ترجمة الحدث
كشفت القناة 12 العبرية عمّا وصفته بـ”ثورة استيطانية فعلية” تشهدها الضفة الغربية منذ تولي حكومة الاحتلال الحالية مهامها مطلع عام 2023، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى تثبيت السيطرة اليهودية على الأرض، وتقويض أي إمكانية لحل الدولتين.
ووفق تقرير القناة، فإن هذه الثورة تجسّدت في تصعيد واسع النطاق شمل إقامة عشرات المستوطنات الجديدة، وتسارعًا غير مسبوق في بناء البؤر العشوائية، إلى جانب تطوير البنية التحتية لصالح المستوطنين، وهدم مكثف للمباني الفلسطينية.
وفي هذا السياق، نقلت القناة عن عضو الكنيست تسفي سُخوت من حزب “الصهيونية الدينية” قوله: “نحن نعمل على خلق تواصل جغرافي يهودي على الأرض، والتحدي المقبل هو فرض السيادة. هدفنا أن يعلم العالم أن الدولة الفلسطينية لن تقوم أبدًا، فهذه الأرض لليهود إلى الأبد”.
وبحسب معطيات أوردها التقرير استنادًا إلى بيانات بحثية، فقد صادقت حكومة الاحتلال منذ بداية ولايتها على إقامة 50 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، موزعة على أربع دفعات، ما رفع العدد الإجمالي للمستوطنات المعترف بها رسميًا إلى 178، مقارنة بـ128 قبل عامين فقط، أي بزيادة تُقدّر بـ40%.
وتوزعت هذه المستوطنات على مختلف المناطق: 17 قرب رام الله والقدس، 13 في شمال الضفة، 6 في جنوب الخليل، 6 في تجمع “غوش عتصيون”، 5 في الأغوار، و3 في منطقة أريحا.
وفي مقابلة مع القناة، اعتبر مئير دويتش، المدير العام لحركة “رغافيم” الاستيطانية، أن “ما يجري غير مسبوق، فهذه أول مرة تتصرف فيها إسرائيل وكأنها صاحبة الأرض بالكامل في الضفة”.
إلى ذلك، أظهرت بيانات التقرير أن عام 2025 سجل رقمًا قياسيًا في عدد وحدات السكن الاستيطانية التي وصلت مراحل التخطيط المختلفة، إذ بلغ عددها 19,389 وحدة. ومنذ بداية عمل الحكومة الحالية، تم الدفع قدمًا بـ41,709 وحدة استيطانية، وهو ما يتجاوز مجموع ما أُنجز خلال السنوات الست التي سبقتها.
كما رصدت القناة قفزة نوعية في بناء البؤر الاستيطانية العشوائية، التي ارتفع عددها إلى 214 بؤرة بحلول نهاية عام 2024، منها 66 أقيمت خلال الحرب الأخيرة. وأشارت إلى أن معظم هذه البؤر عبارة عن “مزارع استيطانية” تنتشر على نحو 787 كيلومترًا مربعًا، خاصة في منطقة رام الله.
الباحث في معهد الأمن القومي الإسرائيلي، يوحانان تسورف، قال في تعليقه للقناة: “نحن أمام واقع جديد، أُزيلت فيه غالبية القيود على الاستيطان. ما كان يُعتبر محظورًا بالأمس، أصبح اليوم سياسة رسمية”.
وبحسب مجلس “يشع” الاستيطاني، فإن عدد المستوطنين في الضفة الغربية وغور الأردن ارتفع بنسبة 38% خلال عقد واحد، من 374 ألفًا عام 2013 إلى أكثر من 517 ألفًا في 2023. ولفت التقرير إلى أن هذا النمو يعود في معظمه إلى الزيادة الطبيعية، وليس إلى موجات هجرة داخلية.
أما في ما يخص هدم البناء الفلسطيني، فنقلت القناة عن “الإدارة المدنية” في جيش الاحتلال أن عامي 2023 و2024 شهدا تنفيذ عمليات هدم طالت 1,238 مبنى فلسطينيًا، بزيادة بلغت 49% مقارنة بالعامين السابقين. وقد بلغت نسبة تنفيذ أوامر الهدم 91% خلال عام 2024، وفق ما أظهره التقرير.
وعلّق سُخوت على هذه الأرقام قائلًا: “أخيرًا هناك من يضع حدًّا للفوضى التي كانت تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية”. أما دويتش، فاعتبر أن “الهدم أصبح أداة استراتيجية في معركة السيادة”.
كما أبرزت القناة مسألة توسيع شبكة الطرق الاستيطانية، خاصة شارع 60 الرئيسي، إضافة إلى شق طرق جديدة تفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين، مثل “طريق نسيج الحياة” الذي يربط القدس بمستوطنة “معاليه أدوميم” دون مرور الفلسطينيين، و”الطريق الالتفافي حول قلنديا”.
وفي تطور آخر، كشفت القناة أن حكومة الاحتلال أعلنت خلال ولايتها الحالية عن تحويل نحو 24,000 دونم من أراضي غور الأردن إلى “أراضي دولة”، ما يفتح الباب أمام شرعنة الاستيطان فوقها، حسب ما أوضحه دويتش.
على الصعيد الدولي، رصدت القناة ازدياد التوتر الأوروبي تجاه هذه السياسات، إذ نقلت عن دبلوماسيين أوروبيين بارزين وصفهم للسياسات الاستيطانية بأنها “بصقة في وجه أوروبا”، محذرين من تصعيد دبلوماسي مرتقب في حال استمرار هذا المسار.
في المقابل، قالت القناة إن القضية لم تعد تحظى بالأولوية ذاتها في الأجندة الأميركية منذ 7 أكتوبر، وخصوصًا في أوساط الجمهوريين، حيث تشهد مواقف داعمة للمشروع الاستيطاني تصاعدًا ملحوظًا، تجلّى في تشكيل لوبي مؤيد للاستيطان داخل الكونغرس.