الخميس  15 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إعلان "قداسة" راهبتين فلسطينيتين.. رسالة "محبة" وِ"إيمان" من الأرض المقدسة للعالم

2015-05-16 06:16:43 PM
 إعلان
صورة ارشيفية
 
رام الله - سعيد أبو معلا
 
يعلن بابا الفاتيكان، فرنسيس الأول، في قُدّاس خاص بساحة القديس بطرس في روما، غدا الأحد، عن قداسةَ أول راهبتين فلسطينيتين في العصر الحديث، بحضور الرئيس محمود عباس.
 
وكان قرار تقديس الفلسطينيتين؛ الطوباوية ماري الفونسين غطّاس (1843-1927)، والطوباوية مريم جريس بوادري (1846-1878)، اتخذ خلال اجتماع الحبر الأعظم بالكرادلة (الكونسيستوار) في 14 فبراير/ شباط 2015.
 
وغالبا ما يطوَّب (يعمد) شخص للكنيسة الكاثوليكية عندما يكون قد عاش الفضائل المسيحية المرتكزة على المحبة والإيمان والرجاء، ونسبت إليه عجائب معيّنة.
 
وتعتبر مسألة رفع مكانة الراهبتين الفلسطينيين إلى رتبة قديستين، حدثاً فلسطينياً هاماً من الدرجة الأولى، يضع فلسطين المحتلة على الخارطة الكنسية والعالمية.
 
وعن ذلك، يقول الأب مانويل مسلم، رئيس دائرة العالم المسيحي في منظمة التحرير الفلسطينية إن "مسألة إعلان التطويب لا تخص البابا إطلاقا، إنما تحمل الدلالة لفلسطين وسكانها، أرضنا وترابنا وأجيالنا الماضية والقادمة، وحضارتنا، ففلسطين هنا هي النموذج للعالم أجمع".
 
ويضيف في تصريحات لوكالة الأناضول: "القديستان أجبرتا البابا بعد أن لفتتا أنظار العالم إليهما، ليعترف بأن حياتهن الأرضية كانت مثالا يحتذى؛ فالمجد والحكاية لا تخص البابا في روما بل تخص شعبنا الذي يمتاز بالأخلاق الرفيعة، والإيمان، والمحبة، والرحمة، والتسامح، وهو أمر ينفي تهم الإرهاب التي تحاول أن تسوق لها إسرائيل، فهي التي تمارس فعل الإرهاب والقتل، وهو فعل لم يجعل من الفلسطيني إرهابيا بمقدار ما جعله يتسلح بالإيمان والتقوى وبكل ما يجعله يدافع عن إنسانيته وقيمة وأخلاقة النبيلة".
 
قبل أن يمضي قائلا: "على هذا الأساس سنحتفل بإعلان التقديس احتفالا وطنيا وشعبيا، وبهذا سيفتخر الشعب الفلسطيني، بمسلميه ومسيحية، بوجود قادة فلسطينيين للإنسان نحو الله رغم آلامنا وأوجاعنا".
 
وتعتبر القديسة الراهبة مريم ليسوع المصلوب (مريم جريس بوادري)، من رهبنة الكرمل، المولودة في عبلين في فلسطين عام 1846، والمتوفاة في بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، عام 1878، نموذجا لروح التقوى والصلاة، فلم تكن تخرج للحياة المادية، بل كرست حياتها للصلاة وتميزت بروح التقوى والإيمان.
 
ويؤكد الأب مسلم أن القديسة مريم "كانت تتألم وتتعذب لكنها صبرت طويلا، وتحملت جراح إبليس في جسدها إلى أن ماتت وهي تصلي بين يدي لله".
 
والتحقت الراهبة مريم أولا براهبات مار يوسف عام 1860، لكنها رُفضت فتوجهت إلى الرهبانية الكرملية في فرنسا، وقامت بتأسيس الرهبانية الكرملية ''دير الكرمل" عام 1875 في بيت لحم.
 
وقال عنها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني(1920-2005) ''راهبة كرملية، ولدت على الأرض التي شهدت حياة يسوع في الناصرة، الأرض التي ما زالت، حتى أيامنا هذه، سبب هموم كبيرة لنا ومركز نزاعات أليمة.. إن خادمة المسيح المتواضعة، مريم ليسوع المصلوب، تنتمي من حيث العرق والطقس والدعوة وتنقلاتها الكثيرة إلى شعوب الشرق، وهي اليوم ممثلة لهم".
 
وفي السادس والعشرين من أغسطس / آب عام 1878 توفّيت الراهبة مريم ودفنت في بيت لحم، عن عمر 32 سنة، وفي 13 ديسمبر/كانون أول 1983، قام قداسة الحبر الأعظم البابا يوحنا بولس الثاني بتطوببها رسمياً.
 
أما الراهبة ماري ألفونسين دانيال غطاس، المولودة في القدس عام 1843 والمتوفاة فيها أيضاً عام 1927، فهي مؤسسة رهبنة الوردية المقدسة في القدس، وهي مؤسسة لصالح الكنيسة والشعب الفلسطيني، وهدفت إلى العناية بالفتاة الفلسطينية من تربية وتعليم وتأهيل لتكون أما صالحة.
 
والراهبة ماري بحسب الأب مسلم، عاشت في فقر شديد بالقرى والمدن؛ "لمساعدة الفتيات بما امتلكت من روح الصلاح والتقوى والتضحية من أجل الأخرين، فجاعت من أجل أن يشبع أطفال فلسطين. فقد عاشت حياة إنسانية ومسيحية مثالية، وكُانّت مثالا في التعبد لله وفي محبتهنّ لجميع خلائقه، وكان شعارها: التفاني حتى الموت".
 
وانخرطت ماري في سلك الرهبانية عام 1860 وأبرزت نذورها الابتدائية عام 1863، وقامت بعد إبرازها النذور بتعليم اللغة العربية لمدة سنتين في القدس، أسست خلالها "أخوية الحبل بلا دنس"، و"أخوية الأمهات المسيحيات"، ونقلت بعد القدس إلى بيت لحم. وخلال تواجدها هناك، ظهرت لها السيدة العذراء طالبة منها إنشاء رهبانية جديدة باسم "راهبات الوردية المقدسة" عام 1883 برفقة ثمانية فتيات أخريات، حسب الأب مسلم.
 
وتنقلت القديسة ماري خلال تقديمها الخدمات للفقراء، في عدة مناطق ومدن فلسطينية وفي الأردن، أبرزها القدس، بيت لحم، بيت ساحور، يافا، الناصرة، نابلس، الزبابدة، ومدينة السلط الأردينة، حيث أسست فيها ديرا عام 1889 ما زال قائما حتى اليوم.
 
وتم إعلانها طوباوية للكنيسة الكاثوليكية في 22 نوفمبر/ تشرين ثاني 2009، بعد موافقة البابا بندكتس السادس عشر(1927_) على أنها عاشت "الفضائل المسيحية" وهي المحبة والإيمان والرجاء خلال حياتها الأرضية.
 
ويرى الأب مسلم في ضوء حديثه عن القديستين، أنهما "يعكسا مجموعة من القيم التي يحتاجها المجتمع الفلسطيني"، موضحا "إنهما نموذجا حيا للقيم التي يحتاجها المجتمع الفلسطيني للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي، ومن دون هذه القيم لن ينتمكن من ذلك".
ويتابع: "تعتبر الراهبة ماري درسا في التكافل الاجتماعي، فالفقير له حق علينا، ولا يجوز أن نأكل وهو جائع، فهي درسا في تحقيق كلمة المسيح التي تقول: ليس حبا أعظم من أن يبذل الانسان نفسه من أجل الآخرين".
 
 وبحسب مصادر فلسطينية فإن احتفاليّة التقديس ستتزامن مع الإعلان عن افتتاح سفارة فلسطين في روما، في وقت تجري الترتيبات لمشاركة وفود فلسطينية كبيرة في الحدث الهام من 2000 شخص من فلسطين والجليل والأراضي المحتلة، و500 آخرين من الأردن، و500 من لبنان، إضافة إلى كل سفراء فلسطين المعتمدين في أوروبا، ورئيس أساقفة اللاتين في القدس، والأساقفة المساعدين، ولفيف من الكهنة من فلسطين والأردن ولبنان.