ماذا تبقى لم يقال ما يقارب السنتين تضاف الى سنوات طويلة من الحصار المطبق على مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشوا ويلات الموت بأعينهم التي ترقب في كل لحظة سقوط قذيفة او تدمير البيت ومعها تلاشي امل الحياة تحت انقاض المنازل المباني التي سويت بالارض هل هناك وصف يفوق حرب الابادة؟ ماذا لم يقال او ماذا تبقى لم يقال في متن البيانات الصاخبة والجمل والتوصيفات البراقة، ومعاجم النحو والصرف التي تكاد تخلو من الافعال ولا تحمل محلا للاعراب نداءات استغاثة ومطالبات واعلان مواقف واوراق حقائق، ارقام واحصاءات جرى تناولها من المؤسسات الدولية والمحلية الصحاقة ووكالات الاعلام كلها تعج بالاخبار والتقارير التي تصف المشهد فلا تجد جملة او موقف او عبارة او تصريح لمسؤول لم يتردد في اروقة صنع القرار من اعلى المنابر الدولية والمحلية من قمة بغداد امس الى الامم المتحدة الى بيانات القوى والفصائل والجمعيات والاطر المحلية مجتمعة او منفصلة الى الحكومة والجهات الرسمية وغير الرسمية هل حركت كلها ساكنا! هل توقف القتل!هل استجابت (اسرائيل واحة الديمقراطية الشرق اوسطية وجيشها الاكثر اخلاقا في العالم) لهذه الاصوات! .
مئات الاسئلة التي تدور في خلجات كل منا محملة بالهم والتعب تقض مضاجع الناس وسط شعور الياس والخذلان الصادم والمؤذي للانسان اذا بقي ما يمكن جمعه من انسانية امام مشاهد الموت الذي يحلق في كل ركن من غزة تحمله "عربات جدعون" في الليل والنهار تستمر في دفن الجثامين تحت الركام وقصف المشافي والخيام فعلا لم يتبقى ما يقال كل شيء قد قلناه لكن دون فعل دون ان تمكن من تغيير الصورة، واطفال غزة ربما من بقي منهم بشكل ادق قد سئموا الانتظار عيونهم تطرق الغيب والمجهول ومعها ابواب القلوب تبحث عن لقمة خبز لا يجدوها وفي كل يوم نتصفح فيه محرك البحث على الانترنت والمواقع الاخبارية نجدها بكل اللغات تتحدث عن الكارثة اخبار وتقارير وصور مؤلمة لكننا نراها ربما نتأثر لبعض الوقت ربما نذرف الدموع نتألم كبشر ولكننا نواصل الحياة حياتنا اعمالنا يوميات الروتين الدامي لا نحرك ساكنا بينما نطلق مطالبات للعالم للتدخل ان يتحرك تهتز ضمائرنا ونعاني العجز والصداع الدائم لقلة حيلتنا وعجزنا لكننا ايضا نمارس طقوس الحياة ناكل ونشرب وننام نفتح النقاشات الطويلة نتنافس بينما هم بلا غذاء او دواء بلا كهرباء او مياه صالحة للشرب ادنى متطلبات الحياة اصبحت حلما بالنسبة لهم نتبارى ونناقش على الثانويات والقشور بينما نترك الاهم والمعالجات الجدية نهتم بالمناصب والمسميات والالقاب ولا نوفر لهم لقمة خبز واحدة بعجزنا وايضا باهمالنا وانشغالنا بينما رائحة الدم والموت تعج بالمكان ونحن ننشغل بتوصيف الحالة نتقاذف احيانا المسؤولية، واليات الخروج من الوضع الراهن هذا نادر الحدوث لاي شعب فالازمات والكوارث والحروب حتى لو كان الشعب منقسما او حتى ممزقا توحده، ويتلاشى الخلاف مهما كان عميقا- يتلاقى الجمع مهما اختلفوا لمواجهة الوضع موحديين لا يضعوا العقبات والخلاف نصب اعينهم بينما هم في حالة من الابادة والتدمير المنهجي من عدو يريد لهم المحو والفناء .
خلال الايام القليلة الماضية وربما هذا ما دفعني ان اكتب بهذه الطريقة راعنا جميعا مشهد الاشلاء والاطفال في الخيام وما تبقى من مراكز الايواء نفاذ الدقيق وارتفاع الاسعار كل شي يكتوي بناره المواطن في غزة لا وجود للسلع الاساسية المخازن فارغة تماما الحكومة على لسان رئيسها اعلنت قبل ايام قطاع غزة منطقة مجاعة وهو ما يترتب عليه العديد من الخطوات والاجراءات والمتابعة لمنع وقوع كارثة، وتفعيل خطط الاستجابة وتوفير مقومات البقاء والوجود لاهالي غزة الذين تسحق احلامهم عربات جدعون وتجبرهم مرة تلو المرة على الرحيل القسري من المواصي والوسط وخانيونس الى رفح ومنها بعد ان لم تعد مكانا امنا الى شمال غزة وبيت حانون وبيت لاهيا التي تكتوي بنار الحرق اليومي اصبحت لقمة الخبز امنية! والمياه حلم للبعض الكثيرين اجساد نراها كلنا رأينا بشاعة المناظر وفداحة الخسارة متفحمة لا معالم لها لا احد يقولن انه لم يرى مشاهد الاجساد المحترقة اجساد اخرى تفتك بها شتى الامراض سوء التغذية الموت جوعا ربما قهرا اجساد غضة لا تقوى على الحركة كأنها تودع الحياة ببراءة الطفولة واحتقار العالم الصامت، واخرى مزقتها القذائف فقدت اطرافها وامهات يذقن عذاب العجز عن توفير الغذاء لهؤلاء الاطفال الجوعى في عالم اتخمته الملذات هل هذه معاني الانسانية المكفولة بنصوص المواثيق الدولية، واذهان من صاغوا منظومة حقوق الانسان والقانون الدولي؟ شعب يتضور جوعا ويبيع للعالم كرامة وعزة واباء ومعاني الصبر والكبرياء ترك وحيدا معزولا يتصدق عليه سيد العالم ترمب بوصفات جميلة للهجرة والمغادرة! ويبارك ممارسات الاحتلال الشريك فيها لمحو شعب كامل من الوجود .
الاجساد المحروقة ستتحول الى لعنات تطارد من خذلوا غزة وتصفع وجوه من صمتوا وكان بمقدورهم عمل اي شي لم يعملوه لم يحرك العالم ساكنا فعلا لانهاء المعاناة؟ الا يوجد ارادة دولية او عربية او من اي مكان في هذا العالم كي يتم ارسال مساعدات غذائية او السماح بادخال المساعدات التي بدأت تتعفن على المعابر دون ان يسمح بمرورها؟ الا يوجد في هذا العالم الحر الديمقراطي من يمد الاجساد المثخنة بالجوع بقطرة ماء قد تنقذ فيها حياة انسان! باسم هذه الاجساد المتفحمة التي غابت مظاهرها واختفت ملامحها بنيران القصف والحقد الاعمى لا تستمروا في الصمت افعلوا شيئا افعلوا اي شيء الحياة لم تعد وهي لم تكن اساسا عادية قابلة للاستمرار ! لنكسر نمط الحياة والتعود على ما يجري هو ليس عاديا ابدا ولم يكن كذلك والنار ستحرق الجميع اسرائيل تريد ارضا خالية من اصجابها لا احد سينجو ان لم نفعل ما بامكاننا ان نفعل ستهتز الارض تحت الجميع والعبرة والامل من كل ما يجري اننا لا نزال هنا نواصل البقاء والوجود .