السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

النصر الاستراتيجي الإسرائيلي المنظور والأخطر.. نهش حق العودة والقضاء البائن على الأونروا| بقلم: سامي مشعشع

2024-02-24 12:32:18 PM
النصر الاستراتيجي الإسرائيلي المنظور والأخطر.. نهش حق العودة والقضاء البائن على الأونروا| بقلم: سامي مشعشع
سامي مشعشع

الصورة اتضحت الان والكيانات الفلسطينية الدافنة رؤوسها في رمال التمنيات بان ما يحصل "شدة وتزول" لم يدركوا بعد ان دولة الكيان تسير بخطى محمومة لتحقيق "نصرًا" استراتيجيا مؤزرا سعوا اليه لعقود خلت.

وبينما يبحث الكيان عن "صورة" نصر،ولو باهتة، في حرب الإبادة المسعورة على حرب غزة وبينما يحاول مراكمة حفنة من الانتصارات التكتيكية وتجييرها إعلاميا في غياب واستعصاء القضاء على أي حس فلسطيني مقاوم، في الوقت ذاته كان يسعى وبجهد مناظر لتحقيق نصر بعيد المدى وله تأثيرات وجودية وكارثية ان تحقق. التهجير القسري للفلسطينيين هو هوس الكيان الرئيس والتوطين الاجباري للاجئي فلسطين هو الهدف الاستراتيجي المنشود. لن يخرج الكيان من غزة بما كان يبغاه واصبح يوظف جهودًا استثنائية كي يلتف حول فشله العسكري مكثفا العمل على مآلات ما بعد الحرب. الكيان بدء بخطوات متسلسلة ومتدحرجة تجاه هدف نهش حق العودة ان تعذر حاليا القضاء التام عليها. والمفتاح بين يديه هو وكالة الغوث الدولية .. الاونروا.

لقد نجحوا في شيطنتها ونجحوا ولو جزئيا في صرف انظار البعض عن حرب الإبادة وشغلوا اعلام وساسة الاعراب والأغراب بما فعله او لم يفعله تسعة من موظفي الاونروا بالسابع من اكتوبر بالرغم من غياب ادلة دامغة (وحتى وكالة الاستخبارات الامريكية باتت الان تشكك بصحة هذه الاتهامات) واتهموا الوكالة بخرق الحيادية وبمناهج تعزز الحقد والكراهية ونجحوا في تعليق التبرعات المرصودة للوكالة وتبنوا خطوات واضحة تهدف لغرضين: طرد الاونروا من القدس وضمان ان "لا دور" ولا حضور للاونروا في ما-بعد-حرب الإبادة-على غزة كما صرح نتنياهو وجوقته.

واستتباعا لاعلاه اتبعوها بخطوات تصب في نفس الاتجاه وشملت: جهود متواصلة لطرد الوكالة من مقرها الرئيس في الشيخ جراح بشرقي القدس والمتواجدة فيه منذ ٧٥ عاما ومنع دخول مئات من عاملي الأونروا الفلسطينيين من الوصول لمدارس وعيادات ومقر الرئاسة ومخيم شعفاط في القدس منذ شهر أكتوبر الماضي. واتبعته بعدم تجديد أو تجديد مقنن وشهري لتأشيرات العاملين الدوليين بالاونروا في القدس وغزة ترافق مع العمل على الغاء امتيازات الإعفاء الضريبي والجمركي المعطى للاونروا وتعليق شحن بضائع الاونروا الى فلسطين وتجميد الحساب البنكي للاونروا في احدى البنوك الإسرائيلية. وتواصل العمل على مشروع قانون لسحب امتيازات وحصانات الاونروا المنصوص عليها باتفاقية كوماي-مكليمور الموقعة في العام ١٩٦٧وتواصل العمل على مشروع قانون (وارتكازا للقانون الأساسي والذي ينص بان القدس هي عاصمة الكيان الموحدة) يمنع أنشطة الاونروا وتواجدها في "الأراضي الإسرائيلية". وموخرا مطالبة "مصلحة أراضي إسرائيل" الاونروا باخلاء معهد قلنديا للتدريب المهني والتقني والمقابل لمخيم قلنديا ومطالبة الوكالة بدفع ٤،٥مليون دولار بدل إيجار وبدل استخدام مرافق! وبالأمس قدم رئيس وزراء الكيان خطته/رؤيته لغزة ما بعد الحرب: لا دولة للفلسطينيين. لا وجود لسلطة فلسطينية بغزة الا لروابط قرى ومخاتير ولا وجود للاونروا.

هل وضحت الصورة إذن؟!

والأخطر على حق العودة والاونروا هو مهام ودور وأهداف "فريق العمل المستقل" والذي أتخوف (بناءا على شواهد سابقة للجان حققت وقيمت عمل الاونروا سابقا وانيط بها مهام مشابهة بالسابق) بأنها ستسعى للمس بالوكالة وولايتها ورمزيتها ودورها وحضورها داخل فلسطين وفى الأردن وسوريا ولبنان وبتوجه استراتيجي مشبوه يستهدف حق العودة عبر تركيع الاونروا داخل فلسطين وإعادة تشكيلها واناطة مهام توطينية لها في مناطق عملياتها خارج فلسطين. هذا هو الهدف. هذا هو النصر الذين يسعون اليه.

أن يرأس الفريق "المستقل" وزيرة خارجية فرنسا سابقا فهذا له مدلولات سياسية فاقعة وان تتجند ثلاث مراكز بحثية غربية (ثلاثة مراكز!) لمساعدتها في النظر "بالتزام الاونروا بالحيادية" من عدمه وتلتقى مع الأمين العام وممثلي الدول والكيان وتنشط في "نشر باحثين لها في الشرق الأوسط "!!!!! فهو مشابه للدور المشبوه لمؤسسة فافو FAFO النرويجية بعد توقيع أوسلو. اكاد أجزم ان أهداف هذا الفريق بعيدة عن المهنية المزعومة والهدف المعلن.

الهدف -وفى الإعادة استفادة - هو الانتهاء من الاونروا في فلسطين وتحويلها لمؤسسة إنمائية تنموية توطينية في سوريا والأردن ولبنان واغراقها بأموال عربية تحتاجها،ولا تحتاجها، لتحقيق هذا الهدف المنشود. يخال لي بأننا كفلسطينيين خارج غزة اصبحنا "كالزومبي" — مخدرين مسلوبي الإرادة مصدومين نرى ما يحدث ولا تسعفنا ادبياتنا بأن حق العودة مقدس، ولا تسعفنا بيانات قوانا السياسية بأنه خط أحمر بات مستباحا، ولا تسعفنا صلواتنا ولا استخارتنا ولا عبارات استنكارنا وقلقنا وشجبنا بشىء.

نرى ما يحدث، ندرك أبعاد ما يحدث، وندرك بان الطرف الأخر يقترب من المس بأركاننا الثلاث: القدس والعودة وتقرير المصير. طرد الوكالة من القدس هو ضربة موجعة للركن الأول وسبقه ويتبعه السيطرة على المسجد الأقصى. وطرد الوكالة من غزة وإنهاء وجودها فيها ومن ثم تحويلها لمؤسسة تنموية وإغاثية توطن لاجئي فلسطين في الأردن وسوريا ولبنان وتهجر من تستطيع من الضفة للاردن "وتوطن"من تبقى بالضفة وتحول مخيماتنا بالضفة الى مدن وتجمعات سكنية هو نسف للركن الثاني فلسطينيا وعندها وبدون القدس وبدون عودة لا مكان للركن الثالث الا وهو تقرير المصير.

كل ما نسمعه فلسطينيا لهو صمت يصم الأذان! لا جهات رسمية ولا دوائر ولا جهات شعبية او جماهيرية ولا نقابات ولا حتى نقابة عاملي الاونروا ولا الجهد الدبلوماسي ولا المؤسسات البحثية ولا مؤسسات المجتمع المدني دقت جرس الإنذار وناقوس الخطر ولم تتعامل حتى اللحظة مع ما يتبلور وينفذ على أرض الواقع.

خطوات عاجلة (وهناك خطوات أخرى): المطلوب من دائرة شوون اللاجئين التابعة لمنظمة التحرير ان تتصدر المشهد وان: - تتابع عن كثب اعمال "فريق العمل المستقل" لان تفويضه وأهدافه مقلقة. – تطلق حملة ديبلوماسية وإعلامية هدفها حماية الاونروا والدفاع عنها ومحورها التأكد من عدم تغيير تفويضها وولايتها. – متابعة إجراءات التحقيق الداخلي بحق الموظفين وضرورة إرجاع الموظفين الذين لم تثبت عليهم التهم. -العمل على مقاضاة الكيان وجيشه لمقتل ١٥٨ موظف اممي فلسطيني والمطالبة بالتعويض ومحاكمة قاتليهم. - متابعة ملف تعويض الاونروا ماديا من قبل الكيان للدمار الذي أصاب عشرات المنشآت ومعاقبة فاعليها. – اصدار ورقة موقف رسمية تبين موقف القيادة رسميا من الهجوم على الاونروا وحق العودة. – عقد اجتماعات مع مؤسسات أكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني وفعاليات جماهيرية وتفعيل دور اللجان الشعبية والاتحادات والنقابات وجماهير اللاجئين للدفاع عن حق العودة والاونروا. – التأكد من عدم المس بالمنهاج الفلسطيني المعمول به بمدارس الوكالة في فلسطين تحت فزاعة "الحيادية" والدفاع عن حق عاملي الاونروا التعبير عن انتماءاتهم الوطنية وان هذا لا يعتبر خرقا للحيادية. – تشكيل فريق فلسطيني اعلامي وحقوقي مختص يفند الادعاءات المعلنة ضد الوكالة وبهدف تجهيز ملف شامل للأمم المتحدة يوضح الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأونروا ومؤسسات الأمم المتحدة العاملة فى فلسطين المحتلة والمطالبة بتشكيل فريق اممي للتحقيق والمحاسبة. هناك خطوات طرحت من عديد الجهات تصب بذات الاتجاه.

السؤال الملح برسم الإجابة: متى سنتحرك بقوة جارفة توازي الخطر الوجودي المحدق بنا؟!