الخميس  24 تشرين الأول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حلول ورؤى واقعية تساعد حكومة د. مصطفى على الخروج من أزمتها المالية التي تعصف بمؤسساتها المدنية وأجهزتها الأمنية

إجراءات الحكومة التقشفية خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية وليست ذات أثر مالي دال ووازن

2024-05-30 12:07:09 PM
حلول ورؤى واقعية تساعد حكومة د. مصطفى على الخروج من أزمتها المالية التي تعصف بمؤسساتها المدنية وأجهزتها الأمنية

وضعت كل المكون الفلسطيني في عنق زجاجة

 الحدث – إبراهيم أبو كامش

 مخاوف انهيار السلطة الفلسطينية ماليا آخذة بالتصاعد مع تصاعد أزمتها المالية إلى حدود غير مسبوقة، إذ وجهت تحذيرات محلية ودولية من انهيار السلطة الفلسطينية ماليا في حال لم تفرج دولة الاحتلال عن أموال المقاصة بعد أن أدخلت في أتون أزمة مالية خانقة وخطيرة باتت تهدد استمرارية وجودها والممتدة منذ عام 2019 المعروفة بأزمة رواتب موظفي الحكومة، والتي اشتدت حدتها وخطورتها بعد أن اتخذت حكومة الاحتلال في أعقاب عملية طوفان لأقصى، قرارا بمنع تحويل مبلغ من أموال المقاصة يوازي ما تدفعه الحكومة الفلسطينية للقطاع، يقدر بحوالي 270 مليون شيقلا شهريا، بعد قرار وزير المالية الإسرائيلي بتسلائيل سموتريتش بعدم تحويل أموال المقاصة كاملة إلى خزينة السلطة، مما دفع بالسلطة الفلسطينية إلى رفض استلامها الأموال منقوصة دون حصة غزة.

 والإجراء الأخطر في هذا السياق، شروع (سموتريتش) بوقف تحويل أموال المقاصة كاملة إلى السلطة الفلسطينية قبل "شرعنة" قرار مصادرتها وما تنطوي عليه من دلالات جد خطيرة وغير مسبوقة بقانون خاص يصدر عن الكنيست الإسرائيلي إلى جانب عدم تجديده رسالة الضمانات الممنوحة للبنوك الإسرائيلية المراسلة للمصارف الفلسطينية، الأمر الذي يستهدف أيضا انهيار الاقتصاد الفلسطيني والجهاز المصرفي.

 الأمر الذي دفع سلطة النقد لإصدار بيان توضيحي نهاية الأسبوع الماضي أشارت فيه إلى "أن المصارف الفلسطينية تلعب دور الوسيط في التجارة البينية مع الجانب الإسرائيلي، وأن قطع العلاقة المصرفية المراسلة سيكون له أثر سلبي على الفلسطيني والإسرائيلي وأيضا على التجارية. وتعمل سلطة النقد مع الجهات الفلسطينية المختصة وأطراف دولية عديدة للحفاظ على المصرفية لتسهيل إجراءات التبادل التجاري وتسديد أثمان السلع والخدمات، ومنع أزمة إنسانية قد تقع نتيجة أي إجراء أحادي الجانب".

وتؤكد سلطة النقد في بيانها على أن الجهاز المصرفي الفلسطيني يحتفظ بعلاقات مصرفية مراسلة مع شبكة واسعة من البنوك حول العالم تؤهله ليبقى مستمرا في تقديم الخدمات للمواطنين محليا وعالميا إذ إن العلاقات المصرفية مع العالم الخارجي لن تتأثر في كل الحالات.

 لا نستهدف في هذا التقرير تشخيص الوضع المالي المتأزم للسلطة الفلسطينية وحكوماتها المتعاقبة، الذي أشبع وفاض في التشخيص والتحليل والنقد، بقدر ما نستهدف البحث عن حلول واقعية تمكن وتساعد الحكومة التاسعة عشرة برئاسة د. محمد مصطفى على الخروج من عنق الزجاجة والأزمة المالية المتسارعة في التدحرج والتي تعصف بكيانية السلطة الوطنية وحكومتها بمؤسساتها المدنية وأجهزتها الأمنية.

تراجع المؤشرات الاقتصادية في السوق الفلسطينية

ولكن قبل ذلك لا بد من التأكيد على أن قيمة أموال المقاصة التي يفترض أن تحولها حكومة الاحتلال إلى الخزينة الفلسطينية تتراوح شهريا ما بين 900 – 1 مليار شيقل، وتشكل 77 % من إجمالي إيراداتها المحلية التي تشكل مع الضرائب 15 %، في حين لا تتلقى السلطة إلا 750 مليونا نتيجة الاقتطاعات، وفي حال استلام السلطة للمقاصة المقتطعة منها 600 مليون شيقل- حسب بيانات وزارة المالية- فذلك يعني أن ما تستلمه السلطة لن يتجاوز 350 مليون شيقلا شهريا، وهذا ما سيعمق الأزمة المالية ويجعل السلطة غير قادرة على دفع أكثر من 50 % من فاتورة رواتب موظفيها على أحسن حال.

في ضوء هذا الوضع يرى الباحث في معهد السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) الخبير المالي مسيف جميل، أن موارد السلطة المحلية ضعفت بشكل كبير، نتيجة تراجع إيرادات المقاصة بنسبة 40% كنشاط تجاري إضافة إلى اقتطاع أو احتجاز "إسرائيل" بحدود 40 – 45% من أموالها وتشمل اقتطاع أو احتجاز حصة غزة من أموال المقاصة والتي تقدر بـ 275 مليون شيقل شهريا بالإضافة إلى احتجاز قيمة فاتورة رواتب الأسرى بحدود 52 مليون شيقلا شهريا، وبذلك تكون "إسرائيل" احتجزت 1,4 مليار دولار من أموال المقاصة في سنة 2023، وبالتزامن تتراجع كل المؤشرات الاقتصادية في السوق الفلسطينية خاصة بعد توقف مداخيل العمال العاملين داخل "إسرائيل" وقيمتها الشهرية مليار شيقل، -في الوقت نفسه-   تراجعت التجارة مع "إسرائيل" والإيرادات المحلية بنسبة 20%، ما يدلل على أن السلطة الفلسطينية وصلت إلى حالة غاية في الصعوبة.

 

التبعية الاقتصادية هي جذر الأزمة

 لا يختلف إثنان من المتابعين والمراقبين للمشهد المالي الاقتصادي الفلسطيني، على أن الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية تعود إلى تبعية الاقتصاد الفلسطيني كلية لنظيره الإسرائيلي وربطه بغلاف واتحاد جمركي، نتيجة سيطرة سلطات الاحتلال على الأرض والموارد والمعابر والحدود، بناء على برتوكول باريس الاقتصادي 1994، وهذا يعني انعدام وجود اقتصاد فلسطيني حقيقي، وإبقائه مجرد سوق استهلاكية معتمدة على الاستيراد الكثيف للسلع والبضائع، دون وجود أي قطاع إنتاجي حقيقي يمكن أن يشكل موردا مستقلا للدخل.

 وفي هذا السياق يشير الباحث جميل، إلى أن إيرادات السلطة تبلغ 12 مليار دولار بينما تتراوح نفقاتها ما بين 17,5 – 18 مليار دولار، ما يؤكد أن الموازنة العامة تعاني من عجز مالي سنوي مزمن يقدر بحوالي 4,5 مليار دولار، وذلك ناتج عن ضعف الموارد وغياب استغلال المنطقة (ج) وتراجع المساعدات الدولية التي كانت تشكل منها ما بين 40 %- 50 % وانخفضت تدريجيا إلى 6 % – 7 %، ما يظهر أن السلطة فقدت الكثير من إيراداتها ما قبل حرب الإبادة التي ترتكبها دولة الاحتلال حاليا بحق شعبنا.

تضخم فاتورة الرواتب يثقل أعباء الخزينة

ويرى خبراء المال والاقتصاد الذين التقيناهم في معرض إعداد تقريرنا هذا (مع أن عدد الموظفين شهد انخفاضا في السنوات اللاحقة لحكومة د. سلام فياض، بسبب حملات التقاعد المبكر وإجبار موظفين حكوميين على التقاعد للتخفف من أعبائهم المالية، غير أن عدد موظفي السلطة والمستفيدين من رواتبها ظل ضخما بما لا يتناسب مع حاجتها ولا إمكانياتها، في ظل غياب لمعايير الكفاءة والحاجة في عملية التوظيف، على الرغم من استمرار الأزمات المالية والحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات تقشفية، وهذا الأمر يسهم في تعقيد الأزمة المالية المستمرة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية).

ويرى جميل، أن التزامات الموازنة العامة كبيرة جدا وبخاصة قيمة فاتورة الرواتب التي تصل 750 مليون شيقل، وهي أقل بقليل من إيرادات المقاصة التي اقتطعت منها "إسرائيل" ثلثها بمعنى أن السلطة الفلسطينية لم تعد قادرة على دفع 60 %- 70 % من الرواتب، فضلا عن وجود نفقات جارية أخرى وتكاليف اضطرارية، ومتأخرات القطاع الخاص التي تقدر بحدود 3,5 مليارات دولار، وإجارات ونفقات تشغيلية والتي تقدر بحوالي 18 % من قيمة الموازنة والباقي نفقات تطويرية وعاجلة. إضافة إلى صافي الإقراض والذي يقدر بحوالي 400 مليون دولار ولم يتغير منذ 10 سنوات على الرغم من المحاولات الحثيثة للسلطة لتخفيضه. في حين تصل نفقات خدمة الدين المحلي والخارجي إلى 275 مليون شيقل سنويا، وبذلك فإن الدين العام التراكمي وصل إلى 12 مليار دولار، لذا؛ فإن وضع السلطة هو وضع لا تحسد عليه.

وقال: "هناك خلل هيكلي تعاني منه الموازنة العامة والذي أساسه قانون الخدمة المدنية الذي أعطى الحق لتعزيز هذا الخلل، أضف إلى ذلك أن 70 % من الموظفين يحصلون على 30 % من قيمة فاتورة الرواتب بينما 30 % من الموظفين يعملون في المراتب العليا يستحوذون على 70 % من قيمة فاتورة الرواتب. وأعتقد أن قانون الخدمة المدنية عزز هذا الخلل الهيكلي  في الموازنة"، وتأتي تداعيات ذلك على التوزيع غير العادل للدخل في إطار الوظيفة الحكومية مما يخلق فجوات اجتماعية من نوع آخر.

قتامة المشهد الاقتصادي للمرحلة القادمة

وبحسب بيانات وزارة الاقتصاد الفلسطيني وسلطة النقد ووزارة الاقتصاد والجهاز المركزي للإحصاء، فإن الأزمة المالية لها ارتدادات مباشرة على انكماش الاقتصاد الفلسطيني وقد ينخفض نموه إلى أكثر من 5 % مع نهاية العام الحالي. وعليه فإن الباحث والخبير في قضايا الموازنة مؤيد عفانة، يتلمس خطى اشتداد الأزمة، مع حجب دولة الاحتلال أموال المقاصة بنسبة 100 %، والذي لاقى قبولا ولم يحتج عليه أحد، وبالتالي فإنه يخشى من قتامة المشهد الاقتصادي للمرحلة القادمة.

ويقول عفانه مستدركا: "والأخطر أن ينفذ (سموتريتش) ما يجول في تفكيره من اقتطاعات أموال المقاصة المتراكمة منذ عام 2019 كمنحة لإعمار المستوطنات في غلاف غزة".

شرعنة مصادرة أموال المقاصة يؤدي إلى إنهيار السلطة ماليا

في حين يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح د. طارق الحاج: "إن تمت شرعنة تهديدات وزير المالية الإسرائيلي بمصادرة أموال المقاصة، بإصدار الكنيست قانونا خاصا بذلك، فإنه لا يمكن إلغاؤه إلا بقرار من الكنيست، وهذه هي خطورة الإجراء وهي التي ستؤدي إلى انهيار مالي للسلطة الوطنية الفلسطينية، ولكنهم يريدون إبقاءها في غرفة الإنعاش عبر التغذية الخارجية للاقتصاد ويمنعون أيا كان دخول غرفة الإنعاش إلا بإذنهم".

ويوضح د. الحاج، نقل الإسرائيليون السلطة الفلسطينية من مرحلة البحبوحة الاقتصادية إلى الضبط الاقتصادي زمن حكومة سلام فياض لتصبح أمورنا مكشوفة للجميع لأنه الراتب لا يتم أخذه إلا عن طريق البنوك، وفتحنا شهيتنا للاقتراض، وبالتالي أثقل المواطن بالديون وخاصة موظفي القطاع العام، ونقلونا إلى المرحلة الثالثة بإدخالنا في أزمات مالية، دون أن يساندنا أحد وعلى العكس كان هناك مسار التطبيع في ذروته وألغينا من الخارطة .

ابتزاز السلطة ماليا، وفرض عقوبات مالية عليها

ويجمع خبراء المال والاقتصاد، على غياب العدالة الاجتماعية من الهيكل الضريبي الفلسطيني، نظرا لتحمل المواطن وأصحاب الدخل المحدود لضرائب القيمة المضافة والجمارك، في حين لا يسهم أصحاب الاستثمارات والشركات الكبرى إلا بجزء بسيط من الإيرادات الضريبة، الأمر الذي يحافظ على بقاء تحكم سلطات الاحتلال في الإيرادات المالية الفلسطينية.

ويرون أنه بينما تشكل ضرائب الدخل المحلية الحصة الأكبر من إيرادات الحكومات في دول العالم، فإن الجمارك لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من الموازنة مع ضرائب الدخل، ولكن هذا الأمر معكوس في حالة السلطة الفلسطينية التي تشكل لديها الضرائب المحلية (بمختلف أنواعها) نسبة لا تتجاوز 22.5 % من الموازنة مع 65 % من إيرادات المقاصة، وبطبيعة الحال، فهذا الهيكل المعكوس في حالة السلطة التي لا تسيطر على أي من معابرها وحدودها، وتعتمد بشكل شبه كلي على دولة الاحتلال في الاستيراد والتصدير، من شأنه أن يديم سيطرة الاحتلال وتحكمه في إيرادات السلطة، وهذا الأمر تستغله دائما حكومات الاحتلال في إبتزاز السلطة ماليا، وفرض عقوبات مالية عليها متى شاءت.

ولكن رئيس مجلس إدارة بورصة فلسطين سمير حليلة، يرى أن وصف مجلس الوزراء في إعلانه إجراءاته التقشفية بأن طبيعة الأزمة المالية هي سياسية، غير كاف، لأن الإجراءات الإسرائيلية المتعلقة بالمقاصة أو تلك التي ضد السلطة هي قديمة وتزداد كثافة وشراسة، فإلى جانب ذلك هناك ضغوط تمارس من الدول المانحة والشقيقة العربية، ومن الواضح في تصريحات مختلفة لعدد من القادة العرب خلال المدة الماضية تؤكد وتشير على الأقل أنه توجد مشكلة معهم وليس فقط مع إسرائيل في هذه المسألة.

تقويض مستقبل السلطة والحكومة الفلسطينية

وبينما يرى جميل، أنه ما لم يتم الإفراج عن أموال المقاصة والسيطرة الفلسطينية على الموارد المحلية وإحياء شبكة الأمان المالي العربية والدعم الدولي والمانحين، فإن انهيار السلطة يعني عدم اعتراف إسرائيل فيها وفي هذه الحالة تنهار السلطة أما انهيارها المالي فلا يعني انهيار وجودها، لكنها لن تقوى على تقديم الخدمات لذلك ستفقد ثقة الجمهور بها.

ويتفق عفانة معه بقوله: "إن مستقبل السلطة والحكومة الفلسطينية سيكون صعبا جدا وسيؤدي إلى تقويضها سياسيا، فالأمر سياسيا يقتصر على الانكماش الاقتصادي، وهذا يهدد الكيان السياسي للسلطة، حيث لا يمكنها السير قدما دون أن يكون لديها إيرادات مالية، تتمثل بالموارد المحلية وتشكل ثلث الموازنة العامة، والمقاصة وتشكل الثلثين، والدعم الخارجي الذي تراجع إلى أدنى مستوياته وقيمته خلال الشهرين الأوائل من العام الحالي كان فقط 180 مليون شيقل وكله لم يكن موجها للخزينة العامة ولا تملك السلطة مرونة التحكم في أمواله.

يقول عفانة:" من الواضح تماما وجود فيتو أمريكي في حصول السلطة الفلسطينية على الدعم الخارجي، بدليل أن كل جولات رئيس الوزراء والوزراء الآخرين لم تثمر عن حشد الأموال للخزانة الفلسطينية، وبالتالي أضحى اعتمادها بشكل عضوي على أموال المقاصة وتشكل 68 % من الإيرادات، فإن تم حجبها لن تستطيع السلطة بأي حال من الأحوال البقاء والعمل ضمن الثلث "الموارد المحلية" وتشكل فقط 32 % من إيرادات الموازنة حيث انخفضت من 300 مليون إلى 180 مليون شيقل.

ويؤكد عفانة، أن كافة الحلول الفنية استنفذتها السلطة، بعد أن شكل القرض البنكي المجمع الطلقة الأخيرة، وكان آخر خطوة يمكن للسلطة عملها مع البنوك، وبموجبه قامت بإعادة هيكلة للدين وحصلت على قرض مجمع بقيمة 2,5 مليار دولار بعد أن كان 2,1 مليار وحصلت على 400 مليون دولار نقدا تم تسييلها في السوق المحلية، كانت نسبة 14 % منها مستحقات سابقة تم خصمها للبنوك وجزء من الراتب، وبالتالي لن تستطيع السلطة أن تعيد الكرة مرة ثانية في هذه المرحلة.

نخلق من الأزمات فرصا والسلطة جزء من الشعب

في حين يقول وزير الاقتصاد الوطني محمد العامور:" تدرك الحكومة الفلسطينية الـ 19 برئاسة د. محمد مصطفى تماما محاولات الإسرائيليين الحثيثة في حكومة المتطرفين بزعامة (نتنياهو) ضمن برنامجهم المعلن والخفي محاربتهم للسلطة الوطنية الفلسطينية بكل ما أوتوا من قوة ".

ويرى العامور، أن السلطة تشكل لهم تحديا كبيرا بوصفه إياها بعنوان" البقاء والصمود لشعبنا "، الذي اعتاد على التحديات وهي جزء منه، وبالتالي" نؤكد أن شعبنا باق ولذلك لا يوجد عندنا أي مشكلة، التحدي موجود وشعبنا قادر أن يخلق من كل هذه الأزمات فرصا والسلطة هي جزء من الشعب ".

ويقول الوزير العامور:" هناك تحد مالي كبير يواجه السلطة وكل المكون الفلسطيني في عنق زجاجة الآن، وسنعمل بكل ما أوتينا من قوة بإخلاص وبأمانة وتحدي وبكافة الوسائل لأن نخرج من هذه الأزمة.

القطاع المصرفي لم يعد قادرا على إقراض السلطة

ويرى عفانة، أن القطاع المصرفي لم يعد قادرا على تقديم أي شيء حاليا للسلطة، "وسيكون هناك تهديد للقطاع المصرفي إن بقي يعمل على هذا الأساس. كما لن يكون بمقدور سلطة النقد الإيعاز للبنوك من أجل تقديم المزيد من الإقراض أو التسهيلات المالية للسلطة، فسلطة النقد عملت ما لديها بمعنى أنها تخضع لقوانين وتعليمات ومعايير دولية في التعامل مع القطاع المصرفي تحديدا"، وبتقديره أن مرونة عمل سلطة النقد هي محدودة جدا.

إجراءات الحكومة التقشفية غير كافية

ويرى حليلة، أن الإجراءات التقشفية التي أعلنها مجلس الوزراء هي في الاتجاه الصحيح ولكنها ليست عميقة بدرجة كافية وليس لها أهداف ويوضح هنا "في المدة من 2020 – 2023 على الرغم من  أن موازنات حكومة الطوارئ كانت تقول إن مصروف نفقات الحكومة تتراوح بنحو 5 مليارات، إلا أنه في 2023 وصلت النفقات إلى 6,2 مليارات، والسبب أن هناك نفقات كثيرة يتم صرفها دون أن تكون أو تدرج في الموازنة، فالقدرة على التقليل من النفقات يجب أن تتناول جوانب رئيسة حتى تؤثر بشكل جدي، إذ يجب أن تكون المصاريف والنفقات بنفس القيمة مع فروقات طفيفة وليس العكس في أن تكون قيمة النفقات أكبر من الإيرادات المالية".

 ويتساءل حليلة، ماذا تتوقع الحكومة من أثر لإجراءاتها التقشفية على حجم نفقاتها خلال هذا العام؟ وهل إجراءات الإصلاح ستتناول الخدمة المدنية؟ وهل هناك إجراءات للتقاعد المبكر؟ لأنه في العادة هي التي تصب في عصب التقشف وليس فقط المركبات والسفريات وغيره.

ويطالب حليلة الحكومة، أن تعلن عن قدرتها على تخفيض النفقات برقم أو قيمة أو نسبة معينة، وبما يتناسب مع مستوى الدخل الذي تحصله بسبب الضغوط السياسية المفروضة عليها، فلا يوجد أي إجراء فوري يمكن أن تتخذه هذه الحكومة أو غيرها من الحكومات يمكن أن يزودها بإمكانية دفع الرواتب دون مساعدة إقليمية أو دولية.

ودعا حليلة الحكومة، العمل على حل ما تتعرض له المقاصة من قرصنة إسرائيلية، كما يجب حل مشكلة الدعم العربي على الأقل إن لم يكن الدعم الدولي، وكانت قمة البحرين تشكل فرصة لحل مشكلة الدعم العربي، ولكنه قال: "أي إجراءات أخرى تتخذها السلطة كالتقشف وغيره لن يترك أثره إلا مع نهاية السنة."

في حين يرى عفانة، أن كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في نفقاتها التشغيلية جيدة ولكنها ليست ذا أثر مالي دال، لتتمكن بواسطتها أن تخرج من عنق الزجاجة لأنها التزمت بمبادئ الحكومة، ولكن أثرها المالي محدود بحكم أن تكاليفها ليست بالدالة فيما يتعلق بإجمالي النفقات الحكومية، بمعنى الأماكن التي فيها إنفاق عال جدا معروفة وهي الرواتب وأشباه الرواتب، صافي الإقراض والتحويلات الطبية، ودون التطرق إلى هذه المناطق الثلاث ستبقى خططها للترشيد محدودة.

وبحسب د. الحاج فإنه لا يمكنه أن يحكم على التغذية الراجعة من هذه الخطوة التقشفية، لعدم توفر أرقام تفصيلية حول حجم هذه النفقات، "فلو توافرت لعلمنا كمْ تشكل من نسبة النفقات العامة".

وبينما يقول الحاج: "عند الحديث عن ضبط حركة السيارات وأعدادها والوقود ومصاريف السفر والتنقل، فنحن لا نعرف كم قيمتها أصلا ومن هنا علينا التمييز ما بين شعارات تطلق من قبل أي حكومة جديدة. وبهذا الصدد يهمنا الفعل أكثر من القول بعيدا عن دغدغة العواطف، وبسبب غياب وجود موازنة للعام الحالي 2024، والتي تعتبر الخطة المستقبلية للإيرادات والنفقات فلا يمكننا أن نحكم على هذه الإجراءات التقشفية من حيث مدى نجاعتها، ولكن من ناحية نظرية لفظية لا نستطيع إلا أن نقول إنها خطوة جيدة، وإن استكملت بالترجمة الفعلية ستكون لبنة من التصويب لهدر المال العام، ولكن إن كانت مثل هذه الخطوات تخدم الخارج، فلم نعد هنا نتحدث عن خطط تقشفية تخدم الاقتصاد بقدر ما نتحدث عن خطط تقشفية تخدم السياسة مع أن كليهما مترابطان لكن من لا يوجد لديه قوة اقتصادية ذاتية لا يستطيع أن يتمتع بإرادة وبقرار سياسي حر".

أما الباحث جميل، فيؤكد أهمية الإجراءات التقشفية كمطلب إصلاحي وسلوكي، ولكنه يتفق مع الآخرين "على أن تأثيرها على المالية العامة لن يكون ملموسا على الموازنة العامة إلا بنسبة لا تتجاوز 2 % في أحسن أحوالها فهي لا تحل الأزمة وليس لها وزن ولكن هذا مطلب ضروري وسلوكي يعيد ثقة الناس بالسلطة".

كما يرى جميل، أن التقشف وتقليل رواتب الموظفين، تأتي على حساب الإنفاق العام والذي يعتبر أساس تحريك الطلب وتحفيز الاقتصاد، "فإن لم يكن هناك إنفاق عام على الرواتب والاستثمارات والمشاريع التطويرية والرأسمالية، فإن الاقتصاد يدخل في حالة تباطؤ وتراجع"، مؤكدا أن المقتل الأساسي للموازنة هو جفاف موارد الموازنة والذي أدى إلى تراجع الإنفاق العام وقاد إلى خط التقشف، وقال: "والقائمين على الموازنة همهم تقليل العجز وليس تعزيز الوضع الاقتصادي أو بلورة رؤية اقتصادية جيدة".

أما الوزير العامور، وعلى الرغم من توافقه مع الآخرين حول أن هذه الملفات والقضايا غير كافية من أجل تحقيق استدامة مالية، لكنه يؤكد أنها تساعد على الاستدامة المالية وهي ضمن برنامج إصلاحات الحكومة.

ويقول: "إن برنامج الحكومة 19 هو التقشف والإصلاح والإجراءات التي لها علاقة بالاستدامة المالية، هناك عدة بنود وملفات لها علاقة بهذه المواضيع ومنها الإجراءات التصويبية التصحيحية للأداء العام فيما يتعلق بانعكاسات هذه الإجراءات على الخزينة العامة منها الهدر، العطاءات وغيرها ذات العلاقة بالتقشف".

ويؤكد أن الاستدامة المالية، ملف كبير له علاقة في الإيرادات الحكومية والتنمية الاقتصادية، ملفات ومواضيع كثيرة ونحن نعمل عليها كلها منذ تسلمت حكومتنا مهامها ووضعت خططا باتجاه تصويب الأوضاع في هذه الملفات كلها مجتمعة.

وقال الوزير العامور : "لا يوجد تقديرات حول أثر هذه الإجراءات التقشفية على الخزانة العامة، ولكن -بالتأكيد- سيكون لها تأثير إيجابي، وحتى نحدد أرقاما حقيقية فإنها تحتاج إلى دراسات وتفاصيل أخرى لغاية الآن لم تقس، كما أن هناك إجراءات أخرى لها علاقة بالتصويب والتصحيح، وهدفنا إحداث فرق في التنمية وزيادة الإيرادات الحكومية سواء كان بالطرق المشروعة وبما لا يؤثر على جيب المواطن وصموده".

وحول برنامج الحكومة التقشفي، وتنفيذ قرارات تناقضه كإنشاء مؤسسات وهيئات ومراكز وتعيينات وترقيات جديدة وتجديد سياسة إعادة تشغيل المتقاعدين، قال الوزير العامور: "ملف بعض الموظفين المفروزين وهم ليسوا على رأس عملهم، هو الآن قيد المراجعة وعلى جدول أعمال لجنة الإصلاح المنبثقة عن مجلس الوزراء"، مطمئنا الناس بأن هذا الموضوع هو أولوية بالنسبة للحكومة، وفيما يتعلق باستحداث وظائف جديدة فلا يوجد استحداث لأي وظيفة إلا إذا كانت ضرورية جدا جدا جدا، واتحدى على مستوى الحكومة ".

أما فيما يتعلق بالتعيينات والتمديدات الجديدة، فقال العامور:" اتخذت الحكومة قرارا بأنه لا يوجد هناك تمديد نهائي للمتقاعدين، إلا إذا كان هناك شروط معينة تحققت، بمضي عامين على التقاعد وأن يكون هناك أولوية وحاجة ملحة لبعض هؤلاء ممن لديهم خبرات معينة في مجالات محددة، وبالتالي نؤكد أن مجلس الوزراء اتخذ قراراته بهذا الاتجاه، ومن يدعي بوجود تمديد فلا صحة لذلك، والموظفون الذين يمكن أن يتقاعدوا الآن ويمضي على وجودهم في التقاعد سنتين مم الممكن أن تتم إعادة تعيينهم كاستشاريين في مجالات معينة وهم بأعداد محدودة جدا.

 رؤى وأفكار وحلول مقترحة للخروج من الأزمة المالية

ويتفق الجميع على أن حل الأزمة المالية التي تهدد بانهيار السلطة الفلسطينية وحكومتها يكمن بالأساس في الحل السياسي، صحيح قد تكون الحلول المطروحة محدودة ولا تحل المشكلة ولكنها على الأقل تمنع الانهيار.

التركيز على ما هو متاح من المقدرات المحلية الفلسطينية

وفي حال انعدام الحل السياسي، يرى الباحث جميل أنه لا يوجد خيار إلا في الضفة الغربية بالتركيز على ما هو متاح من المقدرات المحلية الفلسطينية، وبتعزيز قدرة الاقتصاد الفلسطيني من جانبين: الزراعة والصناعة وإحلال واستبدال المنتجات الخارجية بالمنتج المحلي، وهو الحل الوحيد الذي سيستوعب جزءا من العمالة ويعزز القدرة الذاتية للاقتصاد الفلسطيني. بالتركيز على القطاع الزراعي وتفعيله ليسترد حصته التي كان يشكلها وتصل إلى 20 % من الناتج المحلي وانخفض إلى7 % بينما كان قطاع الصناعة يشكل 25 % من الناتج المحلي الإجمالي وانخفض إلى 12 %.

استهداف المنتجات المحلية

ويعتقد أن الإقبال على استهداف المنتجات المحلية، هو السر الكبير الذي يمكنه أن يحسن من الوضع الاقتصادي وعلى الأقل لن يقلل من نسبة خطة الفقر وسيخفض جزءا من البطالة التي ارتفعت إلى 42 % في الضفة الغربية، وهذا الحل على الأقل سيمنع حالة التدهور بشكل تدريجي ولكنه لا يحل الأزمة.

ويؤكد جميل أن التخفيض والترشيد في النفقات الجارية حاليا، يجب أن يتحول فورا إلى الإنفاق التطويري والمشاريع الاستثمارية، والتركيز على القطاع الزراعي.

التحكيم الدولي ودعوى قضائية دولية لانتزاع أموال المقاصة

إضافة إلى ذلك حث الباحثان جميل وعفانة، الحكومة على اللجوء للتحكيم الدولي من أجل انتزاع الحقوق المالية الفلسطينية وهذه المسألة قانونية بالكامل، استنادا للاتفاقية التجارية الموقعة بين السلطة و"إسرائيل" وهي عادة  بين الدول أقوى من القانون المحلي، "ومهما شرعوا من إجراءات قرصنتهم لأموال المقاصة تبقى الاتفاقية التجارية البينية فوق أي قانون إسرائيلي أو غيره."

حيث شدد عفانة، على رفع دعوى قضائية دولية لانتزاع أموال المقاصة كاملة من القرصنة الإسرائيلية، إلى جانب استرداد أموال حصة قطاع غزة من المقاصة المرصودة في النرويج راعية (أوسلو) ويجب أن يكون لها تدخل وهو ما قد يكون له أثره بعيد الأمد.

حشد مساعدات خارجية سخية

ويعتقد جميل، أنه إذا تمت قرصنة أموال المقاصة ومصادرتها فلا أمل أو خيار للسلطة إلا خيار المساعدات الخارجية السخية، ويرى أنه حتى لو أفرجت إسرائيل عن أموال المقاصة لن يتعافى الاقتصاد الفلسطيني ما لم يكن هناك مساعدات خارجية سخية وبما لا يقل عن 30 % من الموارد ودون ذلك لن يتحلحل الوضع الاقتصادي.

وبهذا الصدد يقول الوزير العامور: "نعمل بكل الإتجاهات لإعادة ضخ أموال المانحين، وثقوا بأن هذه الحكومة لن تدخر أي جهد باتجاه الخروج من هذه الأزمة".

إحياء وتفعيل شبكة الأمان المالي العربية

ويتفق حليلة مع جميل، على ضرورة تكثيف عمل الهيئات الدبلوماسية والسياسية لأحياء أو تفعيل شبكة الأمان المالي العربية التي لم تر النور أصلا. إذ إن  تفعيلها يعتمد على سلوك السلطة الفلسطينية بدرجة الإصلاح الذي تقوم به إن كان حقيقيا أم شكليا، فإن اقتنع العرب بوجود إصلاح حقيقي ممكن أن يعملوا على تفعيل الشبكة، ولغاية الآن فإن المواقف العربية ترى أنه لا يوجد إصلاح حقيقي لذلك يمتنعون عن تفعيلها.

أما وزير الاقتصاد محمد العامور، فيعلق آمالا كبيرة على شبكة الأمان المالي العربية، وقال: "هي جزء من تطلعاتنا، وهناك خيارات أخرى"، لكنه رفض الإفصاح عنها وعن طبيعتها ونوعيتها.

مؤسسة وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص وبقية مكونات المجتمع

وشدد حليلة وجميل، وجوب إحياء وتفعيل ومؤسسة علاقة الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهيئات الحكم المحلي وبقية مكونات المجتمع والتي من شأنها جسر الهوة الكبيرة بين المسؤول والمواطن، فالشراكة بحسبهما هي إحدى الأدوات والسياسات الهامة التي يجب أن تنتهجها الحكومة وفق إطار قانوني وسياساتي لا سيما أنها إحدى الأدوات الهامة والأساسية، وأحد الحلول التي قد تكون ناجعة وذات أثر سريع.

حيث أكد حليلة، على أهمية إعلان الشراكة مع الحكومة في مجموعة كبيرة وهائلة من المشاريع في الضفة الغربية وهي في هذه المرحلة متطلب مهم وأساسي، وهناك مجموعة من القضايا لها دخل بالقانون وبالتعليمات مطلوب من الحكومة عملها لتقديم تسهيلات للقطاع الخاص لتحفزه وتشجعه على الاستثمار.

إجازة مفتوحة لبضعة آلاف من منتسبي الأجهزة الأمنية

وبرأي حليله، أنه يجب البدء بإعطاء إجازة مفتوحة لبضعة آلاف من منتسبي الأجهزة الأمنية ليس عقابا لهم (كما قال)، وإنما لاعتبار أن الأمن يهم الأمريكيين والإسرائيليين في استقرار المنطقة، قائلا "لا يمكن القيام بمهام أمنية وأنتم تفرضون علينا شروطا وإن استمريتم  في ذلك، فإننا في حل من أية التزامات بهذا الخصوص."

إعداد وتنفيذ خطة إنعاش اقتصادي

كما اقترح حليلة على الحكومة، العمل بالشراكة مع القطاع الخاص على إعداد وتنفيذ خطة إنعاش اقتصادي تقدر على تحسين وضع الضفة الغربية وتحسن جباية الضرائب التي تدفع وهذا متطلب سريع مبني على أساس الشراكة وليس استكمالا لما كان عليه وإنما بشكل مختلف عما  كان مع الحكومات السابقة.

إنهاء ظاهر صافي الإقراض

وعلى المستوى المحلي طالب الباحث عفانة، بالعمل على إنهاء ظاهر صافي الإقراض عن طريق قيام الهيئات المحلية وشركة كهرباء الشمال بدفع ما عليها من مستحقات مالية للسلطة بشكل مباشر بدل قيمة الأموال التي تخصمها إسرائيل من أموال المقاصة إذ تبلغ قيمة الأموال المستحقة على بلدية قلقيلية مثلا 3 ملايين شيقلا بينما تبلغ قيمة مشترياتنا من الكهرباء 3 مليارات شيقل سنويا، وبما أنه "إسرائيل" حصلت على هذه الأموال من المقاصة المحتجزة، فعلى الهيئات تحويل ما عليها من ديون للخزينة العامة.

صندوق وطني موحد للمسؤولية الاجتماعية

واقترح عفانة، على الحكومة تشريع قانون خاص للمسؤولية الاجتماعية للشركات، على أن تدفع نسبة معينة من أرباحها السنوية لصندوق وطني موحد للمسؤولية الاجتماعية، وتساءل، لماذا لا يكون هذا خيارا بديلا عن  بعثرة مجهودات ومساعدات القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية، على أن تحدد أولويات صرفه، وليكن لدينا صندوق المسؤولية الاجتماعية بمسارين لتمكين العائلات الفقيرة اقتصاديا، والثاني لدعم الطلاب المحتاجين من خلال دفع الأقساط الجامعية عنهم.

الاستعانة بأموال صندوق الاستثمار الفلسطيني

واقترح عفانة ود.الحاج، على السلطة الفلسطينية الاستعانة بصندوق الاستثمار الفلسطيني الذي لم تقترب منه كبقية الصناديق في حل أزماتها المالية، مع أنها أموال الشعب الفلسطيني، "حيث كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات يقول عن أموال صندوق الاستثمار" نحن نخبئ قرشنا الأبيض ليومنا الأسود "وبتقدير عفانة فإنه لا يوجد أسود من يومنا الحالي وهذه فرصة إضافية، فلدينا 960 مليون دولار استثمارات صندوق الاستثمار، وأصوله، إن تم تسييل جزء منها (200 مليون دولار) فإنها تفك الأزمة وتساعد على تنشيط الدورة الاقتصادية.

حلول سريعة متوفرة تمهد لحلول جذرية وأوسع

فيما طالب د. الحاج، بتنفيذ حلول سريعة متوفرة تمهد لحلول جذرية وأوسع، وقال:" لا بد أولا من التقشف في الأثاث المكتبي وهو ما نفتقده بشكل مطلق، والخروج من العمل المكتبي إلى الميداني والبدء بالمكاشفة والمفاتحة والتواصل مع عامة الشعب مما يقوي أزر المسؤولين. كما لا بد من توحيد الجهود الإدارية والميدانية والمالية، ومن المعيب أن يكون هناك موازنة لكل تنظيم وفصيل، كما يجب إعادة النظر برواتب ذوي الرتب العليا، كما يجب أن يكون هناك عدالة في التوظيف وفي توزيع الثروات، وإصدار قرار أو قانون باقتطاع نسبة تتراوح من 20 – 30 % من الراتب التقاعدي للمتقاعدين المقيمين في الخارج لأن الراتب التقاعدي يتلقاه لإنفاقه في داخل الوطن، وليس في بلد آخر، وينبغي أن يكون هناك دور مجتمعي للمؤسسات العامة كالجامعات التي يجب عليها تخفيض أقساطها، وعلى كل عضو مجلس أمناء في الجامعة الذي يمنح مقعدا دراسي تقديمه والتبرع به للطلاب الفقراء، كما على شركات ومؤسسات عامة مدرجة في البورصة وأرباحها خيالية، تخفيض تكاليف خدماتها أو منتجاتها وتخصيص جزء من أرباحها للمسؤولية الاجتماعية.

إجراءات سرية أخرى لا يمكن للحكومة الكشف عنها

وبحسب ما قاله وزير الاقتصاد الوطني محمد العامور لـ(الحدث) "عندنا اجتهادات بهذا الاتجاه وليس حلولا ونسير يوميا في مجال هذا التوجه، ولكن لا نستطيع -بصراحة- أن نعلن عن كل ما تعمله أو ستعمله حكومة التكنوقراط أو حكومة الوحدة الوطنية – 19، وبالتالي فإن تكنوقراط يعني اختصاص وكفاءات وخلاصة كفاءات شعبنا موجودين فيها، واعتقد أنه يجب أن يكون هناك ثقة فيها باتجاه مساعدتنا في الخروج من عنق الزجاجة".

قطاع غزة والحلول المتوقعة

وحول الرؤى والمقترحات والحلول الممكنة والمتاحة لقطاع غزة، فإن الباحث والخبير المالي مسيف جميل، يرى في حال أوقفت الحرب أوزارها اليوم وتم البدء بإعادة الإعمار فإنهم يحتاجون إلى حوالي 5 سنوات فقط لترتيب عملية إعادة الإعمار، ولن يكون له أي إسهامات مالية او اقتصادية -في القريب العاجل-  نهائيا، إذ إنه أصبح عبءا كبيرا على حاله وعلى الناس.

يقول جميل: "ما تعرض له قطاع غزة استثنائيا وغير مسبوق في التاريخ، وهذا يتطلب إنقاذا استثنائيا وغير مسبوق في التاريخ، في حين أن السلطة الفلسطينية غير قادرة نهائيا ولا جزئيا، -خصوصا- أن حرب الإبادة طالت ما تحت الأرض وفوقها ودمرت كل ما له علاقة بالحياة البشرية، فهي عاجزة وغير قادرة للتعامل مع هذه الكتلة الهائلة من الإشكالية والمكونات المخيفة والمرعبة وهي أصلا غير قادرة على دفع رواتب المعلمين في الضفة الغربية فلا يمكن للسلطة ان تتحمل اعباء غزة ولا حتى السلطة ومصر معا".

وهو الأمر الذي يتفق معه الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة، والذي قال: إن السلطة الفلسطينية وحدها لن تستطيع أن تقوم بحل الدمار الهائل الذي يتعرض له قطاع غزة، قد تقوم ببعض الأمور الإغاثية، ولكن القطاع يحتاج إلى جهد دولي، وهنا يمكن أن يكون لها دور سياسي ودبلوماسي مجدي أكثر، أما فيما يتصل بإعادة إعمار القطاع فإنه يحتاج جهدا أكبر لن تستطيع السلطة توفيره.