أحيا اللبنانيون في 13 نيسان الذكرى الخمسين للحرب الأهلية اللبنانية والتي استمرت لأكثر من خمسة عشر عاما.
في تلك الأيام والفترة العصيبة التي عاشها اللبنانيون والفلسطينيون سمعنا وشاهدنا أعراساً تقام بالملاجئ تقابلها جنازات القتلى بالعشرات. بلغ قتلى الحرب الأهلية اللبنانية أكثر من 150 ألف قتيل، تهجر آلاف اللبنانيين لخارج الوطن، مشردين بمئات الآلاف، تدمير كبير للمدن والمخيمات والبنى التحتية، خروج لمنظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وانتقالها لتونس في مشهد سريالي لا يغيب عن أذهاننا نحن من عشنا تلك المرحلة.
كان الوضع يقول في لبنان الجنازة والجوازة تسيران معاً (الموت وانبعاث الحياة والصمود).
في واقعنا الفلسطيني اليوم ومع استمرار حرب الإبادة والتطهير العرقي للصهيونية النازية في غزة، والتي لم يشهد مثلها التاريخ الحديث بصمت رسمي وحراك شعبي عالمي واستنهاض للقوى الشعبية والجماهير والذي أعاد الحياة لقضيتنا الوطنية، بالإضافة إلى ما يحدث في شمال الضفة في جنين وطولكرم ونابلس. فهل مقبول علينا إقامة حفلات أعراس وتسيير مواكب السيارات وغيرها من المظاهر الاحتفالية؟؟.
أفهم تماماً وأتعاطف مع احتفال أهل غزة في مراكز اللجوء (المدارس والخيم). يبحثون عن لحظة فرح بين الموت والدمار الذي يحاصرهم في مظهر من مظاهر الصمود وقوة المقهورين والإصرار على الحياة ومنح الفرصة للأمل بالمستقبل. وأفرح لفرحهم الخجول.
رام الله- الجمعة 18.4.2025، سيارات فارهة مزينة بالورود، مواكب سيارات، مصورون وأغاني وحفلات أعراس. وكأن المدينة تعيش حالة انفصام، أو إنكار للوجع الذي تعيشه ونعيشه. في الحروب رغم قساوتها وبشاعتها وآلامها تستمر الحياة. الفرح كما الألم. شبان يتزوجون وأطفال يولدون، ونجاح ومبادرات وأعمال وابتكارات وموت هنا وهناك. ولكن كل هذا يسير بإصرار على الحياة وحياء و إكرام للشهداء والقتلى والأسرى والجرحى وآلام الفاقدين والأيتام. للأسف يبدو أن البعض لا يعي هذا الإحساس وهذا الواجب. علماً بأنها ليست المرة الأولى التي ضبط فيها الفلسطينيون إيقاع حياتهم وغيروا من نمط سلوكهم بسبب الاحتلال على مدى سبعة عقود وأكثر، وحرب أيلول الأسود واجتياح مخيمات لبنان و و و.
رام الله – السبت 19.4.2025 لا احتفالات بسبت النور هذا العام. لأن الوطن موجوع ومكلوم وغزة تباد ومخيمات شمال الضفة تهجر وتدمر حسبما جاء في بيان الكنائس والقوى في المحافظة.
حقيقة هي أن الشعوب التي تتعرض للأزمات والحروب والإبادة تزداد حاجتها وتوجهها للفرح كما الحزن كشكل من أشكال الحماية والبقاء. وتزداد نسبة الخصوبة لديها، فلا تناقض بين الاثنين لكن المبالغة في سلوك الفرح بهذه الأيام معيب ومخجل. فهل من الممكن للفرحين مراعاة مشاعر أهل البلد والآخرين المثكولين والفاقدين والمزاج العام في الوطن؟؟