مصادر إسرائيلية: لن نقبل بغير مقترح ويتكوف الأصلي

الحدث الإسرائيلي

بعد إعلان حركة حماس موافقتها على ما أسمته "مقترح ويتكوف"، رغم أن تفاصيله – بحسب الإعلام الإسرائيلي – بعيدة عن المقترح الأصلي، صرّح المبعوث الأمريكي ويتكوف، أمس الإثنين، لشبكة CNN، بأن خطته لوقف إطلاق النار وتحرير الأسرى مع مسار لإنهاء الحرب "لا تزال مطروحة"، داعيًا الحركة لقبولها. ووفق صحيفة يديعوت أحرونوت، فقد نقلت قناة الجزيرة القطرية أن المقترح يتضمن وقفًا لإطلاق النار لمدة 60 يومًا، يتم خلالها إطلاق سراح خمسة أسرى إسرائيليين في اليوم الأول وخمسة في اليوم الأخير.

في مقابلة مع الشبكة الأمريكية، أوضح ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن "إسرائيل ستوافق على وقف مؤقت لإطلاق النار يعيد نصف الأسرى الأحياء ونصف جثامين القتلى، على أن يقود إلى مفاوضات جوهرية بشأن وقف دائم للقتال، وهي مفاوضات وافقت على إدارتها".

ووفق ما أوردته يديعوت أحرونوت، فإن هذا التصريح يُعد أول إشارة صريحة من ويتكوف باستعداده لقيادة مفاوضات إنهاء الحرب خلال فترة التهدئة. حماس كانت قد طالبت بضمانات بأن إسرائيل ستخوض مفاوضات جادة في حال قبلت بوقف إطلاق نار مؤقت جديد، وهو ما رفضته "إسرائيل" سابقًا، لكن تدخل ويتكوف يبدو محاولة أمريكية لتقديم تلك الضمانات نيابة عن واشنطن.

في المقابل، ذكرت يديعوت أحرونوت أن مصادر سياسية في "إسرائيل" قللت من شأن إعلان حماس، واعتبرته "مناورة إعلامية" لا تعكس مضمون الاقتراح الذي نُقل عن طريق الوسيط بشارة بحبح. وأكدت تلك المصادر أن "إسرائيل" والولايات المتحدة غير راضيتين عن رد حماس، مضيفة: "المطروح على الطاولة فقط هو المقترح الأصلي لويتكوف، وأي بدائل أو تحويرات مرفوضة بالكامل".

كما أوضحت يديعوت أحرونوت أن وسائل إعلام عربية سارعت إلى إعلان موافقة حماس على مقترح ويتكوف. قناة "الأقصى" التابعة لحماس قالت إن "الاقتراح يشدد على وقف دائم لإطلاق النار في غزة"، فيما ذكرت قناة "الحدث" السعودية أن حماس وافقت على خطة تسلمتها عبر الوسطاء، وتتضمن كذلك محادثات غير مباشرة بشأن إدارة غزة، وإشارات إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد وجهود لإعادة الإعمار، فضلًا عن إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بالسجن المؤبد، وانسحاب جزئي وتدريجي لجيش الاحتلال من قطاع غزة.

وتطرقت يديعوت أحرونوت إلى المقترح الأخير الذي بلوره رجل الأعمال الأمريكي-الفلسطيني بشارة بحبح، والذي سُلّم لـ"إسرائيل" في الليلة بين الأحد والإثنين، لكن تم رفضه سريعًا من قبلها. المقترح، الذي نُقل عبر الإدارة الأمريكية، ينص على إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين على دفعتين، ووقف إطلاق النار لمدة 70 يومًا. مسؤول إسرائيلي كبير صرّح للصحيفة بأن قبول هذا المقترح "يعني عمليًا الاستسلام لحماس"، لكونه وُضع بتنسيق مباشر مع الحركة، وبالتالي يتماشى مع شروطها.

وأشار المسؤول، وفقًا ليديعوت أحرونوت، إلى أن المقترح غير قابل للقبول من أي حكومة إسرائيلية، مضيفًا أن شروط حماس "غير واقعية وتُفرغ أهداف الحرب من مضمونها، وتُعطل إمكانية تحرير جميع الأسرى".

وفي خضم هذه التطورات، بث رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مقطع فيديو جديدًا، ظهر فيه مع مستشاره الإعلامي طوباز لوك، وقال فيه: "آمل أن نزف بشرى ما، إذا لم يكن اليوم، فغدًا، بخصوص الأسرى". لكن، وبحسب يديعوت أحرونوت، سارع مسؤولون إسرائيليون إلى توضيح أن نتنياهو لم يكن يقصد الإعلان عن تقدم ملموس، بل أراد التعبير عن استمرار الجهود، مشيرين إلى أن "حماس تتعرض لضغط، سواء من إسرائيل أو من ويتكوف، ونأمل بنتائج إيجابية، لكن لا شيء مؤكد اليوم أو غدًا".

كما نقلت يديعوت أحرونوت توضيحًا من مكتب نتنياهو جاء فيه أن "النية لم تكن الإشارة إلى موعد محدد، بل إلى الجهود المتواصلة لإتمام صفقة تبادل الأسرى"، فيما أكد مصدر سياسي أن نتنياهو قصد القول إنه "لن يتنازل عن هدف تحرير الأسرى، وإذا لم يتحقق ذلك قريبًا، فسيُنجز لاحقًا. حماس حتى الآن متمسكة برفضها".

في هذا السياق، أوضح مصدر إسرائيلي آخر، كما نقلت عنه يديعوت أحرونوت، أن "هناك خطأ في التعبير، المقصود هو أن المساعي جارية يوميًا لإحراز تقدم، وأن هناك مؤشرات على أن حماس تريد صفقة وأنها في حالة يأس، لكنها في النهاية مطالبة بتوقيع حكم بالإعدام على نفسها، يشمل الترحيل ونزع السلاح. يمكن الدخول في المرحلة الأولى من خطة ويتكوف لإدخال المساعدات، لكن ما قدمته حماس لا يتطابق معها".

وعلى خلفية هذا الجدل، أعربت عائلات الأسرى عن استيائها من تصريحات نتنياهو، حيث نقلت يديعوت أحرونوت عن عيناف تسنجوكر، والدة الأسير متان، قولها: "نتنياهو يعذّبنا ليلًا ونهارًا، بينما ابني وحيد في النفق ويعاني من ضمور عضلي. هذا التلاعب تكرر كثيرًا، ولم أعد أجد تفسيرًا له سوى أنه تعذيب متعمّد. كفى، أعيدوا لي ابني!".

أما روبي حن، والد الجندي القتيل الأسير إيتاي حن، فقال: "لقد شبعنا من التصريحات، نريد أفعالًا. بإمكان رئيس الحكومة إنهاء الحرب بعد القضاء على قيادة حماس، وإطلاق سراح الـ58 أسيرًا الذين خُطفوا خلال ولايته. لكنه لم يلتقِ بي أو بأسرتي منذ أكثر من عام، وهذه التصريحات مجرد وعود زائفة تبني توقعات سرعان ما تتحطم".