الأحد  29 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل هناك صفقة قادمة تُنهي حرب غزة؟ ولماذا؟/ بقلم: فراس ياغي

2025-06-29 11:09:20 AM
هل هناك صفقة قادمة تُنهي حرب غزة؟ ولماذا؟/ بقلم: فراس ياغي
فراس ياغي

الجواب نعم باختصار، فما قلنا عنه سابقًا من إنجازات تكتيكية حققها نتنياهو كقائد أعلى لـ دولة "إسرائيل"، يجب تثبيتها استراتيجيًا باتفاقيات سياسية تُعبر عن ميزان القوى الجديد الذي تحقق خلال المواجهة الممتدة منذ أكثر من 21 شهرًا.

دعونا نبدأ:

أولًا – قبل أكثر من سنة ونصف تحدثت في أكثر من فضائية أن لا نهاية للحرب على "غزة" إلا في ظل صفقة شاملة تشمل الإقليم ككل، حلًا قادرًا على وضع حد للتوحش الإسرائيلي، خاصة أن ما بعد السابع من تشرين/أكتوبر تغيرت المفاهيم الأمنية بشكل جذري لدى دولة الاحتلال، لذلك لا شيء اسمه "نصف حرب" كما قال الشهيد "إبراهيم عقيل"، وعليه فقد أثبت الواقع والتجربة خطأ التقديرات وتم الاستفراد بالجبهات كلًّا على حدة، ودفعت جبهة "لبنان" أثمانًا لا تُقدّر بثمن وعلى رأس ذلك الخسارة الكبيرة باستشهاد القائد الذي لا يمكن تعويضه شهيد الأمة "حسن نصر الله"، التقديرات هذه أدت إلى بقاء جُرح "غزة" ينزف حتى الآن.

ثانيًا – العنوان الثاني هو التوصل إلى صفقة سلام شاملة عبر توسيع "الاتفاقيات الإبراهيمية" والتطبيع وبالذات مع "المملكة العربية السعودية" مقابل إنهاء حرب "غزة" وفتح مسار سياسي لتسوية القضية الفلسطينية يؤدي لإنهاء المقاومة المسلحة وتحت مسمى اليوم التالي للحرب على غزة.

سابقًا طُرح من الرئيس الأمريكي السابق ما سُمّي "عقيدة بايدن" والتي تتمثل بالتطبيع والسلام الإقليمي ووقف الحرب على "غزة" ومسار تفاوضي يؤدي لتسوية القضية الفلسطينية، هذا لم يلقَ آذانًا صاغية كون الظروف الموضوعية في الإقليم والذاتية "الإسرائيلية" لم تكن قد نضجت بعد.

إذًا ما هي المتغيرات التي ظهرت وتدفع إلى محاولة من الرئيس الأمريكي "ترامب" ليطرح فكرة توسيع "الاتفاقيات الإبراهيمية" والتي سوف تشمل مجموعة دول وليس دولة واحدة وإنهاء الحرب على "غزة" عبر الذهاب إلى صفقة تبادل أسرى، والمتطلب لذلك يستدعي كما قال الرئيس "ترامب": "كما أنقذنا إسرائيل سوف نقوم بإنقاذ نتنياهو"، وهنا يُطرح تساؤل مهم لماذا إنقاذ "نتنياهو" مهم بالنسبة للرئيس "ترامب" ومستعجل؟!!

الجواب يكمن في جملة واحدة: لا يمكن تحقيق رؤية "ترامب" في المنطقة بدون ذلك، أي لا يمكن الذهاب نحو توسيع "الاتفاقيات الإبراهيمية" وإنهاء حرب "غزة" دون حل مشكلة "نتنياهو" الشخصية، لأن ذلك يعني بقاء "نتنياهو" رهينة في يد "سموتريتش" و"بن غفير" من جهة، و"الحريديم" من جهة أخرى، كما أن "نتنياهو" وصل إلى حدود مبتغاه الذي كان يبحث عنه، حيث استطاع بقيادة دولة "إسرائيل" وما بعد السابع من تشرين/أكتوبر أن يضع مفهوم "السلام بالقوة" موضع التطبيق، ويُحقق أقصى ما يمكن تحقيقه لأمن دولة "إسرائيل" وأقصى حد من النفوذ الممكن، وهنا نُعدد إنجازاته كما يراها هو:

1- غزة في كارثة، وأي نهاية للحرب تعني واقعًا جديدًا مختلفًا كليًا عمّا كانت عليه ما قبل السابع من تشرين/أكتوبر، إن كان من حيث الحكم أو من حيث الترتيبات الأمنية التي سيدخل فيها الإقليمي والدولي.

2- لبنان تم إضعاف دوره، وحرية الحركة الإسرائيلية فيه تفعل فعلها وتضغط باتجاه ما يُسمى نزع سلاح حزب الله، وهذا يلقى تأييدًا داخليًا وتوجهًا رئاسيًا وحكوميًا.

3- سوريا "العوض بسلامتكم" في كل شيء، وقادم الأيام ستُثبت أن كل تنازلات "الشرع" لن تجديه نفعًا في الحفاظ على وحدة "سوريا" وسيادتها لأن الهدف الإسرائيلي هو إبقاؤها ضعيفة وبحاجة لحمايات ومساعدات إقليمية.

4- إيران، وهي كانت حلمه، وُجه لها ضربة كبيرة ودفع "الولايات المتحدة" لتشاركه في قصف المفاعلات النووية، ونتيجة لذلك أصبح يُعد ملكًا في الداخل "الإسرائيلي"، لأن المواجهة كانت مع أمة جذورها راسخة في التاريخ القديم والحديث، وكان لها يومًا ملكًا اسمه "قورش" أنقذ "اليهود" من "السبي البابلي" وفق الرواية "التوراتية"، "نتنياهو" رئيس وزراء دولة بمساحة جغرافية صغيرة وبعدد سكان لا يُذكر، تواجه دولة ممتدة من حيث المساحة الجغرافية تتقاطع مع فضاءات جيوسياسية لا غنى عنها لأي دولة عظمى، ومن حيث عدد السكان الذي يزيد بعشرة أضعاف، نفس السردية "التوراتية" بما يتعلق بتاريخ حروب "اليهود"، قلة يهودية تغلب الكثرة من الأعداء.

5- اليمن، واضح أنها على موعد فيه انتقام أخير، وحلها مرتبط في "غزة"، وما تقوم به لا يشكل قلقًا كبيرًا للملك "نتنياهو"، لكن ستكون على موعد مع حلول سياسية داخلية لكي تنكفئ على وضعها الداخلي.

وحتى يتحقق ذلك ويربح الرئيس "ترامب" بأنه رجل سلام ويتحصل على جائزة نوبل للسلام كما يطمح، فلا بد من أن يُنقذ صديقه "نتنياهو" من مقصلة القضاء في "إسرائيل"، لذلك طالب وبشكل علني بإعفاء "نتنياهو" من التهم الموجهة إليه وخاطب بذلك رئيس الدولة "هيرتسوغ"، وهذا يُشير إلى طبيعة الأشياء القادمة، فمن أجل الذهاب إلى صفقة تُنهي حرب "غزة" يجب إزالة الأثقال التي يحملها "نتنياهو" وهي أثقال مترابطة بعضها ببعض، فلا مجال للمغامرة بالذهاب إلى أي صفقة تُنهي الحرب لكنها تُؤدي بـ"نتنياهو" إلى إزاحة ثِقل وإبقاء ثِقل آخر سيأخذه حتمًا للسجن، وهنا يجب التخلص من الثِقلين معًا وإزاحتهما عن كاهله، المحاكمات وحزبي "سموتريتش" و"بن غفير"، حتى يتحرر ويذهب وفق الرؤية "الترامبية" وبما يُعيد دولة "إسرائيل" إلى خندقها الغربي كدولة صهيونية ديمقراطية بمفاهيم غربية وليس دولة صهيونية توراتية لا يستطيع الغرب غض الطرف عنها.

"نتنياهو" مستعد لأن يربح الأمر الشخصي عبر إلغاء التهم الموجهة إليه وإصدار عفو عنه من رئيس الدولة وبالتالي يخسر ائتلافه، لكنه سيحصل على شبكة أمان من المعارضة تُتيح له ليس فقط عقد صفقة تُنهي حرب "غزة" وفق الحدود الدنيا للأهداف المعلنة، وإنما أيضًا تؤدي إلى توسيع "الاتفاقيات الإبراهيمية" عبر توقيع اتفاقيات تطبيع مع عدة دول وعلى رأسها "المملكة العربية السعودية"، وبعد ذلك يتقاعد من السياسة بقرار منه وليس وفقًا لـ صفقة مع النيابة العامة، وهنا أقصد أن صفقة إقرار الذنب التي ستفتح المجال لما ذكرناه أعلاه ستكون مُخففة أي أنها غير مُلزمة باعتزال السياسة، ولكن "نتنياهو" سيقدم وعدًا بأنه سيتقاعد من السياسة بعد انتهاء فترة حكمه في تشرين/أكتوبر 2026 أو قبلها بالذهاب إلى الانتخابات المُبكرة إذا أنجز التطبيع.

الرئيس "ترامب" متحمس للفكرة وبدأ يعمل عليها، وحتى يتم تحقيقها فهي بحاجة إلى بعض من الوقت، لأن ذلك يتطلب صيغًا ومشاريع قانونية قد يتم تشريعها لمرة واحدة، وبحيث يُسمى التشريع "قانون نتنياهو"، إضافة إلى إقناع المعارضة بذلك لأن مستقبل دولة "إسرائيل" داخليًا وخارجيًا أهم بكثير من التمسك بمحاسبة "نتنياهو"، فـ"إسرائيل" ستدخل المنطقة من أوسع أبوابها وهي قوية وتترأس "ناتو إسرائيلي – عربي" من جهة، وسوق اقتصادية واستثمارات كبيرة من جهة أخرى، إضافة إلى أن الملك "نتنياهو" الذي تربع على عرش دولة إسرائيل لمدة 24 سنة تقريبًا سيغادر الحكم طواعية ولن يعود للسياسة، وسيذهب إلى "ميامي" في "الولايات المتحدة" ليكتب مذكراته من عدة أجزاء ويتحصل على عشرات الملايين من الدولارات.

وحتى يتم ترتيب الأوراق للصفقة الشاملة، فـ"غزة" ذاهبة إلى صفقة جزئية لمدة شهرين، وبعدها إذا ترتبت الأوراق سيتم عقد صفقة شاملة وإلا ستمدد الصفقة إلى شهرين آخرين.

تذكروا، قبل عدة أيام كتبت لكم بأن الحرب ستنتهي في شهر تشرين/أكتوبر، وقلت لكم هذا قرار "الدولة العميقة العالمية"، وأنها ستبدأ بصفقة لمدة شهرين، واليوم الحديث أن الصفقة قد تبدأ في منتصف تموز/يوليو ولمدة شهرين وبعد ذلك ستكون الصفقة النهائية التي تُنهي الحرب.

خلال شهري الصفقة سيتم ترتيب الأوراق الداخلية في إسرائيل، وأيضًا ترتيب ما يسمى اليوم التالي للحرب على غزة.

لكن، السؤال الذي سيظهر...

الصفقة وإنهاء الحرب على "غزة" والعفو عن "نتنياهو" وتوسيع "الاتفاقيات الإبراهيمية" مقابل مسار لتسوية القضية الفلسطينية، فماذا سيكون عليه هذا المسار؟!! وما هو المطروح من حيث جغرافيا الكيانية الفلسطينية وديمغرافيتها؟!! خاصة أن الطوفان الذي بدأ في السابع من تشرين/ أكتوبر من عام 2023، أدى بـ"الدولة العميقة العالمية" لتأخذ قرارًا بحسم كل الملفات في "غرب آسيا" وليس إدارة الصراع فيها...

يبقى في ذهني سؤال قفز إليه مسرعًا وأنا أكتب في هذا المقال، هل خطاب الأمين العام السيد "نعيم القاسم" بتاريخ 28/6/2025 كان لاستباق تلك الخطط؟!!!

وهنا أقصد...الشهيد "السنوار" بدأ الطوفان لوقف التطبيع ووقف تصفية القضية الفلسطينية، ورغم الكوارث فقد دفع نحو فرض تسوية وبغض النظر عن طبيعتها، لكنها تسوية فيها كيانية فلسطينية.

الآن السيد "نعيم القاسم" عندما يقول "نحن قادرون على مواجهة إسرائيل وهزيمتها"، ويقول "الاعتداءات الإسرائيلية لا يمكن أن تستمر، وكل شيء له حدود، وهل تتصورون أن نظل ساكتين إلى أبد الآبدين" ويضيف "عندما نكون مخيرين ليس لدينا إلا خيار واحد، وهو العزة ودائمًا نربح، ولاحقونا لنريكم كيف نربح، وإن لم يكن في اليوم الأول ففي الثاني والثالث، فدائمًا نحن فائزون بالنصر أو الشهادة"...

هل هذا الكلام يأتي من فراغ؟ أم أنه جاء بعد منازلة الاثني عشر يومًا وما سيليها من تداعيات، بما يعني منع تداعياتها التي تحدثنا عنها أعلاه، والتي بوضوح هي "توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية" لأن ذلك يعني محاصرة "إيران" وإسقاطها وإسقاط كل محورها.