الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

القطاع الصحي بغزة يواجه العدوان الإسرائيلي بإمكانيات معدومة!

2014-07-22 08:33:22 AM
القطاع الصحي بغزة يواجه العدوان الإسرائيلي بإمكانيات معدومة!
صورة ارشيفية

غزة - محاسن أُصرف

لم تجد المُسنة «فاطمة حسين» 73عاماً من مدينة خان يونس، غطاءً طبياً يحمي عينها التي أُصيبت بشظايا القصف الإسرائيلي يوم التاسع من يوليو، ولا حتى دواءً يُهدئ من وهج عينيها النازف دماً، ما اضطر ابنتها للخروج تحت وابل القصف لتأمين العلاج من أقرب صيدلية تجارية.

وقد تعرضت السيدة لشظايا قصف صاروخي استهدف عائلة فارس بحي الشيخ ناصر المُقابل لمنزلها، تقول ابنتها لـ»الحدث» «وضع المستشفيات في قطاع غزة كارثي، والحرب الدائرة في القطاع تُهدد بوقوع المزيد من الشهداء نتيجة نقص الأدوية والمعدات الطبية».

وتتعرض مستشفيات غزة جراء العدوان الإسرائيلي منذ الثامن من يونيو، لنزف حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية تجاوز 30% من الأدوية، و55% من المستلزمات الطبية، ويُشير أشرف القدرة، الناطق باسم وزارة الصحفة في غزة: إلى أن استمرار حالة الاستنزاف للأدوية والمستلزمات الطبية في مستشفيات القطاع وبالتزامن مع تباطؤ وصول المساعدات الطبية نتيجة إغلاق المعابر والحدود، قد يؤدي إلى تعذر تقديم الخدمات الطبية، إذا ما استمر العدوان العنيف والاستهداف غير المبرر لأبناء الشعب الفلسطيني، وقال: «إن أدوية الطوارئ والعمليات والعناية المُكثفة، جميعها نافذة من مستشفيات الوزارة»، وتابع أنه على الرغم من إعلان حالة الطوارئ وجمع كافة الأدوية والمستلزمات الطبية من مرافق الوزارة، وشحنها إلى المستشفيات الأكثر تعرضاً للإصابات، إلا أن حجم الاعتداء الإسرائيلي أكبر من كافة الإمكانيات المتوافرة، وطالب المؤسسات الدولية بالعمل على إدخال كافة المستلزمات الطبية لمستشفيات القطاع أملاً في إنقاذ عدد أكبر من الجرحى والمصابين.

إصابات بالغة

وتنقلت «الحدث» داخل عدد من المستشفيات لرصد الحالة الصحية عن قرب، ويقول أحد الأطباء في مستشفى ناصر الطبي، أن غالبية الإصابات التي تأتي جراء القصف الإسرائيلي المستمر على مختلف محافظات القطاع، تُصنف بين الحرجة والمتوسطة ويعانون بتر الأطراف، بينما الشهداء يأتون أشلاءً، وأضاف أن نسبة 40% من الإصابات من الأطفال والنساء.

 وحول الإمكانات الطبية في المستشفى، أوضح الطبيب، ويدعى «عماد أبو عامر»، أنها تكاد تكون معدومة ولا تكفي جرعة صغيرة لكل مريض، وبيَّن أنهم ناشدوا جميع الجهات المسئولة لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل عاجل، خاصة وأن المستشفيات لا تستطيع توفير أنواع العلاج لكل حالة، ما يضطرهم إلى إعطاء حالات الإصابة وفقاً لدرجة الخطورة.

«ياسر» نجا بأعجوبة

وفي قسم الجراحة بمستشفى ناصر الطبي، التقينا بالمصاب «ياسر أسعد» لم يستطع الحديث إلينا إلا همساً نتيجة إصابته، فتكفل شقيقه أحمد بالحديث، يقول أثناء استهداف الطيران الحربي الإسرائيلي لبيت جيرانهم أُصيب شقيقه بـ شظية في بطنه، على إثرها تم استئصال 40سم من أمعائه، ويؤكد أنه خضع لعملية صعبة في ظل نقص الإمكانيات في المستشفى، ولكن الله سلّم، ويُضيف، بعد تدهور صحته أشار الأطباء إلى تحويله إلى المستشفيات المصرية إلا أن إغلاق معبر رفح البري يوم الخميس الماضي حال دون ذلك.

وتخشى عائلة ياسر أن يؤثر نقص الأدوية والمستحضرات الطبية على كفاءة علاج ابنهم، مطالبين العالم العربي والإسلامي بإمداد مستشفيات غزة بما ينقصها، لإنقاذ أرواح أبنائهم الجرحى.

لم يُفلح الهرب

ولم يُفلح «محمد أبو سلامة» الذي يرقد غير بعيد عن الشاب ياسر، في الهرب من القصف فأصابه بجروح متوسطة، بينما استشهد ابن شقيقه مؤيد البالغ من العمر 3 أعوام، يقول: «كنا حوالي 15 شخصاً، هربنا من حر المنزل إلى فضاء الشارع، وبعد برهة فاجأنا القصف، لم يكن هناك مقاومين ولم تُطلق المقاومة أي صاروخ من المنطقة».

ويرقد أبو سلامة على سرير الشفاء، يتلقى علاجاً بالكاد توفره المستشفى للحالات التي تردها جراء القصف الهمجي من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي، يؤكد أن الإمكانيات في المستشفى بسيطة، ورغم ذلك الأطباء يفعلون ما بوسعهم لإنقاذ المصابين، ولكن أحياناً يفشلون من صعوبة الإصابات جراء استخدام الاحتلال أسلحة محرمة دولياً.

وبينما صعدنا إلى قسم الحروق العلوي، والذي ترقد فيه النساء والأطفال، كان يعلو صراخ فتاة في العشرينيات من عمرها، أُصيبت عند استهداف بيت عائلة عبد الغفور في بلدة القرارة شرق مدينة خان يونس، تؤكد والدتها أن نيران الصاروخ الذي سقط على بيت الجيران أصابها بحروق من الدرجة الثالثة في يدها وظهرها، تؤكد أن ما تتلقاه في المستشفى عبارة عن مسكنات لا تشفي أوجاعها أبداً، بل تُسكنها ساعات محدودة، وتخشى والدتها أن تتضاعف حروقها في ظل النقص العام في الأدوية في صيدلية المستشفى، مؤكدة أنها طالبت الطبيب أن يكتب لها العلاج لتصرفه من الخارج إلا أنه طمأنها بوصول مساعدات طبية عاجلة من عدة جهات دولية.

وتتمنى الأم وترفع يديها لرب السماء، بأن يشفى ابنتها وكافة الجرحى والمصابين، مؤكدة أنهم مدنيون لم يُقاوموا بشيء، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية بفك الحصار عن غزة وإرسال إمدادات الدواء للمستشفيات التي تُعاني الأمرّين، مرارة القصف الأهوج، ومرارة نقص المستهلكات الطبية.

استهداف القطاع الصحي

من جانبه أشار د. مدحت محيسن، وكيل مساعد وزارة الصحة، أن الاحتلال الإسرائيلي في كل حرب يعمد إلى استهداف القطاع الصحي ويسعى إلى تدميره بالكامل لرفع عدد الخسائر البشرية في القطاع، منوهاً إلى حجم الأضرار التي وقعت بالمستشفى الأوروبي بخان يونس، ومستشفى الوفاء شرق غزة، والهلال الأحمر في عزبة عبد ربه شمال قطاع غزة، ناهيك عن تضرر أربعة مراكز رعاية أولية تابعة لوزارة الصحة، وقال: «يأتي الاستهداف المتعمد لمرافق وزارة الصحة لثنيها عن تقديم خدماتها، وفي ظل أزمة النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية»، مؤكداً على أن كافة الطواقم الطبية في كافة مرافق الوزارة، تعمل بالنذر اليسير، ولا يمكنها اجتياز المرحلة القائمة دون دعم عربي ودولي للقطاع الصحي بغزة، وإمداده بنواقصه من الأدوية والمستلزمات الطبية.

تحذير

ومع استمرار العدوان الإسرائيلي لليوم السادس على التوالي وارتفاع عدد الشهداء إلى 121، وما يُقارب 900 جريح، حذرت منظمة الصحة العالمية من توقف الخدمات الصحية في بسبب نقص الأدوية والمعدات والوقود الضروري لعمل مولدات الطاقة في المستشفيات، داعية المانحين إلى التبرع بـ 40 مليون دولار لتغطية تكاليف الأدوية والمستلزمات الطبية الهامة حتى نهاية 2014، بالإضافة إلى التبرع بـ 20 مليون دولار أخرى، لتغطية ديون معالجة مرضى السرطان من غزة والضفة الغربية في مستشفيات القدس.

وتعمل الطواقم الطبية في مستشفيات قطاع غزة في ظروف استثنائية، رغم ما تعانيه من قلة الموارد الدوائية والمستهلكات الطبية، بل تعمل بكل طاقاتها، لضبط تفاصيل العمل الصحي، بما يتوفر لديها من أدوية ومستلزمات طبية، لتؤمن الخدمة الصحية للقطاع الذي يتعرض إلى هجمة مسعورة.

من ناحية أخرى أشارت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الأخير أن وزارة الصحة في غزة، لا تملك من الوقود ما يكفيها لتشغيل مرافقها لأكثر من عشرة أيام، كما أن الأطباء يعانون من وضع اقتصادي صعب نتيجة عدم تسلمهم رواتبهم لعدة أشهر سابقة، مؤكداً أن البعض لم يتمكنوا من الحضور إلى أماكن عملهم، وألمحت وزارة الصحة الفلسطينية إلى أنها لم تعد قادرة على شراء كميات كافية من الدواء بسبب الديون التي فاقت 250 مليون دولار.

إمدادات غير كافية

ومنذ إعلان مستشفيات قطاع غزة حالة الطوارئ وفقاً لارتفاع وتيرة العدوان الإسرائيلي على السكان المدنيين، اجتهدت وزارة الصحة في رام الله لتغطية النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وأرسلت، وفق بيان لوزارة الصحة بغزة، شحنة أدوية لتلبية الاحتياجات الطارئة.

وتكونت الشحنة من 12 شاحنة من الأدوية للأمراض المزمنة ومرضى السرطان والكلى، بالإضافة إلى إرسال محاليل وريدية وأكياس دم ومواد مخبرية ومستلزمات طبية.

وقال د. يوسف أبو الريش، وكيل وزارة الصحة بغزة، أنه تواصل مع المبادرة العمانية لمناصرة فلسطين، وقامت الأخيرة بتوفير أدوية ومستلزمات طبية بقيمة 15 ألف دولار لسد بعض النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية ووقود سيارات الإسعاف في أقسام الطوارئ، وتابع أنها جاءت كمساعدة إنسانية عاجلة لتمكين المستشفيات من تلبية احتياجاتها الطارئة واللازمة لعلاج الجرحى، تزامناً مع الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة، واستجابة لنداءات وزارة الصحة والأطباء لتوفير الدعم اللازم من الأدوية والمستلزمات الطبية، لعلاج جرحى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولفت أنه لسرعة وصول المعونات والمساعدات الطبية إلى المستشفيات، تم شراؤها من السوق المحلية في القطاع بعد تحويل المبلغ الذي تم رصده من المبادرة العمانية للشركات المحلية.

واستقبلت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة الأحد الماضي أولى قوافل المساعدات الطبية المرسلة من قبل اتحاد الأطباء العرب، وأوضح بيان صادر عن الاتحاد أن القافلة التي تحمل 3 أطنان من الأدوية والمستلزمات الطبية، جاءت في إطار الاستجابة العاجلة لنداءات الاستغاثة التي أطلقتها وزارة الصحة الفلسطينية، بعد نفاذ الأدوية والمستلزمات الطبية من المحاليل الوريدية والمستلزمات الطبية المستخدمة في حالات الطوارئ والجراحة العاجلة.

 

وتبقى هذه الإمدادات غير كافية لاستيعاب حالة الطوارئ في المستشفيات والمرافق الصحية في قطاع غزة خاصة مع استمرار العدوان الإسرائيلي وارتفاع أعداد المصابين والجرحى كل دقيقة، واستهداف الطواقم الطبية في كل حين.