الحدث العربي الدولي
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، في تحقيق خاص، أن إيران استغلت المواجهة العسكرية الأخيرة مع “إسرائيل” لاختبار قدرات منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية وجمع بيانات ميدانية حساسة، مكّنتها من تطوير تكتيكاتها الصاروخية وتحسين أدائها القتالي.
ويعتمد التحقيق على تحليلات خبراء دفاع صاروخي، وصور وشهادات تم جمعها من داخل “إسرائيل” خلال أيام الحرب. ووفقًا للتحقيق، قامت طهران بإطلاق صواريخ أكثر تطورًا وبمدى أطول من المعتاد، ومن منصات إطلاق متعددة موزعة على مناطق واسعة داخل العمق الإيراني. كما قامت بتغيير نمط وتوقيت الهجمات، حيث انتقلت من الإطلاقات الليلية الكثيفة إلى موجات صغيرة خلال النهار، ومن أهداف مركّزة إلى استهداف مدن متباعدة جغرافيًا، بهدف تشتيت منظومة الدفاع الإسرائيلي.
ويؤكد المحلل في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، رافائيل كوهين، أن أي منظومة دفاع جوي، مهما بلغت من التطور، يمكن اختراقها في نهاية المطاف، مشيرًا إلى أن النجاح الحقيقي يكمن في التأثير التراكمي للدفاع وليس في تحقيق نسبة اعتراض مثالية.
وبحسب ما نقلته الصحيفة عن خبراء من معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، فإن إيران كانت “تفكك” المنظومة الدفاعية الإسرائيلية عبر تكتيكات التفريق في الزمان والمكان، مثل إطلاق صواريخ نحو أهداف متباعدة أو تغيير الفواصل الزمنية بين كل ضربة وأخرى. وأوضح الباحث يهوشع كاليسكي أن الهدف كان إنهاك منظومة الدفاع الإسرائيلية وإجبارها على توزيع مواردها بشكل مشتّت.
ومع طول أمد المواجهة، بدأت “إسرائيل” تتجه نحو ترشيد استخدام منظومات الاعتراض، وخصصت صواريخها الاعتراضية فقط لتهديدات اعتُبرت بالغة الخطورة، نظرًا لارتفاع كلفة الاعتراض وصعوبة تعويض المخزون في ظل التصعيد.
أفاد التحقيق أن إيران استخدمت صاروخ “فتح-1” الفرط صوتي، وهو من الصواريخ القادرة على اختراق الغلاف الجوي بزاوية حادة، وبسرعة تبلغ عشرة أضعاف سرعة الصوت، ويحمل رأسًا متفجّرًا ينفصل أثناء الطيران ويستطيع المناورة لتفادي الاعتراض. وقد تم رصد شظايا من هذا الصاروخ في مدينتين داخل “إسرائيل”، بحسب ما وثّقته صور الحطام التي فحصها خبراء الصواريخ لصالح الصحيفة. وأوضح التحقيق أن “فتح-1” لا يمكن اعتراضه إلا بواسطة منظومات إسرائيلية متطورة مثل “حيتس 3” و”مقلاع داوود”، القادرة على تغيير مسارها أثناء الطيران لتتبعه.
أحد العوامل التي دفعت إيران إلى الاعتماد المبكر على الصواريخ المتطورة، بحسب التحقيق، هو نجاح “إسرائيل” في استهداف بعض منصات الإطلاق، ما أعاق استخدام الصواريخ الأقدم ذات المدى الأقصر والدقة المحدودة. ولذلك، ركّزت طهران على استخدام صواريخ بعيدة المدى وذات فعالية أعلى في الأيام الأولى من الحرب، مستفيدة من عنصر المفاجأة والاختبار الفعلي لمنظومة العدو الدفاعية.