الحدث الإسرائيلي
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن لقاء غير مسبوق جرى أمس الخميس في العاصمة الفرنسية باريس بين وزراء بارزين من الاحتلال الإسرائيلي ومن سوريا، برعاية المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، توم براك، لبحث سبل خفض التوتر بين الجانبين.
وأفادت المصادر بأن الاجتماع الذي استمر أربع ساعات يُعدّ اللقاء الرسمي الأرفع مستوى بين الطرفين منذ نحو 25 عامًا، والأول منذ اندلاع الأزمة الأخيرة في مدينة السويداء جنوب سوريا وما تلاها من غارات إسرائيلية على مواقع في دمشق.
وذكرت التقارير أن هذه القمة، التي نسقها فريق ترامب، أعادت للأذهان آخر لقاء رفيع المستوى عُقد عام 2000 حين استضاف الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون رئيس حكومة الاحتلال آنذاك إيهود باراك ووزير الخارجية السوري الراحل فاروق الشرع في مدينة شيفردزتاون ضمن محاولات الوصول لاتفاق سلام.
المصادر الإسرائيلية أوضحت أن الاجتماع الأخير شارك فيه عن جانب الاحتلال الوزير للشؤون الاستراتيجية المقرب من بنيامين نتنياهو، رون ديرمر، فيما مثل دمشق وزير الخارجية أسعد الشيباني.
ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، فإن الهدف الرئيس للقاء تمثل في التوصل إلى تفاهمات أمنية تخص الجنوب السوري للحفاظ على وقف إطلاق النار ومنع تكرار أزمات مشابهة لما حدث الأسبوع الماضي.
من جهته، كتب براك عبر منصة “إكس”: “اجتمعت هذا المساء مع السوريين والإسرائيليين في باريس. هدفنا كان فتح حوار وخفض التوتر، وهذا ما تحقق. جميع الأطراف جددت التزامها بمواصلة هذه الجهود”.
وأضاف مسؤولون إسرائيليون أن حكومة الاحتلال تأمل أن تمهد القمة لخطوات سورية إضافية باتجاه المضي قدمًا في مسار سياسي مع إسرائيل، إلى جانب تفاهمات أمنية على الحدود.
وكشفت التقارير أن اللقاء العلني في باريس جاء بعد سلسلة طويلة من الاجتماعات السرية بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين خلال الأشهر الماضية، تزامنًا مع تنسيق مستمر بين تل أبيب وأنقرة الداعمة للنظام السوري الجديد.
وبيّن مسؤولون إسرائيليون أنه عقب سقوط نظام بشار الأسد، أجرت إسرائيل وتركيا مشاورات لتجنب الاحتكاك العسكري داخل سوريا، وأُنشئ خط ساخن بين جيشي البلدين لمنع الصدامات في الأجواء السورية.
وفي هذا السياق، طرح رئيس جهاز الاستخبارات التركي، إبراهيم قالن، على مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، المكلّف من نتنياهو بإدارة الملف السوري، فكرة إشراك ممثلين سوريين في هذه الحوارات. وبالفعل وافقت إسرائيل، والتقى هنغبي عدة مرات بوزير الخارجية السوري الشيباني في العاصمة الأذربيجانية باكو.
وخلال الأسابيع الأخيرة، ومع تصاعد دور مبعوث ترامب توم براك في جهود بلورة اتفاق أمني إسرائيلي-سوري كبداية لمسار تطبيع محتمل، تقرر أن ينضم ديرمر إلى المحادثات باعتباره المسؤول عن تنسيق علاقات حكومة نتنياهو مع البيت الأبيض.
وأفاد مسؤولون إسرائيليون بأن الخلاصة التي توصلت إليها تل أبيب هي أن أي تقدم سوري نحو التطبيع يتطلب حوافز أمريكية، وتكفل ديرمر بصياغة هذه الحوافز بالتعاون مع إدارة ترامب. وبعد أزمة السويداء الأخيرة، اعتبر براك أن الوقت مناسب لعقد اجتماع ثلاثي يجمعه مع ديرمر والشيباني في باريس.
وختمت المصادر بأن اللقاء الباريسي لا يزال خطوة أولى في مسار معقد، مشيرة إلى أن المضي قدمًا يتطلب إجراءات لبناء الثقة من كلا الجانبين، وفق ما أكده مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون.