الخميس  17 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

سوريا في خطر وجودي على الدولة

2025-07-16 10:09:27 AM
سوريا في خطر وجودي على الدولة

احتفلنا بما يكفي ويزيد بزوال نظام آل الأسد، واحتفلنا بما يكفي ويزيد بجلوس أحمد الشرع على سدة الحكم في سوريا، وبعضنا وصل في احتفاله حد التبشير بولادة سوريا الجديدة، بكل الأوصاف المثالية.. التعددية.... الديموقراطية... العصرية.

ذلك في الطريق إلى الشرق الأوسط الجديد الذي داعب خيالنا وأمنياتنا لنكتشف أنه شرقٌ أوسطٌ مكتظٌ بصراع دولي بالغ الحدة على خرائطه ونظمه ومصائره، وصراعٌ بيني داخل كياناته، ومنها ما يقف على حافة حربٍ أهليةٍ مثل سوريا التي تتهددها انقسامات في طريقها لإلغاء وجود الدولة المركزية لمصلحة اصطراعٍ يشمل كل الجغرافيا وشرائح المجتمع وبكل أسفٍ أساسه طائفي متخلف وبغيض.

منذ هروب نظام الأسد وسهولة احتلال الشرع مقعد رئيسيه حافظ وبشار، لم يرَ محبو سوريا توجهاً جدياً مواظباً وراسخاً وفعّالاً لصياغة دولةٍ جديدةٍ رغم الدعم الدولي الشامل للحكم الجديد، ورغم حاجة الشعب السوري لورشة عملٍ نشطةٍ تهتم بالداخل السوري أكثر من التعويل على التزكية الدولية.

في صلب الموضوع السوري يدخل العامل الإسرائيلي بانتهازية وفظاظة تحت عناوين متعددة، أكثرها بؤساً وتهافتاً عنوان حماية الأقليات، وليس آخرها التدخل العسكري في الأراضي السورية وصب الزيت على النار في السويداء بحجة حماية الدروز الذين يعانون كباقي مكونات المجتمع السوري من غياب الدور الحاسم للدولة المركزية العادلة وضعف الحكم الجديد وبطء حركته تجاه تأسيس نظام يكون فيه كل سوري مهما كانت طائفته وثقافته واجتهاده السياسي شريكا فيه ومطمئنا إليه.

الخوف على سوريا ليس من التطفل الإسرائيلي عليها ومحاولته حصارها من كل مكان يستطيع الوصول إليه، واستغلال الثغرات فيه بل الخوف على سوريا من داخلها أساساً ومن الفوضى التي تشيعها المليشيات المنفلتة من عقالها، وقبل أن يتجند جهد ضخم لمعالجة البعد الخارجي في أزماتها مع أن الأشقاء والأصدقاء لا يقصّرون في هذا الأمر، فالجهد الفعال هو ذلك الذي ينبغي أن يتجه بكليته أولاً للداخل السوري، بإعادة بناء الجيش الوطني كي يكون وطنياً حقاً ، وتفعيل مؤسسات الدولة على أسس ديموقراطية حديثة، ودون ذلك فكل دبابات الكون لا تحل المشكلة، وكل التطفل الإسرائيلي المعزز بالطائرات لن يكون في كل حالاته وذرائعه إلا مزيداً من صب الزيت على النار.

حقاً إننا نخاف على سوريا كجزءٍ من خوفنا على بلادنا وحاضرنا ومستقبلنا.