة لمجلس الوزراء عن استفسار ائتلاف أمان حول مدى وجود سوابق وحالات عملية تم الإفصاح فيها من قبل وزراء أو رؤساء مؤسسات غير وزارية بإبلاغ مجلس الوزراء عن تلقيهم هدايا (ذكر حالات بدون أسماء) إلى عدم شفافية الحكومة فيما يتعلق بهذا الموضوع."

 

وحث الشعيبي، على إطلاق حملات متتالية للتأكد من أن الضوابط والإجراءات التي أعدتها هيئة مكافحة الفساد، والتحقق من عدم وجود ثغرات قد ينفذ منها بعض الأشخاص ويستفيدوا منها، ولذلك نسعى ونعمل لتعزيز جهود هيئة مكافحة الفساد وليس لانتقادها.