الأحد  28 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اقتربت ساعة الحسم.. مستقبل الأونروا الآن إما أن تكون أو تتلاشى/ بقلم: سامي مشعشع

2024-02-04 03:53:21 PM
اقتربت ساعة الحسم.. مستقبل الأونروا الآن إما أن تكون أو تتلاشى/ بقلم: سامي مشعشع
سامي مشعشع

 

 

فى معرض رده على سؤال "هل هناك شيء كان بإمكان الأونروا  القيام به بشكل مختلف (في غزة)؟

أجاب  المفوض العام فيليب لازاريني: "لا أعرف. هل ندفع ثمن رفع صوتنا في لفت الانتباه إلى محنة الناس في غزة، وإلى هذه الكارثة الإنسانية التي تتكشف أمام أعيننا؟ ربما يكون هذا قد ساهم في توجيه الانتقادات أو تسريعها أو تضخيمها".

انضممت للأونروا عام ١٩٩١، وعملت مع فيليب لازاريني قرابة سنوات ثلاث كناطق رسمي للوكالة ومشرفا على مكاتب إعلامها ودائرة الاتصال والتواصل فيها، وأدرك تماما الضغط الذي يرزح تحته المفوض من سلطات الكيان المختلفة والضغط "الناعم/ القاسي والهادئ/ الصارخ) من قبل الدول المانحة للأونروا وخصوصا أمريكا وغيرها من "أصدقاء" الأونروا [والمثل يقول احذر عدوك مرة واحذر أصدقاءك ألف مرة].

وكجزء من هذه الضغوط المدروسة جاءت تصريحات نتنياهو بضرورة القضاء على الأونروا "كاملة" وليس فقط فى غزة، وتبعها بالأمس تصريح جلعاد أردان مندوب الكيان لدى الأمم المتحدة بأنه "يجب القضاء على الأونروا الآن وإلى الأبد". وتبعتها التوصية من كبار الضباط لرئيس هيئة أركان جيش الاحتلال بضرورة تخفيف حدة الهجوم على الأونروا لأن لا بديل واقعي لها حاليا (بمعنى لنقضي عليها لاحقا "بعد الحرب" ولحين أن نجد لها بدائل إما أممية أو إقليمية أو محلية أو "كوكتيل" من هذه المؤسسات).

وتتواصل الضغوط عبر تصريحات ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة بضرورة إدخال تغييرات جوهرية فى عمل وأداء الأونروا وهو موقف رددته كالخراف والببغاوات عديد الدول الأخرى ولسان حالهم يقول "سنرجع التمويل الزهيد لكم لكي نضمن توفيركم للخدمات للاجئين ولكي نبقيهم على خط الفقر وأقل بقليل بينما نستمر بضخ مليارات الدولارات لتأمين القنابل والذخائر الملقاة على غزة ولكي نبقى على خط الدعم البري من دول بالخليج للكيان"!

رجوعاً لإجابة المفوض على السؤال أعلاه أقول إن الهجمة الجديدة على الوكالة هي ليست الأولى ولكنها الأشد ونعم جاءت بسبب تواجد الوكالة وخدماتها (على شحها) وبسبب تقاريرها الأممية حول ما  يحدث بالقطاع. وإذا كانت هكذا نيتهم وتصريحاتهم وأفعالهم ضد الأونروا يبقى العمل الديبلوماسي ووراء الكواليس لدفع هذا الهجوم المسعور غير ذي نفع.

قتل ١٥٢ عامل أمم متحدة يعملون لدى الأونروا وجاء "الزعل" من الأمين العام ومسؤولي الأمم المتحدة ومن كبار متبرعي الأونروا "مهذبا" و "عاتبا " و"مستهجنا" بينما سببت تهم ضبابية وغير مثبتة ضد ١٢ موظفا للوكالة  "رعبا وهلعا" وتسببت بطرد سريع لهؤلاء الموظفين وتحقيقات وبيانات استنكار وكأن السماء أطبقت على الأرض. وتم قصف ١٤٧ منشأة تابعة للوكالة تأوي مئات الآلاف من النازحين واستشهد داخلها العشرات وكل ما فعلته مؤسسات العالم الدولية هو "الحوقلة" وضرب اليد على اليد كتعبير عن قلة الحيلة وترسيخ ازدواجية المعايير وأن دم طرف أكثر احمرارا من طرف آخر.

إنها حرب مفتوحة ومسعورة على اللاجئين وعلى الأونروا.

إنهم يقولون نهارا جهارا بأنهم يريدون القضاء على الأونروا ومن تمثل وماذا تمثل.

وعارنا أن من يتحدث باسم اللاجئين من بين صفوفنا كلاجئين لا يستطيع إلا الندب والاستنكار والحوقلة! إذن على الوكالة وعلى المفوض أن تخلع القفاز  الحريري وترفع عاليا صوتها الإعلامي والدبلوماسي والعملياتي والحقوقي لأعلى المستويات مطالبة بالتحقيق  (وبصراحة لا حاجة له) ومعاقبة الكيان على القصف والقتل المدروس وعن سابق إصرار وترصد لمنشآتها والفرض عليه دفع تعويضات مالية كاملة. وثانيا الأونروا عليها الإصرار على محاسبة الكيان على إبادة ١٥٢ موظفا أمميا فلسطينيا وعائلاتهم (ووالله لو كانوا غير فلسطينيين لقامت الدنيا ولم تقعد). وثالثا "إزعاج وإرهاق العالم" بأسره ليل نهار بأن أهل غزة يموتون جوعا ولغياب العلاج وأن الوكالة بقدراتها اللوجستية والبشرية والخبراتية تستطيع إنقاذهم وأن على المساعدات أن تدخل فورا وبدون إعاقات.

 هناك دور ومكانة ورمزية كبيرة لمنصب وشخص المفوض العام إذ يقف على رأس أكبر مؤسسة أممية وبسجل قوي في تقديم الخدمات الطارئة والمنقذة للحياة امتدت لعقود.

عزيزي المفوض العام:

إنهم يقتلونهم بالجملة وإنهم يدمرون البشر والحيوان والحجر. ولم يتبقَ من غزة إلا الأطلال وأناس شجعان، أصحاب عزة وكرامة وجباه مرفوعة ويعرفون كيف يجابهون ويدافعون عن حقهم بالحياة والحرية ولكن عندما يتعلق الأمر بالأمم المتحدة يتطلعون ليس للأمين العام ولا لمنسق الشؤون الإنسانية ولا لمنسقة إعادة البناء والمساعدات الإنسانية المعينة قبل أسابيع ولا إلى اليونيسيف ولا الصليب الأحمر.. إنهم ينتظرون دورا  كاسحا شاملا من المؤسسة التي رافقتهم  على مدى سبعة عقود.

إنهم ينظرون إليك كصوت أممي يقف على رأس وكالة تمثل نكبتهم الأولى وشاهدة على النكبة الثانية التي تتجلى أمام أعيننا بكل دقيقة وإنك تقف على رأس مؤسسة تمثل حق العودة.

إنهم ينتظرون منك أن تقول للكيان: كفى وأن تؤكد بأن الوكالة "بعد الحرب" باقية.

لقد صوتت  ١٥٧ دولة لتجديد وكالة الأونروا بديسمبر ٢٠٢٢ وحتى منتصف ٢٠٢٦ ودولة الكيان صوتت ضد.

قل لهم وللجميع بأن الوكالة باقية فى كافة مناطق عملياتها وحتى يتم إعادة بناء غزة من جديد، وحتى تحل قضية اللاجئين حلا عادلا شاملا وحتى تحقيق حق العودة.

قل لهم إنك باق على رأس عملك وإنك سترد الصاع صاعين.

لا شيء تخسره.

لا شيء نخسره.