الحدث- غزة
أكد حقوقيون وسياسيون فلسطينيون، أنّ تقرير لجنة التحقيق الأممية الذي اعتبر أن ما فعله الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، يرقى إلى "جرائم الحرب"، يحتاج إلى تفعيل قضائي دولي.
ورأى الحقوقيون والسياسيون، أن هذا "التفعيل" يؤدي إلى "ردع مرتكبي هذه الجرائم"، وقد يتكفل بمنع حرب أخرى على القطاع، ويساهم في وقف سياسة "الإفلات من العقاب".
وأكد تقرير لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة صيف العام 2014، والصادر الإثنين الماضي، أن ما ارتكبه الجيش الإسرائيلي في القطاع، وتحديدا في مناطق خزاعة والشجاعية ورفح "ترقى إلى جرائم حرب، لاستخدامه ذخائر ذات نطاق تدميري واسع جدا أدت إلى إصابة العديد من المدنيين".
وأشار إلى أن 142 عائلة على الأقل فقدت ثلاثة أفراد أو أكثر في هجوم على المباني السكنية أثناء الحرب، وهو ما أكدته رئيسة لجنة التحقيق الدولية القاضية الأمريكية ماري ماكغوان ديفيس، لافتة في بيان لها إلى أن "مدى الدمار والمعاناة الإنسانية في قطاع غزة غير مسبوقين وسيؤثران على الأجيال القادمة".
قال مدير المرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده إن التقرير الأممي "مهم لكونه طالب بإجراء المحاكمات ليس فقط للجنود بل لأولئك الذين في مناصب القيادة في المؤسستين السياسية و العسكرية الإسرائيلية".
وأضاف "رغم أن التقرير الأممي دون المستوى فيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبت، إلا أنه حمل نقاطا مهمة يمكن الاعتماد عليها في ملاحقة الاحتلال وقادته قضائيا".
وأكد على أن "أهمية التقرير تكمن في أن يؤدي إلى إحالة الجناة والمسؤولين عنهم للمحكمة الجنائية الدولية، أو إلى محكمة خاصة بذلك".
وتابع عبده "والأهم أن يتم العمل على تفعيل الاختصاص القضائي العالمي في الدول التي يسمح نظامها القانوني بذلك، بما يساعد في وقف سياسة الإفلات من العقاب بحق مرتكبي الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية".
وتم إعداد التقرير الأخير بطلب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وسيجري عرضه أمام المجلس يوم 29 يونيو/حزيران الجاري. وتسلم كل من المندوبين الفلسطيني والإسرائيلي لدى الأمم المتحدة في جنيف نسخة منه.
من جانبه رأى مصطفى إبراهيم، الكاتب في عدد من الصحف الفلسطينية والحقوقي في الهيئة المستقلة لحقوق المواطن، إن "التقرير حمل جوانب جيدة وإيجابية، في الإشارة إلى حجم الفظائع التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة، غير أن تلك التوصيات تصبح بلا فائدة في حال لم يتم تفعيل الجانب القانوني والقضائي لملاحقة مجرمي الحرب".
وأردف "الدول صاحبة الاختصاص مطالبة بالعمل على إحالة الجناة والمسؤولين للمحاكم الدولية، والسلطة الفلسطينية مطالبة اليوم بتفعيل الجانب القضائي لمحاكمة الإسرائيليين، فالمشكلة ليست في تشكيل لجان تحقيق دولية، المطلوب هو إرادة دولية لإدانة إسرائيل، وتقديم قادتها للمحاكمة".
وفي 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، استخدمت واشنطن في مجلس الأمن الدولي، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار عربي ينص على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بنهاية عام 2017.
وبعد ساعات من هذا، وقع عباس 18 اتفاقية ومعاهدة دولية، في مقدمتها ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، مما أثار غضب الولايات المتحدة وإسرائيل؛ خشية أن تشرع السلطة الفلسطينية في ملاحقة مسؤولين إسرائيليين على خلفية ما تقول إنها "جرائم" ارتكبوها بحق فلسطينيين.
مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، شدد على أن "التقارير الأممية والدولية التي تتقصى الحقائق حول الجرائم الإسرائيلية تحتاج إلى تفعيل قوي للبعد القانوني الدولي، فإفلات القادة الإسرائيليين، من المحاكمة والإدانة الدولية يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم، والحروب الأخرى دون أي رادع".
ونوه إلى أن "تفعيل البعد القانوني الدولي، من شأنه أن يعطي قيمة للتقارير الأممية، وما تحمله من توصيات إيجابية، وتقرير غولدستون الماضي تحول إلى مجرد حبر على ورق، لعدم تفعيل البعد القانوني، واليوم نحن أمام تكرار المشهد، في حال لم يتم اتخاذ إجراءات قانونية تلاحق مجرمي الحرب".