ترجمة الحدث
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن وحدة في شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي رصدت، في الساعات التي سبقت هجوم حركة حماس المفاجئ في 7 أكتوبر 2023، مجموعة من المؤشرات التي أشارت إلى استعداد لإطلاق صواريخ وقذائف تجاه "إسرائيل"، إضافة إلى نشاط غير عادي في منظومة الطيران التابعة لحماس يمكن تفسيره كإجراءات طوارئ.
وأوضحت الصحيفة أن هذه المؤشرات، وخاصة المتعلقة بالتحضيرات لإطلاق الصواريخ، إلى جانب مؤشرات أخرى، ظهرت خلال سلسلة من تقييمات الوضع التي أجراها جيش الاحتلال الإسرائيلي قبيل العملية. لكن هذه المؤشرات لم تُفضِ إلى تحذير من هجوم محتمل أو اتخاذ إجراءات وقائية واسعة النطاق.
بحسب الصحيفة، استُخلصت هذه المعلومات من وثائق راجعها مسؤولون كبار في حكومة الاحتلال ومنظومة الأمن الإسرائيلية مؤخرًا. وتكشف الوثائق، التي عُرضت في سياق الدعوات المتزايدة لاستقالة رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، أن الجيش كان يأخذ احتمال هجوم حماس على محمل الجد أكثر مما كان يُعتقد. ومع ذلك، فضل الجيش اتخاذ إجراءات محدودة، حفاظًا على مصادر الاستخبارات الحساسة، بدلاً من الاستعداد الكامل لمواجهة الهجوم.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه القرارات كشفت عن أوجه تقصير دراماتيكية في تلك الليلة. وصف أحد المشاركين في النقاشات حول تلك الأحداث الوضع بأنه "قنبلة ذرية". كما أظهرت المعلومات التي جُمعت في الليلة نفسها إعادة تفعيل بطاقات SIM إسرائيلية واستخدام موارد طوارئ سبق أن استُعملت خلال عملية "سيف القدس". وأكد خبراء للصحيفة أن التحضيرات لإطلاق الصواريخ كانت بحد ذاتها مؤشرًا مقلقًا، وزادت خطورتها عندما ارتبطت بمؤشرات إضافية.
في القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال وشعبتي العمليات العسكرية والاستخبارات، لا تزال التحقيقات جارية. وكشف أحد المشاركين في الاجتماعات عن تساؤل أُثير خلال النقاشات: "حتى لو افترضنا أن هذه التحركات كانت تدريبات، لماذا لم يتم إخلاء المنطقة المحيطة بمقر القيادة، حيث كانت هناك تجمعات كبيرة دون حماية كافية من الصواريخ؟"، في إشارة إلى احتفال الطبيعة.
وبيّنت الصحيفة أنه، رغم صدور توجيهات بتنفيذ إجراءات محددة، مثل إرسال طائرات لجمع المعلومات، إلا أن بعض الأوامر لم تُنفذ. وفي الساعة الثانية فجرًا، تلقى مركز التحكم في سلاح الجو معلومات عن نشاط غير عادي في منظومة الطيران التابعة لحماس، بالإضافة إلى استعدادات لإطلاق الصواريخ. وخلال تقييم هاتفي للوضع عند الساعة الثالثة صباحًا برئاسة قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال يارون فينكلمان، وبمشاركة قيادات استخباراتية وأمنية، طُرحت هذه المعلومات للنقاش.
مع ذلك، لم تُتخذ خطوات جوهرية لتجنب الهجوم. وفي اجتماع الساعة الرابعة صباحًا، وجّه رئيس أركان جيش الاحتلال بتنفيذ عمليات استطلاع بصري، مؤكدًا أهمية استغلال الفرصة الاستخباراتية حتى لو كان الأمر يتعلق بتدريبات فقط. ورغم ذلك، قرر تأجيل تقييم جديد حتى الصباح.
ووفقًا للصحيفة، فإن التقصير في تلك الليلة لم يكن ناتجًا عن إهمال متعمد، بل عن سلسلة من الإخفاقات المتراكمة على مختلف المستويات. ووصفت الصحيفة هذا الفشل بأنه ليس حادثًا عرضيًا، بل انعكاس لخلل متأصل في النظام الأمني والسياسي والاستخباراتي، مما يستدعي إجراء إصلاحات جذرية وعميقة لضمان عدم تكرار مثل هذا السيناريو.